الأول

728 31 103
                                    



* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *



جِيان || اربع وعِشرون ربيعًا

بريطانيا|| الساعة الثالثة بعد منتصف اللّيل.

: العادة التّي لازمتني في هذه الأشهر الأخيرة بعد زواجي مباشرةً من الفتاة التّي تشبثت بها منذ الصّغر، استيقظ عند هذه الساعة وأنا أعلم أنه لا يوجد شيء يدعو للقلق أو اقتطاع النّوم، لكن قلبي دائمًا ما يخالفني رغمًا عني، فقط لأطيل النظر إليها بينما هِي نائمة بهدوء إلى جانبي، فقط تحديقي أثناء نومها ربما يُعتبر كتعويضٍ لي عما يحدث خلال النّهار، على الرّغم من أنه لا مشكلة عندي أيًا كان، لكنه يبقى أمرًا أحبه كثيرًا.

أخرج دائماً إلى الشرفة في هذه الساعة المتأخرة، مسترجعًا كل شيء قد حدث معنا منذ البداية، لا أعلم لما يجب عليّ أن أتذكره، لكن ربما أعده سببًا لمواصلة ما أفعل، رغم آلمه لي.

-

"قبل ما يقارب اثنا عشر سنة منقضية...

عندما عدت مع عائلتي إلى مدينة يوكوهاما بعد غياب ما يقارب ست سنوات بسبب عمل أبي، ولا يوجد سبب مقنعٌ اخر لفعل هذا، قضيتها في نيوزيلندا مرغمًا، وانا اقسم ان كل دقيقة هناك كان تشدني نحو الاذى الروحي دون أن التمس الأمر بيدي، لم أتمالك السعادة التي غمرتني عندما علمت اننا سنغادرها، لقد القيت كل امنياتي بعيدًا وبقيت متمسكًا بالعودة طوال هذه الفترة.

فقط بعودتنا رأيت أن الأرض المجاورة لمنزلنا كان قد بيعت وبُني مكانها بيتٌ يشابه طراز منزلي من الخارج، كان الوضع هادئًا بعض الشيء سوى في ساعات الصّباح الأولى حيث كنت استرق النظر بعض المرات لابن جارنا وشقيقته وهما يغادران للمدرسة، في حين انني كنت في منتصف تقديم اوراقي لذات المكان بما انه مجمعٌ دراسي متجاور ويملك سمعةً جيدة عند أهل الحي.

منذ يومي الأول هناك كنت ألحظ ابن جارنا واخته سويًا بشكلٍ دائم، يرافقه صديقٌ واحد إلى جانبه هو واخته، لا انكر أن فضولي دائمًا ما يعبث بتركيزي بشأن اخته التّي اصبحت في الصف الخامس ولا تملك اي اصدقاء، لا تعطي ابتسامة سوى لأخيها، حتى صديقه تبدو مرتبكةً إلى جانبه قليلًا، بقيت أفكر به حتى وصلت إلى الصف الأول المتوسط واصبحنا في الصف ذاته مجددًا...

كلما نَظرت إليها، احتشدت الكَثير من الأفكار والكلمات برأسي عنها، إذّ أنها تبدو لطيفةٌ مسالمةً جدًا، كيف لها ألا تملك أي أصدقاء؟ والتساؤل الأخر الذّي أشغل عَقلي كان "هل تملك خوفًا شديدًا للحد الذّي جعل شقيقها يسقط سنة دراسية بشكلٍ متعمد إلى جانب السنة التّي تأخرها بسبب تاريخ ميلاده ليبقى معها؟"، ليس الأمر انني أريد فقط أن أعلم وأتخلص من التساؤلات المُّتكدسة بداخل عقلي، بل لأنني حقًا كنت أرغب بالتخالط معها، فحتى انا لم املك اخوة ابدًا ولا املك اصدقاء، ذلك الانتقال البَغيض تسبب بتأخري مما اضطرني للبقاء دون فعل اي شيء لعامٍ دراسي كامل بينما الاخرون الذين هم بعمري قد انتقلوا للمرحلة الجديدة قبلي.

أنقذنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن