الثانى والعشرون

18.4K 407 7
                                    

الفصل الثانى والعشرون عادات خادعة
لن تنكر الرعب الذي تمكن من كل ذرة فيها وهي تدور حائرة خلف بيوت العمارية ،، كانت تلهث من فرط إنفعالها المتضامن مع ركضها من بيوتهم حتى وصلت عند أرض منبسطة قليلاً ،، كان قد إصطحبها إليها تليد وأخبرها أن تلك البقعة كانت مرتع له ولأبناء عمه وهم صبية ،، وقفت تدور بعينيها بين ربوع الجبل الشامخ ،، تكاد تبكي لوعة وهي لا تجد مقصدها..الهادر الجريح الذي أتى مع صرخة أنثي ذليلة مرتعبة جمدها بمكانها لثوانِ معدودة حاولت أن ترهف السمع لتحدد أي طريق تسلك ،، كانت حددت الاتجاه الشرقي من مكان وجودها فسارت بخطوات سريعة متلهفة ،، وخلف حجرين كبيرين يكاد حجمهما يماثل عمارة صغيرة من أربع طوابق،، وقفت مرة أخري وعيناها جحظت برهبة ،،راقبت جسد رجولي ضخم ،، متماثل البنيان مع كل أبناء قريتهم ،، إستطاعت أن تتبين في جنح الليل ،، إنفعال الرجل الذي يحفر بفأسه بمنطقة رملية وبأحد قدميه يثبت جسد هزيل يترجى ويخبره بتوسل:"بحق أخوتك وحمايتك التي كنت تعدني إياها ،، توقف وإسمعني ،،أنا لست مخطئة ،، إرحمني يا حسن"
لفتة واحدة هي ما حصل عليه جسد نجلاء المسجى قبل أن يلتفت الرجل الذي يبدو أنه يصم أذنه عن ترجيها الجريح ،، تقدمت أثيلة خطوة أخري تحاول أن تنفض الخوف الذي تلبثها مرغمة ،، تمنع دموع تطرف بعينها مجبره تشجع نفسها بالقول ( ليس هذا وقت ضعف أثيلة إنها ضحية أخري لتخلف ورعونة رد الفعل فتزهق روحها ظلماً ،، ولا حل آخر لديكِ حتى إن كنتِ ستدفني بجانبها )
ورجاء صامت مبتهل يناديه هو وحده أن ينقذ كلتاهما
قطع تقدمها ،، زئير الرجل الغاضب متجبراً متألم:"لا يوجد لديكِ ما تخبريني به يا (خاطئة ) بعد ما سمعته منك"
بجسدها المندفع بتهور كعادتها تقدمت وأزاحت حسن بقوة أربكته للحظات ،، حتى جعلته يتراجع خطوات محاولاً أن يوازي جذعه ،،
فمالت هي دون تردد وسحبت جسد نجلاء إليها وهتفت بانفعال مماثل:
"كف عنها ،، إتقي الله فيما تفعل وتسبها به ،، هل تحاسب الضحية وتترك ذابحها حر طليق"
فإنهار جسد نجلاء وسحبها معها فما كان منها إلا أن جلست على ركبتيها تحتضن جسدها العلوي بتشدد تضمها أكتر اليها بحماية ،، ورأسها يرتفع بعيني تقدح شرر متحدي ،،لحسن الذي عاد سريعاً يسيطر على نفسه فتدخلها السافر وتحديها جعله طوفان من الجنون المتزايد يشتعل في صدره ،، فصرخ فيها بصوت مرعب:"أتركيها يا إمرأة ولا تتدخلي فيما لا يعنيك وإبتعدي من هنا"
فصرخت أثيلة بجنون مماثل منفلت:"لن أتركها ،، وأنت ستستمع لكلينا ،، وكل ما يحدث يعنيني جداً لمعلوماتك"
لم يكن في حالة تسمح له بالاستيعاب ولا رؤية من أمامه ، وصوت جامد ميت أجوف ،، كان يقول وهو يعود يضرب بفأسه الحفرة:
"إرحلي من هنا وإلا ستدفني بجانبها،، لا تتدخلي فيما لا يعنيك يا ابنة المكي
هزت أثيلة رأسها برفض متعنت وأخبرته بنبرات قاطعه مستنكرة:
"تدفن من؟! هل جنتت تهددني انا؟ هل تعتقد نفسك تربي القرية ،، أم لن يقدر عليك أحد ،، لن أتركها إفهمها يا ثور؟!
جز حسن على أسنانه متجنب إهانتها وأخبرها بصوت يقدح غل متوعد:
"حسناً أنتِ من إخترت"
عيناه التي تشبه قطعة من الجحيم ووجهه المطل عليها صوره لها عملاق مرعب يكاد يفتك بكليهما..رغم كل المثابرة والثبات والقوة التي كانت تستدعيها في نفسها ،.مرغمة كان يتلبسها بعض الخوف ،، فيعبر عنه جسدها الضئيل فسحفت بركبتيها للوراء وسحبت نجلاء المنكمشة بضعف بين ذراعيها وبهمس عادت لمناجاته:"أين انت أسرع يا تليد أرجوك"
............:::::::::::::::.....::::::::
"اللعنه ،، اللعنه"
هتف بها تليد الذي كان على شفى الجنون ،، إتصل بأصيل مراراً ،، ولم يجد مجيب فعاد للاتصال بخطاب ولا رد أيضاً..
فصرخ بأيمن بإنفلات:"أسرع ،، لم يرد أحد ليمنع غبيتي.."
فإنقبضت يد أيمن على مقود السيارة أكثر وعيناه البائسة تعلن عن النيران التي تملأ جوفه ،، لم يرد بحرف واحد تحمل غضب من يجاوره بصمت قاتل ،، لم يعنيه كل تلك الأعاصير والزوابع التي حدثت من الجميع ولا حتى تلك الإشاعة التي أُطقلت ،، إبتلع ريقه المرير بغصة جرحت حلقه..أخبر نفسه بإصرار:
"إشاعة..مجرد أحاديث كاذبة ،، وستُلقى تبعاتها على طفلته وحدها ،، إنها تعاني من تجبر الجميع بجسدها الهزيل وشخصيتها المهزوزه دون قدرة لها على ردعهم"
أخيراً أوقف السيارة على تبة أمام بيوتهم ،،ترك أيمن المقود من بين يديه سريعاً وكأن شيء ما يتحكم فيه ويقوده بكل ما يفعله..لم يكن تشوش ذهنه وخوفه عليها يمحنه حتى التركيز اللازم..فإندفع جسده من السيارة ويده تحمل عباءته طواعية؟! ركز نحو هدفه الذي يجذم أن متحجر العقل أخذها الي تلك البقعه لا غيرها ،، وتبعه تليد الذي صرخ بعنف في نسيبه بجملة قصيرة ولم يسعفه عقله لإستيعابها:
"تركتها أمانه لديكم ،، إن أصابها ضرر. أنتم المسئولين أمامي"
فأجاب محدثه بهدوء:"بل المقولة الصحيحة عن لسانك ،، كانت أمانة وأعدتها ولا دخل لك بها بعد الأن"
زمجر تليد بوحشية ،، وأغلق الخط وأولى كل إنتباهه لملاحقة أيمن،،،،
........................
بنيتها الضعيفة أمام جبروت تصرفه لم تستطيع مجارته فعبرت عنه بصراخها المستنجد بينما رجفة داخلية جعلت كل جزء منها يهتز بقوة ودموعها تتساقط حينها إنتابها اليأس ،، وشعرت بكرامتها تُهان وهي تتوسّله بالقول:
"حسن أرجوك تعقل ،، إن ما قالته نجلاء كذب ،، أتوسل إليك إسمعني ،، هو من قام بالتعدي عليها رغماً عنها وهدير تشهد لقد رأتها يوم الحادث ورغم كل هذا هي دافعت عن نفسها وو.."
فهدر بها حسن بقسوة عمياء:"لاشأن لكِ بنا أم أنكِ تدافعين عنها لأنها شبيهتك"
تصاعد غضب أثيلة فطغى على جرحها من سهام كلامه وقالت:"قطع لسانك الذي يتهمني ،، و نعم كلتانا تتشابه ،، فالظلم الذي وقع عليّ من أمك قد طال نجلاء أيضاً"
للحظه فقط إهتز جسده ولكن الوميض المخيف الذي إحتل حدقتيه بنيران سوداء سيطر على كل إنفعالاته فجذب نجلاء الواهنة من ذراعيها وسحبها نحو حفرته ،، فزاد تشبث أثيلة بها وعادت لصراخها بإسم تليد لا غيره..نجدتها لطالما كان نجدتها ،، من أول تهور غاضب منها وهو منقذها ،، لينشأ بينهما ذلك الرابط العجيب الذي يرفض أن ينفصل أو تنقطع خيوطه برغم كل ما بينهما كما أدعى هو..رأت بعيناها جسد حسن يُلقى بعيداً عن كلتيهما و تقدم تليد ومد ذراع واحد ليضمها إليه صرخ فيه بهدير باتر قاطع:"حتى غضبك الذي تعانيه الان لن يغفر لك تعديك على إمرأتي"
فخرج صوتها بنبرات متحشرجة حاولت أن تجعله يركز على هدفه:
"لم يقربني دعك مني الأن ،، الأهم تلك المسكينة"
وبنظره واحده بحممه زجرها بالقول:"إخرسي"
فآثرت الصمت وهي تخرج زفرة أخيرة ممتنة وتشبثت بنجلاء أكثر بين ذراعيها..وتراجعت أكثر الى جذعه المنحني لتحتمي به !!
عاد حسن لإنفلاته وإلتقط فأسه قائلا بتوعد حارق:
"خذ إمرأتك وإبن عمك وأغرب عن وجهي ، إنه عارى وسأغسله بيدي ومن يمنعني سألحقه بها"
أغمض تليد عيناه وعقله يطوف بخطه دبلوماسية ليخرج من الموقف دون خسائر ،، فإمتدت يده الاخرى تساعد أثيلة على الوقوف فتشبثت بعناد وبنبرات جافة قالت:
"لن أتركها ،، أبداً ."
فزمجر بها الاخر معترضاً ،، وأفلتها من نجلاء وأوقفها على قدميها مجبرة ولعن في سره وجودها الذي شتت إنتباهه عن حماية الأخرى ،،أزاحها وراء ظهره ومد يده لنجلاء التي يبدو أنها شبه فاقده للوعي فأوقفه أيمن المتصلب قائلا بنبرات ناريه لحسن دون اكتراث لفعلته:"ليس دورك يا تليد ،، نجلاء لن تدخل إلا عبائتي"
وبهدوء عجيب رغم العصبية التي تنبض من عروقه النافرة إقترب منها وسترها بالعباءة ورفعها بإحدى ذراعيه وبيده الحره إمتدت أصابعه المرتعشه ليزيح عنها التراب الذي مُرغت به..فطعنته ملامحها الواهنة المتورمة في صميم فؤاده.
قبل أن يرفع رأسه لحسن قائلا:"تبت يدك ولسانك الأرعن قبل أن تقترب منها ،، ها نحن أمامك إفعل ما يحلو لك وأرنا كيف ستأخذها منا ."
وكالخيل الجامح ،، إقترب حسن معمي البصر والبصيرة ورفع فأسه على جسد نجلاء وحدد هدفه نحو رأسها المستريحة على ذراع أيمن غير مبالي بمن يطوله إعتدائه..
وكانت صرخة مذعورة هي من أفاقته مذهولا..تراجع خطوة واحده و هبط فأسه من يديه على الرمال فإرتطم بالأحجار وأصدر صرير مزعج بالترافق مع صوت إبن عمه المتألم..فغر حسن فمه بذهول ويديه ترتفع ليمسك رأسه وهو يراقب عضد تليد الذي تدفقت منه الدماء تحت قميصه فأغرقته ..
توقف الزمان لحظات طويلة مخيفة و تجمد حسن مكانه لا يقوى على أي ردت فعل ،، يراقب بتشتت جسد نجلاء الذي إنتفض بين ذراعي أيمن كغريق يلفظ أنفاسه الأخيره..بغير إستيعاب منها كانت تدفع أيمن عنها برهبة عبر عنه قولها:
"إبتعد عني لا تلمسني ، الموت أهون على من لمسك لي"
فضمها أيمن المتجمد هو الاخر غير مبالي بها وعيناه تتعلق بتليد وحده ..
إندفعت أثيلة تسمح لرثائها أخيراً وضعفها بالظهور تمتمت بذعر لم ينفصل عنها:
"لقد أصابك يا الهي ،، سأموت معك قل شيئاً لما أنت صامت؟"
فصرخت قبل أن تمتد ذراعه السليمة ليجذبها نحو صدره وهمس لها بإختناق:
"أنا بخير مجرد جرح سطحي من صدي له ،،"
فإرتفعت أناملها التي تكاد تتساقط من بشاعة الحدث حاولت أن تطمئن عليه فأوقفها هو وإبتعد قائلا:"لا تقتربي قفي بعيد ومهما حدث لا تتدخلي"
وكجدارمن الحديد الصلب كان يقف بشموخ ليحجب نجلاء عن أعين حسن وأخبره بصقيع وأنفاس متسارعة:
"أنت وغد آخر عديم الرحمة والإنسانية وأنا من ظننتك مثلنا ،، أخذت بعض كلمات من طفلة مرتعبة حُجة لتُظهر السبع الحامي الذي غسل عاره بيديه ،، وهو لم يتقصى عن الحقيقة بعد"
بكاء نجلاء المتزايد من خلف ظهره وصراخها المرتعب كان يزيد من حدة الموقف بشاعة فوق بشاعة ،، فقال حسن بحدة بركانية:
"نعم عرضي وأطهره لو أحد منكم مكاني وسمع ما قالته (النجسة ) لكنتم قطعتموها إرباً دون تردد أو رحمة كما تتحدث عنها أنت"
فردت أثيلة بتهور فمازال أثر البكاء المتحشرج يتلبسها وبتضامن مع تصلبهم قالت:
"كذبت؟! لم يستطع الاقتراب منها ،، فعل بها ما فعلته أنت..تعدى عليها بكل ما تتخيله ،، ولكنها دافعت عن شرفك المزعوم حد الموت ونجت"
ثلاث عيون مندهشة تعلقت بأثيلة التي كفكفت غلالات دموعها بنزق طفولي تسترسل بالقول:
"يوم الحادث إستنجدت بهدير ،، كما علمت لاحقاً ورفضت الحديث وقتها ،، ولكنها عادت وأخبرت أمها تلك الشنعاء فإتهمتها بالكذب والتمرد على الخطبة ،، وأتت يومها لهدير مرة أخري تطلب منها العون ،، وأخبرتنا الحقيقة كاملة"
عيناه كانت قاتمتين مظلمتين بزيتونيتها التي تفوق زرقتها إشتعالاً..متمرد..ظالم ذلك الشعور المهيب الذي يجعلها تشعر بانكماش فطري من تأثيره عليها..
قطعت الصمت وقالت بجفاء دون أن تحرر نفسها من النظر إليه:
"إن كُنتُم تطالبون بالعدل فلمَ نحن من ندفع الثمن ،، لمَ الضحايا هن دائماً المخطئات في عرفكم؟!! وتتركوا المعتدي الغاشم حر طليق تحت مسمي رجل لا يخطئي"
فرد عليها تليد بخشونة رغم الامتنان الذي مر بعقله لوهلة واحدة من وجودها وتأكيد حقيقة يحتاجوها في هذا الصراع:"لا تجمعي الكل أثيلة ،، البعض منا يحمل العقل ليعود لرشده ،، وينصر المظلوم ،، أياً كانت صفته"
صوت نجلاء الواهن كان يأتيه من خلف ظهره بعدم ثقة..تمالكت نفسها وهي تتبين الوضع فتمسكت بيدي أيمن التي حملتها من أسفل كتفيها برفق يساعدها على النهوض برأس منكس كانت تخبرهم:"لم أرى هذا يا إبن عمي الجميع سارع في حكمه عليّ ،، وأنا لم يكن لدي خيارين أحدهم مر وحنضل .."
صمتت لبرهة تلتقط أنفاسها المتقطعة ترفع عينيها ضعيفة لتنظر لأخيها الذي إنقشعت تلك الخيمة الهوجاء عن عقله رويداً رويداً فتصيبه الحسرة رغم تعنت رأسه الذي مازال يتجبر نطقت أخيرا نجلاء بصوت واهن أجش:
"وما بين إختياري قتلي على يد الحقير إن أتممت زواجي منه ،، وقتلي على يد حسن ،، إخترتك أنت ياحسّن لتطلق على رصاصة الرحمة"
جسدها إنهار أكثر فتشبث بها أيمن مهدئاً بوعد رجل الدماء الحرة تتدفق بين عروقه مباشرة لقلبه المتألم لوعة عليها:"لن يقترب منكِ أحد وأنتِ في حمايتي ،، وأنا من سيزيح عنكِ الظلم"
وكأنها لم تسمعه فعادت تخبر حسن بأنين:"ولكن الموت مرعب يا إبن أبي والنفس غالية ،، كنت أتعشم فيك أن تترفق (بسبية) ألقيتموها بأيديكم لكلب ضال ،، وأعطيتوه المفتاح بأيديكم وأطلقتوه بيننا فنهش في لحمي دون قدرة لي على إيقافه ،، يسلبني مرغمة ما ربيتني عمري على الاحتفاظ بطهره"
حين نظرت إليه مرة أخري كان وجهه يشحب بسرعة البرق فتحول للون أبيض كشبح يظهر في جنح الليل ،، فسارعت هي تهتف بقوة رغم ضعفها:
"وحاولت على قدر ما يستطيع ضعفي ورعبي الذي إشتركتم جميعاً به أن أدافع عن نفسي"
فعلى صوتها بصراخ مردداً صداه بين سفوح الجبل:
"أنا لست ساقطة بل فتاة جيدة دافعت عن نفسها ،، إن كان شرفي يتمثل فقط في عذريتي فأنا شريفة"
إزداد جسدها إنتفاض مع غلالات دموعها التي تتساقط تردد القول:
"أنا حرة يا حسن ،، حرة بمقاييسكم ..حرة رغم عن ذلك الحيوان الذي أطلقته علىّ أمك ،،حرة رغم أنكم جميعاً تركتموه كمرض خبيث يتفشي بيننا ،، فحاول بدناسته يطول كل حرة منا..مثل أثيلة التي ذهب إلي جامعتها وحاول أن يتطاول عليها وأتى يخبرني متفاخر؟!"
وكأن طاقتها نفذت وكأن ما قالته أكثر من تحملها فإنهارت مرة أخري بين يدي أيمن الذي سارع يحمل جسدها الضعيف بين ذراعيه .
أما أثيلة فغرت شفتيها بذهول للحظة ،، و سرعان ما تبدل وجهها بامتقاع فعضت باطن شفتيها ونظرت لتليد الذي إنقلب وجهه للون أحمر خطر فهمست متمتمه:
"بك الخير يا نجلاء أصيلة يا إبنة تهامي ،، بماذا أدعي عليك أكثر مما أنت فيه"
ببطء كان يجلس حسن على ركبتيه بجانب فأسه يتمتم بهوس غير مترابط:
"سأمثل بجثته ،، لن أتركه يعيش ليوم آخر..سأجعله يمر بكل ما مررتي ،، من أخبرك أني سأتركه"
إلتفت إليه تليد الذي إقترب يجذب أثيلة بحدة من مرفقها قائلا بصوت جاف:
"سنفعلها جميعاً هذا ليس ثأرك وحدك ،، نجلاء في بيتي إلي أن تعود لعقلك ،،"
إرتفعت يد حسن مرة أخرى ليمسك رأسه بين يديه ويشد عليها بقسوة يراقب بعينيه مغادرتهم ،، ولم يملك حتى القدرة على الوقوف أو قول كلمة إضافية ..
عيناه تشتعل بوعيد أسود منتقم:"لن أترك الندل ،، وإن كلفني هذا دماء عائلة وليد بأكملها"
كان أيمن يندفع نحو بوابة البيت المفتوحة يحمل نجلاء التي دخلت في نوبة إغماء أخري بين يديه..منع تقدمه زوجة عمه التي..شع الغضب من كل جزء منها وهي تقول بحزن لم يخلي من بين نبراته القوة:
"هل نفذ الفظ تهديده؟!! خيب أملي فيه وأنا من إعتقدت أنه حاميها ،، عند الحاجة"
وإلتفت تطلق صرخة ذعر وهي تراقب جذع إبنها الذي يتمالك بصعوبة نفسه للوقوف على قدميه ،، يدخل من الباب..يتشبث بكف أثيلة التي تجاوره بعيون دامعة تحاول مساندته ...
سريعاً كان يعود بعينيه المحترقة زمجر بالرجل الذي إنحني يمد يده يزيح عبائته عن نجلاء وبدأ في فحصها فتراجع أيمن خطوة وهو يقول بعصبية:
"إبعد يدك عنها"
بهدوء كان يتقدم أصيل منه قائلا:"إهدأ أيمن أريد فحصها ،، حتى تحصل على الدعم اللازم قبل فوات الاوان .."
تدخل تليد يخبر أمه التي مدت يدها تضغط على جرحه بغرض فحصه ،، فتخرج نبراته متألمة قليلاً وهو يقول:"جرح سطحي يا أمي ..إعتني بنجلاء أولاً ..لن يحملها أيمن طوال الليل"
بتردد كانت أمه تنقل عيناها الدامعة بين جرحه وأثيلة التي تقف بجانبه..لا تبدي أي ردت فعل فتخبرها بترجي أفلت من أمومتها:"لا تتركيه ..وأحدكم يتصل بهدير فوراً"
ضحك تليد بتعصب ويده تشتد على يد أثيلة يخبرها:"إذهبي أمي لست طفل أمامك لتوصي عليه النساء"'
رفعت أثيلة وجهها إليه تراقبه بامتعاض وتؤثر الصمت..عقلها مازال محبوس في موقف الرعب الذي قضوه بين أحضان الجبل"
إندفعت أحلام تهتف بأيمن مختصرة:"إتبعني"
فيتبعها الآخر دون أن ينبث بحرف ....
تقدم أصيل منهما..وضع يديه بهدوء بجيبي بنطاله..أسبل جفنيه ليخفي نظرة عيناه الغاضبة عنهما يقول بهدوء رغم الثورة التي توشك على الإندلاع في صدره:
"أخرجي من هنا أثيلة ،، وإنتظريني في السيارة"
كان الألم يتزايد بداخل تليد ويكاد يفترسه ببطء فعبر عنه بالصمت المتشبث بيديها يضغط عليها أكثر وقربها منه رافضاً أن يفلتها ..نظرت أثيلة إلي أخيها بحزن متوسل قبل أن تقول بصوت قوي:"لن أتركه ،،"
فتح أصيل جفنيه بنظرة إستنكار وتحذيرجعل صوتها متردد ومازالت تتوسله بعيناها تطالبه بوعده بمساندتها فقالت مرة أخري:
"أعني لن أترك كليهما إلي أن أطمئن أنهم بخير"
نقل أصيل نظره لتليد الذي بدأ الارهاق والدماء التي يفقدها تنال منه إنتظر منه أي كلمة تجعله يتراجع عن دحر أخته..لكنه لمح نظرة جريحة مترجية بكبرياء رجولي ذكرته بأخري منحها لهدير بوقت ليس ببعيد فصعقته أن يتفهم حاجته دون أن يجعله يتنازل عن كرامته..ودون إنتظار الرد كان يعلم من خلال تمسكه المستميت بها أنه يحتاجها هي دون غيرها؟!فزفر بدخان رمادي ،، وقال بغضب:
"هل يمكن إرشادي لغرفتك لأرى جرحك حتى تأتي هدير و.."
الهتاف المتضامن من كلاهما جعل عيناه تتوسع بحيرة ،، وفمه يسفر عن ضحكة خافتة ساخرة وهو لا يعلم سر قولهم:"لا إلا تلك الغرفة.."
تقدم تليد بصمت وهو يخبر أصيل دون تعبير:
"إتصل بهدير أولاً..فنجلاء الأهم..إهتما بها وبعدها إفعل بي ما تريد"
............................
دخلا إلي إحدى الغرف في الطابق الأرضي ويده لم تفلت يدها التي لم تكن أقل تمسكاً منه..عندما خطى لداخل الغرفة تملصت منه بهدوء أفلتت يدها وتراجعت عن تقدمها وقفت بعيد عنه.. وذرة عقل متبقية فيها تعلن عن وضعهما الذي لا يسمح لها بأن تتبعه إلي الداخل ..فتعبر عنه بالرفض الصامت وتلتزم الحدود من تلقاء نفسها"
ترك يدها مباشرة بصمت والإجهاد لا يسمح له لمجادلتها تقدم نحو منتصف الغرفة ليفك أزرار قميصه بصعوبة فزفر بضيق وهو يستدعيها قائلاً بإجهاد:
"هلا تحركتي وساعدتيني"
رغم اللوعة واللهفة المُطلة من عينيها تعنتت بالرفض وأخبرته:
"بالطبع لا هذا لا يجوز إن آخر حدودي باب الغرفة"
بصلابة تقدم منها وسحب جسدها من أمام الباب بسهولة وأغلقه بعنف يخبرها:
"أنا لن أترجاكِ يا إبنة خطاب ،، ولمعلوماتك إن لم يكن بقائك هنا معي يجوز لما كان وافق أخوكِ على تركك لي"
زمجرة رافضة هي ما عبرت عنها وهي تعقد يديها على صدرها تتمسك بما يمليه عليها العقل..
بهدوء جامد لا حياة فيه كان يتركها تليد دون كلمة إضافية ورفع يده يكمل ما بدأه وأخرج بين حين وآخر زفرة متألمة..إرتخت ذراعي أثيلة ببطئ وقلبها القلق يتحكم بها فإقتربت منه سريعاً تخبره بخفوت:"يجوز أو لا سأعتبر نفسي طبيبة وأساعدك"
شقت شفتيه إبتسامة غريبة قبل أن يقول:"حل جيد من جانبك.."
حررته من قميصه وهي تشهق بعنف من أثر الدماء التي تغطي جذعة العضلي .. فتركته وذهبت سريعاً إلى الخزانة فتحتها بتخبط إلي أن وجدت ضالتها فسحبت محرمة كبيرة قبل أن تعود إليه تتوجه إلي مصدر الدماء مباشرة وتكتمها بكل قوتها فتخبره بجفاء رغم نبضات قلبها المتسارع:"ما الذي جعلك تقف في وجهه ،هل تلبسك الغباء لتقف في وجه هذا الثور"
سحب تليد نفس متعب..وهو يكاد يترنح في وقفته فدفع بيده السليمة أثيلة نحو الفراش الذي خلفها فوقعت جالسة عليه..حاولت التملص منه لتخبره بغضب معترض:
"هل جننت ما الذي تفعله؟؟ فما قام بفعله جعلها تبتلع باقي حروفها بصمت..
بهدوء غير مكترث بها كان يمد ذراعه يمسكها من خَصرها يساوي جلستها ويميل برأسه يريحها على بطنها ويسمح لباقي جسده بأن ينهار متمددا على الفراش ورفع ذراعه المصابة رغم ألمه فأطبق عليها محتضنها بكلا ذراعيه..لم تقوي على نطق كلمة وحاجته التي تنبض من كل جزء فيه تعبر عنهما..تراجعت أثيلة لتستند برأسها للخلف..وعقلها يغرق في دوامة مرغمة وكأنها سمكة صغيرة جرفها تيار وسط أمواج البحر فألقي بها على شاطئ دون أن يمهلها فرصة أخري للنجاه..رؤية حسن وهو يوجه السلاح الحاد إليه..جعلتها تفقد دقات قلبها للحظات مرعبة ،، رؤيته يعاني ،، كانت أكبرمن تحملها قلبت كيانها بطوفان من الشوق ،، والحنين إلي ذراعيه..
شهقت باكية وهي تنحني إلي جسده المسجي بين ذراعيها تهتف بانفعال:"تباً لك ،، وتباً لغبائي الذي يجعلني أسلم لطغيان وجودك كل مرة ..أريد أن أكرهك تليد؟!"
لم يرفع رأسه عنها ولم يكلف نفسه عناء أن يجاريها إكتفي بأن غمغم بصوت مرهق من وسط دوامته:"كاذبة ،، أنتِ لن تكرهيني يوماً وتلك هي معاناتك الداخلية يا بحرية"
................/..........//.....//،......
مازالت يدها تندس بين ركبتيها وجذعه الممدد عليها تضغط جرحه بإصرار يمنعه من تدفق الدماء..مر بعض الوقت الذي مر عليها كأنه دهر ..قبل أن يفتح باب الغرفة أخيراً أصيل بتردد فطل عليها راقب إرتباكها الواضح والخجل الذي لون وجهها وعيناها تشرد بعيد عنه..تجنب أصيل إحراجها أكثر وهو يضع شنطة أدواته الطبية على منضدة جانبية يخبرها بعملية:"كيف هو الان"
بخفوت ردت:"لا اعرف..كما تري سكن جسده فجأة وغرق في النوم"
إقترب أصيل منه وهو يحرك جسده بهدوء يخبرها:
"لا أعتقد ،، أنه إستسلم للنوم..والان ساعديني أحتاج معاينته"
تمتمت أثيلة بكلمات غير مفهومة..وهي تساعد أصيل برفق ،، فسرها لصعوبة الموقف عليها..بمهارة كان يلتقط أصيل أدواته سريعاً ..مسح الدماء جيداً من حول الجرح وأخبر أثيلة التي تراقبه بضيق..
فيقول أصيل ببساطة:"الجرح ليس عميق ،، فقط أربع غرز..وننتهي من الامر..فقط تكمن خطورته في الدماء التي فقدها وتلوث الأداء بالطبع"
تحركت أثيلة من موضعها..تهمس بإختناق:
"أعتقد أنه فقد الكثير منها ربما يجب أن يذهب لمشفي"
إلتفت لها أصيل مبتسماً..وهو يقول:"قلبك ضعيف نحوه يا إبنة أبي"
فزمجرت بنزق:"أخبرتك أن تتحشم قليلاً لا أحبذ المزاح بهذا الشكل"
هز أصيل رأسه يأساً ،.وهو يعود بنظره اليه..ثم ما لبث أن قال:"لم يفقد الكثير من الدماء ،، ربما حساسية مكان الضربة كانت خطرة قليلاً..فأوضحت لكِ هذا..فالحمد الله..أنه لم تطل أحد شراينه"
عاد أصيل يقول لوجه تليد الذي ينعقد حاجبيه بألم قليلاً:"أعرف أنك إستفقت منذ أن بدأت في تفحص جرحك..ولكن أريد أن أخبرك أني سأقوم بتقطيب الجرح الان سأستخدم بنج موضعي ولكنك ستحصل على بعض الالم"
لم يرد عليه تليد مباشرة ورفع يده يغطي بها عيناه ،،.ثم قال بعد لحظات:
"كيف حال نجلاء..وما مقدار الضرر الذي تعرضت ،،له"
كان أصيل يرش البنج مكان الجرح دون إنتظار إجابة منه وأخبره بهدوء:
"بخير..بعض الرضوض والكدمات..وكسر إحدى يديها..هدير تهتم بباقي فحصها الان لا تقلق ،، وإهتم بنفسك"
ساد الصمت مجدداً وأصيل يعتني به..كانت أثيلة تدير وجهها بعيد عن كليهما غير قادرة على رؤية ما يحدث..لدقائق طويلة كانت تحبس أنفاسها تحاول أن تداري ذلك الألم الذي ينبض من كل جزء فيها لوعة ولهفة ...إلي أن سمعت صوت أصيل يخبره:
"لقد إنتهيت سأترك لك بعض المضادات الحيوية..يجب أن لا تهمل بها..حتى تستطيع الوقوف على قدميك"
شد أصيل على كتفه بمؤازرة يخبره:"أعلم ،، ما ينتظرك..من الناس وأعمامك ولكني أكيد أنك لها..ولن تترك ضحية أخرى لهم..ولكن إهتم بنفسك أولاً"
أومأ له تليد بصمت دون أن يزيح يده عن عينيه..
أتاه صوت أصيل المنصرف يخبر أثيلة بهدوء:
"هيا أثيلة لقد أطمننتي على الاثنين وأصبحا بخير"
لم ترد أثيلة على الفور بل..ظلت تنظر له طويلاً..قبل أن تهز كتفيها لتقول بخفوت وجدية:"أخبرتك ،، أني لن أتركه يا أصيل"
ساد الصمت المتوتر قبل أن يقول أصيل بصوت جامد ..كالهدوء الذي يسبق العاصفة:"أنا لا أناقشك .. تحركي"
تراجعت أثيلة خطوة عنه برفض وهي تنظر بعينيها لتليد الذي هدر من ورائه يستقيم فجأه فتحمل ملامحه الالم من حركته:"إلي أين..أنا لم أسمح لها بالمغادرة"
إلتفت له أصيل برأسه يسأله بسكون جزئي:
"عفواً تليد..وبأي صفه تسمح لها أو تعترض لقد أبقيتها معك إجابة لتوسلها هي .. ولأنها مازالت في العدة الشرعية..ولكن أكثر من هذا لن أسمح به"
أظلمت عيناه بالألم قبل أن يقول منهياً الموضوع الذي لن تسمح له حالته بالجدال فيه:
"إتصل على والدك..وأخبره أنها معي..وسيخبرك أنه الشيء الوحيد الصحيح..وسط كل ما يحدث"
هتف أصيل بحدة:"ما الذي يعنيه هذا..أترك التلاعب بالكلام وأخبرني..مباشرة"
زفر تليد نفس ملتهب كالنار قبل أن يقول بتوتر:"فقط إتصل على والدك أنا لن أضرها إن لم يكن وجودها معي شرعي تماماً"
أجفل أصيل وإنحسر غضبه فجأه..وملامحه تزيد جمود..وهو يدرك معني حديثه..فتحرك ببعض العنف متوجهاً الي الخارج قبل أن يلتفت لأثيلة التي تقف متحيرة ومازال وجهها المحمر يعبر عن خجلها المرافق لخوفها عليه..ثم قال بصوت غريب:"أبقي معه ،، ولا داعي لتوترك وخجلك فسيادة الكاتب بالنهاية زوجك"
ألقي جملته وإندفع الي الخارج. أغلق الباب خلفه بعنف..
لم تفهم حقيقة ما يجري أو ترفض أن تستوعبه..فأسبلت جفناها وهي تتنهد بنفاذ صبر قائلة:"هل مسموح لي أن أفهم ما يحدث هنا"
ألقي تليد بنفسه على الفراش مرة أخري يتأوه بألم فمنحها نظرة أخيرة غامضة مجهدة لا تعبر عن النيران الخطرة التي يحجبها عنها..قبل أن يضع يده على عينيه..وغرق في النوم ..أو دخل في غيبوبة إرادية لا تعلم تماماً
..............
كان أصيل يقف في غرفة هدير القديمة..يدور حول نفسه بغضب وهو يهتف بقوة يحدث والده عبر الهاتف:"ها أنت تفعلها مرة أخري يا أبي تسلم له مرة أخري"
فقاطعه خطاب بالقول المتزن:
"أخبرتك يا أصيل أنه فاجأني..بإستخدام حقة الشرعي"
بغيظ كان يقول أصيل مستنكر:
"حقه الشرعي !!أي حق هذا بعد أن فرط بها .. أنا مازلت أرفض الامر ومثلما هي تحملت جانبها من ما حدث..يجب أن يحصل هو على نصيبه"
بهدوء كان يقول خطاب:"حكم عقلك الذي عاد إليك أخيراً يا أصيل فخطئه في حقها لا يقارن بخطأ أختك.."
تشنجت عضلات أصيل وهو يقول بجفاف:
"أنت تجد المبررات له..عقدت صفقتك معه دون أن تشركني في الامر أو تخبرها هي"
قال خطاب مهدئاً:
"نظرتي فيه لم تتغير ..كان عوني لثلاث أعوام معاها؟! فهل تتعقل أنت قليلاً وتأتي إلي هنا..وسأخبرك كل ما تريده"
رفع أصيل رأسه ينظر لهدير الواقفة تحاول أن تداري إرتباكها من حدة الموقف..ثم قال بحزم:
"أنا كنت سأغادر على كل حال..إنتظرني"
تمتم بسلام قبل أن يغلق الخط..أغلق أصيل عينيه بقوة كابحاً رعدة غضب كادت أن تهدد بدفعه ليتوجه إليهما مرة أخري وينتزع أثيلة مرغمة ويضرب تليد حتى تتلاشي ملامحه ..
إبتلعت هدير ريقها بتوتر وهي تقول:"كيف علمت بما حدث معهم وأتيت إلي هنا"
تصلب فك أصيل وهو يخبرها بإقتضاب:"كان لدي جراحة في المستشفي الجامعي وعدما خرجت وجدت أكثر من خمسين إتصال ورسالة من أخوك..يخبرني بتهور أثيلة وما حدث بإختصار"
بالطبع أتيت الي هنا مباشرة..وقبل أن ألحق بهم كانوا قد عادوا..والباقي أنتِ تعرفيه"
إنحنى أصيل يلملم أغراضه وقال بصوت مكتوم:
"أنا سأغادر الان إنتهى دوري..وأنتِ إبقي مع إبنة عمك وإهتمي بها"
أوقفته هدير سريعاً وهي تشبك يديها في يديه..فأدركت خطأها للحظة عندما أحست بأصابعه تتشنج..كادت أن تبتعد عنه إلاأانه تشبث بها بقوة وهو يسحبها إليه..فرفعت عيناها إليه بقلة حيله فصارع هو نفسه ليرسم إبتسامة خرجت مرهقة من بين أفكاره قبل أن يميل يقبل جبهتها قائلاً:
"تذكري دائماً ..أن ما يحدث ليس خطأنا ،،،لنعاقب أنفسنا عليه"
إرتعشت شفتي هدير وهي تلقي برأسها على صدره تخبره بحنق وهي تدب على صدره بقبضتها:"قل لنفسك أولاً .. ثم تذكر . أنه أخي"
أبعدها عنه يخبرها بهمس خافت:
"أعرف ،، وتذكري أنتِ أيضاً أنها صغيرتي التي عادت إليّ ،، بعد جرحه لها وأنا وعدتها بالحماية"
لم ترد هدير مرة أخري إذ تُدرك جيداً حقه في رفضه لما يحدث من تليد..ولكنها لا تملك الاعتراض إذا رأت صورتهم معاً من زاوية أخري..لا يدركها أصيل بعد ..لم يستطع أن يستوعب..أنه كما سمعت أخوها مرة في الماضي يردد:"أن علاقته بأثيلة لا تخضع للمنطق..أو حتى معايير"
أخرجت هدير زفرة متعبة مرهقة..وهي تراقب خروج أصيل من المنزل مغادراً..لتعود تتذكر مصيبتهم الأخري وإبنة عمها فتتحرك ببطئ وقدميها تكاد تحملها حمل متوجهة إليها ..
....................
فتحت أثيلة عيناها مرة واحدة تحاول أن تتبين من ظلام الغرفة تلك الأنفاس النارية التي تلفح بشرتها ..
حاولت أن تنهض من مكان نومتها..فشدد ذراعه حول خَصرها يجذبها لمنتصف الفراش ..فخرجت شهقة مستنكرة قائله:"ما الذي تفعله..أتركني"
قاطعها قائلاً بغموض:"أنتِ مازلتي هنا..وتمددتي على فراشي دون طلب مني"
إحمر وجهها وهي تقول مدافعة:
"كنت قلقة عليك..ويبدو أني دخلت في غفوة دون أن أدرك عندما جلست على طرف السرير"
عينيه بحممها المشتعلة التي يلفها الغموض كانت تزيد من توترها .. صدمة ذلك الجحيم المستعر في صدره وهو يتذكر عبارة نجلاء الحقيقة التي لم تنكرها إمرأته..حقير آخر حاول أن يضره فيها ..تطاول عليها وإن كان يعلم جيداً أن معذبته لن تسمح بأي تقارب مع أي مسمي رجل نبراته خرجت جافه تلبستها بعض الوحشية وهو يقول:
"أريد أن أعلم كل شيء خبئتيه عني وما هي أسبابك..لما لم تخبريني بتطاول هذا الحقير عليك"
تحركت لترفع نفسها..أرغمها على التمدد مجدداً..وليزيد من توترها صدمها بتثبيتها بجذعه الذي علاها هذه المرة ..توسعت عيناها بصدمة..وكالعاده أطلق تحذير صامت غامض متعجلة بإجابته..فقالت بجفاء:
"هل هذا تحقيق..هل أنا أصبحت محل تشكيك وإتهام؟!"
زفر بضيق وهو يجز على أسنانه قائلاً:"لا تلفي وتدوري..وأخبريني مباشرة"
لمعت عيناها التي تناظر عينيه دون تنازل وهي تخبره بكبرياء جاف:
"أنت تتعامل معي كطفلة..لم تتحرر بعد من رؤيتك لي كمراهقة لا تجيد التصرف..بعيد عن حمايتك"
فحذرها هذه المرة هادراً بغضب:"أريد إجابة صريحة..وليس تحليل مشاعري تجاهك"
لوقت طويل ذلك الشُعَاع الغاضب المتبادل كان يسيطر على كليهما..
فأخبرته بنزق متباسطة:"كان لمرتين لا أكثر أتي يخبرني بصلته بك..ويدعي أنه يريد صداقة معي فإكتفيت بصده وتهديده بك ...ولم اخبرك لأني نسيت ولم أضع للأمر إهتمام.."
صمتت لبرهه ثم رقت نبراتها وهي تقول بهمس:
"لقد أتي في وقت كنت أعاني من حربي الخاصة..في تقبل مشاعرك وعلاقتناً التي تبدلت فجأة..ووسط كل صراعتنا المتلاحقة..شُطب أمره من عقلي تماماً"
ربما الفعل الصحيح الذي قامت به ولا يستطع لومها كان يدرك بداخله..أن تلك المادة الخام من مبادئ وقيم غرسوها فيها عائلتها وقام هو من بعد بصقلها..جيداً..تجعله لا يخاف عليها أبداً من أي قذر يحاول أن يقترب منها..ولكن رغم هذا لم يستطع منع غضبه الذي تصاعد..نحوها نحوه ونحو كل الظروف الذي تجعلهم يعانون بتخبط"
حاولت هي إزاحته مرة أخري لتخبره بسخط:"ها قد علمت ما تريده..إبتعد عني من فضلك..هذا لا يجوز"
بإنفعال كان يخبرها:"ترددين عدم حقي فيك كثيراً وأنتِ كلك حقي"
بإهتياج رافض كان يتصلب كل جسدها وهي تبعده عنها بعنف هاتفة:"أنا لست ملك لأحد ،حرة نفسي هل تفهم ."
تأوه متألماً ويدها دون قصد تخبط جرحه الحي"
فيعود قلبها يدق بعنف تغلِّفه اللهفة وهي تخبره:"أسفه لم أقصد..هل أصبتك بالضرر"
أبعد يدها عن جرحه وهو يخبرها بصرامة متحدية متجنب ألمه:"أنا أعدتك لعصمتي وملك يميني"
تبدد كل خوفها عليه في لحظة وصدرها يعلو ويهبط بأنفاس متسارعة تخبره بجنون منفلت سرعان ما تحول لنشيج عالِ:"تباً لك ..تباً لك..هل تراني لعبة بيديك..مرة تلقيني رغم توسلي إليك..وبلحظة تعيدني من تلقاء نفسك أنا أرفض الرجوع إليك"
قاطعها بصوت كالهدير:
"الكون لا يسير وفق ما تريديه مدللتي ..لقد راعيت ما تريديه لوقت طويل ..ولم أحصل على نتيجة..فلتجربي إذاً ما أفرضه عليكِ ..لتكتمل في عقلك صورة الضحية التي كنتِ تعيشين فيها لسنوات"
شحب وجهها حتى تحول للوحة من الرخام لتخبره بتوجع:"إذاً أنت تعيدني..فقط لتفرض نظرية ما..ألم تخبرني أن أرحل لألملم جروحي وحدي .."
إنتفضت عضلة في جانب وجهه وهو يسألها متصلباً:"هل آلمك رحيلي عنكِ أثيلة..هل قتلتي في الليلة ألف مرة وأنتِ تتلفتي حولك تبحثي عن طيفي وبعض من بقايا عطري"
توترت أكثر وحدقتيها تهتز بوضوح..ودمعه في عيناها تبرق وهي تخبره معترفة:"نعم جداً كل ليلة أضم نفسي لنفسي لعلي..أدفء برد روحي..ولكني أفشل وأنا أبحث عن ذراعيك أنت أو حتى نظرة دافئة تمنحها لي من البعيد..تطمئني أن كل شيء سيكون بخير"
وسرعان ما تبدل صوتها وهي تخبره بجفاء متصنع:
"ولكني لن أغفر لك لن أسامحك..أبداً"
النظرة المتعاطفة بتفهم المطلة من عينيه جعلتها تصمت تماماً..ساد الهدوء مرة واحدة لوقت طويل قبل أن يمد إحدي يديه يحررها من ذلك الحجاب الذي مازال يغطي منتصف شعرها..بهدوء كانت أنامله تلحق شعرها المحمر بنعومته ينثره على الوسادة..إرتجف جسدها لفعلته التي كثيراً ما كان يكررها..في ذكرياتهم السعيدة الذي قضوها هنا..قطع الصمت أخيراً وهو ينظر إليها بعينين عاصفة وشعور قاتم بالأسى يحتل روحه فهمس لها بأنفاس تخرج ببطئ رغم ناريتها ،، أصابعه إمتدت تتقبض على خصلات شعرها الملتوي:
"لما أنتِ؟؟ لم الجميع يريد أذيتي فيكِ؟؟أتراهم جميعاً إكتشفوا ضعفي بك الذي لم تشعري به يا غبية"
إرتبكت وإهتزت حدقتيها وهي تنظر إلي وجهه المطل عليها عجزت أن تجد إجابة فرفعت ذراعيها المرتعشة وإحتضنت جذعة بشوقها الذي كاد يكون مستعراً..إنصاعت للقلب وأخرست العقل الذي يأمرها بصده،،. فربتت على ظهره بكفيها كأنها تراضيه تصبره على وجعه فيها ،، وما إكتشفه من غدر تباعاً
كانت كمغيبة عن الوعي ووجهه ينخفض مرة واحدة شفتيه تلاحق ذلك النابض في عنقها مروراً بجيدها ثم يرتفع وجهه مرة واحدة ونظر لها بأنفاس متلاحقة..سرعان ما كانت ترفع وجهها إليه وشفتيها تقابل شفتيه في المنتصف..ضمها أكثر إليه ويدها هي ترتفع تنغرس في شعره الكثيف..فتأخذهم قبلتهم المحمومة بشوق في دوامة أخرى عاصفة تلقيهم بين موج هائج من المشاعر المتلهفة..جسد كل منهما يتفاعل لا إرادياً وكأنهما لا يملكان سلطة أمام تخمة إشتياقهما لبعضهما..
حررت شفتيها منه..تخبره بتردد واهي:"جرحك"
فرد بنارية ويده تمتد نحو قميصها الحريري:"أحتاجك..أنتِ علاجي"
وبدون كلمة إضافيه كان جسدها كله يسترخي مستسلمة لتيار لهفته..شفتيها تعود تقبل فكه وعنقه مروراً بقبلتها الحميمية التي تخصها وحدها..فتطبعها على قلبه مباشرة ومن وسط دوامتها..وحصونها الكاملة التي إجتاحها برضاها كانت تستوعب أنهم لم يتبادلا كلمة واحدة بل الصمت هو ما كان يغلف أفعالهم مقيدين بحدة مشاعرهم..لتعبر عن كل الحنين الذي يملأ قلوبهم ..لوقت طويل جداً ....
...............
لم تنم..منذ أن إنتهي صخب مشاعرهم..وهو إكتفى أن سحبها إليه..يهدئ الانتفاضة التي تمكنت من كل عضلة فيها..لم يتفوه بحرف واحد ولا هي كأنهم أصابهم خرس..توسدت صدره ربما لساعتين أو أكثر وهو غط في نوم عميق ووجهه تعلوه الراحة..تلوم نفسها بعجز يتخلله الخوف رغماً عنها..ما الذي أقدمت عليه كيف سلمت لشوقها النازف وهي قد أخذت قرارها بعدم الرجوع إليه الا بعد أن تجد نفسها كما أملت ..بسهولة هكذا تنسي ما كان إهانته لها بالطرد مرتين من حياته؟' وإن وافقت..هل تضمن ردت فعله هو إن إستيقظ ..ألن يطردها مرة أخري..إبتلعت ريقها بمرارة وهي تحرر نفسها ببطئ من بين ذراعيه تؤكد لنفسها بأسي:
"سيفعل وأنتِ من تمنحيه صك إمتلاكك مرة وراء مرة ..الفرصة لإهانتك والتحكم فيكِ"
تسللت من الفراش تلتقط ملابسها بهدوء ترتديها برتابة ..لم تستطع أن تلتفت إليه مرة أخري وهي تفتح باب الغرفة مغادرة..تهمس لنفسها بإصرار وتتجنب كل تمزق لمشاعرها:
"ندمت أم لا حدث ما حدث وإنتهينا..كان سيطردني أو يحتفظ بي فليعتبره درس قاسي..أعلن فيه عن رفضي لتحكمه بي..طردني مرة وها أنا أرد له الصاع صاعين"
لم تعلم كيف قطعت الطريق بين بيتهم في الضفة الشرقية..حتى وصلت لبيوتهم في الجانب البحري..عيناها تشع بإصرار غير نادم تتمسك بقوتها..في خوض إختيارها بنفسها ..توقفت للحظات تلتقط أنفاسها . تلتفت لمصرف المياه الكبير..الذي تجري فيه المياه نحو الأراضي الخضراء .. فتبرق زرقة عيناها..بعاصفة ثورية مماثلة لكل ما يعتمل فيها ترتفع زرقتها الهائجة..فيسجل عقلها نور الشمس الذي ينبعث من خلف الجبال الشامخة..فينشر أشعة النورويبدد ظلمات الفجر الذي طال فتهمس هي:"كل شيء يرحل ..نودعه بحلوه ومره..فمتي يبعث النور بداخلنا جميعاً..وننبذ ذلك الظلم الذي يقيدنا..ويجد له ألف مبرر وحجه"
علا همسها قليلاً..فسمحت لدمعاتها بأن تتحرر من مقلتيها فتقول:
"متي أستطيع فرد جناحي دون خوف؟؟ متي أكسر قيدي؟"
"ألم تكتفي بعد يا قرة عين أبيك..لقد كسرتي جميع القيود..وفقط تحتاجين الارتكاز والتروي..تقفي بعيد وتنظري لنفسك..وأنتِ ستجدي كل إجابتك"
إلتفت أثيلة بهدوء تسمح لضعفها أمامه بالظهور فأخبرته:
"مازلت أشعر بقيودي أبي..مازال وجعي ينبض بداخلي"
فإقترب خطاب منها خطوة أخري يخبرها بهيبه:"قيودك وهمية تخدعين نفسك بها"
فتغص وهي تخبره:"أريد أن أملك أمري بيدي.."
تكللت ملامح خطاب بالحزن المتعاطف قبل أن يخبرها:
"ربما ترفضين العادات..ولكنك لن تستطيعي رفض أمر الدين أثيلة..أنا مالك أمرك ومن بعدي هو"
تحشرج صوتها وهي تتبين معنى كلماته المبطنة فأخبرته مقرة:
"أنت تعلم أنه ردني إليه"
بهدوء كان يقول:"نعم من قبل ذهابك للعاصمة..إتصل بي يسألني عن شأن يخص عائلته..فتطرقت أطالبه أن ينهي أمرك ويرسل ورقة طلاقك..ففاجأني بعد جدال دار بيننا بقوله..الحاسم أنه ردك إلي عصمته"
أسبلت جفنيها وغلالات دموعها تتساقط وراء بعضها تهز رأسها متهكمة:
"وأنت كالعادة..لم تكلف نفسك بإخباري"
إقترب خطاب أكثر يمسك وجهها ويرفعه إليه يخبرها مقراً:
"كنت أعلم برفضك للأمر..ربما أنا أثق به..ولم تتغير نظرتي نحوه..ولكن بالتأكيد يا قلب أبيك لن أناصره عليك..كنت أحتاج للوقت فقط..ولم أعمل حسابك لعلمك بتلك الطريقة"
فتحت عيناها فنخرت صدره تلك النظرة الجريحة منها..ثم قالت:"لما تقف هنا؟"
برزانة كان يجيبها:"كنت أنتظرك"
إبتسمت بألم وهو تقول غير مستعجبة:"كنت..تتوقع قدومي"
إبتسم خطاب لوجهها وهو يقول مستسلم:"أنا أعلم بك من بين الجميع..وكنت أعرف جيداً أنكِ لن تتقبلي العودة إليه بتلك السهولة"
ساد الصمت الثقيل بينهم مرة أخري قبل أن تخبره ساخرة من نفسها:
"أنت تلتف حول الجملة التي تحرق لسانك لإخباري"
رفع خطاب حاجبيه مستعجب ..لتردف هي بلسانها المنفلت:
"القول الصحيح..أنك متأكد أني لن أستر وسأعود إليك كالعادة"
إبتسم خطاب بوقار وهو يقول:
"وقد عدتي..ولن أكذب عليك..إن هذا يسعدني قليلاً"
الحاجة إلى وقت من الهدوء معه بالذات كانت تمزق أعماقها..فعبرت عنها وهي تقول بنبرات مختنقة:"هل ضممتني في عبائتك أبي..أنا إشتقت إليها وتُهت عندما نبذت منها"
خفق قلب خطاب وهو يقطع تلك المسافه القصيرة بينهم يفتح عباءته ويضمها إليه بقوة يخبرها بحزم يغلّفه الحنان:
"دائماً وأبداً كانت مرتع طفولتك وصباك..وستجديها..يا قرة عيني .مفتوحه لك دائما وأبداً..ولن يمنعك عنها إلا موتي"
تهدج صوتها وهي تتشبث بصدره تخبره:"أطال الله عمرك وحفظك دائماً لنا أبي..رغم كل غضبي منك..ولكني كنت أعلم انك مهما لفظتني أو لفظتك..سأعود لأجد ذراعيك وطن مرحباً..متقبلني بكل عيوبي"
........................../.
منذ ساعة أو أكثر تتدثر في فراش وتين..بعد أن حصلت على حمام ساخن تنفض به أثار الليلة الماضية..شعرت بالهدوء الجزئي والرضى التام عن جميع قراراتها..حتى حضن أبيها الذي حصلت عليه بعد طول غياب..جعلها تشعر ببعض السكون والسلام الداخلي..رنين هاتفها المزعج..كان يفيقها من أفكارها..بدون أن ترى المتصل كانت تعلم أنه هو صوته أتي غاضب مكتوم وهو يقول:"أين أنتِ؟"
أغمضت أثيلة عيناها بقوة وهو تقول بهدوء مستفز:"في منزل أبي..أتيت عندك لمهمة محددة وإنتهت..ولم يعد شيء ليبقيني"
بغيظ ساخر كان يجلدها:"وهل كان من بين مهمتك ما تبادلناه..برضاكي التام وإشتعالك الذي كان يفوق إشتعالي"
تلعثمت بالخجل وهي تقول مرتبكة:
"لا تربط الأمور ببعضها من فضلك تليد..ما حدث كان..كان لحظة جنون أو تعاطف مع حالتك..ربما شوقي إليك الذي لم أنكره..أي شيء إلا موافقتي..على إهانتك المكررة لي"
جز على أسنانه وهو يهدر بعنف:"أنتِ غبية غبية..تضيعي مني ومنك الفرصة تلو الأخري..ترفضي قشة واهية تمسكت بها أنا لتكون سبب للرجوع..وبدل أن تصلحي من نفسك..تسارعي للغدر مرة أخري"
إعتدلت أثيلة من الفراش بعنف وهي تخبره صارخة:
"أنا لم أغدر بك أبداً ..وإن لم تصلح نفسك قبلي..فلا أمل بيننا"
أنفاسه كانت تأتيها على الطرف الآخر عنيفة متسارعة قبل أن تردف هي بغيرة منفلته:
"أنا لن أسامحك يا تليد..كل ما فعلته من إهانتي وتركك لي (كوم ) ورد دينا على الهاتف ومجاورتها إياك أمر آخر..لن أنسي نظرة الاذراء في عينيها..أنت أخبرتها بكل ما دار بيننا صحيح؟!"
عقد تليد حاجبيه للحظات قبل أن يخبرها بنبره خطرة:
"هل تعتقدين أني أجعلك مادة دسمة للحديث مع إمرأة أخري والشماتة بك"
بتهور مشتعل كانت تقول:
"نعم وإلا من أين علمت..لقد كانت تجاورك بينما أنا أخوض الأمر وحدي أمام الصحفيين..كنت تسمح لها بمساندتك بينما تطردني أنا وتأمرني بالرحيل"
وتأتي الان تخبرني أني غبيه لم أتمسك بفرصتي معك..إن كانت تلك الفرصة تعني التنازل عن كرامتي فأنا لا أريدها..إرحل تليد وإذهب لدينتك"
وكأن جبل من جليد أصابه وهو يسألها بجمود:
"دينتي ،، هل هذا إعتقادك؟؟"
فتجيبه باندفاع مقتضب:"نعم..دينتك"
فرد بذات الجمود البارد:"حسناً أثيلة سأعمل بنصيحتك."
توسعت عيناها وهي تدرك فعلتها أخيراً لتخبره بتوجس:
"أي نصيحة ماذا تعني..أنا كنت"
فقاطعها بنبرات متجمدة حادة قائلاً:
"كنتِ أم لا تذكري أنكِ من إخترتِ..أتمني لكِ السعادة بنصرك..عندما تسمعين خبر زواجي من دينا أو غيرها"
...

انتهى قراءة سعيدة

عادات خادعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن