لمَّا كُنت طفل صُغيَّر، كُنت فاكر إن عُلية (صندرة) جدي مسكونة
أهلي مكانوش يقدروا يوفرولي جليسة أطفال تُقعُد معايا، في حالة كان عندهم مشوار بالليل ولا حاجة، فكانوا بيودوني أقعد في بيت جدي، وأنا كُنت بحب أقضي عُطلات نهاية الأسبوع هناك في بيته، كان بيخرجني عشان نتعشى في مطعم بيعمل برجر مُمتاز، وبيحكيلي قصص حلوة أوي عن الفترة اللي كان موجود فيها في البحرية
بس أنا كُنت دايمًا بحِس إني خايف جدًا من العُلية بتاعته
وقتها كان عندي حوالي ست سنوات بس، وكُنت بقضي عُطلات نهاية الأسبوع المُمطرة وليالي الجُمعة الكئيبة في بيت جدي
في ليلة منهم كان مشغول وبيجهِّز العشا، وأنا كُنت بتفرَّج على التليفزيون، وكُنت زهقان جدًا، عشان كدا قرَّرت آخد جولة استكشافية في أنحاء البيت
كان بيت من البيوت القديم اللي فيها سلالم محمولة، اللي هي لمَّا تشدها لتحت تتفرد وتكوِّن سلم صُغيَّر، كُنت دايمًا بستغرب، ليه السلم دا بيكون مقفول ومرفوع لفوق، لكن في اليوم دا، الوضع كان مُختلف، السلم كان مفتوح نصه تقريبًا، كُنت قادر أوصله بمُنتهى السهولة
حسيت بالفضول بيتملِّك مني، نطيت لفوق عشان أوصل للسلم، وفعلًا قدرت أمسِكه، وشديته لتحت عشان يتفرد كُله، كُنت حاسِس إني مُتحمِّس جدًا، خصوصًا لمَّا اكتشفت إن جدي عنده أوضة سرية في بيته، كطفل.. كُنت فاكر إن دي أروع حاجة في الدنيا
طلعت على السلم الصُغيَّر، وبصيت بفضول جوا العُلية، كانت مليانة كراكيب قديمة
كان فيه طيارات لعبة قديمة وكُلها تراب، آلة عزف قديمة، مجموعة من مجلات التليفزيون القديمة، بس الأحسن من كُل دا.. كان صندوق كنز شبه صناديق القراصنة، هو مش صندوق قراصنة بالمعنى الحرفي، بس على الأقل أنا فكرته كدا ساعتها
كُنت مُتحمِّس جدًا للكنز اللي لقيته، سمعت صوت غريب جاي من ورايا من وسط الظلام، بصيت ورايا، جسمي بدأ يترعش وأنا بشوف الصندوق بيتهز وبيطلَع منه صوت غريب، من شدة هزة الصندوق كان بيتحرَّك على الأرض ببطء
نطيت بسُرعة ونزلت من على السلم، صرخت وأنا بنادي على جدي، جالي وهو بيجري، أول حاجة فكَّر فيها هو إني وقعت من على السلم وكسرت إيدي أو رجلي، بس لمَّا حكيتله اللي حَصَل، ضحك!
كُنت غضبان جدًا إنه مصدقنيش، حاولت أقنعه، وحاول يقنعني، قالي إن الصوت اللي سمعته كان صوت الخشب وهو بيطقطق، صوت الرياح وهي بتصفَّر، قالي إن البيوت القديمة عمومًا بتعمِل أصوات زي دي طول الوقت
في النهاية قرَّر يتظاهر إنه صدقني عشان يهديني شوية، قالي إني هكون بأمان طالما فضلت بعيد عن العُلية دي، عشان الشبح ميخوفنيش
أهلي كانوا غضبانين جدًا لمَّا حكيت لهم اللي حَصَل، كانوا فاكرين إن جدي قصد يعمِل كدا عشان يخوفني بس مش أكتر
بعد مرور فترة من الوقت، كُنت نسيت كُل حاجة عن الموضوع دا، كبرت، وسني زاد، سبت المدينة ورُحت مدينة أكبر عشان أدرس في الجامعة وأشتغل
والموضوع إتنسى تمامًا
لحَد من كام يوم فاتوا، لمَّا صديق قديم تواصَل معايا على الفيس بوك
كُنت قاعد في حالي لمَّا وصلني إشعار إن حد بعتلي طلب صداقة، ضغط على اسمه، وبدأت أفتكره، هو فعلًا صديقي بس وزنه زاد وشعره خف
أنا وأليكس كُنا قريبين من بعد في فترة من الفترات، عشان كدا قبلت طلب الصداقة، بعتله رسالة وبدأنا نتفق على ميعاد نتقابل فيه عشان نستعيد ذكريات الماضي
اتضح إنه بيحاول يكون كاتب، تحديدًا في مجال أدب الجريمة، كُنت فرحان بيه إنه بيحاوِل يحقَّق حلمه، إتقابلنا وإتكلمنا شوية لحَد ما الكلام تحوَّل لهو بيعمِل إيه دلوقتي
لدهشتي.. كان بيكتب كتاب عن المدينة اللي إتربينا فيها، ودي حاجة غريبة لأنها مدينة مُمِلة ومفيهاش حاجة مُثيرة، إيه اللي مُمكِن يتكتب عن المدينة دي يعني؟
قالي إن فيه حاجة حصلت في المدينة من وقت طويل فات، وكانت مفاجأة بالنسبة لي إني أول مرة أسمع عن الموضوع دا، بس هو بيقول إن وقتها المدينة كُلها كانت مُهتمة بالموضوع اللي فضل مُستمِر لمُدة أسابيع
كُل ما كان بيكلمني عن الموضوع أكتر، كُل ما كُنت بفهَم اللي حصل أكتر، وقتها حطوا ورود على جانب الطريق، وولعوا شموع عند الكنيسة
طلبت منه يكلمني عن الموضوع أكتر
قالي إن اللي حَصَل دا حَصَل في خريف سنة 1977، طفلين اختفوا تمامًا وبدون ما يسيبوا أي أثر، واحد من المدينة بتاعتنا، وواحدة من مدينة مجاورة لينا، أعلنوا إنهم ميتين بعد اختفائهم بفترة، لكن الجُثث ملقوش ليها أي أثر، وطبعًا مقبضوش على حد، لأن مفيش مُشتبه بيهم
أنا كان عندي 6 سنوات في خريف سنة 1977
أنا كُنت مفكَّر إن عُلية جدي مسكونة في خريف سنة 1977
أنا أدركت دلوقتي، الصوت اللي كان طالع من الصندوق اللي كان بيتهز، مكانش صوت شبح، كان صوت طفل صُغيَّر بيعيَّط بخوف
.
الجد كان هو خاطف الأطفال، خطف الطفلين وكممهم وحبسهم جوا صناديق في العُلية لمَّا حفيده زاره، لحَد ما حفيده يمشي، والله أعلم عمل فيهم إيه
فضول الحفيد قاده بالصُدفة لحَد المكان اللي تواجد فيه الأطفال اللي واحد منهم حس بوجوده وحاول يستنجِد بيه
لكن الطفل مفهمش وخاف، وجده استغل خوفه عشان يقوله فيه شبح فوق وبلاش تطلع تاني
السر بيتكشف بعد مرور 42 سنة، بعد وفاة الجد بكتير، وللأسف.. بعد وفاة الطفلين بكتير أوي.
.
.
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم