عنوان الجزء

21.8K 477 16
                                    


الفصل الثالث....

بعد شهر
كانت تقف في ساحة المنزل الواسعة بإرتباك دائماً يرافقها عندما تتواجد مع أسرته..فنظرات والدته التي تجلدها بصمت..تثقلها بذنب لن تتحرر منه يوماً أما عمته دائماً تشملها بنظرات خيبة أمل ؟! لا تفهمها ! الوحيد الذي يعاملها برفق هوحماها..خطاب فهويحاول أن يتجاذب معها أطراف الحديث بهدوء يبثها أمان وترحيب بها بينهم تفتقده..رغم الوجع الذي يفذ من عينيي الرجل..عند أي ذكر لأسم أبنته..
تنهدت بكبت وهي تخطو الى المطبخ الواسع..تراقب حماتها ونساء المنزل منهمكين في عملهم اليومي..تجرأت أكثر وهي تتقدم قاطعة حديثهم المتبادل تخبر نعمة بإرتباك:"مساء الخير عمتي..نعمة"
تصلبت المرأة في وقفتها وكأنها تعلن عن رفضها لمن تمتثل خلفها في محاولة للتواصل معها..ردت المرأة بصوت مكبوت تحجب النار التي تتأجج في صدرها فتذكرها بمصيبتها عند رؤيتها أو سماع صوتها:"مساء النور"
إلتفتت لها تسألها بدون مراعة لحرجها:
"ما الذي أتي بكِ الى هنا يا عروس"
زاد توترها أكثر وهي تستشعر هجوم نعمة الخفي بين طيات كلماتها المستتر لتخبرها بطواعية:
"أصيل..طلبني على الهاتف..و .و"
ترددت أكثر وهي تردف:"لقد أمرني أن أجهز له الطعام بنفسي بدون مساعدة أحد وأصعد به الى شقتنا وحدي"
لم تستطع نعمة حجب علامات الإستنكار..التي كست وجهها لتقرنها بقولها:
"أمرك..وتجهزي بنفسك وتصعدي"
عقدت حاجبيها بتفكير لا تعرف ما الذي يهدف اليه أبنها من المعاملة الجافه التي تلمسوها جميعهم في معاملته لعروسه؟!
قطع وقفتهم دخول فاطمة موجهه كلامها لهدير مباشرة بنبراتها الغامضة التي تحمل دائماً بين طياتها خيبة الأمل فيها:
"أمرك يا أبنة أحلام.."
نَقلت عيناها بينهم وهي لا تجد ما ترد به لتسمع فاطمة تخاطبها مرة أخرى بهدوء:
"لما لم تذهبي للوحدة الصحية يا هدير؟لقد مر شهر وما أعلمه غير مسموح لك بأكثر من أسبوعين ؟!"
ارتباكها الذي زاد والألم المتعاقب في صمت على ملامحها جعل فاطمة تشفق عليها رغماً عنها..فردت هدير بتوتر:
"أصيل رفض وأخبرني هذا لا يجوز الآن ربما يومان أخران"
الغضب احتل ملامح فاطمة لتقترب من هدير وهي تقول بهجوم لم تفهمه:
"يومان..وبعدها أسبوعان وبعدها عامان..يا غبية.."
شمخت برأسها تترفع عنها مرة أخرى تتفحصها كلها بسخرية وإستحقار تخبرها:
"مبارك الزواج وفوزك بمن تحبي..بل مبارك انضمامك للخانعات"
هزت رأسها يائسه بمراره وهي تردف:
"أنتِ لا تشبهينها في شيء كيف احتوتك بطنها يا هدير ؟!"
أنتفضت هدير في وقفتها تنظر لوقفته الجامدة خارج باب المطبخ موجهاً لها أمره المباشر بإقتضاب:"اتبعيني حالاً"
وبدون إبطاء نفذت..تلعن الضعف المقرون بالخوف الذي أصبح ملازماً لها معه..
تخاف بل ترتعب من فكرة طلاقها..تخاف أن يتركها..تخاف من شماتة الناس بها!!
دلفا الى الداخل ليتركها في وقفتها المهتزة وتوجه الى غرفة النوم مباشرة..لم تلحقه بل توجهت الى الكنبة الواسعة في بهو الشقة تفرد جسدها عليها تضم نفسها بذراعيها  وعينيها تزرفان الدموع بصمت تدفن رأسها في ظهر الكنبة..علها تمنحها دفء افتقدته تستجديها أن تكتم شهقاتها المتعالية ،من يوم زواجهم يُحملها..ذنب كل ما حدث وما يزيد قهرها أخيها الذي رفض بإصرار أي تواصل معها معلناً لها خيبته فيها..ويمنع عنها صحبته وحنانه المرافق دائما لها
شعرت بيديه تربت على رأسها بهدوء وصوته يخرج لأول مرة منذ شهر حنون وهو يقول:"لما البكاء هل أزعجتك عمتي"؟
هزت رأسها بنفي ولم يتوقف بكائها..رفع يديه عنها لتشعر بجلوسه بجانبها وكما فعلت هي فرد جذعه بجانبها ويديه تمتد يحركها مرغمة لتواجهه..
صمت لفهم سوياً وهو يكبلها بذراع ويد تمتد تمسح دموعها التي تتعاقب بالألم في عينيها..قطعت الصمت بينهم تسأله بوجع:
"لما تفعل ذلك معي ؟لماذا تُجافيني هكذا؟أنا لم أخطئ وحدي"
تنهد بقلب مثقل ولم يجبها..غمضت عيناها واليأس يتملكها من اجابته!أمسك وجهها بكفه الضخم رفعه اليه ،أقترب منها بفمه يلثم خديها ببطئ..تحشرج صوته وهو يخبرها:
"إشتاقتك يا ست البنات"
فتحت عيناها به وجسدها كله يرتعش بين يديه عيناها تستجديه حب وعشق كان يتغني به وحجبه عنها..رفع يديه الى رأسها يفك حجابها ويُلقي به بعيداً يغرز أصابعه في طيات شعرها الغزير يدفن وجهه بِه ويخبرها بوله:
"لطالما تخيلتك بين ذراعي هدير..تستلقين على جسدي وشعرك يغطيني.."
أخذ أنفاسه بعمق يتشممها بحرارة وهو يردف:
"ولكني لم أتخيل أبداً أنه كسواد الليل هكذا مُهلك ككل ما فيك"
إرتعاشة إستجابتها بين يديه منحته الغرور الذكوري المتأصل فيه..أتاه صوتها مستعطف تسأله:
"هل مازلت تحبني أصيل"
إبتسامه ذكوريّة جذابة ارتسمت على شفتيه لعينيها وهو يميل يلتقط شفتيها ،يديه تكبلانها، يلفها وهي مستلمة له لتصبح تحته..علي تلك الكنبة الضيقة..
تجنب الاجابة وهو يجتاح أرضها المستسلمة بالفعل يخبرها بصوت أجش محمل بعاطفة جسديه بحته:
"أنت زوجتي وهنا بين ذراعي..فلا تسألى عن شيء أخر لم يصبح يهم"
كانت تستجديه فيما دموعها عاودت للهبوط وهي تقول بصوت مبحوح مستنكر:
"لا يهم كيف لا يهم حبك لي"
أخرسها وهو يعاود الهجموم عليها يجيبها بنبرات فظه مسيطرة:
"لأني قولت لا يهم..أنا أريدك والأن..فكُفي عن الحديث"
بخنوع غريب عليها كانت تطيعه و تستسلم تعلن بغباء أنه انتصر ومن أول جولة معها القلب المتهافت لأي بقايا يُلقيها لها..كانت تنجر ورائه كالأعمي مغيبة البصر والبصيرة فكرة واحده تلتمع بعقلها وتخرس البقية الباقية من كبريائها( هو هنا يريدها لا ينفر منها..مازال يحبها وأن لم يعد يرددها..ما يهم أنه متمسك بها حتى وإن كان يهينها..ربما سيعود اليها..حبيبها..)
بغباء كانت تسلمه حصونها وأمل متخاذل يتردد صداه مع كل عنف منه يهدر بضع كلمات يرددها في أذنيها وهو يخط صك إمتلاكها..سيعود حبيبها ؟! غاضب ولكنه سيعود مازال يحبها !!
..............
كانت أثيلة مستغرقة تماماً. في العبث بعدة أشياء بالمطبخ تقلب في الأواني بتعجل وتخبط..بدت لعينيه انها تبحث عن شيء ما ولا تعرف ضالتها..رفعت رأسها لتلتقي بعيني تليد الذي يقف على باب المطبخ تراجعت بذعر مرافق دائماً لها عند رؤيته..
بهدوء وبدون مقدمات سألها:"هل تبحثين عن طعام؟"
هزت رأسها برفض مرة وبمواقفه مرة أخرى لتعود عيناها تبرق بعاصفة رافضة مع تشبثها بذعرها منه رفعت يديها تعدل حجابها جيداً فوق رأسها وتعدل من ملابسها الثقيلة التي ترتديها في هذا الجو الحار الخانق..عقد حاجبيه بغرابة من أفعالها لم يبالِ وهو يعود يخبرها:"لن تجدي هنا"
رفع يده وهو يهز بعض الأكياس التي يحملها ويخبرها بإبتسامة هادئة متحفظه:
"أعتذر منك..ولكن الطعام الذي تجديه يومياً أمام غرفتك وترفضين تناوله أتي به يومياً معي"
تقدم خطوة واحدة الى داخل المطبخ..ليجد التوجس عاد يسكن عينيها التي تعصف بالرفض وتتراجع خطوات بظهرها الى الخلف ليوقفها الموقد من خلفها التصقت به وهي تضم جسدها بذراعيها وجسدها ينتفض هلع..تنهد بإستسلام وهو يعود أدراجه الى الخارج ويخبرها:
"لا تخافي أثيلة..أنا فقط اردت ان أُعطيكِ ما تبحثين عنه"
في لحظه كانت تتحرك من موقعها وبحذر شديد كانت تخرج من المطبخ وبسرعة البرق,تهرب من أمامه متوجهة الى الغرفة التي منحها لها ليسمع بعدها تكة المفتاح عدة مرات مغلقه خلفها..كان يحدق في الباب المُغلق بدون تعبير..تحرك ببطئ ناحية حجرة الطعام يضع ما بين يديه على المائدة ،أزاح مقعد وجلس يضع يده فوقها ويضم رأسه بكلتا كفيه..منذ ان أتي بها الى هنا لا يراها إلا لماماً تحرص دائماً أن تكون داخل غرفتها المُغلقه عليها..ترفض أي حديث بينهم كما حدث الآن يتحدث ولا رد فقط عيناها العاصفتان كبحر هائج ترمقه بإستحقار ورفض رغم الهلع الذي يظهر بوضوح على ملامحها..
أصبح يتملكه الخوف مازال هو الأخر محبوس في تلك الليلة السوداء التي عاشوها سوياً..والى الآن لا يملك أجابة عن ما حدث له ليفقد أعصابه ويحاول أن يغتصبها..أغمض عينيه بقوة واهتزار مشمئز من نفسه يجتاحه، ضميرة يجلده بالذنب ولا يرحمه صوتها الضعيف المستجدي الرحمة وقتها يذبحه..ويمزق رجولته الى أشلاء..أخرجه من أفكاره صوت هاتفه..مد يده ليخرجه من جيب بنطاله رفع الهاتف أمام عينيه ليرى هوية المتصل فتح الهاتف يحاول أن يتحلي بالهدوء والصبر وهو يُجيبه بقتضاب:"مرحباً سيد خطاب"
أتاه صوت خطاب الملهوف يسأل كعادته في الشهر الماضي:
"مرحباً بني..طمأنني عليها هل تحدثت معك؟كيف حالها بخير؟"
أغمض عينيه بشدة يكبح شتيمة تطرق طرف لسانه مُرغماً ليتملك الصبر أكثر وهو يجيبه:"لا لم تتحدث بعد..وترفض أي تواصل بيننا"
وبدون مراعة لمشاعر الرجل القلق على ابنته أكمل:
"ولا أيضاً..لا تبدو بخير على الإطلاق لعيناي"
تنهيده مرتعشه مُثقله بالوجع والذنب هي ما كانت تصله من الطرف الأخر ليأتيه صوته المستسلم بقنوط يوصيه:
"وما الجديد تليد اذاً..فقط بني أحلفك بكل غالى لديك انتبه لها..لقد وعدت بالأهتمام بها"
تهدج صوت خطاب أكثر وهو يخبره:
"قد تصدمك حقيقة أنها تفكر كطفلة صغيرة ولكنها ضعيفه..لن تتحمل كل ما يجري..هي كزهرة ربيعية هشة تحتاج دائماً لاهتمام بشكل خاص ورعاية..بحاجه للعطف والرفق..ابنتي.."
قاطعه تليد قائلاً بقسوة:
"إن كنت حنون هكذا وأب جيد وتعرف كل ذلك عنها لما سلمتها لي لاُحطمها؟ابنتك لا تفكر كطفلة..بل إنها بالفعل طفلة فكيف استطعت أن تضحي بها"
رد خطاب بهم:
ترفق بي يا تليد قليلاً..وراعي قلبي المكلوم..وكأنك لا تعلم النتائج إن كنت رفضت التضحية"
رد الأخر بغلظة:
"أياً كانت مبرراتك خطاب لم يكن من حقك خداعي..ولا ذبح مراهقة من لحمك ودمك وكل حجتك أنك تثق بي..وماذا كانت النتيجة هل تذكر ام نسيت؟!"
شدد على حروفه وهو يذكره بدون أن يوضح أكثر محاولته معها وما آل اليه الأمر..وكأن خطاب لم يجد ما يجيبه به..فتمتم بتثاقل ينهي المكالمة بدون إبطاء..
.............
كان منذ أكثر من نصف ساعة يطرق بهدوء على باب غرفتها ولا مُجيب يتحلي بصبر لم يكن يوماً فيه رغماً عنه تخلل تفكيره ضحكه مهزوزة..بل في الواقع عمله يجبره في الكثير من الأحيان لحجب شخصيته النارية وتحكماتها القبلية..ويبدو الآن سيضيف أسباب جديدة لجعله يتحكم في غضبه..تلك المراهقه القابعة خلف الباب..
ناداها برفق يحاول إقناعها:
"أثيلة أفتحي الباب..إن تمتنعي عن الطعام في وجودي لن يأتي بنتيجة إلا مزيد من الضعف لك"
الصمت المتوقع هو كل ما يأتيه..بغيظ أفلت منه هددها:
"أن لم تفتحي الباب حالاً وتتبعيني بعد خمس دقائق لا غير سوف اقوم بكسره..كما فعلت من أسبوعين هل تفهمي"
يعلم أن تهديده لها يزيد من رصيده السيء عندها ولكن ما بديله؟! بالأمس رفضت الطعام الذي وضعه أمام غرفتها ليأخده صباحاً كما هو ويُلقيه في المهملات..واليوم الذي قبله اكتفت بثمرة واحدة من الفواكه التي وضعها أمام غرفتها وكأنها تُعذب نفسها بالجوع..جلس على المائدة ينتظرها بقلق هل سوف يُجبر لكسر بابها كالمرة السابقة..تذكر ما حدث منذ أسبوعين عندما استيقظ من نومه على صوت تكسير وصراخ يأتي من غرفتها بجنون كان يطرق على الباب ويأمرها بفتحه ولم تجيبه غير ببعض الكلمات المهددة أن لم يبتعد سوف تُلقي بنفسها من النافذة وبدون تفكير كان يكسر الباب ويقتحم غرفتها ،لتنذوي في أحد أركان الغرفة برهبة تضم جسدها وملابسها تتوسله أن لا يقترب منها مرة أخرى..علم من ملامحها والهذيان الذي كان يتلبسها أنها كانت تعاني من حلم سيء وبالطبع كان هو بطله تجنب ألمه وتمزقه وكم قاوم حتى لا يقترب منها ربما يستطيع منحها أمان واهي يبثها إياه ولكنه كان يعلم أن أي اقتراب منها سوف يزيد جزعها..ومع تهديدها لم يستطع إلا أن يأتي ببضع أخشاب ويغلق نافذتها بشكل نهائي..وكله خوف أن تصحو من احدى كوابيسها يوماً. وقبل أن يلحقها تُلقي بنفسها منه..
قطعت تفكيره وهي تتقدم الى داخل الغرفه بتردد مرتعش..حاول أن يرسم إبتسامة ودودة ويشجعها أكثر قائلاً:
"تعالى أثيلة"
تقدمت بحذر تزيح أحد المقاعد البعيدة عنه وتجلس عليه..تفحصها بتمهل لم يفعله من قبل حتى في ليلة الزفاف المشئومه لم يلاحظ إلا عيناها الزرقاوين وملامحها التي تغادر الطفولة وتطرق أعتاب المراهقه بخجل..لاحظ أنها كانت شاحبه الوجه..أكثر نحولا بشكل واضح أخفض عيناه بعيداً عنها لا يريد أن يُثير حذرها وخوفها منه أكثر مما يحدث بالفعل قرب منها حافظات الطعام بصمت في دعوة منه لتفتحها بنفسها وقد قبلت الدعوة بدون مناقشه..فعلتها البسيطة جعلت الأمل المعدم يتسلل له بحذر..صمت ثقيل كان السائد بينهم وهو يراقبها تجلس في الكرسي المقابل له وبعيداً عنه!تنكمش كلياً وهي تحتضن جسدها بأحد ذراعيها والأخر تمده بإهتزاز وتردد..تحاول أن تتناول بعض لُقيمات من الطعام..
كان يجاهد هو الأخر ألا ينفلت منه غضبه يحجب عنها عيناه المشتعلة ويسيطر على حدة طباعه..يُذكر نفسه بأنه السبب لرعبها الجلي منه..
حاول أن يتجاذب أطراف الحديث معها يُخرجها من الصمت الأخرس منذ أن جاءو الى بيته في العاصمة..
"هل الطعام جيد..إن كنتِ لا تفضليه يمكنني أن أتي بغيره"
رفعت له عينيها بحدقات مهتزة..والرعب يرتسم بوضوح على ملامحها فيفضحها..حتى رغم محاولتها للتماسك والتي عبر عنها فمها المزموم بتشدد حتى لا تنفجر في بكاء مرة أخرى..من إجباره لها لمشاركته..تنهد بضيق وهو يزيح الطعام من أمامه يفرك وجهه براحتيه بتعب وهَم يحمله فيثقل كتفيه ويجعله يتلظى في نيران جحيمه ما الحل معها؟ يتخبط كلياً ولا يعلم طريقه..
بهدوء أستمر في محاولة جذبها للحوار يحاول بثها اطمئنان واهي:
"أسمعي أثيلة أخبرتك أنا لن أوذيكي..ولن اقترب منك بأي طريقة مرة أخرى..ولكن وضعنا يُحتم علينا..أن نتعايش بشكل ودي على الاقل"
لم ترد فقط نكست رأسها تنظر الى الأسفل ويدها تُزيح الطعام وتحاوط جسدها بكلتا ذراعيها تضم نفسها وكأنها تمنح نفسها الامان..أشفق عليها و جسدها المنتفض يبدو بوضوح جلي..ترهقه وتعجزه كلياً..
حاول أن يمد يده بتردد ناحيتها ليعود سريعاً يُذكر نفسه ان اي ملامسة منه قد تجعلها تُصاب بجنون وهذيان مرة أخرى فابتعد يضم يداه الى جانبه يزفر بضيق يتلبسه الغضب كلياً
لترفع هي رأسها تنظر اليه برعب تراقبه بعينين هلعتين وكأنها تناظر وحش ما سوف ينقض عليها..،جسدها ينكمش أكثر في مقعدها حتى شعر انها سوف تختفي به..لم يستطع أن يسيطر على غضبه بثت فيه الكره لنفسه وعادت له الذكري الاليمة بمحاولته انتهاكها فتصفعه بدون رحمه وتجعل غل يشتعل في قلبه فصرخ بدون سيطرة على نفسه:
"ُكفي عن الرعب مني..وكأني سوف ألتهمك..أفهمي لن اقترب منك أنا لست بوحش ولا مغتصب"
رفعت رأسها بشموخ وصدمه!! تنظر له بحده..عيناها اشتعلت بلهيب ازرق عنيف..رغم خوفها الذي مازلت تحتفظ به !! وقفت من جلستها تداري اهتزاز جسدها الواضح وتسيطر عليه فمنحته نظرة ازدراء وكأنها تخبره بصمت أنه لا يستحق حتى خوفها منه تؤكد له بصمت حقيقته في عينيها مغتصب عديم النخوة والرجولة منتهك لبرائتها وإن كان يحمل لقب زوجها؟!

عادات خادعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن