الفصل السابع لو أن الحب قرار..

3.7K 148 5
                                    


  (الفصل السابع)
رمقها بعدم استيعاب قبل أن يهتف
بدهشة:"نعم؟!"
رمقته يارا بجمود وهي تقول:"ايه سؤالي غريب؟
اتقدمتلي ليه انا بالذات؟ ما البنات
كتير اشمعنى انا؟"
قال بارتباك:"عشان انتي بنت محترمه
وكويسه وعارفها و... عزيزة عليا"
كادت يارا تمسك بتلابيبه علّها تزهق روحه
أو ربما روحها وتتخلص من هذا العذاب..
عزيزة عليه؟!! حقا؟! حاولت استعادة هدوئها
قالت ساخرة:"اه عزيزة عليك.. ده نظام اخت
عزيزة علينا كلنا وال ايه؟"
رمقها بعدم فهم فأشارت له بلامبالاة ألا
يهتم وهي حقا لم تعد تدري ماذا تفعل!
هل تنفصل عنه وتتخلص من تلك الزيجة
التي أضحت كابوسا بعد أن ظنّته حلما تحقق!
هل تخبره أنها كونها مناسبة لا يناسبها ولا
يكفيها؟ هي تريد عشقا يمتزج بالروح لا
زيجة عادية مملة!
"انا حاسس انك متضايقه مني اوي ومش عارف
اعملك ايه؟"
قالت بحزن:"ولا حاجه.."
وداخلها يصرخ فقط أحبّني ولا أريد شيئا آخر.
زفر بضيق قبل أن يقول:"بصي يا يارا انا عايز
اقولك حاجه.. اولا انا اتبسطت منك اوي
عشان لما سما سألت ماقولتيش ال حصل بينا
دي حاجه فرحتني انك بكده بتحافظي على
علاقتنا بعيد عن اي حد وان محدش هيتدخّل
بينا في المستقبل.. ثانيا انا عايزك تفهمي
حاجه انا مش برضى اجي كتير زي مانا نفسي
عشان والدك مايتضايقش مني ويقول اني
بعطلك عن دراستك خاصة اني لسه مش
جاهز للجواز.. لسه قدامي وقت على ما اخلص
تشطيب الشقة ووقتها بس هكون قادر أني
اقول اجي وقت مانا عايز او نتجوز لو الوضع
مش هيناسبكم"
ظلّت مطرقة للحظات قبل أن تقول:
(وأنا لم أطلب منكَ المجيء كثيرا يحيى,
أنا طلبت حقي بأن أشعر أن هناك من يهتم بي
من يسأل عني, أشعر أن حياتي تغيّرت منذ
دخولك إليها.. أن أكون شخص مهم بحياتك
لا شيء ثانوي لا تتذكره إلا لِماما)
هتفت بها بحرقة ولكنها لم تتعدَّ داخلها قبل
أن ترفع بصرها قائلة:
"وانا ماطلبتش منك تيجي يوميا على فكرة,
لكن انك تقعد شهر من غير حتى تليفون
تشوفني عايشه وال ميته.. تعرف اني تعبانه
حتى لو تعب بسيط ولا تهتم انك تتصل بيا
أو تطمن عليا.. ده مالوش إلا معنى واحد وهو
اني مش فارقه معاك في حاجه وانا ماتعودتش
اني افرض نفسي على حد.."
"انا ال خطبتك يا يارا مش انتي"
قاطعها يحيى بجدية لتجيبه:
"خطبتني عشان مناسبه وعزيزه.."
قالتها ساخرة ليضيق عينيه قبل أن يقول:
"وده مضايقك ف حاجة؟"
ظلّت ترمقه للحظات قبل أن تنهض تبسط
يدها بالرسالة التي كتبتها له قبلا وهي
تقول:"لما تقرا دي هتفهم قصدي"
رمقها بريبة:"ايه ده؟"
"ده اللي مارضتش تقابلني عشان تاخدها"
قالتها بألم قبل أن تتركه مغادرة إياه وهي
تقول:"لو مكنش اللي جواك زي ال في
الورقة ياريت الحكاية تنتهي لحد هنا"
****
انتظرت منه أي بادرة للحديث معها دون جدوى
ألم يقرأ الرسالة؟ أم أنه يشعر بالإحراج منها؟!
أتحدثه هي أم تنتظر مبادرته والتي يبدو أنها
ستموت كمدا قبل أن يفعلها!
صمت مريب من جهته لليوم الثالث على التوالي
بعد زيارته لها ومنحه تلك الرسالة والتي قد
ندمت على تسليمها له من الأساس..
كانت قد أنهت الخطبة فقط دون معرفته
بمشاعرها.. ربما هو يشعر بالمسئولية بعدما
قرأها, ربما شعر بالإشفاق عليها ولذا لا
يريد جرحها.. أو ربما يخشى أن تتأثر زيجة
شقيقته بسببهما!
حيرة عاشت بها أسبوعا كاملا وهي تحاول
استعادة الكلمات التي كتبتها في الرسالة
علّها تفهم سر تباعده الغريب من وقتها..
لقد اعترفت له بالحب, أخبرته أنها تحبه قبل
أن تعرفه حتى.. ترى هل أخطأت بالاعتراف له؟
أكان عليها أن تنتظر اعترافه أولا؟!
وهل كان سيعترف؟!
تساءل صوت بداخلها لتغمض عينيها ودمعة
خائنة تتسلل من بين جفنيها المطبقين يزيدان
من عذابها..
"يارا حبيبتي يحيى هيجي النهاردة على الساعة
7 كده .. اتصل من شويه ب بابا وقاله"
كلمات والدتها جعلت قلبها يقرع بقوة..
أجاء لينهي الخطبة أم ...
ظلّ تساؤلها معلّقا حتى جاء بموعده ليلا وكان
قلبها يقرع بقوة وهي تدخل غرفة (الصالون)
وتراه يتحدث مع والدها.. لم يرمقها بنظرة
واحدة حتى استأذن والدها للرد على الهاتف
تاركا إياهما بمفردهما..
"ازيك يا يارا؟"
فكرت يارا.. (واضح انه معندوش إلا الكلمتين
دول كل ما يجي ازيك يا يارا والكلية مش
عارف ايه استغفر الله الراجل ده هيجلطني)
كاد ينفجر ضاحكا على الضيق الذي لمحه
بعينيها لتجيبه من بين أسنانها:"الحمد لله"
"وحشتيني"
قالها هامسا لينتفض قلبها بين ضلوعها وهي
ترفع رأسها بحدة تتأكد مما قاله لتجده يرمقها
بنظرة رجف لها قلبها!
هل تتخيل أم أن نظراته عاشقة مشتاقة؟!
أم أنها هي من تريد فهمها هكذا؟!
"ايه انا ماوحشتكيش وال ايه؟"
سألها مشاكسا لتزم شفتيها بحنق وهي
تريد ضربه على تلاعبه بها..
"ماظنش"
قالتها باقتضاب ليعبس قائلا:"ماتظنيش ايه؟"
"اني وحشتك"
"ليه بتقولي كده؟"
صمتت غير قادرة على التحدث, تشعر بقلبها
يؤلمها.. هل يتلاعب بها؟!
ماذا يريد منها؟ إنها تشعر بالألم مما آل إليه
حالها.. تنتظر كلمة منه بل نظرة تريحها من
عذابها فما نهاية هذا الذي يحدث؟!
"اول مرة أشوفك فيها كانت هنا.. كنا
قاعدين نتكلم على شقة سما وسامر وفجأة
مامتك نادتك.. رفعت راسي واتجمدت!"
رمقته بقلب خافق تنتظر ما سيأتي..
ترى هل سيريحها كلامه؟! أم سيأخذها
لمرحلة جديدة من العذاب؟!
"مش عارف حصلي ايه لما شوفتك بس حسيت
أني اعرفك قبل كده.. حسيت اني شوفتك
في مكان بس فين وامتى مش عارف!
وقفت لا إراديا ابصلك وانا مش فاهم ايه اللي
بيحصلي لحد ما سامر قالي انك مش بتسلّمي,
فرحت وفي نفس الوقت حمدت ربنا لاني لو
كنت سلمت عليكي مكنتش هسيبك
وكنت أكيد هتفضح"
عقدت حاجبيها بعدم فهم ليبتسم بإحراج
قبل أن يقول:"ما فهمتش ايه اللي حصلي غير
ان قلبي قالي هي دي اللي انت مستنيها من زمان
بس ظروفي مكنتش تسمح وكمان انتي
كنتي لسه صغيره فمكنش ينفع إني أقول
اي حاجه.. كنت كل ما اقابلك احس ان فيه
حاجة جوايا بتشدني ليكي وبقيت خايف
يبان عليا حاجه خاصة مع وشّك اللي بيحمر
كل ماتشوفيني"
ازدردت ريقها بصعوبة وهي تحاول ألا تأمل
أكثر مما هي بالفعل..
هل ما تفهمه من حديثه حقيقة؟!
"لحد ما بدأوا يلحوا عليا اني اتجوز او بالاصح
لحد ما عرفت ان فيه ناس بتتقدملك ورغم
اني عرفت اني باباكي مش موافق بس خفت..
خفت تضيعي مني فكلمت باباكي على طول
اني عايز اخطبك وعرّفته ظروفي كلها
والحقيقة رده كان مريح جدا ليا بس الخوف
كان منك انتي"
رمقته بتساؤل فابتسم بارتباك وهو يقول:
"خفت ماتوافقيش او تكوني شايفاني زي
اخوكي كده يعني عشان كده خلّيت سما
تسألك واستحملت تريقتها عليا يومها
وعشت ليلة غريبة لحد ما قالتلي الرد اللي
مكنش واضح اساسا"
"رغيت كتير ودي تقريبا اول مرة اعملها.."
قالها ضاحكا قبل أن يتابع:
"باختصار لكل ال انا قولته ده انا
ماخطبتكيش واتحملت التوتر ال ممكن
يحصل بعلاقة اختي واخوكي إلا لاني
بحبك"
توقفت عن التنفس وهي تسمع منه تلك
الكلمة التي حلمت به مرارا..
(يحبها!)
نبضاتها تتعالى بجنون حتى صمّت أذنيها
ووجهها الذي استحال لثمرة فراولة طازجة
جعلاها تكاد تركض للخارج لتنهض ببطء
وارتباك تكاد تتعثر بأشياء وهمية وهي
تتمتم بأشياء لا تفهمها من الأساس وهو يتابعها
بنظراته صامتا حتى لا يحرجها أكثر ..
يشعر بالراحة لأنه باح لها بمشاعره خاصة
عندما قرأ رسالتها وشعر منها بعذابها وتخبطها.
****
منذ تلك المصارحة بالمشاعر وعلاقتهما
صارت أفضل وقد اقترب موعد زفافهما
والتحضيرات على قدم وساق..
فقط تنتهي اختبارت الفرقة الرابعة من
الجامعة وستكون له للأبد..
ابتسمت برومانسية وداخلها شيء يشعر بالخوف
فتباين شخصياتهم قد ظهر بعدما اقتربا من
بعضهما.. هو صامت أغلب الأوقات تجرّه جرّا  

  للحديث.. يغلب عقله على قلبه وهي العكس
تماما!
هي رومانسية لأقصى حد, تريد العشق وفقط
ولا يهمها أي شيء آخر..
ساذجة نظرتها للحياة وقد رأت أنهما يكملان
بعضهما ولكن هل كانا حقا يكملان
بعضهما؟!
عقله وقلبها وحياة جديدة مختلفة لكليهما!  

رواية لو أن الحب قرار..  بقلمي حنين أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن