2. "مستعد .. ؟"

373 36 39
                                    

هل مرت دقائق أم ساعات ؟ كانت تلك أيام أم أسابيع ؟

هي لم تلاحظ تتابع النهار و الليل، لم تلاحظ أختفاء القمر أو ظهور الشمس.

كان ذهنها مشوشًا بشكل كبير و جفاف جسدها و إهمالها له لم يساعد، بدون طعام، ماء، أو حتي دفئ، ظلت أمام تلك البحيرة الصغيرة التي كانت تأتي إليها بصغرها و لم تتحرك من مكانها، ربما مرت أيام أو كانت دقائق، فالوقت بالنسبة لها قد توقف منذ ذلك الحين، و لم يُهم حقاً كم قد مر منه.

جسدها المرهق لم يعد يحتمل برودة نوفمبر، و نفسها المتعبة لم تعد تحتمل برودة قلبها، لوهلة قد ظنت بأن جسدها قد تجمد بمكانه و فكرت .. إذا تجمدت و ماتت بمكانها هل سيُعد هذا إخلافًا بوعدها له ؟ هل ستُخيب أمله أكثر مما فعلت ؟

ظلت كلماته تتردد بذهنها طوال فترة وجودها عنها، و ذلك المشهد يُعيد نفسه أمام عيناها حتي أصبح لا يؤثر بها بعد الآن.

أو هذا ما حاولت إقناع نفسها به.

بالرغم من أصوات الأمواج الخفيفة و هبوب الهواء العالي أستطاعت تمييز صوت أخر جديد .. خطوات أقدام تقترب منها و صاحبها لا يحاول إخفائها حتى.

لكنها لم تحرك رأسها لترى، فهي تعلم أن إحساسها سيكون بمحله، فليس هنالك أحد يعلم هذا المكان إلا الشخص الذي كان يأتي معها، كما أن لا يوجد أحد جرئ كفاية ليتعدى الحدود بدون أن يكون مخططاً للأمر قبلها .. و بما أنه لا يزال داخل الحدود الخاصة به فهو لا يُشكل خطورة بالنسبة له.

إنما الأمر لها مختلف، فهي بعيدة عن حدودها بعدة أمتار.

"لقد سمعت ما حدث."

أغمضت عيناها عندما سمعت تلك النبرة الباردة تتسلل لأذنها ليصاب جسدها بالشقعريرة كالعادة و قد كانت أخر نبرة تتوقع أن تسمعها الآن.

أو تتمنى بألا تسمعها.

"أنا أسف لخسارتكِ."

"هل أنت كذلك ؟" قالتها هامسة تفتح عيناها لتقابل ذا الأعين السوداء الباردة التي لم تتغير أبدًا.

ظلت عيناها تحدق ببشرته الشاحبة و خصلات شعره السوداء و عيناه المشابهه لعيناها التي لا تحمل أية مشاعر، ذلك الشخص الذي يحمل نفس الدماء التي تتحرك بعروقها، لكن لم تُسميه بأخيها أبداً، حتى أن تلك الكلمة لم تخرج من شفاهها منذ زمن طويل.

"هل تحاولين قتل نفسكِ ؟" سمعت صوته الذي يشبه الهمسات، لترتسم تلك الأبتسامة الجانبية على شفتاها.

Blank | فَارِغ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن