١٣ | خُطبة.

1.4K 91 6
                                    


إستمعتُ لخطِبة الجُمعة، الجمعة الأخيرة من شهر رِمضان، يا الله كمَّ كان شهراً فيهِ بركة للعبادة، أخلصتُ نيتي للأخلاص للهِ وحدهُ، كانت الخُطبة تتمحُورِ حُول الذِنُوب التيَّ مُحوت مِنَّا حينما قُمنا بالعبادة في هذا الشهر الكريم، وكُنتُ قد قويتُ إيماني مع الصلاة والدُعاء في هذا الشهر ..

وتذكرتهُ الفتى الذيِّ لم أعلم أسِمهُ، الذيَّ ترك بقلبي شيئاً صعب وصفهُ، ولا أعلم كيف سرت الدموع بوجنتاي، وأنا أدُعو الله أن ألتقيهِ حتى لُو صدِفة..

رجعتُ المنزل وجدتُ الأنوار مُطِفئة، صحيح نسيتُ أخبركم لقد ظهرت نتيجة ريفاء وبكُل فخراً أقولها الأولى بكُل شئ، سعدتُ لها وسعدتُ لفرحة أمُيِّ بها، مهما يكّنِ هيَّ أخُتي الكُبرى.

فتحتُ نُورِ مكتب غرفتي، صحيح نسيت أخبركم بأن أمُي جعلت غُرفة التخزين الصغيرة لي، سعدتُ بها لأنني وأخيراً سأنفردُّ بنفسي، وبكُل شئ، وجدتُ ورقة علي المكتب تخبرني فيهِ أمُيِّ بأنها ذهبت مع ريفاء ليجِلَّبُ ملابس العيد، وكم كُنت سعيدة لتخِيُلي بأنها ستجلب لي شيئاً برفقتهما، صليتُ فرائضي وقمتُ بتحضير طعام الإفطار، وجلستُ أكُمل وردي اليومي من القرآن.. حتى سمعتُ صوت قفل الباب، خرجتُ وجدت أنهما جلبا الكثير من الملابس نظراً للأكياس الكثيرة

كانت ريفاء تُخرج بناطِيل جينز ضيقة لها وتضمُهِ لصدرها بِفرحة وأنا واقِفة أنتظرِ أيَّ ملابس لي!، ولكن أمُيِّ لم تشتري ليِّ أيّ شيء، تماسِكتُ وقدِّ تكّونت غِصة بحلقي، هذه المرة الثانية التيِّ تنسى بأن تبتاع لي شيئاً، أذن آذان المغِرب، ووضعتُ الطعام علي المائدِة، وأنا لا أستطيع التصديق بأنني لاأفِرق معها!

إنتهُ من تناول الطعام وأنا لم أستطع قضم أيِّ قطعة من الخُبز حتى، هُما لم ينتبها ليِّ، فقط لحديثهم الكثير عن أمراً ما، جمعتُ الأطباق، وتركتهما وإتجهتُ للمطبخ وغسلت الأطباق ورتبتُ كل شيء ،  ولكن تذكرتُ أمِر وموضوع الخُطبة، وكلمات الشيخ لاتستائُوا يوماً علي إنجازاً فعلتُوهُ، فواللهِ لن يجعلكم يوماً بائسين بل ترك السعادة، تركها لتاتي في مكانها الذيَّ يجب بأن تكون، لعلهُ خير هذا التأخير، ولاتقنطوا من رحمة الله ..

إبتسمتُ وأنا أقُوم بتمشيط شعري، لونهُ الأسود الحالكَ هُو مايعجبني بهِ، كان تمشيطهُ في البداية صعباً ولكن مع التكرار معهُ، سهُل كل شيء، كل ماكان عيباً بي ماضياً بقى شيئاً جميلا بداخلي ..

أصبحتُ أمعنْ النظر بوجهي، وأصبحتُ أتلمس النمش البنُي، والذيًّ يُعطي طابعاً لشكلي، أصبحتُ أظبط حجابي بطريقة مُلائمة، حتى بقي بنظري جميلاً أكثر من ذي قبل، فقط ملابسي هيِّ التيِّ لمَّ أُغيرها حتى الآن، فقط أُريد أرتداء الفساتين الواسعة لتخفي سمنتي البسيطة، والتيَّ حقاً أصبحت بسيطة، فمع شغل المنزل والصلاة وتناولي الطعام بكمية قليلة حتى لااتكاسل علي قيام الليل، أصبحتُ أخسر بعض الوزن، والذيِّ ظهر في ملامح وجهي..

الله لم يخلق يوماً وجهاً قبيحاً بل نحنُ من نظهر هذا القبح في أخلاقنا!

خرجتُ من غُرفتي وأنا عازِمة على أمري سأخبرها بأنني أريد أن نذهب سوياً لنشتري لي فستاناً واحداً لا أكِثر، جلستُ بجانبها وهيَّ مندمجة في مسلسل ما، أنا لاأتابع أي من الدرامات حتى لاأتكاسل عن عملي، وهيَّ لاتفعل شيء غير توبيخي!!، تحدثتُ بهدوء:

- أمُيِّ.
همهمت كإجابة، لإجُمع شجاعة القول قائِلة:

- هل يمكننا أن ننزل يوماً وتشتري لي فُستانا فضفاض لي.
إنتظرتُ إجابتها ولكأنها لم تستمع ليِّ، لأُعيد كلماتي لها بنفس نبرة صوتيِّ، لتنظِر لي نظرة ضجرة، تلجلجتُ قبل أن أقول:

- هل إنت موافقة؟!
-لماذا سنشتري لك ملابساً، وإنت لاتفعلي شيئاً، لاتنسي درجاتك المُنخفضة، انا أعيِلك لأنك أمام الجميع إبنتي، ولكن لاتنسي بأنني لاأنفق أموالي على عبئاً مِثلك!

لم تؤثر بي كلماتها، فقط لأننا تعودُّت علي ذلك، لُرجيها قائلة:
- سيكون أخر طلب لي منك، باللهِ عليكِ لاترفُضي، سنشتري فُستانا فقط لا أريد ملابس غالية ولا أيِّ شيء، يمكنني التعايش بواحد فقط.

كانت الدُموع تأبى التوقف، وأنا أرجُوها، وهيَّ لاتتعب نفسها بالردِّ عليَّ، لتقول ليَّ بكلمات قاسية:

- لاتحلُمي بأن آتي معك، أنا لاأهتم لكِ 

دائمًا ما أرى الإشفاق لي من نظراتها عليِّ، وكأنني أصبحتُ الفتاة الخادِمة، ولدتُ لأخدم أمي وأختي، واللتان لاتهتمان لأمري، دائما وابدًا يقولون هل الإهتمام شيء مادي يُطلب!، ولكنني أرى بأنهُ مادي ومعنوي، وإذا كان القول يُعتبر إهتمام فما بالهُ قلبي مُفتقر إليهِ ..

حسمتُ أمري، عدتُ للوراء بظهري، ونهضتُ أرتديتُ أسدالي وحجابك طويل، ورحلت مع مبلغ من المال الذيِّ قُمتُ بتجميعه طوال هذا الشهر، لأشتري لي كِتابا من المكتبة المجاورة للمترو، ولكن ليس كل ماأريده يوما سأشتريهِ..

ذهبتُ للمنزل الذيَّ مر علي عدم زيارتي له أشهر، منزل عمتي.

زهـراء |Zahra✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن