العاشر

227 17 35
                                    




* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *



يونجين || مساء الأربعاء *عَقبِ أربعة أيام من تلك الليلة*.

-

أمضيتُ ساعاتِ عمري تلك بين تأمل السقف بعقلٍ منشغل بالتفكير ليلاً واخر منهمكاً بالعمل نهاراً، بدوت كما لو أنني ألوذ من تلك الأصواتِ بداخلي بالعمل في محاولةٍ لتنفيذ ما قلته!، إذ أنني قد قررت جعل جِيان يأخذ زمام الكثير من الأمور ناحية نِينا، أن تستند عليه في المقام الأول كونه الأقرب لها حالياً ولتشعر براحةٍ أكبر معه دونما حاجةٍ ماسة إليّ!

أتذكر تماماً صباح اليوم التالي لفقد نِينا الوعيّ كيف أنها استيقظت بكل ما يحمله الكون من فزعٍ وهلع! نفرت منه سريعاً بينما أخذت كل تلك الأشياء المعتادة تظهر عليها مجدداً كارتجاف جسدها و بكاءها المتواصل ، كعادته في بداية الأمر لم يواجه أي صعوبةٍ أو اختلاف في تعامله معها ، جلس إلى جوارها متحدثاً إليها على الرغم من أن مشاعره لا تزال غير متزنة بسبب ما حدث مسبقاً ، لكن ما زاد الحدة والسوء في الأمر أن جِينا قامت بدفعه بقوةٍ عنها ليتأذى كَتفه الأيمن اثر اصطدامه بخزانة الملابس إضافةً إلى صراخها وكلماتها المتشابكة الغير مفهومة ، لم يلقِ بالاً في بداية الأمر لكن ما أن حاول الاقتراب أكثر وتهدئتها ابتعدت عنه وطلبت منه عدم لمسها ، مجدداً حاول أكثر من ذلك لكنها قد كسرت محاولاته تلك بقولها أنها تكرهه ولا تريده قريباً منها !!

لا أُنكر أن الحزن قد وصل إلينا نحن الاثنان عندما رأيناه بملامح منكسرة ووجهٍ شاحب اثر بقاءه تلك الليلة في مكتبه منهمكاً بعملٍ ما ، لم يقرب غرفتهما المشتركة سوا لأخذ ملابسه و الخروج ، بينما كانت هي تجلس في تلك المساحة الصّغيرةِ بين الخزانة و الأدراج المجاورة للسرير تتحدث بكلماتٍ لم يفهمها ، وجد بعض بقع الدم على كتفها و يديها لكنه كان ضعيفاً ليقترب منها و يداويّ الجراح ، ولا ألومه و لا أشكو منه فلو قيلت لي من أكثر شخصٍ أحبه ربما سأتحطم أكثر منه ، لا يزال هو ثابتاً لم يبكِ بعد و لم يصرخ أو يتذمر كثيراً ، فقط عَيناه تحكي كل شيء و حالته معها ، أهكذا يُصبح المرء بعدما تلقى على مسامعه كلمةٌ مهيبة كتلك ؟ ممن أحبّ قلبه؟

باقِيان على حالتهما حتى الأن، لم يجرؤ على محادثتها مجدداً وهي لا تنفك على تلك الحالة، بينما في الجهة المجاورة يستمر ايتسوكي بالتذمر مني والتشاجر معي بعض الأحيان لأنني أصرف النّظر عن الموضوع، ليس مريحاً لجِيان أن أكون الوحيد القادر على التحكم بنينا وما يصيبها، أقسم أنه سيشعر بانعدام فائدته وضيّق فرصه في مساعدتها لماذا لا يصغيّ أحدٌ إلى ما أصبو إليه؟ حتى أنا هنا أموت بقلقي على كليهما، من جهته هو أشعر بالتحطمِ كلما رأيت وجهه والحزن الذّي يأخذه لعالمٍ أخر، وتلك الصغيرة الخائفة التّي لا أدري ماذا رأت لتتصرف بهذا الوضع المريب، فكّرت بإعطاء الأمرِ يوماً إضافياً على الأقل لأستجمع ما برأسي من وسائل لمساعدتهما بشكلٍ سطحيٍّ تماماً عسى أن تُفكّ تلك العقدة الجديدة وتحلّ ...

أنقذنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن