البنت الصُغيَّرة كانت جميلة، بتفرَّج عليها من ساعة ما دخلت المحل الصُغيَّر بتاع الأنتيكات القديمة هي ووالدتها، كُنت ضاغطة وشي على الإزاز عشان أراقب كُل خطوة من خطواتها، مُعظم الناس اللي بيزوروا المكان هنا ضعفاء أو كبار في السن، أو على الأقب متوسطين العُمر بس أوباش، مُعظمهم بيعدي من جنبي ومش بياخد باله مني، أغلبهم بيجروا ورا الحاجات اللي بتلمَع، حتى الناس اللي بيلاحظوني أو بيشوفوني بيدوروا وشهم الناحية التانية بسُرعة جدًا، وغالبًا يعني بيلوموا نظرهم الضعيف أو خيالهم الواسع على اللي شافوه، لكن البنت الصُغيَّرة دي شافتني ولاحظتني فورًا وبسرعة
ابتسمت لها، وابتسمت لي، شاورتلي فشاورتلها، خرجت لسانها وقررت أقلدها بالظبط، لفت حوالين نفسها في دايرة وأنا كمان لفيت حوالين نفسي في دايرة، ضحكت فضحكت أنا كمان، مكانتش خايفة إنها شايفة انعكاس حد تاني في المراية، ولا كانت آخدة بالها إن محدش شايفني غيرها
البنت كان عندها خمس سنوات تقريبًا، شعرها أشقر وناعم، عينيها زرقاء وبتلمع أوي، ملامحها بتقول إنها هتكون جميلة جدًا لمَّا تكبر، النوع دا من البنات اللي رغم صغر سنها إلا إن جمالها صارخ ومش طبيعي
كان معاها مصاصة بتاكلها وهي مُستمتعة بيها، باين جدًا إن طعمها عاجبها، بس أنا مكانش معايا حاجة، مش قادرة أحس بطعم حاجة، وحشني طعم السُكَّر
ضغطت إيدي على الإزاز وأنا بشاورلها عشان تقرَّب مني أكتر، شُفتها مُترددة لثواني قُليِّلة، كانت عارفة إن دا مش صح، بس أنا كان عندي أمل فضولها يغلبها، ويخليها تتخلَّص من خوفها وتقرَّب أكتر
ابتسمت بلًطف على أد ما قدرت، همستلها تقرَّب وتلمس المراية، ابتسمت للحظة وهي بتاخد خطوة لأدام، عدَّت من تحت الشريط اللي صاحب المحل حاطه عشان يبعد الناس عن المراية وبدأت تقرَّب
ضغطت بإيدها على الإزاز أكتر وهي بتبصلي وابتسامتها بتوسع أكتر، البنت المسكينة كانت فاكرة إننا بنلعب
الموضوع ما أخدش لحظة، بعدها كُنت قادرة أتنفس بعُمق، ولأول مرة من فترة طويلة أكون قادرة أشم ريحة التُراب اللي مالي المحل، ريحة عرق الزباين والبرفانات الرخيصة اللي هُمَّا حاطينها، حسيت بطعم حاجة مسكرة على شفايفي، بقايا المصاصة اللي كانت معاها، لحستها بجشع، طعمها فراولة
" كلوي! ابعدي عن المراية! "
سمعت صوت الست اللي المفروض تكون أمي الجديدة وهي بتصرُخ، بعدت عن المراية بسُرعة وأنا بروح أقف جنبها بهدوء
كانت جميلة هي كمان، عينيها شبه عيون بنتها، إبتسمتلي وأنا بقف جنبها، إبتسمتلها من قلبي، أنا خلاص حبيت الست دي
شاورت ورايا وهي بتقول: " أنا آسفة إني ما أخدتش بالي منك، بس اليافطة اللي هناك دي بتقول إننا ممنوع نقرَّب من المراية "
بصيت على المكان اللي هي بتشاور عليه
في المراية كُنت شايفاها، البنت الصُغيَّرة كانت بتعيَّط، وشها اللطيف الصُغيَّر كان أحمر من كُتر العياط، كانت بتخبَّط على الإزاز بقوة بإيديها الصُغيَّرة، بس أنا كُنت مكانها في يوم من الأيام، كُنت عارفة إن محدش قادر يشوفها ولا يسمعها غيري، أو عشان أكون صريحة معاكم يعني، ناس قليلة أوي بس اللي هيكونوا قادرين يشوفوها أو يسمعوها
همستلها: " أنا آسفة! "
مكُنتش عارفة أنا بعتذر للأم عشان بعدت عنها ورحت للمراية، ولا بعتذر للبنت إني اضطريت أسرق حياتها وأحبسها مكاني
الست ردَّت عليَّا وقالت: " ولا يهمك يا حبيبتي، المُهم خليكي جنبي ومتبعديش أبدًا، هنقابل بابا كمان شوية عشان نتغدي سوا، اتفقنا؟ "
طبطبت عليَّا وهي بتبعد شعري عن وشي، من زمان محدش لمسني، من زمان محسيتش بحد بيلمسني بالرقة دي
الست فضلت في المحل حوالي نص ساعة تقريبًا، فضلت جنبها ووراها في كل مكان بتروحه، ماسكة إيدها ومُستمتعة بلمستها، كُنت مستمتعة إني قادرة أشم الحاجات الموجودة حواليا
ابتسمت وهي بتقولي: " إنتي كُنتي كويسة أوي النهاردة يا كلوي! أنا فخورة بيكي جدًا "
اشترت أمي الجديدة شوية حاجات من محل الأنتيكات واستعدَّت عشان تمشي، قبل ما نخرُج بشوية بصيت على المراية، البنت لسَّه بتعيَّط، كُنت شايفاها بوضوح وحاسَّة بيها وبإحساسها، كانت صعبانة عليَّا أوي
صاحب المحل بصلي وهو بيبتسم بخُبث قبل ما أخرج من المحل بثواني
ضحكت وأنا بستمتع بالهوا والشمس
أنا استعدت حُريتي
واحدة من المتلازمات النفسية الغير مشهورة أوي هو الاضطراب الوهامي أو Delusional Disorder
في الحقيقة مُمكِن يكون له اسم بالعربي أسهل من كدا بس أنا مش عارفه فمُمكِن لو في دكاترة يفيدونا في النقطة دي
الاضطراب الوهامي هو مرض نفسي غير مشهور يعاني فيه المرضى من أوهام غريبة، ولكن مع عدم وجود هلوسة واضحة وبدون اضطراب في التفكير أو اضطراب في المزاج، وعشان يتم تشخيص الإصابة بالاضطراب دا، مينفعش تكون الهلوسات بارزة، رغم احتمالية وجود الهلوسات الشمية أو اللمسية المتعلقة بمحتوى الأوهام
ودا موجود في حالة البنت الصُغيرة اللي بتعاني من وهم إن فيه كيان في المراية سرق حريتها وحبسها ورا المراية، وبتتكلِّم وبتحكي الحكاية بلسانه وباسمه، وهتلاقي كل الشروط هنا مظبوطة، يعني مثلًا الهلوسات هنا واضحة وباين مصدر الخطر فيها بوضوح، وفيه هلوسات شمية زي روايح التراب والبرفانات القديمة اللي بدأت تشمها فجأة، والهلوسات اللمسية زي إنها بتقول إن محدش لمسها من زمان وإنها مُستمتعة بلمس أمها ليها.
.
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم
