التاسع والعشرون ..
كان يراقبها بطرف عينه منذ ان وصل الى البلد في زيارة عاجلة لم يستطع أبداً..ان يتجنبها..بعد ان ألح بنفسه ان يُعجل بأسبابها..إقتربت منه أمه ووضعت أمامه صينية الطعام المتنوع وقالت ببعض التجهم:
"تناول إفطارك..بالتأكيد لم تتناول أياً منه أثناء سفرتك"
صمتت لبرهه ثم أضافت بعصبية:
"او أستطيع القول أنك لم تتناول أي طعام بيتي منذ شهور..وقد ألقيت بزوجتك عند الغرباء"
لم يجفل تليد ولم يرتسم الضيق على ملامحه من مهاجمتها..بل قال مبتسماً وهو يمد يده ويتناول طعامه مباشرة:"سلمت يداك يا غالية..ولكن أولاً للحقيقة زوجتي لا تُعد طعام من الأساس ولمعلوماتك أيضاً انها ببيت أهلها وليس غرباء"
فغرت أحلام فمها وكانت على وشك ان تشتمه..إلا انها تمالكت نفسها في اللحظة الأخيرة..وإستدارت تزيح ملابسه التي إستبدلها منذ قليل ورمتها ببعض الحدة..رفع تليد حاجب وأحد مستعجب ولم يعلق فقالت أحلام مباشرة:
"كيف حالها؟!مع إنشغالي بتجهيزات الزفاف والاعتناء بإبنة عمك..لم أستطع أن أذهب إليها مرة أخرى"
إبتسم تليد بحنان متفهماً لغضبها ومستوعبه تماماً..قبل ان يقول بنبرة رخيمة:
"بخير..لقد خرجت من المشفى منذ أسبوع مضى..ولم يستطع والدها مع تشديد الطبيب على عدم تحركها كثيراً..ان يعود بها إلى هنا كما هدد في السابق"
إمتعضت ملامح أحلام بشدة..قبل ان تسأله عابسة:
"هل إنتهت اختباراتها؟؟ عندما زرتها علمت انك قدمت طلب إلتماس للجامعة..لتؤدي إمتحاناتها من داخل المشفى"
صمتت لبرهه قبل ان تضيف ببعض الضيق:
"ألم تستطع ان تؤجل هذا العام و..."
قاطعها تليد بهدوء وهو يجبها بحسم باسم:
"لا..لم أستطع أمى..فأنا أعلم أنها لن ترغب بهذا..أثيلة تتوق لليوم الذي تُنهي فيه دراستها..ولن أضيع عليها تعب عام كامل لأن بعض الحقراء أرادوا تدميرها"
عقدت أحلام حاجبيها بشدة قبل ان تهتف بغضب منفلت وهي تجز على أسنانها:
"توقف..عن تلك الابتسامة والاجابة الملتفة كأنك لا تعلم ما الذي أدور حوله"
صمت تليد قليلاً وهو يخفض وجهه..ينظر لما بيده بتفكير..قبل ان يرفع الطعام ويضعه على طاولة جانبية..تنهد بنوع من الاستسلام..وهو يخبرها ما تريده:
"أعلم أنك تدورين ولم أعتاد هذا منك..فلهذا ألتف معكِ في إجابتي"
لم تتنازل أحلام عن ملامحها الحادة وهي تراقبه عابسة..قبل ان تتنازل أخيراً قائله:
"أريد أن أعلم الى متى سيظل هذا الوضع بينكم؟ لقد أخبرتني أنك لم تذهب اليها مرة واحدة منذ الحادث رغم رؤيتي لك بعيناي وأنت تلتف حول غرفتها..كطفل يائس.."
رجع تليد بجسده الى الوارء ليستند على طرف السرير ورفع ذراعه أعلى رأسه ونظر الى سقف الغرفة بنوع من البؤس..ساد الصمت بينهم لوقت طويل حتى تأفقت أحلام بقنوط..فجذبت إهتمامه مرة أخرى..قبل ان يجيبها متنازل:
"هل تعلمين كم المعاناة التي عشتها الشهر الماضى ما بين أقسام البوليس و النيابة والمؤتمرات الصحفية والمقالات وغيرها الكثير والكثير فقط لأنظف تبعات ما حدث..وأرد كرامة زوجتي وسمعتها قبل سمعتي التي لطخت"
خرجت منها تنهيدة أسف ويأس و تراجع عبوسها أخيراً..ثم قالت بإختناق:
"بالطبع أعلم كل هذا..انا تابعت تلك التحقيقات وعلمت بما فعلته بتلك الأفعى وشريكها..ولكن يا حبيبي ما ذنب زوجتك لتعاني الحرمان منك في أهم وقت تحتاجك فيه"
لم تستشف أحلام من ملامحه شيء..فقد كان هادئ بسيط عندما أجابها بغموض:
"من أخبرك أني لا أمنحها دعمي أماه؟!علاقتي بأثيلة واضحة ولا تحتاج لتأويل او لوم..كلانا يشعر بالأخر وحتى ان كانت هي تتغابى من بعادي ..اذاً اللوم عليها وحدها اذ تعلم جيداً..أنها عبر شهر كامل تقضي ليلتها بين ذراعي"
نظرت له أحلام بقلب مهموم ..قبل ان تقول بقنوط شديد:
"لا حول ولا قوة الا بالله..ما الذي تقوله؟ هل تريد ان تسبب لي الجنان بأواخر أيام عمري"
لم يتحرك تليد من جلسته ونظر لأحلام مقطب الحاجبين مفكراً..ثم ما لبث ان قال بإيجاز:"انا أعرف ما أفعله أمي..ورغم لهفتي التي تضاهي رغبتك بضم زوجتي في عبائتي مرة أخرى..ولكنى أعلم جيداً..ان كلينا كان يحتاج تلك الفترة من الركود .فى علاقتنا..أثيلة الان يحيطها إهتمام عائلتها ودعمهم الكامل وهذا ما كانت تحتاجه تماماً وتطالب به وان لم تفصح عن رغبتها"
تجهم وجهه بشدة وهو يعتدل فجأة يمرر يده في رأسه ببعض التعصب قبل ان يقول:
"كما أنى صراحةً أقسمت ان لا أعود وأطالب بها وأحاربها هي شخصياً..إلا إذا إنتقمت من كل من سبب لها الأذى..وأولهم نفسي"
هتفت أحلام بنفاذ صبر:
"وها قد فعلت ما تسعى اليه..وأدخلتهم جميعاً السجن على ذمة القضية..هل ستنتظر حتى تبت المحكمة في الامر..وبما ان طريق القضاء في بلدنا طويلاً ربما سننتظر سيادتك للتحرك..بعد ان يصبح طفلك بعمر الخامسة..يولد ويتربى في بيت خطاب"
رفع تليد وجهه ولم يستطع ان يمنع ضحكة بلهاء مستفزه وهو يهمس:
"خطاب لا يربي أحد..لقد عانيت أنا وهدير من توابع تنشئته لأولاده..وجاءت وتين لتؤكد نظرتي"
لم تدعي أحلام أنها لم تسمع وشق وجهها شبه إبتسامة مؤيدة لكلامه قبل ان تحاول إدعاء الحزم وهي تقول:
"وها أنت علمتها من نفسك..اذاً متى ستحل هذا الوضع؟؟إسمع يا ابن جلال أنا تعبت منك..يجب ان تُعيد زوجتك وتمنح قلبي الطمأنينة عليك أخيراً..أو تحل الفتاة منك..وكل واحد منكما يمضي بطريقه"
إنتفض تليد من جلسته فجأة يهتف بغضب محتد:
"كُفوا عن مطالبتي بالفراق عنها هذا لن يحدث أبداً حتى آخر يوم بعمرى"
وقفت أحلام أيضاً تواجهه بتصلب وهي تقول بقوة:
"يا فرحة قلبي بتمسكك بها ثم تتركها في بيوت الناس حتى وان كان أبوها..ان كان حبها يقيد قلبك بسلاسل هكذا لماذا طلقتها من الأساس و جعلت الغضب والكبرياء الأحمق يفرق بينكم ويوصلك لطريق مسدود؟!"
أجفل تليد من صراحة والدته وتذكيره بما يحاول إصلاحه..ونظر إليها عاجزاً..فأكملت أمه سريعاً عاقده حاجبيها تخبره:
"لن أستطيع ان أخبرك انى كنت أشبه زوجتك في شيء..ولكن أستطيع القول أنني كنت متمردة..ثائرة على كل شيء العادات التقاليد..وحرمان أبي لى من التعليم وقراره بزواجي من والدك وأنا في سن السادسة عشر فقط.."
إرتخت ملامح تليد قليلاً وهو يستمع لما تحاول والدته ان تخبره إياه..عندما أخذت نفس عميق وهي تقول بملامح مرتخية بعض الشيء:
"والدك كان مثلك متمرد على العادات ويرفضها ولكنه أدرك حاجة عمه وطلبه المستتر أن يكون زوج لي هو بالذات دونً عن بقية أعمامك..فأخذ المبادرة وتزوجني..صبر على جنوني وتمردي الذي لم يعاني منهما إلا هو..تحمل إلحاحي ان أكمل تعليمي وتحدى رفض والدي للأمر ..صبر وراعى ليقومني وحد من ذلك العيب الغير مستحب فيّ حتى أصبحت في النهاية كما أراد هو ان أكون شريكة لا طاعة عمياء..وسلمت له كل أمور حياتي راضية ولم يحاول ان يكسرني يوماً"
توترت ملامح تليد بشدة وهو يفهم ما تحاول قوله دون ان توجه له لوم أخر !!
إرتخت ملامح أحلام بالكامل وفمها يبتسم بحنين لرجل منحها الاحترام والمكانة بين عائلتها والبلد كلها حتى بعد موته..أخذت أحلام نفس عميق قبل ان تخبره بحكمه:
"الحب بني أن تتقبل عيوب شريكك قبل محاسنه..تنظر لداخله وتتجاوز عن أخطائه وثورته..هكذا علمني والدك فأصبحت ما أنا عليه أمامك"
أدار تليد جسده بعيداً عنها يقف يستند على شباك الغرفة بأحد يديه..ينظر الى الجبل الشامخ منذ زمن بعيد لا تُؤثر به عوامل الزمن او حتى البشر الذين حاولوا الحفر فيه ممنين أنفسهم بكنوزه المدفونة !!! إقتربت أحلام تقف خلفه وهي تضع يدها ..على كتفه تسأله بخفوت:
"انا لن أنكر مثلهم تعبك معها او حقك بها الذي كنت تحاول الوصول اليه..أثيلة اخطأت فهل تستطيع ان تتجاوز عن غلطتها في حقك وتطوي تلك الصفحة؟ وتنسيها وتنسى كل ما حدث"
رفع تليد يده يتخلل شعره بنوع من العصبية وقال مهموماً:
"المشلكة لم تعد تكمن فيما فعلته بل في توابعه..لا أعرف كيف فلت الأمر من يدي..وانا من كنت أدرس كل خطوة أقدم عليها معها؟!"
عادت أحلام لتربت على كتفه بتعاطف لتخبره بهدوء:
"حدث ما حدث..وانت لن تستطيع ان تعود بعجلة الزمن لتصلح ما كان..صفي عقلك يا تليد وخذ قرارك القادم بحسم حتى تستطيع تجاوز الامر"
إلتفت اليها تليد وهو ينظر لها ببعض الهم قبل ان يقول بحسم خافت:
"أنا تجاوزته بالفعل وان كان تبقى في القلب غصة صغيرة..من تهورها وإندفاعها وحتى لا يقلقنى رد فعلها هي على قراري القادم لأنى أعرف جيداً..انها لن تجرؤ على التفكير بالتحرر مني كما يشير أبوها المستفز !"
صمت كأنه غير قادر على المتابعة..فحثته أحلام قائلة:
"اذاً ما الذي يقلق يا حبيبى؟!أفضي لي بما يؤرقك ويجعلك تتردد"
ضغط تليد ما بين عينيه بإصبعه وهو يقول بيأس حائر:
"لا أعرف..أشعر أن هناك ما يمنعني لمواجهتها وهي مستيقظة"
صمت لبرهة وهو يبتسم بعجز مستسلم:
"ربما فقط انا تعبت..ولم أعد أحتمل لومها بغباء عليّ او ربما حتى أصبحت لا أريد المزيد من المواجهات معها..او ربما فقط خوفي عليها وعلى الطفل يحعلني أبتعد حتى لا أسبب لها التوتر او العصبية"
إبتسمت أحلام بتعاطف مربتة على صدره قائلة:
"كل هذا الربما ليس له أساس من الصحة..إن شكت إمرأة كأثيلة بعادك باستعطاف كما فعلت معى وصديقتها..هذا لا يعني إلا شيء واحد..أنها تريد ان توصل لك رسالة بحاجتها الملحة اليك"
شردت عيناه بعيد عنها للحظات طويلة وكأنه يفكر في أمر صعب ويتخبط لكي يجد الحل..إبتسم ببطء يخبرها بنبرة أجشة:
"لقد كنت اخذ قرارى ان أجعلها تعود لكنفي بعد مرور الثلاث أشهر الذي أمربهم الطبيب..حينها أكون تخلصت من كل أموري العالقة وأيضاً ساعدت أيمن للإستقرار في العاصمة كما قرر"
قاطعت أحلام ببعض الضيق وهي تقًول بنفاذ صبر:
"(مرتك ) تحتاجك لا تدعي الغباء فأنا أحفظك يا ابن جلال"
قاطعها تليد مبتسم وهو يقول متحرر من الحياء معها:
"والله حاجتها لا تضاهي إحتراقي لضم قامَتَها القصيرة بين ذراعي مرة أخرى..وسماع لسانها الذي يحتاج حارس يراقب ما تخرجه بغير إدراك منها"
أخفضت أحلام رأسها تبتسم بإحراج قبل ان تقول ناهرة:
"تحشم يا ابن جلال ووفر هذا الكلام عندما تعيدها اليك"
إقترب تليد يمسك رأس أمه يُقبلها قبل ان يقول بضحكه خافته:
"أتوسلك أماه إبتعدي عن (تحشم) تلك تماماً..ثلاث أعوام وأنا لا أسمع غيرها من فم بنت خطاب حتى أصبح عندي علة منها ومن قاموس التحشم والحياء"
توسعت عيناي أحلام بذهول وهي تقول متحسرة:"لهفت قلبى على عقلك يا سيادة الكاتب"
جعد تليد جفنيه يغلقمها وهو يهز رأسه بقوة قبل أن يقول بمرح سافر:"نعم أمى..عددى على عقلى كما شئتِ..لقد أفقدتنى إياه إبنت خطاب وأفعالها بغير رجعه"
....................////..........
كانت ليلة هادئة مظلمة !!لم يكن فيها مظاهر الفرح المعتاد من أضواء مبهرجة..وفرق الهلالية او حتى المكبرات الحديثة التي تصدح بأغاني الأفراح بل إقتصرت ان تكون ليلة عادية..مكتفين بدعوة الرجال للمقعد الكبير الذي إنتشر أمامه موائد الطعام الممتدة ومقرئ القرية..يرتل بعض آيات الذكر الحكيم وبالطبع تعللو بمرض عمه العضال وضرورة إتمام زواجهم على أقصى سرعة حتى..يطمئن على إبنته قبل أن يأخذ الله أمانته ..
تنهد أيمن مهموماً هامس لنفسه:
"لا يهم أياً من مظاهر الفرح..طالما أخيراً سأضمها في كنفي وأراعيها وحدي"
راقب والده يُشير بعينه لتليد..ان يذهب إلى منزله ليُسلمه العروس حتى ينهو تلك الليلة بعد ان قامو بأداء الواجب مع المهنئين ورفعوا صواني الطعام كإعلان لذهاب العريس ليتسلم إمرأته...
تتبع بعينيه تليد وهو يقف مباشرة يتوجهه لمنزله..
إقترب منه زين العابدين يربت على كتفه ويشد من عزيمته قائلاً:
"إبنة عمك أمانة..غلاوتها لن تقل عن معزة أخواتك..انا أثق بك يا ولدي ولكن واجبي يحتم عليّ ان أخبرك..ان جُرت عليها يوماً ستجدني أقف ضدك..وأخذ صفها ترفق بها يا أيمن..وراعي صغر عمرها بني وضع في عقلك أياً كان ما ستجده أنت أعلنت انه ملكك وحدك؟!"
حديث والده أشعل نار في أحشائه حاول ان يطفئها ويتغاضى بالفعل عن التفكير بها..ليس لهذا التحذير منه او وعده بحمايتها ولكن لتلميحه أنه من الممكن أن يجد..ذلك القذر طالها بأذى..إبتلع غصة شعر بها تجرح حلقه قبل ان يقول بحفوت:
"لن أسترسل في الشرح أبي ولكن سأكتفي ان أخبرك..أنى تربية يديك..ولم أكن أعد بأمر وأنا عاجز عن الوفاء به"
ربت زين العابدين على كتفه بفخر وهو يخبره:
"لم تنتابني لحظة شك واحدة فيك يا خلف والدك..أعلم أنى أنجبت رجل أستطيع الاتكاء عليه وقت عجزي"
..................
مظهرها بفستان الزفاف الذي أصر أيمن على شرائه لها خصيصاً بمساعدة هدير..ذكره بإحتضانه لأخته وهو يطمئنها بعدم أذية اصيل لها..تشابهت الحالة واختلف الأشخاص والفعل..ربما وقتها لم يدرك كم الكارثة التي دُبرت له والتي مازال يعاني منها هي وحبة قلبه ولكنه الان يؤمن بالنصيب والقدر الذي لا دخل فيه لأحد أبداً..عجباً على زمن ونصيب يرتب ترتيباته ويتلاعب بمصائرهم..دون حول لهم ولا قوة ليلقيهم أمام إختبارات أنفسهم..يغرقهم ليقاوموا و ينجون ويرفعوا راية النصر وام يصابوا بالفشل ويغرقوا بين طيات أمواجه العاتية ...؟!
تحرر من أفكاره الخاصة..وهو يدخل مجلس النساء بعد ان جعل أمه تفسح له الطريق وتخبرهن حتى يستتروا..شق طريقة مباشرة نحو نجلاء وقف أمامها باسم الوجه مشجع فرفعت له عينين متوترتين مذعورتين رغم محاولتها المستميتة للتسلح بالقوة والعزيمة أمام أي إمرأة تحاول ان تُلقي بكلمة جارحة هامسة عليها..مال نحوها بجذعه ليخبرها بصوت هادئ:
"أعلم أنك رفضتى أن يتم الزفاف الان..كما أخبرتى إمرأة عمك..ولكن صغيرتى كانت تلك رغبتي ورغبة عمك زين..حتى نستطيع منحك فرصة بعيدا عن كل ما يخنقك هنا..كل ما نفعله لحمايتك وحدك وأولنا أيمن"
مدت نجلاء يدها بحركة مفاجئه جعلته يصدم قليلاً وهي تقول بتردد خائف مهتز:
"انا خائفه..تليد"
وضع كفه على يديها يربت عليها مطمئننا قبل ان يسألها:
"مِم صغيرتى..إنه أيمن أستاذك وراعيك وابن عمك..أنت لا تهابين أيمن صحيح؟!"
نظرت له بعينين متوسعتين متوسلتين كقطة صغيرة وقعت في المصيدة ولا تجد لها مهرب جعله يتعاطف معها وهو يقول بخفوت متفهم جيداً ان كل ما تمر به طبيعياً تمام لحالتها السابقة:
"إتفقنا أنكِ أقوى من كل ما حدث..لن تجعلي شيء يهزك او ينال منكِ وتذكرى جيداً أننا جميعاً ندعمك..وبجوارك"
تحشرج صوت نجلاء وهي تخبره بصوت هامس خافت:
"شكراً لك أنت وعمتي أحلام..لا أعرف كيف كنت سأفعل دونكم"
مد تليد يديه يساعدها للنهوض بحرص..وهو يدخلها في عباءته كعادتهم الأثيرة فيحاول عدم لمسها بحرص قبل ان يقول بخفوت:
"انا أخوك الكبير نجلاء..لا داعى للشكر على واجبي نحوك"
همست نجلاء بشجن:
"ليت حسن كان مثلكم يا ابن عمي..كسره لي قتل روحي"
نبرات صوتها الجريحة ضربته في الصميم..فقال بهدوء:
"حسن لا يفرق عنا ولكنه متخبط التفكير قليلاً..نجلاء إمنحيه الوقت وسيأتي بنفسه معتذراً"
رفعت نجلاء وجهها قبل أن تستسلم لضمه لها بين العباءة لتخبره:
"لم أعد أريد تليد لا غفران لأحد ولا حتى قربه..سأكتفي بأن أبني نفسي بنفسي وأتكيف مع حياتي الجديدة!!"
لم يستطع تليد الرد عندما..أعلنت (زغاريد ) النساء التي إنطلقت بقدوم أيمن..
وقف أمامهم مباشرة باسم الوجه..يفتح عباءته يستعد لتلقيها..وفور ان أفلتها تليد وسلمها له كان أيمن يضمها اليه بشدة ويغلق عليها طرفي العباءة يعلن أمام البشر أخيراً أنها تخصه وتحت حمايته وحده ومال وقبل أعلى رأسها بإعتزاز..دون حتى ان يراعى نظرات النساء التي إستعجبت قليلاً..قاصداً بإصرار ان يوصل رسالة صامته لمن يحاول ان يتهمه بأنه زواج للستر فقط كما يقولون..وأنها تعنى له الكثير..ولها مكانة في عقله وقلبه ...
................
وهناك من وراء ظهور الرجال كان يقف في زاوية بعيدة..حتى لا يراه أحد يراقب أيمن وهي ينزلها برفق من السيارة التي إصطحبتها من بيت عمه جلال الى سكنها الجديد مع زوجها في بيت عمه زين ..المرارة هي ما كان يشعر به..فأوشكت ان تحطمه تحطيماً..فيتمسك بدرعه الصلب وملامحه التي لا تفصح عن كم المعاناة التي يعانيها..
لفت إنتباهه..وقوف زوجة عمه زين مع بعض النساء..تطلق الزغاريت والتهليلات..تتلقف عروس إبنها بفرحة حقيقية تضمها إليها بحنان وتهمس لها بشيء ما قبل ان تفسح الطريق..لأحد بناتها على ما يبدو..تتقدم بخطوات مترددة قليلاً..بكوب من الحليب كما هو متبع ليتناول منه كلا العريسين قبل أن تخطوا أقدامهم الدار..تناول أيمن من الكوب أولاً..ثم تركه في يده الفتاة..التي راقب إهتزاز يديها قبل ان تكشف وجهها بحركة مفاجئة سريعة وتتقدم من نجلاء:
"ربااااااه"
نطقها حسن بذهول مصدوم..وهو يضيق عيناه ويقترب أكثر كمقيد رغماً عن أنفه..مبهوت الوجه متسارع الانفاس كان يستطيع تبين تلك التي تسقى أخته بيدين مرتعشتين رشفات من الكوب لم ترفضها أبداً..ولم تبدي حتى نفور غريزي..
كانت نجلاء تنظر لزينة بملامح مغلقه تماماً..من فوق طرف الكوب لم تتفوه بكلمة أمام عيني إبنة خالتها المعتذرة باستعطاف..إبتعدت نجلاء عن مرمى يديها قبل أن تصدم كلا من زينة وأيمن الذي يضع كل تركيزه معها فهمست بصوت خافت مؤكد لا يفسر شيء عن دواخلها:"لا داعى لكل هذا الاعتذار..أنتِ لم تسلطيه عليّ أعلم جيداً أنكِ مجرد سبية أخرى يتلاعبوا بمصيرها بينهم..ويصبوا عليها جام غضبهم دون ان يكون لك ناقة ولا جمل"؟!
لم يمهل أيمن لهم الفرصة للحديث المطول..بتعجل كان يضم زوجته بذارعه ويأخذ طريقه مباشرة نحو شقته في الأعلى..
بينما وقفت زينة تراقبها..بهم وأسى غير منتبهة لذلك الذي شق وقفت الحريم يخبرها بخفوت غاضب هامس:
"أنتِ هنا..تتدارين في منازلنا..بينما أنا قلبت عليكِ خط الصعيد كله.."
إلتفت اليه زينة بعينين مذعورتين..ووجه أصبح كلوحة من الرخام..فكانت الصدمة الأخرى التي قضت على أخر تماسك به عندما نقل نظراته الحجرية بين العباءة التي تطايرت جوانبها المفتوحة ليبصر من تحتها ذلك الفستان الملتصق على جسدها فيظهر بوضوح بروز بطنها الذي ليس له إلا تفسير وأحد..سؤاله خرج أحمق ببعض البلاهة:"ما هذا"
إقتربت أحلام منه بحزم تبعد زينة عنه تأمرها:
"أدخلي ساعدي زوجة عمك في ضيافة النساء..ولا تخرجين مرة أخرى من أبواب المنزل..إلتفت الى حسن تخبره بحسم كشفرة سكين حاد:
"لن أمرر لك..إقتحامك وقفة النساء يا حسن..وسأخبر كبيرك..ليعلمك الأصول"
تراجع حسن خطوة واحدة ينظر لإمرأة عمه بعدم إدراك وهو يراقب خطوات إمرأته التي نفذت أمرها دون جدال..قبل ان تمنحه نظرة بكبرياء تضع فيها كل سخطها ومشاعرها كأنها تخبره أنه ما عاد يفرق معها شيء"
أخيراً تنازل وهو يقول بدهشة عاقداً حاجبيه الكثيفين:
"اي إقتحام !!تخبئون زوجتي بينكم و تراقبون بحثي المجنون عنها..وتأتى الأن تضعي اللوم عليّ"
رفعت أحلام ذوقنها بوقار قائلة:
"لم تعد إمرأتك..لقد طلقتها طلاق بائن..إنك لا تملك حتى حق إرجاعها إلا بموافقتها والتي أحب ان أبشرك..أونك أبداً لن تنولها"
صمتت للحظات وهي ترى شبح الحزن والألم في سواد حدقتيه قبل ان يقول بصوت مختنق حائر كأنه يرد تأكيداً لما إستوعبه أخيراً:
"إنها حامل !!كيف خبئتوا عني..إن كانت هي لا تعنيني كما ظننتوا..هل هذا يمنحكم حق إنكار طفلي"
نظرت له أحلام بقنوط..وإرهاق حقيقي متعبة منهم جميعاً من غبائهم..من إنكارهم..بما يقيد قلوبهم..ومن كبريائهم الأحمق بالإعتراف بالخطأ..ثم قالت أخيراً:
"إذهب من هنا يا حسن..كلامك ليس معي لك كبير..هو من سيطلق حكمه الأخير في أمرك"
............
فى مجلس النساء..كانت مازالت كؤوس الشربات تدور بينهم وبعض مظاهر الفرح البسيطة .إقتربت أم أيمن تُضييف عواطف بهدوء ومدت لها المشروب..فأبعدته الأخرى بحدة تدعي التعالي وهي تقول بحقارة:
"لاأعرف ما هذا البرود الذي ينتابك..تضايفين وتفرحين وتغنين كأنه لا يشغلك شيء"
إدعت (وردة ) الدهشة وهي تقول:
"إنه فرح وحيدي على ثلاث فتيات لما العجب !!من فرحتي يا عواطف انها مشاعر طبيعية أمومية..وأعلم جيداً ان من مثلك لا يعرفها"
صمتت لبرهة وهي تعتدل تسلم ما بين يديها لإحدى الخادمات وهي تقول ببطء حريص هادئ كسطح بركة مياه عذبة:
"انا عمارية كما تعلمين حبيبتى وذوات الاصل العريق منا لا يلتفت لقذارات وضيعات الأصل مثلك..إبني تزوج من إبنة عمه التي يريدها..وأىياً ما كان يشغل عقلك المريض لا يعنيني"
قبل ان تتفوه بكلمة كانت أحلام تقترب منها تمد يدها وتمسك بذراع عواطف بقبضة حديدية مؤلمة مستترة حتى لا يتبينها أحد قبل ان تقول بتحذير:
"ألا يوجد شيء يكسرك يا عواطف؟! لقد قبلت بحضورك بيننا وحذرتك أن تسمحي لذلك اللسان القذر مثلك ان يخرج من فمك..قسماً بكل عزيز عليّ إن تفوهتي بكلمة أخرى..سأريك مقامك وهنا ومن خدم الدار لا حتى إحدى نسائه"
أخفضت عواطف وجهها بكسر نموس حقيقى هذه المرة..قبل ان تقول بتوسل مقزز:
"لا أريد إلا دليل طهارتها وسأختفي من بينكم وأغادر مجلسكم"
نظرت لها أحلام بنفور وقرف..قبل ان تقول:
"هذا حكمه لزوجها لا نحن"
صمتت لبرهة..ثم قالت أحلام بتشدد واثق منهية اي حوار يجعلها تتطرق للأمر كهذا بوقاحة بنبرة ليتها فعلتها..يوم عرس إبنها..ولم تنصاع لحكم العائلتين عندما قالت بإبتسامة حاسمة شامتة:
"وأيمن أصدر حكمه بالفعل لا إشارة ولا غيره..ولن يتدخل مخلوق بينه وبين زوجته في أمر يعنيهم هما وحدهم..هذا هو الستر الحقيقي يا عواطف الذي لا تعرفينه .."
"الرجولة بأفعاله لا تباهييه القذر وأقواله"
....................
لم يعد يدرك الوقت الذي مر وهو يراقبها تنكمش في أحد زوايا الغرفة تنكس رأسها وتفرك كفيها بتعصب..كل عضلة في جسدها الرخو كانت تنبض خوفاً وألماً..أما هو كان يكتفي بالتطلع اليها وهو جالس على طرف الفراش..يستدعي كل سيطرة على الذات..وهو يتذكر مكالمته الأخيرة مع (عبير ) التي نصحته بالهدوء الحذر..والاقتراب المتمهل عبر ما مرره إليها بأفعال نجلاء خلال الثلاثة أشهر الماضية..إنها لا تخشاه هو..وحالتها مختلفة قليلاً عن ما مر عليها من حالات مشابهه..إستطاعت ان تتبين ان نجلاء لا ترفضه بشكل خاص بل إنها مازالت تنظر لنفسها بدونية..وأنها لا تستحق فرصة أخرى معه هو بالذات وربما تُلقي اللوم على نفسها وضعفها الذي كان فيما حدث..
إعتدل أيمن بقامته الطويلة وتوجه اليها بتمهل فراقب بعينيه إنكماشها الذي زاد بخوف غريزياً..
مد يديه بحرص شديد فلمس كتفيها بخفة فراشة وهو يقول بصوت عميق رخيم:
"إنهضى نجلاء..لتغيري ملابسك"
جفلت قليلاً وهي تلتصق بالحائط أكثر..تتحاشى النظر اليه وهي تقول بصوت مختنق:
"لا أريد..إبتعد عني من فضلك"
لم يرد بل توجه الى كرسي جانبي..يلتقط ثوب نوم أبيض حريري إنساب من بين يديه وهو يقول برتابة:
"لا تجادلي..بالتأكيد لن تظلي طوال الليل تلتصقين بالحائط كفأر مذعور..كما أنى للأسف لن أبتعد عنك"
أحاطت نفسها بذراعيها وهي تهمس ببؤس:
"أنا لست فأر ولا أخشى شيء..فقط لا أريدك أن تلمسني"
تنهد أيمن بصبر وهو يلقى بالقميص جانباً..يقترب منها حتى لم يعد يفصل بينهم مقدار شعره واحدة..إنكمشت أكثر وأكثر وأظافرها تنشب في الحائط كأنها تريد حفر نفق لتفر منه هاربة..فقال بنبرة خشنة أجشه:
"لن أقترب منكِ إلا برضاكي الكامل..لمعلوماتك فقط لم يتغير فيّ شيء نجلاء مازلت أستاذك الذي تطمئني قربه وتتلمسين منه الحماية حتى وان لم ينطقها لسانك يوماً"
إنفعالاتها هدأت قليلاً..قليلاً فقط..أخذت نفس عميق وقالت:
"أعرف..ولكن الأمر كله مربك وانا لا أعرف حتى لما أخاف منك وأراك بصورة جديدة مختلفة..تقتلني"
ضيق أيمن ما بين عينيه سألها:
"كيف ترينني؟ولما يقتلك وجودى قربك كرملة؟"
إستطاعت أخيراً ان ترفع له وجهاً شاحباً وهي تخبره بنبرة متوسلة شاردة:
"أخبرتك..لا أعرف..هناك ضجيج في عقلي وصدري يشوش عليّ الفهم او التوضيح"
تجرأت يده قليلاً ورفعها ليخلع عنها طرحة الزفاف وحرر شعرها من تلك المشابك التي تكبله في تسريحة بسيطة أنيقة..لم تجفل هذه المرة ولم تبدي أي رد فعل ممانع فقال هو بنبرة حارة فلتت من بين شفتيه مرغماً وشعرها الكستنائي ينساب بين يديه:
"لم يعد هناك ما يمنعني أو يمنعك..لأستمع إليك بحرية تامة لنستطيع ان نقشع عنكِ تلك الغمة..ونرتب أفكارك سوياً"
سحب يديه من بين طيات شعرها الكثيف بإردة حديدية و سحبها من ذراعها برفق..بينما هي إستسلمت لما يحاول فعله بإصرار منعت نفسها بقوة أن لا تنهار في البكاء او تتوسله ليبتعد عنها..أجلسها أخيراً على طرف الفراش وهو يقول بتأني:
"هيا صغيرتي أفرغي أفكارك تماماً مما يؤرقك وضعي في عقلك..ان لا إختلاف في علاقتنا صغيرتي..فقط نستطيع الحديث دون حواجز او إقتحام أحد لجلستناً"
شق وجهها إبتسامة ناعمة حزينة وهي تخبره متحشرجه:
"انت طيب جداً..ليت كل البشر مثلك"
تنهيدة عميقة خرجت من بين شفتيه وهو يجلس بجانبها يتحرر من معطفَه وقال مبتسماً:
"حسناً بما أنكِ تدركين اني طيب إسمحي لي التحرر من ملابسي قليلاً إنها تخنقني"
أدارت وجهها بعيداً عنه وعادت تفرك كفيها بعصبية وأخبرته بتشنج:
"أسحب كلامي..أنت لئيم فأنا أدركت الان ما تحاول فعله"
كان تخلص بالفعل من سُترته وفتح أزرار قميصه العلوية جميعها..أمسك بكلا إصبعيه ذقنها ليعيدها اليه وهو يهمس برقة:
"أنا زوجك الأن هل تدركين هذا؟لا لؤم بيننا ولا غيره يا كراملة..إن أردت منك شي لن يكون إلا برضاكي التام..وسبب إستعجالي ان أضمك اليّ كان من أجلك فقط..لمنحك أمر نفسك بيديك دون ان أسمح لمخلوق ان يحاول يوماً ان يتجنى عليك أو يظلمك"
رغماً عنها كانت تحاول ان لا تتأثر بكلماته بما يفعله..كرم أيمن كثيراً عليها لا تستحقه..من لُوِثت مثلها..فقالت تقاومه وتحاول إدعاء قوة واهية فظة و أبعدت أصابعه عنها بعنف:
"لا تحاول الإدعاء..وكأنك بقبول الصفقه وزواجك مني لم ينتقل لك صك ملكيتي للتحكم في أمري كما تريد"
نظر لها أيمن بقنوط قبل ان يتحرك ليضع مرفقيه على ركبتيه ويحتضن رأسه بكلا كفيه يتذكر نصائح عبير ويستدعى كل كلمة أخبرته بها..فنطق أخيراً بحسم هادئ ونبرة ثقيلة:
"ربما لن أستطيع ان أتقاسم معك وجعك حرفياً نجلاء رغم كل محاولتي للتقرب منكِ وإزالته عنكِ..ويحزني ان أخبرك..أنه لا قريب ولا بعيد سيظهر بديل عنك..لذا كل ما أحاول فعله ان أصل بكِ لتحمين نفسك بنفسك..تهتمين بها وتراعيها..تمنحين نفسك الفرصة لسعادة حقيقية..إنسي الماضي
.إنسي الماضي ولا تعطي الحدث مهما كان كبره ووجعه قيمة أكبر مما يستحق.."
رفع وجهه المنخفض يتطلع إليها ليجد أخيراً دمعتها تتحرر من مقلتيها فأكمل..بهدوء:
"لن يطبب جرحك أحد إلا أنتِ..ولن يجبر كسرك إلا يديك..قيمتك الحقيقية لن يراها أحد إلا من خلال مرآتك المنعكسة وإن رضيتي عن نفسك حقيقة ستعلمين أن ما طالك من أذى لم يُنقص من قدرك بوصة واحدة لدي أو لدى من حولك .."
شهقاتها إنفجرت أخيراً وجسدها كله إرتعش في تلك اللحظة لم يستطع أيمن أن يقاوم قلبه المرتعش الذي يناديه ليضمها..فإقترب يحاوطها برقة ونعومة..فإستسلمت له نجلاء طواعية أحنت رأسها على صدره وتشبثت أناملها الرقيقة بمقدمة قميصه تتلمس منه الحنان..نور هادئ ربما يشتعل بطريقها المظلم ويمنحها السلام الذي تبحث عنه..إحتضنها بكلا ذراعيه بقوة وكأنه يريدها قطعة من جسده..نسيت نجلاء الواقع وكل ما يرعبها وهي تتلمس طريقها نحوه..تُريح عقلها المشتعل..من ما يشوشه تغمغم بنبرة ناعمة بضعف حطم جدار فؤاده:
"أنت فقط أستاذي وأنا كرملة..لذا لن تتركني أفعل كل هذا وحدي"
أغلق أيمن جفنيه بقوة يقاوم نفسه فيها وذلك الهاتف المميت الذي يشطر رجولته يحجبه عن أفكاره ويركز فقط معها ومع إستسلامها الناعم فقال بصوت خرج مرتعش بشوقه اليها:
"نعم..حبيبتى أنا أيمن..وأنتِ سمرائي الصغيرة..سأكون دائماً وأبداً بجانبك"
هزت رأسها بنفي لم يفهم معناه الحقيقي قبل أن تقول:
"ولكني لا أستحق..فأنا ملو...."
نهاها بحزم جاذم بعنف حارق:
"إصمتى..بل تستحقين أضعاف مضاعفة مما يقدم لك..بالفعل"
صمتت وهي تستمر في نشيجها..وهو يشعر باهتزاز عودها النحيل بين ذراعيه..فأخرج هو نفس محترق قبل أن يسحبها معه الى الفراش دون أن يسمح لمحاولاتها بالفرار من صدره بذعر كأنه وحش مفترس وضعت نفسها بين أنيابة..تمدد ومدد جسدها المتشنج معه وهو يقول بخفوت أجش:
"إهدئى حبيبة قلبي..تعلمين أني لن أؤذيك أبداً"
إسترخى جسدها ببطء وهي تهمس برجاء عصر صدره:
"هل تعدني بهذا..أنا مازلت لا أريد ما تحاول الوصول اليه"
رغماً عنه إهتزت عضلة في فكه وكأنه يقاوم إبتسامة مريرة تريد الخروج قبل ان يقول بصوت غريب:
"سأكتفي بإحتضانك وأتركك لترتاحي الان..وتغفين بين ذراعي هل تسمحين لى"
لم تجيبه عن سؤاله..ليس بالكلام على الأقل اذ عادت تتشبث به بقوة كأنها تخاف ان يتركها هو فمنحته قبولها بحنانه بصدر متسع مرحب بها ومربت على ألمها !!
،،..........
قرب الفجر كان مازال لم ينم عيناه المشتعلة تُحدق في السقف..رغماً عنه شارد الفكر..بأفكاره المحترقة..عاد بعينيه لنومها الهادئ المستسلم على ذراعه المفرود تتكور كلها في وضع الجنين وتضم ذراعيها تحتضن بها نفسها ومازالت رأسها تميل على صدره..يتتبع جروح وجهها الغائرة..ينظر لها نظرة لا شعور فيها متذكر تعدي حسن الوحشي عليها وكلمتها الجارحة التي قتلته قتلاً وتركت قلبه مدمى بجرح غائر..تلمسه فيه وإستسلامها مع ذلك الخاطر الأسود كان يمزقه مقاوماً نفسه..بتخبط كان ينازع ما بين الشعورين..رجولته تجبره أن يتمم الأمر ليتأكد بنفسه انه لم ينولها الى النهاية..أنها كانت من القوة كما يأمل أن تدافع عن حق نفسها وحقه فيها قبله ..
ردد بهمس مشتعل لنفسه كأنه يقاوم شيء ما مبهم:
"هي كما قالت لن تكذب..سليمة محافظة على حقك..ما الذي جرى لك لقد عاهدت نفسك أن لا يشغلك الأمر ولا يهمك مقدار ذرة واحده؟!
ساد الصمت مرة أخرى في عقله الثائر ورجولته العنيفة تصارعه رغماً عنه .. تبدد كل شيء عندما تحركت تحاوط صدره الصلب العارى..فى نومها..وأنفاسها تخرج ناعمة تشعل فيه شغف قربها..فإعتدل أيمن يسحب ذراعه من تحت رأسها..يشرف عليها من علو وهو يهمس بصوت ثقيل بمشاعر غريبة:
"نجلاء..أفيقى"
لم تبدي رد فعل على إفاقتها..فكان حريص ان لا يقدم على فعل شيء الى أن تتنبه كل حواسها فكرر نداءه بصوت أعلى قليلاً عدة مرات قبل ان تفتح جفنيها بعدم تركيز..وفور ان أدركت إشرافه عليها..إرتبكت وتعسرت حروفها وهي تهمس:
"ماذا تريد؟"
ماتت حروفها في حلقها تماماً..وهي تستشعر يديه التي يمررها على بطنها ووجهه الذي انخفض يتلمس بشفتيه ذلك العرق النابض في نحرها..فأنتفضت نجلاء بقوة وكأن تيار كهربائي مسها حاولت الاعتراض وهي تهتف بأنفاس متلاحقة..ولكن لم يكن أبداً رعبها السابق فيها:"أيمن لقد قُلت أنك لن تؤذيني"
نبرات صوتها التي أدرك بينهم الاستسلام المستتر جعلت كل شيء يتبدد..ويطيح بعزمة السابق بعدم إتمام شيء لوقت قصير على الاقل..فرد بصوت أجش مبحوح وهو يتجرأ أكثر وقبلاته تأخذ في الهبوط نحو جيدها وبشرة ما بين كتفيها:
"لن أؤذيكِ..لقد وافقتي على إحتضاني صحيح"
ما يفعله كان يذيبها يجعلها تستسلم لتلك العاطفة وكل ما أرادته في تلك اللحظة هو الشعور بالحب..بالاهتمام..وعبر ما يفعله أيمن كان يمنحها أكثر بكثير مما تتحمله براءتها..حاولت فقط ان تتماسك وهي تهمس بنبرة مرتعشة مهتزة تائهه:"ولكن ما تفعله لا يمت لهذا الاحتضان البرئ بصلة"
رد صوته الحبيب بهمس عاشق متجرأ أكثر:"بعض القبلات لن تضر يا إبنة عمى..وزوجتي الحبيبة"
نظرت الى وجهه الذي إرتفع يأسر عيناها فلم تشعر لا بالخوف ولا الغرابة بل شعور آخر يبدد ظلام عقلها وتهور مندفع أنها تريد ان ترتاح وتريحهم جميعاً..تأخذ قرارها الباتر بأن تتركه يفعل ما يريده يكمل للنهاية ويمنحها هي السلام أخيراً..أنها قدمت له شيء يستحق؟!
إستسلمت لوجهه الذي إنخفض يقبل جروحها بشغف وكأنه يريد أن يمرر لها رسالة لم تستطع أن تتبينها..قبلته ازادت توهجاً وهو يخص ذلك الجرح الذي يخط بجانب شفتيها..الى ان استطاع ان يطبق على فمها أخيراً..ويديه تتسلل لأسفل ظهرها يرفعها برفق ويفتح فستانها ليخلصها منه أخيراً..
أغمضت نجلاء عيناها بإستسلام دون أدنى مقاومة..حتى عندما شعرت بجسدها الذي كشف كلياً أمامه تتمسك في ملاءت الفراش بعنف كأنها تقاوم نفسها ان لا تدفعه عنها..
صوته أتاها يأمرها بصوت إخشن بالعاطفة:"إفتحي عيناكِ وانظري لي نجلاء"
قلبها كان يخفق بجنون وهي تفتح عيناها الغائمه ببعض الدموع فرقت نبراته كما نظرته سألها وعيناه تغرق في عينيها:"من أنا؟؟ كرملة"
غامت عيناها بعاطفة مبهمة وهي تقول بضعف مرتعش:
"أيمن..إحبن عمي أيمن"
تنهد بحرارة وهو يقول:"بل أيمن فقط زوجك..ضعي في عقلك دائماً انى فقط حبيبك وزوجك !!"
كانت عيناها متوسعة بشدة وهي تقارن بعقلها بين نظراته المترجية الحنونة المراعية رغم عنف رجولته فيها وبين عينين أخرى قذره (..لا )(همستها لعلقها وهي تعود تتمسك في رقبته هو لن تقارن ولن تتذكر فقط هي تستحق ان تحصل على كل هذا العشق منه ليلة واحده..وبعدها تترك كل مرارتها تتحكم فيها"
فهمست هذة المرة مستسلمة:"نعم أنت زوجي..زوجي فقط"
لم يرد هو عليها وهو يبتلع ريقه بصعوبة بعقل وقلب مقيد وقد أفلت كل شيء من يديه وعلم أنه لن يستطيع أن يتراجع ...
بعد وقت
كانت نجلاء تندس في صدره مستسلمة..بعد أن أجبرها على الكثير من الاستسلام هذه الليلة التي لا تريد ان تنتهي..ونشيجها يخرج بشهقات مكتومة حارقة تشعر بيده تعصرها بتملك وهو يهمس قرب أذنيها:
"لقد إنتهي نجلاء..أنا آسف إن كنت أذيتك حقاً"
هزت رأسها برفض وهي تقول بضعف:
"لم تؤذيني..الاذى كان من غيرك جميعهم أذوني..وأنت لم يكن لك ذنب ان تأخذ بضاعة تجرأت يد قبلك وتطلعت اليها"
قاطعها أيمن بجفاء ونفاذ صبر حقيقي وهو يقول:
"انت لست بضاعة ولا مستهلكه..ولا أحد أجبرني على الزواج منكِ..الرحمة نجلاء لم أعد أتحمل تذكيرك لي"
لعقت نجلاء شفتيها وهي تفلت من ذراعيه وتوليه ظهرها وهي تهمس لداخلها بضعف:
"تلك العذرية التي تأكدت منها منذ قليل لا تعني شيء أيمن..لما لا تريد أن ألا تصدق"
شعرت بيديه تعود تلمس كتفها بتردد..فهمست بضعف متوسل:
"فقط إتركني..أرجوك"
زفر أيمن بقنوط وهو يعتدل من جانبها..ويشد شرشف السرير يغطى جسدها العاري..يمحنها تلك الخلوة التي يعلم أنها تحتاجها..
قبل ان يتحرك بهدوء في ظلام الغرفة يتلمس طريقه ناحية الخزانة..ليرتدي شيئاً ما على عجل ويتركها مغادراً..وهو يغلق الباب خلفه جيداً..
أجهشت نجلاء في نوبة بكاء مرة أخرى لم تعد تعرف ألماً..أم من تلك المشاعر التي إنتابتها بين ذراعيه..لقد كان رقيق مراعي مواسى..لدرجة جعلتها تنسى المكان والزمان ولا تدرك إلا عيناه الشغوفة وكلماته العاشقة التي كان يرددها على أذنيها جاعلها كلها تسترخى و تمنحه ما أراده..كانت تدرك انه يسحبها معه في غيمة بيضاء ناعمة..تقشع كل الرماد الذي يخنقها ويبدد كل بؤسها..عبر تجربتها التي عاشتها ،،،
همست لنفسها ببؤس:
"لقد سلمت لك أيمن لأنى إكتشفت أنى أحبك..ولم أكن أدرك هذا يا أستاذي"
.....................
كان زين العابدين يجلس..بهدوء ينظر لثورة حسن بلا معنى يستمع اليه ببرود غريب على رجل حكيم مثله..قبل ان يقول:
"ليس لك أطفال عندي..زينة تحت حمايتي هي ومولودها..إلى أن يشاء الله وأزوجها بأفضل شاب في العائلة كما أخبرتك"
شعر حسن بغصة تؤلم حلقه بشدة عندما إقترب من عمه يخبره بما يشبه الهوس:
"تُزوج من..لمن؟!ما الذي تقوله؟!! إنها إمرأتي زوجتي..تحمل طفل من صلبي..هل هذا إستكمال للجنون الذي وضعتوني فيه منذ ثلاث أشهر مضت"
ارتفع حاجبيه وبرقت عيناه بشراسة وهو يقول بصوت غليظ:
"ليست زوجتك بل طليقتك..هي حره فور أن تضع هذا الطفل..وأنت تستحق أن تعلق في سلبة من قدميك..ليس فقط هيامك على وجههك بين الدروب والشقوق كعاجز مخبول .لتتعلم درساً عن الرجولة يا أرعن"
ضغط حسن على أسنانه بشدة وهو مغمض العينين لدرجة أنه شعر بصرير تلك الأسنان..حتى بدا كالآلة توشك على القتل قبل أن يقول بصوت قاتم:
"سأردها ان كانت تلك حجتكم..لا تستفز مشاعري عمى وتضغط على نقطة ضعفي"
لم يرد عليه زين العابدين بشيء بل إلتفت بهدوء جليدى لإبن أخوه الأخر يسأله بلا مبالة حقيقية وكأنه إكتفى منهم جميعاً ومن جنونهم..من ثورتهم الحمقاء:
"وأنت كيف حال إبنة خطاب؟؟ هل مازالت تفر هي الاخرى منك"
بهتت ملامح تليد كلياً وقال بصدمة غير مستوعب تماما نبرة عمه الجديدة معه:
"من التي تفر منى؟!"
شوح زين بعصاه وقد ضاق صدره منهم قبل ان يقول وهو يراقب بطرف عينه تخبط حسن العاجز..وكأنه يبحث عن شيء يحاول أن يجابه به عمه ولا يجد..فقال:"هل تعرف أكثر من إبنة المكى علي حد علمى وأحدة فقط"
تنحنح تليد ببعض الخشونة وهو يقول بنبرة باتره رغم إحترامه لعمه:
"لا..انا وزوجتى حالة خاصة عمى..فقط حالتها الصحية هي ما إستدعت ان أجعلها في صحبة عائلتها قليلاً"
مال زين العابدين نحوه يخبره بهدوء وقور:
"أعلم من أنت..لذا رحبت ان تكون كبير لنا رغم حداثة سنك..وأنا لا أتدخل إلا عندما يستدعى الأمر وجودي..لذا لم أشعرك أنى أعلم كل شيء كان يجرى ولم أحاول حتى التدخل"
ابتسم تليد لعمه برزانة وهو يقول مؤكد:
"لا داعى لقلقك عمى..وكُن مطمئن تماماً من ناحيتي"
قاطعهم حسن وهو يهتف بإنفلات:
"أريد زوجتى عمى..الليلة سأرسل الان للشيخ يعقد لي عليها مرة أخرى"
أخرج زين العابدين زفرة طويلة وهو يقف من مجلسه بهدوء يشرع للمغادرة وهو يقول بثقل وهيبة:
"لن يحدث يا حسن..زينة الان إحدى بناتي..وأنت طلتها بالأذى لذا..إن لم تغفر لك هي وتريد العودة اليك..فأنت لن تنولها.."
قبل أن يغادرهم زين العابدين كان أيمن يقتحم جلستهم..فى تلك الغرفة الصغيرة الخاصة بهم أعلى الجبل..بملامح مهمومة غاضبه متعبه:
"لم يعلق والده بشيء وهو يراه يلقى بجسده على ذلك البساط الذي كان يجلس عليه منذ قليل بجانب تليد..لم يستطع زين ان يمنع ضحكة ساخرة وهو يراقب ثلاثتهم وبداخله يهمس:
"شرفت يا فالح ..لتكمل فرحتى بثلاثتكم"
كان الصمت الثقيل يسود بينهم..كل منهم سارح في أفكاره..كأن لن يتجرأ واحداً منهم على قطع هذا الهدوء الحذر..
إلا حسن الذي راقب أيمن بشعور مقيت داخلى يقاومه بخوف..قلقاً على شرفه منذ شهور مضت..ظل حسن واقف مكانه يشعر بشيء من الندم ..على ما إقترفته يداه في حق زوجته وأخته سوياً..إبتعد عنهم يوليهم ظهره ينظر الى الضوء المتسلل يقشع ظلام ليلتهم الطويلة على إستحياء..فشعر حسن بالحاجه ان يتوسل هذا الضوء كي يتسلل لداخله ربما يبدد عنه ظلام صدره وعقله..قبضت يداه بعنف على جانبيه وظهره تشنج و قطع الصمت أخيراً قائلاً بتصلب:
"لقد وصلنى أنك رفضت..ان ان"
تعلقت كلماته على فمه الذي جف..كأنه غير قادر على هذا السؤال..ولكن لم يكن أيمن أقل غضباً منه لذا لم يدعي عدم الفهم وهو يقول ببساطة جافة:
"أن ماذا..هل تجرؤ..وتسأل على أمر خاص بينى وبين زوجتي"
إلتفت له حسن بحدة وعينين مشتعلتين وهو يقول بقتامة ضاغطاً على حروفه بتشدد وكأنه يمنع نفسه ان لا يذهب اليه ويفرغ فيه جل غضبه:
"تباً لك..ولتلك النبرة التي تتحدث بها..ليس وقت لمثالياتك..إنه شرفي قبل ان تكون زوجتك..أخبرنى هل هي سليمة؟؟"
لم يستطع أيمن ان يمنع غضبه هو الاخر عندما إنتفض من جلسته يستقيم على عقبيه..وأمسك به من مقدمة جلبابه بقوة وهو يهتف بانفلات عنيف متألم من أجلها:"لعنك الله..يا متبجح أنت وشرفك..شوهت وجهها كما روحها جعلتها ظل لأنثى تلوم نفسها وتتلبس ذنب لم يحدث من الاساس.."
أخذ حسن نفس عميق حتى ضاق قماش جلبابه بين أيمن من شدة ما يحمله في صدره من مشاعر مكتومة"
فأفلت نفسه من بين قبضتى أيمن وهو يشيح بوجهه بعيداً بمشاعر مضطربة كأنه لم يعد لديه القدرة على مواجتهه..ربما ما فلت من بين شفتى أيمن..كان يجب ان يجعله يتنفس الصعداء ويطمئن ..ولكنه لم يزده الا حزناً وألم يتخلل روحه..وهم يثقل كتفيه..كيف يستطيع أن يواجهها يوماً؟؟يتلمس منها السماح..او يشعرها بأمان توسلته منه ولم تجده؟!
......................
إستدار حسن سريعاً يغادرهم دون كلمة إضافيه..او حتى ألقي عليهم تحية روتينية
إلتفت أيمن لتليد الذي يجلس هادئ..بسيط يكتفى بمراقبتهم..
وهو يقول:"أريد ان أغادر البلد في أسرع وقت نجلاء لن تحتمل أي همزه ولمزه تخرج من إحداهن"
هز تليد رأسه مؤيداً وهو يقول ببساطة:
"سكنك جاهز ..بالفعل ينقصه فقط وجودكم..اما عن الجامعة التي تريد أن تلحقها بها..فقط هات الأوراق فور ظهور نتيجتها..وأنا سأهتم بالأمر"
أغمض أيمن عيناه وهو يقول بأرهاق:
"لا سأهتم أنا بهذا الجانب..يكفيك الاهتمام بالسكن وتدخلك لتنقل أوراق انتقالي للمدرسة في العاصمة بأسرع وقت ممكن"
قال تليد بذات الهدوء:"أنت على الرحب دائماً"
......................
الصراخ كان يشق هدوء الصباح..ليزلزل كل منازلهم الهادئه..أسرع حسن الخطى..وهو يتبين صراخ أمه الملتاع..
إقتحم غرفة والده برهبة وخوف كله يتزلزل بسلطان أقوى من تحمله..
إنكب على جسد والده الذي تبين صقيعه وبروده كلوح من الثلج..يهز فيه بهدر عنيف أن يستيقظ..ليخبره ما قد يجعله يموت مرتاح البال ويبدد عنه الكسرة التي عاشوها ..ولكن أمر الله كان نافذ بسلطان الموت الرهيب والذي لن يستطع أحد يوماً..ان لا يتزلزل رعباً وينحنى يسقط خوفاً ..مات أبوه دون حتى ان يعلم بنقاء شرفه..مات خاسر الروح والخاطر مذلول مشلول عاجز..كما فعل في أحدهم يوماً ...
انتهى
أنت تقرأ
عادات خادعة
Romanceعادات خادعة ..حكايات وحيوات من قلب البيئة العربية عامة وروح الصعيد خاصة ..تتنازع العادات التى تنمو وتكبر غارزه جزورها عميقه بداخلنا وبين المنادئه بالحرية والعدل وقتل تلك العادات التى تنتهك المرأة .. الحكاية الأولى الصحفي المشهور بمنقذ الصغيرات المنا...