لو فيه حاجة واحدة مُشتركة بين جميع المدارس وجميع مراحل التعليم في الولايات المُتحدة الأمريكية، فالكُل عارف هي إيه، لأنها مُشكلة عامة وواضحة للكُل ... التنمُّر!
أنا كُنت بعاني مش مشاكل اجتماعية، وعندي مشاكل في النمو، عشان كدا كُنت هدف لأي شخص عايز يتنمَّر، تفتكروا كام مرة كُنت بسمع الإهانات بوضوح وبتجاهلها وبعمل مش سامعها؟ تفتكروا كام مرة كان لازم أتهان وأتضرب عشان هُمَّا يضحكوا ويتبسطوا؟ المُدرسين كانوا بدون أي فايدة تمامًا وأهلي كمان كانوا مُهملين في حقي جدًا، محدش كان بيهتم إنه يوقَّفهم عند حدهم، أهلي كُل اللي فارق معاهم هو الشُغل والفلوس، أظن حتى إنهم مكانوش هيهتموا لو سبت المدرسة بسبب الجحيم اللي شُفته هناك
ساعات كُنت بروح الغابة عشان أقعد لوحدي بعيد عنهم شوية، بحاول ألاقي مكان لطيف ومُريح أرتاح فيه، بطلع الكُتب والروايات بتاعتي، وبنسى الواقع بيهم، بهرب بين سطور الحكايات من الواقع السيء دا، هو دا المهرب الوحيد اللي قدرت ألاقيه، بعد فترة بدأت أكتب أنا قصص وحكايات من تأليفي، مش هقول عليهم أحسن قصص في الدنيا، بس دول بتوعي، من تأليفي ويخصوني، دول الدليل على إني قادر أكون إنسان مُنتِج
بس طبعًا الحلو ما بيكملش، كان لازم حاجة تحصَل عشان السعادة اللي حاسِس بيها دي تختفي وتزول تمامًا! أعتقد إن اليوم دا كان أكتر أيامهم شرًا، كُنت قاعد بهدوء بكتب آخر فقرة في قصة طويلة شوية، حسيت بحاجة بتمسِك رقبتي بقوة وبترفعني في الهوا، كانوا متجمعين حواليَّا وبيضربوني بقوة، النوتة اللي بكتب فيها وقعت مني، حاولت أجيبها لكن الضرب كان أقوي مني
جيريمي اللي كان ماسكني ورافعني في الهوا، كان بيبصلي بصة كُلها شر وحقد، وأصدقائه حواليه فرحانين بيه وبيشجعوه
أخد النوتة وهو بيقول: " دا بقي المكان اللي إنت بتختبئ فيه؟ "
فتحها وهو بيقول: " الله الله ... يبدو إن إنت بتحب تكتب كتير! بتدوَّر على انتقامك الصغير في الفانتازيا والخيال؟ قتلتنا في القصة ومشيت مع الأميرة الجميلة وإنت ماسك الدرع والسيف؟ "
حاولت بقوة أكبر أهرب منه، سابني أقع على الأرض بقوة
بص لأصدقائه وسألهم: " أنا معرفش إيه رأيكم في القصص دي يا شباب، بس إيه رأيكم نعمل معروف في العالم ونتخلَّص منهم؟ "
وبمنتهى البساطة، واحد منهم طلَّع ولاعته وإداها لجيريمي، وكل القصص اللي فكرت فيها وتعبت فيها وكتبتها في سنين وسنين، إتحرقت بمنتهى السهولة في ... عشر ثواني!
مسكوني بالقوة وأجبروني أشوف مجهودي وهو بيتحرَق، واحد منهم اقترح بعبقرية فذة إنهم يقربوا وشي من النار عشان يتأكدوا إني شايف كويس، أظن إن دول كانوا أسوأ ناس في الكون كُله في اللحظة دي، في النهاية سابوني ومشوا، فرحانين بنفسهم وبيهنوا بعض، سابوني لوحدي وسط الرماد، وحرق ضخم وسيء في وشي
دخلت في حالة صدمة استمرت أد إيه؟ ساعة؟ خمسة؟ 12؟ مش مهم، محدش فرق معاه اللي حصلي، في النهاية تقبلت اللي حصل ورجعت للواقع، الليل كان جه والقمر كان منوَّر السما، قمت من مكاني بهدوء وبدأت أتوجَّه ناحية النهر، قعدت على الشاطئ النهر وأنا بحاول أتقبَّل هزيمتي، بدأت أعيَّط عشان أحِس بالراحة، كان بإيد فاشل زيي إيه عشان يعمله، كُنت حاسِس بالغضب، ضربت بإيدي على الأرض بقوة وغضب، لكن بدل ما إيدي تخبط في الأرض أو في شوية أوراق شجر ناشفة، إيدي خبطت في شيء صلب ومعدني
بطلت عياط وبدأت أدوَّر تحت كومة ورق الشجر الجاف على الشيء الصلب، كانت دلاية سلسلة، حجمها ضخم جدًا، أد قبضة إيدي تقريبًا، في ناحية منها كانت مرسومة صورة ملاك بيبص ناحيتي بتركيز وتحتها مكتوب جُملة (ملاك حارس)، لكن على الناحية التانية كان مكتوب جُملة تانية بخط صُغيَّر: (بالنسبة للضعيف والمجهول، دا الملاك الحارس، هيحميك ... ويوجهك ... هيكونلك أب ... وهتكونله إبن)
أكتر حاجة إتمنيتها في حياتي كُلها هي إن الكلام دا يكون حقيقي، حضنتها في كف إيدي وأنا بضمها لقلبي، ومن كُل قلبي دعيت ربنا، إن الملاك الغامض دا يجيلي
ولأول مرة في حياتي، الحاجة اللي بتمناها تتحقق
كان هنا، طاير فوق النهر، كُنت قادر أشوفه بسبب ضوء القمر، شعره الطويل الأشقر كان بيتطاير وراه بسبب الرياح، عينيه الزمردية كانت بتبص عليَّا، كان لازم أهرب، بس مقدرتش أتحرَّك ولا خطوة، مكُنتش عارف المفروض أهرب أروح فين
" إيه اللي بيحصلك يا صغيري؟ إيه هي مُشكلتك؟ "
مش عارف هو بيتكلِّم ولا أنا سامع صوته في راسي بس، بس دا مش مُهِم، بس لقيت نفسي فجأة بقع على ركبي وأنا بعيَّط تاني، حكيتله كُل حاجة بالتفصيل
" متعيطش يا صغيري، فيه حل للموضوع "
وقف جنبي وهو بيحط سرنجة في إيدي
همس بصوت لطيف: " دي هتحل كُل حاجة، إحقنهم بيها، وسيب الباقي للوقت "
عيطت تاني وأنا بقوله: " بس أنا ... أنا مقدرش أعمل كدا ... أنا مقدرش ... مقدرش "
حط إيده على الحرق اللي في خدي وهو بيقول: " شوف عملوا فيك إيه، لو إنت مخلصتش عليهم، هُمَّا هيخلصوا عليك "
بصيتله وأنا بسأله من بين دموعي: " وإنت ... وإنت ليه متعملش كدا؟ "
" أنا دليلك ... إنت اللي لازم تتصرَّف ... أنا هحميك من العقاب، وهمدَّك بالشجاعة اللي هتحتاجها، يلا ... انطلق "
في اللحظة دي، حسيت بالقوة، حسيت بالطاقة، بالشجاعة، حسيت إن كُل القوة اللي في الكون إتجمعت فيَّا، الثقة كانت ملياني، أنا هقدر أعمل اللي المفروض يتعمل
من الصعب عليَّا إني أفتكر اللي حصل بعد كدا، فاكر إني سمعت صوت إزاز بيتكسر، سمعت صوت بكاء مكتوم
روحت البيت ونمت، لمَّا صحيت الصُبح دورت في كُل مكان، لكن الدلاية والسرنجة مكانش لهم أي أثر، تنهدت بارتياح
رحت المدرسة، لكن الغريب إن الطلبة كانوا خايفين، بيتكلموا عن سلسلة الجرايم الوحشية اللي حصلت إمبارح بالليل، في وقت متأخَّر من الليل، الضحايا كُلهم ماتوا بطريقة غامضة، مفيش أي جروح في جسمهم، مفيش أي دليل على القاتل، مفيش بصمات أبدًا ولا حتى دليل على دخول القاتل بالقوة، الشُرطة حتى مكانوش عارفين هل دي سلسلة جرايم قتل ولا مُجرَّد موت بالصُدفة
حسيت بالقلق والبلبلة، لكن الشُرطة مكانتش قادرة توصل للجاني أبدًا، في النهاية القضية إتقفلت ضد مجهول، وبمرور الأيام، عادت الحياة لطبيعتها، بس بعد موت جيريمي وعصابته القذرة، مكانش فيه مُتنمرين تانيين، وأي حد كان بيفكَّر في التنمُّر كان بيخاف مصيره يبقي زي مصير جيريمي وعصابته، إتخرجت بتقدير كويس، ولقيت شُغل مُمتاز في بلدة مجاورة لينا، ودا كان عذر مناسب إني أسيب البلدة كُلها وأروح أبدأ حياة جديدة هناك
النهاردة، وبعد مرور عشرين سنة كاملين على الليلة دي، لسه مش فاهم ولا عارف إيه اللي حصل، يمكن يكون الملاك الحارس بتاعي هو اللي قتلهم بالسرنجة والسائل اللي جواها، ولا أنا مجنون وقتلتهم من غير ما أحس ولا أعرف، بس دا مش مُهم ... أنا حاليًا متجوِّز من زوجة بتحبني، وعندي أولاد هُمَّا كُل دنيتي، مش عارف الدلاية بتاعة السلسلة دي فين دلوقتي، بس أتمنى تكون في إيد أمينة، واللي يلاقيها يستخدمها بشكل كويس.من الواضح من وجهة نظري (اللي ممكن تكون غلط) إن الموقف القاسي الأخير اللي تعرَّض له أفقده الكثير من إتزانه النفسي والعصبي
ودا خلاه يفقد شعوره بالواقع ويشوف ملاك حارس بيقوله على طريقة سهلة للتخلص من المتنمرين دول وهي حقنهم بمادة قاتلة
وأعتقد إنه قتلهم كلهم وهو مش واعي ولا فاكر
.
.
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم
