12."و أنت لم تفعل ؟"

132 14 35
                                    

"نابي، ظلي هنا، لا تتحركي أو تصدري صوتًا مهما حدث، حسنًا ؟؟"

"لكن .. لكن .. أمي .." قالتها بصوتها الصغير المرتعب، مما جعل الطفلة أكثر حيرة، ذهنها الغير مُستيقظ بالكامل بعد، و عيناها الشبهه منفتحتان لم يساعدونها بفهم الموقف سريعًا.

"لا تقلقي صغيرتي، سيكون كل شيء بخير، فقط لا تصدري صوتًا." قالتها بصوت لطيف لكن قلق بنفس الوقت و هي تضعها بالخزانة خلف الملابس ثم أمسكت بكتفيها بخفة، "نابي، لا تصدري صوتأ و لا تتحركي، مهما سمعتي و مهما رأيتي، فقط ظلي هنا بهدوء." قالتها مرة أخرى قبل أن تُظهر خنصرها للفتاة الصغيرة، "عديني."

بالرغم من أن الفتاة لم تفهم ما يحدث، و لا تعرف ما الذي تتحدث عنه، إلا إنها لطالما فعلت ما أمرته والدتها منها، لهذا و بدون تفكير عقدت خنصرها الصغير مع الأخرى و هي تومئ بخفة، "حسنًا .."

بعدها لم تستقبل شيئًا سوى الظلام حالما أُغلَق باب الخزانة، عيناها لم يكونوا بفائدة، لكن أذناها سمعت كل شيء، باب الغرفة يُفتح بقوة، لكمات مُتعددة، زُجاج ينكسر، أشياء أو أشخاص يُلقون بأنحاء الغرفة، صراع .. صراع بين شخصين .. ربما أكثر، أشخاص يتألمون، و أخيرًا شخص يُلقى على باب الخزانة التي هي بها، مما جعلها تضع كلتا يداها على فمها، لتمنع ذاتها من إخراج أي صوت، بعدها صوت لم تظن بأنها قد تسمعه أبدًا .. صراخ، والدتها تصرخ .. تختنق .. بينما رأسها يرتطم بالخزانة مرارًا و تكرارًا، لم يهدأ الصراخ، كما لم يهدأ الإرتطام، دقيقتان قد مروا كأيام، و هي جسدها المُختبيء كان يرتجف بينما يدها تُخبيء أي صوت قد يخرج من فمها، مما جعل أذناها يستمعان لكل شيء بوضوح، هي كانت تتمنى بأن يتوقف الصراخ، بأن يتوقف أي صوت قادم من الخارج، بأن يتوقف الظلام من محاصرتها، بأن تتوقف الدموع من الهبوط، لكن كل شيء كان يعلو أكثر.

حتى هدأ الصراخ، لكنه كان الوحيد الذي هدأ، فحالما توقف هي علمت السبب بدون أن ترى، بدون أن يخبرها أحد، حينها ظل ذهنها يصرخ.

'أنهضي !!!' ظلت تتمنى بسرها، 'أتوسل أليكِ أنهضي !! أكملي صراخك !! لا تتوقفي أرجوكِ !!'

لكن بلا نتيجة، فقط صوت وقوع جسد ما، تنفس شخص أخر بثقل، و صوت غريب يقول "لقد تمت المُهمة" قبل أن يخرج من الغرفة تاركًا كل شيء خلفه.

و كأن الوقت توقف عندها، و كأن جسدها قد تخدر، هي لم تستطع الحراك أو إصدار صوت واحد، ليس عندما دخل والدها الغرفة ليجد ملابس والدتها مُغطاة بالدماء على الأرض، ليس عندما جاء أحد ما لينظف الغرفة، ليس عندما سمعت صراخ أخيها بالخارج و هو يأمر الجميع ليعثروا عليها، و ليس عندما مر يوم، و أثنين و ثلاثة، بالنسبة لها لم تمر دقيقة واحدة، بالنسبة لها هي ماتزال بتلك الدقيقتين، بذلك الصراخ، بذلك العجز، و بذلك الظلام.

Blank | فَارِغ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن