الفصل التاسع عشر
بعد مرور أسبوعان مازالت تشعربالبرد لفقدان الروح والقلب بدقاته والذي لن تسترجعهم ممن قتلها سابقاً ولاحقاً
..منذ أن أفاقت من صدمتها وإستوعبت وضعها الجديد..وهي بحالة جمود تام خواء وفراغ هو ما تشعر به..عقلها يدور بأفكارها يحلل كل ماضيها كل ذكري جمعتهم سوياً منذ أن إرتبطت به..وعوده التي أطلقها يوماً بالحماية والانتماء إليه وبعدم تركها أبداً..غدر!! نعم إن كل ما تشعر به هو الغدر والخيانة التي إتهمها هو بها..ولكنه وحده من خان وعوده التي تشدق يوماً أنه أبداً لا يخلفها..لمعت دموع وبرقت في حدقتيها المتجمدة مثلها..فأسبلت أهدابها بإصرار لن تبكي. مرة أخرى ولن تضعف يجب أن تلملم روحها لقد قالتها له يوماً وهو لم يصدق (لا شيء يدوم إلى الابد فأهلها قد تخلو عنها يوماً فلما لا يفعلها هو؟! وقد فعل أخيراً وحقق أخطر هواجسها..)
إعتدلت من تمددها وضمت ركبتيها إلى صدرها وعانقتها بذراعيها تحدق في نقطة مفرغة أمامها بشرود..تتذكر لمحات من محاولات أهلها لإخراجها من صدمتها وخرسها الذي وضعت نفسها به وإلتزامها الصمت وإصرار أصيل أن يتركوها لشأنها قليلا..تذكرت وجه نعمة الباكي وهي تقترب منها بتردد تنعي حالها وطلاقها؟! غير مراعية لوجع قلبها فتنهرها عمتها الحنون كعادتها في محاولة واهية لحمايتها من النزيف القاتل لقلبها. تذكرت لمحات من ضم نعمة لها بين ذراعيها وبين أحضانها التي لم تشعرها سابقاً بأهميتها لديها..فلا تبادلها هي غير الجمود والشعور بالخواء القاتل .،،
أطلقت تاؤه مكتوم ودمعة وحيدة حزينة تسيل على خدها تذكرت فاطمة التي تتسلل كل ليلة تضمها بين ذراعيها تربت على ظهرها بحنان وشفقة تبكيها وتنعي حظها الذي يشابه حالها؟!
إفتقدت ضم فاطمة إليها ضمتها بحنان ولهفة تُذكرها بتواصلهم القديم حين كان كل عالمها الصغير وحدود معرفتها يتمحور حول فاطمة وحدها..لكم تمنت أن تحرر يديها الساكنة وتبادلها العناق بعناق أشد لهفه..ولكنها لم تستطع؟'
ربما الوحيد الذي بكت على صدره بإنهيار أفاقها قليلاً من حالة التبلد التي إنتابتها هو خطاب..لا تعلم ما الذي حدث عندما أتي يضمها رغماً عن أنفها وهمس لها بوعد لأن يُمحو الحزن عنها ،. أخبرها أنها مازالت قرة عينه ولن يتخلي عنها مرة أخرى سيصلح أخطائه في حقها..ورغم عدم معاتبتهم حتى اللحظه محاوطتهم الدائمة إحترام صمتها...؟!
"مشاغبتي أفاقت..أخيراً"
رفعت عيناها الباهتة تنظر لوجه أصيل الذي يطل عليها من الباب لم تهتم بالرد كعادتها تعلم أنه يحاول أن يخفف عنها يحاول أن يذكرها بمرحهم القديم ..تقدم أصيل بتعب وحزن من جمودها الذي مازالت تتمسك به..راقبته وهو يخلع معطفه ووضعه جانباً وأخبرها:
"يوم عمل كان مرهقاً وطويلاً..آسف تأخرت عليكِ قليلاً"
هزت كتفيها دون معني وكأنها تخبره صامتة أنه لم يعد يفرق شيء..إقترب منها يجلس على طرف الفراش بجانبها يخبرها بنبرة جادة:
"أثيلة لقد منحتك وقتاً طويلاً جداً..لتستعيدي هدوء نفسك وتتماسكي..وفِي الحقيقة لن أستطع الصمت أكثر فالوقت يمر ويجب أن أفهم"
مرت لحظات طويلة كانت ترمقه بذات الفراغ الغير مكترث ضحكة ساخرة إرتسمت على شفتيها وأجابته بنبرة مبحوحة خافتة وكأنها تعاني وتحاول لتجبرنفسها على الخروج عن صمتها:
"ما الذي تريد أن تفهمه أصيل بالضبط..ألم تري بعينيك تليد تخلي عني و.."
صمتت وأغمضت عيناها وهي تردف بوجع قائلة:
"لقد طلقني..نُبذت مرة أخرى بدون تردد ممن إعتقدت أنه حمايتي وأماني.."
فتحت عيناها فجأة تخبره بهجموم غاضب:
"مثلما فعلت أنت وخطاب تماماً..وعود زائفة بالحب والحماية ولكن عند أول إختبار كان إلقائي بعيداً والغدر بي هو إختياركم !!"
زم أصيل شفتيه بقوة يمنع نفسه أن يواجه الشعور بذنبه القديم..لوم وعتاب صامت لنفسه يكاد يقتله..إنها محقة..فكل كلمة نطقت بها صادقة حتى وإن عكست الحقيقة التي عاني منها الجميع لأعوام..إبتلع ريقه بإصرار ينفض عنه كل أفكاره أو محاولة الخوض معها في جدال عن الماضي يركز فقط في هدفه وهو يتذكر ما عرفه عندما بحث عن ما قاله تليد وصدمه ما رأي بعينيه بل شُل تماماً للحظات..العجز كبله وهو يقرأ المقال البشع بعدم تصديق يلتهم السطور التي نسبت على لسانها بنفور وتقزز فالعقل والقلب ينكران تماماً..واثقان أن من أمامه لا تستطيع كتابة حرف واحد مما قرأ ..
نفض جميع مشاعره الخاصة وعاد برأسه إليها يخبرها بحزم مسيطر:
"أنا لا أريد مناقشة ما حدث وأعلم جيداً ما حدث ولا وقت لمعاتبتك أو شرح الماضي الذي مازلتي تتمسكين به ،"
رفع عيناه يثبتها في عينيها وعصبيته القبلية تتحكم به فنحي مشاعره ناحيتها جانباً وأخبرها بصرامة جازمة:
"إبتعدتي بإختيارك لسنوات..ولا علم لي بمدي إرتباطك به..كي أستطيع الحكم عليه غدر بك أم لا..ولكن لو كنت مكانه أثيلة وحدث ما حدث لم أكن لأكتفي بإنفصالي عنكِ..ربما كنت تطرفت أكثر في عقابك"
إهتزت نظرتها وهي تحرر يديها التي تعانق ساقيها وإنتصبت في جلستها تسأله ببطئ حذر:
"ما الذي تعنيه ولما كل هذا الهجموم علىّ؟!!"
إبتلعت ريقها عندما مر طيف مخيف في عينيه سألته بتردد:
"من أين علمت بما حدث؟؟ هل تواصلت معه هل أخبرك شيء عني؟َ"
أطرق أصيل برأسه بعيدا يُخفي ذاك البريق المشتعل المتحفز عنها وحاول أن يلتزم بالهدوء والتعقل الذي وعد نفسه به أخرج زفرة طويلة ثم ما لبث أن أخبرها:
"لا هو لم يتواصل معي ولا مع أحد..بل يلتزم الصمت تماماً وإبتعد حتى أنه لم يخبر أحد بعد بإنفصاله عنكِ"
تمتم بعدها بخفوت هامس:
"في الحقيقة هذا متوقع منه ،يبدو أنه للنهاية لا يريد أن يشوه صورتك أمام عائلته او أهل البلدة"
رفع عيناه يخبرها بتصلب:
"كيف علمت؟! سأجيبك..قرأت ما نُشر وياليتني لم أقرأه..لقد شعرت بكل كلمة طاعنة غادرة وأنفاسي سحبت ببطئ من جسدي..فكيف وقع ماكُتب بالمقال عليه هو!؟"
أنتفضت بِجِذْع وهي تقول بإرتعاش غير مستوعب:
"لقد ردد هو نفس حديثك ووسط ثورتي لم أفهم عن أي مقال تتحدث أصيل وأي غدر تعني؟!!"
ضيق أصيل ما بين عيناه وهو يقف ببطئ يخبرها بحرص:
"مقالك أنتِ الذي نُشر في صحيفةِ ما..ويبدو أن تليد أوقفه ولكنه لم يستطع منع بعض الصحف الالكترونية الهابطة بشبكة التواصل الاجتماعي عن تناقله ."
إرتدت الى الوارء خطوات تهز رأسها برفض وذهول وجهها الذي هربت الدماء منه وشحب في الحال كان يؤكد الخاطر الذي كان يثق فيه و أكدته كلماتها:
"لا أفهم ، انا لم أكتب أي مقال ، عن أي صحيفه تتحدث أصيل أرجوك فهمني"
بتردد كان أصيل يتقدم ناحية معطفه الذي خلعه سابقاً وسحب هاتفه وفتحه سريعاً..قلب في بعض الصور التي إلتقطها للمقال الذي قرأه سابقاً ومد الهاتف إليها بذات التردد وكأنه يخشي عليها من رؤيته..تناولته منه بيد مرتعشة..عيناها تحدق فيما كُتب بذهول..أنفاسها توقفت والدموع الجامدة جرت على وجنتيها طواعية..بهتت كلياً وإنهارت على الأرض تقلب في الصور بتتابع دون قدرة على التوقف تعيد مرات ومرات بذهول تتوقف عند جمل بعينها ذُكرت على لسانها:
"كان يُعذبني لسنوات يربطني في الفراش ويعتدي على جسدي يغتصبه بحيوانية لمرات متعددة في اليوم الواحد..يخبرني عبر لهاثه العفن أنه يفضل ضحاياه صغيرات بريئات عذروات..يستمتع بصراخهن الطفولي ويصل للذروه والنشوه عبر ضربه المتكرر لجسدي المنهك وعندما أهرب في إغماء أستيقظ على ساديته..وهو يقول انه يريد تعذيبي ومعاشرتي متيقظة وصرخاتي تصم أذنيه حتى يصل لقمة الاستمتاع )
صرخت لم تجد إلا الصراخ بأهات قاتلة ألقت الهاتف بعيداً عنها وكأنه نار تحرقها تضم جسدها بذراعيها بإنيهار تخبط نفسها في الحائط خلفها بقوة وكأنها تريد تحطيم كل جزء منها تتمتم بنفي قاطع:
"كذب لم يحدث..لم أقل هذا لم أكتبه..لم يفعل هذا بي كذب..كذب"
إقترب منها أصيل بلهفة إنحني على ركبتيه يضمها إليه بتشدد يخبرها بعنف هادر:
"يكفي توقفي ستؤذي نفسك"
صارعته بفقدان سيطرة وكأنها تريد العودة لتعذيب نفسها بإصرار وأخبرته بصوت مجروح مبحوح:
"والله كذب..والله والله لم أكتب هذا..كذب بشع الحقيرين ."
كان يماثلها عنف وهو يعيد السيطرة عليها ويخبرها بهدر:
"توقفي..تحطيم نفسك لن يُمحي أبداً ما حدث"
إستمرت في بكائها العنيف الحاد تخبره بتخبط وهي ترفع يديها تريد لطم وجهها فأمسك بكفايها بيد و الأخرى تضمها بقوة سمع صوتها من بين بكائها العنيف وصدمه إعترافها المتكرر:
"كذب أنت لا تفهم..لم يقترب مني أبداً ثلاث أعوام رفض حقه في..حاوطني كأبي يحنو على ويهادني مثلك لم يقترب أبداً مني..لقد أنكر رغبته وحبه لي وانا لم أفهم ! تحمل تمردي ورعونتي..فكيف يصدق أني أكتب هذا المقال القذر كييييف صدق تأكيدي على امر أجهله ، لماذا لم يخبرني..لماذا؟؟"
فغر أصيل فاه بذهول عيناه توسعت بإدراك وحديثها طرق عقله كاملاً بتعجب كان ينظر لإنهيارها الباكي يسمعها تستفيض في الشرح عن علاقتها به خلال الثلاث سنوات ، لم يمسسها كيف !! وما عانته ليلة الزفاف من تهجمه هل كل خيالاته التي كانت تؤرقه عن إستغلاله لها عبر سنوات كذب لم يحدث؟! أطلق نفس حارق وهو ينفض عنه تفكيره الخاص يعيد كل تفكيره لانيهارها..يحتويها بحلم قائلاً:
"إهدأي صغيرتي ، أنا أصدقك وأعلم جيداً أنكِ من المستحيل أن تفعليها"
تهدج صوتها وهي تخبره منحورة بقيد عذابها:
"ولكنه صدق ، كان يدعي أنه يفهمني أكثر من نفسه ولم يثق في براءتي"
أغمض أصيل عيناه وهو يخبرها بجمود متذكراً كلمات تليد القاطعة:
"لأنكِ إعترفت أثيلة..أخبرتيه أنكِ فعلتي أليس هذا ما أخبروه به وأنتِ لم تدافعي عن نفسك"
تعالت شهقاتها بقوة وهي تخبره بألم:
"لا لم أعلم عن ماذا يتحدث هو سألني عن الاستمارات وكتابتي لتجربتي..وهذا ما أكدته له"
أبعدها أصيل عن صدره قليلاً يمسكها من عضديها يسألها مستفهماً:"عن أي استمارات تتحدثين وما الذي إعترفتِ به تحديداً"
تحشرج صوتها أكثر وهي تخبره بخفوت وصدق:"إستمارات إستطلاع عن زواج القاصرات..أخبرتني أنها سرية لن يكشفوا أبداً عن من قاموا بملئها..كان هدفها تحقيق صحفي سري لتوعية الآباء عن بعض التجارب المريرة التي مر بها من في وضعنا"
أغمضت عيناها بقوة وهي تردف بإسهاب نادم:"كل ما قولته فيها..أن زواجنا كان بدل مقيد بالعادات التي تحكمنا،، فقط ووضحت شعوري بالغدر والحالة النفسيه الذي عانيت منها لسنوات ولولا مساعدته هو ربما كنت تحطمت كلياً"
هز أصيل رأسه بتفهم وهو يقول بإدراك:"إنها خطة محكمة لإيقاعه من خلالك ،إن هذا لم يذكر أثيلة بل ما كتب أنه إشتراكِ من والدك بالمال لرغبته فيك صغيرة"
هزت رأسها بقلة حيلة وهي تقول:"لم يحدث..أنا لا أكذب ولن أدعي عليه أو عليكم كيف إستطاع تصديق هذا عني"
بصبر كان أصيل يحاول أن يعلم منها كل الحقيقة وهو يقول بحزم:"كفي عن ترديد تعجبك ،كل الظروف كانت ضدك أي أحد كان ليصدق ما كتب وإمضائك وبيانتك الكاملة تخط بوضوح أعلى المقال وأسفله ."
اخذ نفس عميق وهو يعود يسألها:"لما فعلتي هذا من الأساس إن كنتِ مصدومة هكذا وتنكري أنكِ حاولتي إيذائه"
إذردت ريقها الجاف وهي تخبره بمر علقم يجرح حلقها:"كانت لحظات تمرد عليه لأثبت له أني أستطيع أن أحقق نجاحي وحدي وأقدم المساعدة لغيري بدون أن يساندني..بعد أن أجبرني على العودة إلى هنا"
عادت تجهش بالبكاء وهي تردف بآخر إعترافاتها:"زميلة لي تدعي علياء أقنعتني بالأمر وألحت على وأنا بغباء يبدو أني صدقتها ووثقت فيها فوقعت في هوة سحيقة"
ضمها أصيل مرة أخرى مهدئاً بتفهم يحاول المساندة والمساعده يقدم لها كل ما يستطيع من دفء أخوي ومؤازرتها في التخفيف عنها أخبرها:"لا يهم كلنا نقع في الأخطاء حبيبتي..ما يريحني أنكِ لم تلوثي نفسك بما قيل"
عادت تتشبث به كغريق يتمسك بقشة نجاة من غرق وهلاك تحقق بالفعل وعلى هذ الخاطر أغمضت عيناها بوهن تمكن منها..وضياع عادت إليه وعقلها يأخذها هناك لغرفته التي جرح ودمر أحدهما الأخر بها
................
أنت تقرأ
عادات خادعة
Romanceعادات خادعة ..حكايات وحيوات من قلب البيئة العربية عامة وروح الصعيد خاصة ..تتنازع العادات التى تنمو وتكبر غارزه جزورها عميقه بداخلنا وبين المنادئه بالحرية والعدل وقتل تلك العادات التى تنتهك المرأة .. الحكاية الأولى الصحفي المشهور بمنقذ الصغيرات المنا...