الفصل السابع عشر لو أن الحب قرار

2.9K 125 6
                                    

الفصل السابع عشرمرّت الأسابيع الثلاثة بسرعة البرق ولم تستمعخلالها لعبير أو مريم بعمل (نيو لوك) كماأطلقتا عليه فعلى الرغم من نبضاتها التي تنتظر حبيبها بفارغ الصبر إلا أنها لم تكن متحمسة لفعل أي شيء أبدا..تدور التساؤلات بعقلها وتنهك قلبها, هل اشتاقإليها؟ وسواء اشتاق أم لا كيف ستستقبله؟!على الرغم من شوقها الكبير له إلا أن الجرحبداخلها أكبر ورغما عنها تتساءل هل أخطأتبالموافقة عليه؟!أم تراها أخطأت بالتعامل معه من البداية؟!لم تعد تعرف شيئا فقط قلبها يؤلمها كلمااقترب موعد وصوله ورغما عنها تمثّل السعادةلرؤيته القريبة والتي تخشاها أكثر من أيشيء آخر.******"وصلوا وصلوا"هتفت بها عبير لتتوقف نبضات يارا حرفيا وهيتتبعها دون وعي قبل أن تجفل على صياح طفليها وهما يركضان على والدهما الذي استقبلهما بلهفة وحب جعلاها تطمئن ولو قليلاأنه حقا اشتاق.صافح الجميع حتى وصل إليها ليضمها بخفةمقبّلا وجنتها وهو يهمس لها:"هسلّم عليكي فوق براحتي"توردت وجنتيها وتوقفت أنفاسها للحظات تتابعهمبتعدا لتجفل على صوت عبير الضاحك:"مش كنتس تستني فوق زي ما قولتلك عشانتسلموا على بعض براحتكم"وأتبعت حديثها بغمزة عابثة فابتسمت يارا بارتعاش وهي تفكر أنها تحاشت مقابلته بمفردهما بسبب هذا خصيصا فقد خشيت أنيخيب أملها كالعادة.******بنهاية اليوم صعدت بالطفلين حتى يناما وماإن خرجت من غرفتهما حتى شهقت ويحيىيجذبها لغرفتهما حتى أغلقها خلفهما وضمّهابقوة وهو يهمس لها:"وحشتيني اوي"أغمضت عينيها تستمتع باللحظة محاولةألا تفكر بأي شيء آخر فقد اشتاقته أيضاابتعد عنها عندما شعر باستكانتها ليجدهامغمضة عينيها بهدوء ليهمس بنزق:"انتي نمتي يا يارا؟ انا قولت برضه عين مازنمش هتعدّي بالساهل, الليله انضربت"رغما عنها ضحكت وقد اشتاقت للجانب المشاكس به والذي لم تره إلا نادرا خاصةبوقتهما الخاص فكأنه يتحول ليحيى مختلفتماما عن يحيى اللامبالي بها البارد أغلب الأوقات."صاحيه"همست بها ليبتسم بمرح:"مانا عارف بس بغلّسعليكي"وقبل أن تجيبه بشيء كان يهدم الأسوار التيبنتها حول قلبها الواحد تلو الآخر لتنام بالنهاية بين ذراعيه وهي تعد نفسها أنها ستعلمكل شيء باليوم التالي.****ولكن اليوم امتد لأيام فيوميا منذ استيقاظهماوحتى نومهما يمتلئ المنزل بالأقارب والأصدقاءلتكون بنهاية اليوم منهكة جسديا وعقليافلا تستطيع التفكير بشيء أو الجدال معه بشيء أو حتى سؤاله عمّا يؤرق حياتها..وأخيرا انفض الجمع بعد أسبوعين كاملين كانت على وشك الجنون بهما قبل أن تستطيعالتقاط أنفاسها لتبدأ بالتحضير للحديث الذيأرّق مضجعها طويلا.دلف إلى الشقة ليجدها هادئة فتوقع أن الطفلين قد خلدا للنوم بعد المجهود الكبيرالذي يبذلانه طوال اليوم باللعب فدلف إلىالحمام واغتسل قبل أن يتجه لغرفتهما وكما توقع وجدا يارا بانتظاره ليبتسم ابتسامة ذاتمغزى قبل أن يضمها له مقبّلا إياها لتستجيب لهللحظات قبل أن تتملص من بين ذراعيه مبتعدةعنه ليعقد حاجبيه متسائلا:"ماوحشتكيش؟""انت شايف ايه؟"أجابته بسؤال هادئ أيضا تتهرب من الإجابة الواضحة على محياها لو دقّق النظر أو لو كانيعرفها حق المعرفة.."شايفك هاديه اوي زياده عن اللزوم"هتف بدهشة لتبتسم بمرارة وهي تقول:"وكنت متخيل ايه؟ هتيجي تلاقيني زي مانا مفيش حاجه فيا اتغيرت؟""وليه تتغيري؟ وايه سبب التغيير؟"سألها وكأنه لا يعلم حقا لتجيبه وقد بدأتتغضب:"ليه اتغير؟ وايه السبب؟ انت بجدبتسأل؟ يحيى انت بقالك تقريبا سنة بعيدعني لو ماتغيرتش كان زماني اتجننت..مش كل الناس زيك مش محتاجه حد معاهاعشان تعيش او بتقدر تتجاهل الناس الوقت الهي عايزاه وتفتكرهم وقت ماهي عايزه""وانا كنت نسيتك او تجاهلتك؟"سألها بدهشة لتشعر أنها على وشك قتله حقا"هو انت عايز تجنني يا يحيى؟"هتفت بحدة فهمّ بالإجابة لتوقفه وهي تتابع:"يحيى انت مشيت من هنا ونسيتني تماما..اسبوع بيعدي مش بتفتكرني الا مره وتقريبامامتك اللي بتقولك تتصل بيا"اعترض:"لا.."لتقاطعه:"ايا كان مين اللي بيفكرك بس هيمره بالاسبوع والحقيقه مش فاهمه هل مره فعلاكانت كافيه ليك عشان تكلمني انا وولادك؟ ولو كانت كافيه ليك ليه مكنتش كافيه لينا احنا؟"زفرت بقوة قبل أن تتابع وهو صمت تماما لايعلم بِمَ يجيبها:"حتى لما تكلمني بتبقى كأنك مستعجل ووراك حاجه بحس كأنكبتكلمني غصب عنك او واجب تقيل بتقضّيهوخلاص.. مش عارفه الحقيقه بس ده اللي بحسه, قبل ما تسافر قعدت تقولي هحاول اخدك واقصى حاجه سنه وماتقلقيش وكلامكتير واضح انك كنت بتسكّتني بيه وخلاص ويعدي الوقت وانت ولا حس ولا خبرولا كلمه حتى تطمني انك مش ناسينيوانك فعلا بتحاول عشان نبقى مع بعض""يا يارا الموضوع مش سهل كده.. الموضوععايز...."قال يدافع عن نفسه لتقاطعه:"يا سيدي قولي او عرفني ايه اللي بيحصلشاركني وفهمني زي مانا على طول بشارككواقولك كل حاجه.. ده مش عذر يا يحيىدي لامبالاه بواحده حياتها كلها متعلقه بيكحياتها كلها متوقفه على كلمه منك انت"همّ بالحديث لتقاطعه للمرة المائة وهي تقول:"وكله كوم وحكاية الصورة اللي اتبعتتليكوم تاني.. اصلا مش فاهمه لحد دلوقتي هياتبعتتلي ليه؟ وايه الهدف منها؟"زفر بملل:"يا يارا انتي مكبره حكاية الصورةاوي, كل الحكايه ان الصوره كانت متصورهبموبايلي انا وهو جه يبعتها لموبايله غلط واتبعتت عندك بس"رمقته بهدوء للحظات وداخلها يغلي غضبا"امم يعني الصوره اتصورت بموبايلك انت وجاتلي غلط تمام, طيب بالنسبة لسبب انكتتصور معاها اصلا ايه؟ انت تتصور مع ابنه ومراته وهو اللي يصوركم؟ حاجه مش مفهومهالحقيقه""وايه الغريب في كده؟ كل الناس هناك كده في الغربه الواحد بيبقى عايز يحس انله اهل وعزوه"قالها يشرح لها بنفاذ صبر لترمقه ضاحكةبقوة وهي تقول:"اهل وعزوه مع الرجاله مشمع الستات يا يحيى انا مش فاهمه انت فعلامقتنع باللي بتقوله ده؟ لاني الحقيقه مشمقتنعه ابدا ان واحد يشيّلك ابنه ويصوركجنب مراته كمان الا اذا كان قرونه كبيره بقى""يارا خدي بالك من كلامك"هتف بحدة لترفع حاجبها بدهشة مصطنعة:"هو انا قولت حاجه؟ مش ده اللي اتربينا عليه؟وال الغربه كمان بتلغي كل اللي اتربينا عليه؟"صمتت للحظات قبل أن ترفع رأسها تنظر له مباشرة بقوة لا تعلم من أين أتت بها قائلة:"لو سمحت يا يحيى بطّل تهين ذكائي أكترمن كده, اللي بتقوله غير منطقي تماما ياريتبقى تفهمني مين دي وبتعمل معاك ايه بالضبط؟ وصدقني انا هتفهم الموضوع عاديجدا من غير اي عصبيه""عصبيه؟ ايه يعني هتزعّقيلي مثلا؟"هتف ساخرا لترمقه بجمود قبل أن تقول:"الحقيقه يا يحيى""الحقيقه انها زميلتي بالشغل وكنا خارجينكلنا جروب الشغل يوم الوقفه نفطر برهوالصوره اتصورت زيها زي اي صوره تانيه بس دياتبعتت ليكي فمارضيتش اقولك انها زميلتيوانها صوره عاديه عشان عارفك هتأفوري الموضوع ورغم كده مفيش فايده برضهنكّدتي عليا وعلى نفسك"ظلّت ترمقه بجمود دون أي رد فعل إلا انشطارقلبها لنصفين قبل أن تومئ برأسها وتتجه للفراش تستلقي عليه دون كلمة واحدة وبداخلها تتردد كلمة طلاق بقوة ولكن ماذاتخبرهم السبب؟ هذا هو السؤال.

******

"يحيى طلّقني, مش عايزااك, مش طايقاك

خاين انت خاين.. طلقنييييي يا يحيى"

استيقظت مفرزوعة وهي تهتف باسمه ليتنفض

يحيى على صوتها المنادي باسمه..

"يارا.. مالك يا حبيبتي فيكي ايه؟

انا جنبك اهو متخافيش"

رمقته بألم ولسان حالها يهتف لست بجواري

أبدا يحيى, بل أنا وأنت بعالمين مختلفين من

البداية ويبدو أن طريقنا وصل لنهايته وبات

الفراق حتميا.

قرأ يحيى انزعاجها وألمها والذي لم يفهم له

سببا ولكن متى استطاع فهم النساء؟ بل

من يستطيع من الأساس؟!

حاول التوضيح لها أمس عن تلك الصورة التي

كانت سبب خلافهما إلا أنها لم تتفهمه فماذا

يفعل؟!

لن يستطيع أن يوضح لها أنه أشفق على المرأة

التي تعول طفلا بلا زوج لأن زوجها عديم

المروءة تركها من أجل أخرى بل وترك طفله

أيضا..

أشفق على الطفل الذي ذكّره بطفليه فحمله

يشاكسه وهو يرى به جاسر وجهاد اللذين

افتقدهما كثيرا.. ولكنه لو أخبرها أنها بلا

رجل ستزيد الأمر تعقيدا أكثر مما فعلت لذا

اختار تجاهل الأمر كما اعتاد معها وهو يعلم

أنها ستهدأ بعد فترة وتتجاهل الأمر كليا

كعادتها ولم يعلم أن تجاهله هذه سيكون

ثمنه عظيما.

نهاية الفصل

رواية لو أن الحب قرار..  بقلمي حنين أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن