التّاسع عشر

237 13 2
                                    




*****************************

-

عند الحادية عشر واثنان وخمسين دقيقة، كان أربعتهم متخذين وجهتهم الأولى أحد المطاعم حديثة الظهور بالنّسبة لهم قبل قضاء أيّ نشاطٍ اخر، يجلس جِيان بجانب الأكبر، يقابل الأكبر ايتسوكي ومن جانبه جِينا التّي لم تكفّ عن التذمر منذ أنها أُجبرت على ارتداء وشاحٍ مثل الأكبر سِناً ليُردف الأكبر: نينو توقفي، الجو باردٌ جداً ودرجة الحرارة أقل من عشر درجات وتريدين البقاء دونه؟ هذا جنون، أيضاً مالذّي يضايقكِ به؟

نظرت نحوه بعيّنين صِغار الجراء والتّي لا يستطيع الأكبر احتمالهما أثناء اجابتها له: إنه خانق، لا أحب وضع شيءٍ حول عنقي هكذا أرجوك ...

تنهد يائِساً فهي المنتصرة أمامه بتلك الملامح ليُجيب: حَسناً يمكنك ازالته فقط هنا لأننا بداخل مكانٍ دافئ، لكن ما أن نغادره ستعودين لوضعه، هل نحن مُتفقان؟

مد يده قاصداً اخذه منها بعدما أومئت وقامت بخلعه بكل سرور ليقاطعهم حضور أطباق الطّعام وفردها بهدوءٍ على الطّاولة بشكلٍ عشوائي دون الانتباه إلى تقديم كل طبقٍ بحسب طَالبه، لكنهم اكتفوا بإعادة ترتيبها بأنفسهم دون الحاجة إلى مناقشة النّادل، فمن ملامحه يبدو متهجماً ومَلِل، منذ أن تناول ايتسوكي ملعقته الأولى من الحساء الذّي طلبه علّق بقوله مُتذمراً: مالحٌ جداً، لا يمكنني ابتلاعه حقاً...

مرره عاجلاً نحو الأكبر أمامه بعدما أشار الاخران له بذلك ليقترب كلاهما مجربين المذاق لتتجعد على الفور ملامحهما معلنةً عن فظاعة مذاقه ليستطرد أصغرهما: هل لديهم مقدارٌ فائضٌ من الملح؟ الحساء مُسممٌ به، من يستطيع أكله حقاً؟

تقدم الأكبر لالتقاط قطعةٍ من الفطائر أمامه مُتمنياً على الأقل أن تكون خالية من الملح فلسانه يبدو محترقاً بسببه، لكنه بدأ بالسّعال بعد ابتلاعه للقطعة مع تحول وجهه للون الأحمر ليمرر الذّي بجانبه الماء له بينما يربت على ظهره محاولاً التّخفيف عليه لينجح الأمر بعد دقائق لكن حُمرة وجهه لم تزل بعد بجانب سُعالٍ خفيف ليستطرد بقوله: حارٌ جداً، فقط كم مقدار الفلفل الذّي قاموا بوضعه؟ هذا لا يحتمل، أنا سأتوقف، احترق لساني بالملح وحنجرتي بحرارة الفطائر...

أشار جِيان له بالمغادرة بعد دفع الحساب فالثّلاثة الأخرون يوافقون أكبرهم بحديثه، فالطّعام يبدو كعقابٍ خفيّ لهم، لكن الأكبر لم ينسى ما قاله للأصغر فور خطوهم خارج المكان متوجهين حيث تُصف سياراتهم ليجذبها من معصمها موقفاً إياها أمامه لافاً الوشاح حول عنقها دون خنقها بلفاتٍ عديدة تزامناً مع اعتلاء الاستياء ملامحها ليُردف الأكبر ملاطفاً إياها: كيف يُمكن ان يعبِس أحدهم ويبقى لطيفاً وفاتناً بذات اللّحظة؟ محظوظون لرؤية منظرٍ لطيفٍ كهذا عن قرب..

هربت الفتاة بعدما تشربت وجنتاها بحُمرةٍ طفيفة مختبئةً خلف جِيان ورنين ضحكاتهم هو جُل ما يسمع في تلك البقعة، أشار ايتسوكي للبقية بفكرة التوجه إلى مطعمٍ اخر فوقتُ الغداء قد اتى وهمّ على إطلاقاً لم يحظوا بما يُسمى "إفطاراً شهياً" لذا قرروا دمج كلا الوجبتين سوياً ومن ثمّ التّفكير بوجهتهم الأخرى لاحقاً ...

أنقذنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن