الفصل الصامت

486 38 1
                                    

مكانش لازم أعمِل كدا، أنا عارف إني المفروض مكانش لازم أعمِل كدا
بس الموضوع إن ماثيو مش بس إبني، دا كُل حاجة بالنسبة لي، ماثيو هو أقرب أصدقائي، إحنا قُريبين أوي من يوم ما والدته ماتت، مؤخرًا ... ومن يوم ما رجع من الجامعة من حوالي أسبوعين، وأنا ... قلقان عليه بصراحة، أنا فعلًا قلقان أوي عليه
ماثيو متغيَّر، الجامعة غيرته، مقصدش أكيد إنه بدأ يعتمِد على نفسه أكتر، ولا إنه بقى مُدمِن حفلات، لأ ... أقصد إن الولد شكله مريض، شكله مريض مرض خطير، لمَّا رُحت عشان أجيبه من محطة القطر لمَّا وصل، الهالات السوداء اللي تحت عينيه كانت كبيرة وغامقة كأنها كدمات، كأنه منامش من أسابيع طويلة، شعره كان منكوش ومش نضيف، ريحة أنفاسه كانت كريهة
دا مش إبني ماثيو اللي متعوِّد عليه، لمَّا وصلته محطة القطر من كام شهر عشان يسافر للجامعة بتاعته، كان شخص مُختلِف تمامًا، كان سعيد، مرتاح، مُتحمِس، ومبسوط، مش زي دلوقتي
فيه حاجة حصلتله هناك، في الأيام اللي كان بعيد فيها عن البيت، الموضوع كان سيء جدًا
مشفتوش غير مرات قُليلة خالص طول الأسبوع اللي فات، هو برا طول اليوم وبيرجع البيت متأخَّر، في يومين كاملين مرجعش فيهم البيت أصلًا، قالي إنه بايت عند ناس أصدقائه، بس لمَّا كان بيقولي كدا مكانش بيبُص في عينيَّا، النهاردة الصُبح صحي من النوم بدري وخرج من البيت وأنا لسَّه نايم ومقومتش من سريري، قالي من برا إنه نازل وهيروح الحديقة العامة عشان يقابل ناس أصدقائه
بس شكله ومظهره وهو خارج مكانش بيقول إنه رايح يقابل أصدقائه، كان شكله زي ما يكون خارج في مُغامرة خطيرة ومش عارف هيرجع منها ولا لأ
على أي حال، أنا عارف إن دا مش مُبرر مُقنِع للي عملته، مش بحاول أقنعكُم بحاجة، بس أنا قُمت من مكاني ومشيت ناحية أوضة ماثيو لمَّا هو خرج من البيت، أول ما دخلت شُفت اللاب توب بتاعه مفتوح ... فضولي كان أقوى مني، قررت أبُص بصَّة سريعة بس، عشان أتطمِّن عليه مش أكتر
أوضة ماثيو في آخر البيت، بتطُل على الحديقة الخلفية، لمَّا قعدت على المكتب بتاعه، حسيت بنور الشمس بيدخُل بلُطف من بين الستاير، نور الشمس كان منوَّر الأوضة كُلها، وبصراحة كانت حاجة لطيفة جدًا، بس اللي مكانش لطيف هو مدى الفوضى اللي الأوضة فيها، الهدوم مرمية في كُل مكان في الأرض، كوبايات قذرة، كُتب وورق وأقلام مرمية في كُل مكان في الأوضة، الرُكن الأيسر من مكتب ماثيو كان عليه طين قذر واقع من علبة النبات اللي جدته أعطتهاله هدية، الغريب إن الأوضة فيها ريحة غريبة جدًا، ريحة عبارة عن مزيج بين ريحة الهدوم القذرة العرقانة، والطعام المُتعفِن، وحاجة كمان ... حاجة غريبة مش قادر أحددها
الريحة كان مُزعِجة جدًا لدرجة إني قررت قبل ما أخرج أكتب ملحوظة لماثيو عشان يشوفها لمَّا يرجَع من برا، هطلب منه فيها إنه ينضَّف أوضته شوية
كتبت الباسوورد بتاعه على اللاب توب، هو عنده باسورد واحد ثابت بيستخدمه في كُل حاجة، فتحت جوجل كروم وبدأت أشوف سجل المواقع اللي بيدخُل عليها
المواقع اللي فتحها النهاردة قبل ما ينزل هي مواقع جوجل، تويتر، وأوتلوك، وباين أوي إنه فَتَح المواقع دي بشكل سريع ومقراش حاجة فيهم، فحقيقي أنا مش عارف المفروض أدوَّر على إيه بالظبط، بدأت أفتح المواقع وأمشي بعينيَّا بشكل سريع على المكتوب
المواقع مش كتير أصلًا، هو هنا من كام يوم وملحقش يدخُل على مواقع كتير، لكن وسط رحلة الفضول دي، في حاجة لفتت نظري، ماثيو ليلة إمبارح كان بيدوَّر على حاجة مُعينة، وبحثه دا على ما يبدو استمر لساعات، بدأت أحِس بالتوتُّر والقلق، ضوء الشمس اللي جاي من بين الستاير كان بدأ يحسسني بالحر
أنا بعمل إيه هنا بالظبط؟ أنا ليه مُعتقِد إن التجسُّس على كومبيوتر إبني أمر طبيعي؟ إيه المُشكلة لو الولد بيدوَّر على حاجة مُعينة أو بيعمل حاجة مُعينة على الإنترنت، كُل اللي هستفاده إني هخترق خصوصيته ومش هحترمها، ودا هيخليني أحِس بالذنب جدًا
أظن كدا كفاية أوي، لمَّا يرجع هبقي أقعد معاه وأجرب نتكلِّم زي أي أب وابنه، دي الطريقة الأفضل لحل الموضوع
لكن فجأة وقبل ما أقوم لقيت نفسي أدام شوية حاجات كان بيبحث عنها على جوجل أول إمبارح، حاجات مخدتش بالي منها أول مرة، لكن دلوقتي قاعد بقراهم بتركيز وحاسِس بالخوف والرُعب بيتملكوا مني
الساعة 8:30 مساءً كان بيدوَّر على (الفصل الصامت)
الساعة 8:46 مساءً كان بيدوَّر على (طقوس بدء الفصل الصامت)
الساعة 9:32 مساءً كان بيدوَّر على (معنى التعويذة)
الساعة 10:03 مساءً كان بيدوَّر على (إزاي أستخدم تعويذة في فَتح بوابة)
الساعة 10:28 مساءً كان بيدوَّر على (كُتب عن تعاويذ السحر الأسود)
الساعة 10:57 كان بيدوَّر على (معنى سحر الدم)
بين عمليات البحث دي كان بيفتح الإيميل بتاعه أو ويكيبيديا، وبعض المُنتديات الغامضة اللي معرفش عنها أي حاجة
وخلوني أعترف لكم، بدأت في الوقت دا أحِس بالخوف والاضطراب، بس حاولت أهدي نفسي وأقنع نفسي إن دا طبيعي يعني، ماثيو بيدرس علم الاجتماع في الكُلية وأكيد الأبحاث دي لها علاقة بدراسته، أكيد عندهم قسم بيدرسوا فيه الديانات المُختلفة وهو كان بيذاكر واحدة من الديانات الغامضة المُخيفة، أكيد دا مشروع دراسي هو بيشتغل عليه، أكيد بيدرس حاجة لها علاقة بالسحر والسحرة، ويمكن يكون بيكتب بحث عن السحر أو بيكتب مقال
دي القصة اللي حاولت أقنع نفسي بيها قبل ما أكمِّل بحث في سجل الإنترنت بتاع ماثيو، شُفت الحاجات اللي دوَّر عليها على جوجل النهاردة الصُبح قبل ما يخرُج، الحاجات اللي بصيت عليها بدون اهتمام أو تركيز من شوية
دلوقتي بقراهم تاني بحرص وتركيز، بقرا كُل حاجة فيهم باهتمام، لكن لمَّا كُنت بقراهم واحد ورا واحد، كُنت بحِس بالخوف بيتملك مني، وبيسيطر على كُل حاجة فيَّا، حسيت بخوف عُمري ما حسيت بيه قبل كدا
البحث الأول كان عن اسم بنت، روز فيلد، اسم معرفوش لشخصية معرفهاش، كتبت الاسم على جوجل لكن مكانش فيه حاجة مُميزة، أكونت على الفيس بوك، وكام أكونت على إنستجرام، مفيش حاجة مُميزة يعني، أعتقد إني مُجرَّد بنت هو مُعجَب بيها ولا حاجة
لكن النتيجة التانية كانت مُختلفة شوية، كانت تويتة على تويتر، لمَّا فتحتها فوجئت إنها تويتة من الشُرطة المحلية، من كذا ساعة
كانت صورة لبنت صُغيرة سنًا، عندها حوالي سبع أو تمن سنوات، شعرها أشقر، وعاملة ديل حُصان بتوكة خضرا
كان مكتوب على الصورة كلمة واحدة بس باللون الأحمر وبحجم كبير: مفقودة
بدأت أقرا التويتة بخوف، البنت مفقودة من إمبارح بالليل، وعلى ما يبدو كانت بتلعب في الحديقة العامة قبل ما تختفي، واختفت فجأة بدون أي أثر ومرجعتش تاني، وعلى ما يبدو برضه إنها كانت ساكنة قريِّب مننا أوي
البنت دي اسمها روز فيلد
إيدي كانت بتترعش وأنا ببُص على آخر حاجة في سجل البحث، أكتر حاجة رعبتني، كان بحث تاني على جوجل
الساعة 8:50 صباحًا كان بيدوَّر على (أفضل مكان أخبي فيه حاجة في أوضة النوم)
فضلت باصص لشاشة اللاب توب شوية وأنا مش عارف المفروض أعمل إيه أو أتصرَّف إزاي، ضغطت على اللينك، وبدأت أقرا نتايج البحث، بس نتيجة مُعينة لفتت نظري، ومشيت بعينيا من على شاشة اللاب توب وصولًا للرُكن الأيسر من مكتب ماثيو والطين قذر اللي واقع من علبة النبات اللي جدته أعطتهاله هدية، تربة النبات مش متساوية، فيه حاجة تحتها
دورت بإيدي وبسُرعة جدًا لقيتها، مدفونة وسط التُراب، حقيبة بلاستيكية صُغيرة، مدفونة بشكل سطحي، طلعتها
كانت شفافة وقادر أشوف اللي جواها، كان جواها ورقة مليانة ترال، فتحتها وإيدي بتترعش، وطلعت الورقة ونضفتها من التُراب اللي عليها
لمَّا شُفت اللي جواها قلبي وقف من الخوف، يا ريتني ما دورت في كومبيوتر ماثيو، يا ريتني ما دخلت أوضته أصلًا
جوا الشنطة كان فيه حاجتين إتنين بس
أولًا زجاجة صغيرة مليانة سائل أحمر مُميز وأظن كلكم عرفتوه زي ما أنا عرفته
والحاجة التانية كان ديل حصان طفلة صُغيرة، أشقر ومربوط بتوكة خضرا!

على ما يبدو إن ماثيو متورَّط في أمور السحر الأسود واللعنات، وعلى ما يبدو برضه إن السحر الأسود دا عمومًا أو سحر الدم خصوصًا كان لهم طلبات مُعينة في التضحية المطلوبة، وهو وافق عليها وبدأ ينفذ طلباتهم
خطف البنت وقتلها، وملى إزازة صُغيرة بدمها، ومعاه جزء من شعرها، طبعًا الأب بلَّغ عن ابنه عشان يبرأ نفسه، خصوصًا إنه خايف ابنه يكون متورَّط في أمور شيطانية

.
.
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم

رعب(محمد عصمت)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن