فى المطار

324 32 1
                                    

أنا طيَّار من فترة طويلة جدًا، والأكيد إني شُفت حاجات كتير غريبة خلال آلاف الساعة اللي قضيتهم في الهواء، سُقت كُل الطيارات اللي مُمكِن تتخيلها، سُقت الطيارات الصُغيَّرة، وسُقت طيارات عملاقة، وسُقت طيارات كتير متوسطة الحجم، لكن كُل دا كان في كفة، واللي شُفته في الليلة الباردة اللي قضيتها في ياكاتاجا بألاسكا كان في كفة تانية
كُنت في الوقت دا بوصَّل إمدادات خاصة بشركة معروفة جدًا في ألاسكا مش هقدر أقول لكم على اسمها، وقتها كُنت راكب طيَّارة من طراز (Cessna 180) وبستخدمها عشان أنفذ بيها عمليات الإمداد، في الليلة البادرة دي، الرياح كانت قوية جدًا، الشمس كانت على وشك تغرُّب لمَّا هبطت في الممر، ورغم البرد والرياح لكن السما كانت واضحة وصافية، عادةً بيبقي لازم أسلِّم الإمدادات وأرجَع في نفس اليوم، لكن بسبب ظروف الطقس إدوني اختيارين، إما أسلِّم الحاجة وأرجع، أو إني أبات الليلة دي في أي مكان على حسابهم، قررت أسلِّم الحاجة وأشوف ظروف الجو بعدها وأقرَّر
المفروض الناس اللي هتستلم مني كانت تقابلني في آخر الممر اللي هبطت فيه، ياخدوا مني الحاجة، وبعدها همشي على طول، الرياح هتكون في صالحي ودا هيساعدني أطير بسهولة، السما صافية والقمر طالع، دا هيخليني مرتاح في رحلة العودة، دا غير إن القمر هيسمحلي أشوف المناظر الطبيعية اللي بتشتهر بيها ألاسكا
لمَّا كُنت على وشك أهبط بالطيارة، الممر كان مُظلِم جدًا، كُنت متخيِّل إنهم هينوروه عشان أقدر أهبط، هبوطي في الظلام كان مُخاطرة، بس أنا طيَّار مُحترِف، كُنت متوقِع برضه إنهم هيستنوني بالشاحنات عشان ينزلوا الحاجة، لكن الممر كان مُظلِم وفارغ تمامًا
قررت أنزل لتحت شوية، أطير على مستوى مُنخفض، عشان أتأكِّد إن مفيش أي عربيات أو أي حُطَام على الممر، ويمكن أقدر أشوف لو فيه حد واقف ينتظرني في الظلام، طيب يمكن النور مقطوع وهُمَّا بيحاولوا يرجعوه؟
الممر كان فاضي، عشان كدا قررت أهبط عليه، لكن المطار الصُغيَّر كُله كان مُظلِم تمامًا، بس لمحت 3 شاحنات كُبار واقفين برا، واحدة منهم كان باب السوَّاق مفتوح، لكن الممر كان فاضي، بدأت أحِس بعدم ارتياح، أنا ههبط بالطيارة وأسيبها شغَّالة، مش هجازف وأوقفها قبل ما أتأكِّد إن كُل حاجة تمام
لمّا الطيارة وقفت، شُفت حركة في نهاية الممر، صحيح الثلج كان بينزل في كُل مكان، والرياح كانت بتطيره بعشوائية، رغم كدا أنا مُستعد أقسم لكم إني شُفت خيال أسود بيتحرَّك من على بُعد، في البداية فكرت إني مش شايف كويس، وإن الظلام والتلج بيخلوني أشوف حاجات مش موجودة، بس احتياطي، مديت إيدي وبدأت أشد الفرامل عشان أهدي سُرعة الطيارة
الطيارة وقفت، أضوائها كانت منورة الممر شوية، ودا سمحلي أشوف الشاحنة اللي بابها مفتوح بشكل أوضح، إيدي لسَّه على الفرامل، فتحت باب الكابينة، الجو كان برد جدًا، خصوصًا لمَّا خرجت من الكابينة الدافية بتاعتي، الرياح كمان كانت قوية أوي، ورغم إني سايب الطيارة شغَّالة، لكن المُحرِّك توقَّف فجأة، بن ... واحد من بتوع الصيانة قالي إنه صلَّح العُطل دا، وواضح جدًا إنه كان بيقول أي كلام وإن العُطل دا لسَّه موجود
عمومًا يعني الموضوع بسيط، هقدر أشغلها تاني بمُنتهى السهولة، نزلت من الطيارة وتوجهت ناحية مبنى الإدارة، باب المكتب كان مفتوح، سمعت صوت مش واضح من وسط الرياح، صوت همس، فيه حد ورايا!
.
لفيت بسُرعة، لكن ملقيتش أي أثر لأي حد ورايا، حاولت أهدي شوية، غالبًا العُمَّل والإدارة جوا المكتب هربانين من البرد وبيتدفوا
قبل ما أوصل للمكتب عديت من جنب الشاحنة، لمست غطاء المُحرك، كان لسَّه دافي رغم البرد، ناديت عليهم، لكن محدش رد عليا، مديت إيدي ورا كرسي الشاحنة المفتوحة، كُنت عارف إنهم بيخبوا فؤوس يدافعوا بيها عن نفسهم في المكان دا، خدت الفاس وخبيته ورا ضهري، وبدأت أقرَّب من مبنى الإدارة ببطء، بصيت جوا المكتب، لكنه كان فاضي تمامًا
لكن حاجة تانية لفتت نظري، السجادة الخضرا اللي مفروشة في أرضية المكتب كانت متوسخة بسائل لزج، سائل لونه أحمر، دم!!
طيب ... أنا لازم أمشي من هنا حالًا
لفيت وبدأت أتحرَّك ناحية الطيارة، لكن ساعتها لاحظت حاجة غريبة، حاجة مكانتش موجودة قبل كدا، وسط التلج، كان فيه آثار خطوات صغيَّرة، كان فيه حد فعلًا ورايا، زودت سُرعتي وبدـت أتوجَّه ناحية الطيارة، حوالي خمسين متر وأوصل، فجأة سمعت حاجة مش عارف أفسرها، حاجة زي ما يكون صوت بنت صغيرة بتغني!
مش قادر أميِّز كلام الأغنية، صوت الرياح عالي ومغطي على صوتها، بس الصوت جاي من هنا، جاي من ناحية الشمال، وسط الظلام ... ومن بعيد لمحتها، لمحت ظل حد موطي، نورت الكشَّاف بتاعي ووجهته ناحية الظل
عُمرها مش أكتر من خمس أو ست سنوات، شعرها أسود، لكن عينيها ... عينيها كانت مُخيفة، مكان عينيها كان مفقود، عبارة عن حفر سوداء مُخيفة، مش عارف اللي أنا شايفه دا حقيقي ولا دي خدعة بسبب خوفي وبسبب الظلام، وشها كان مليان دم، خصوصًا على فمها، الدم كان بيتساقط من على دقنها عشان يوسَّخ فستانها الأبيض
صرخت وسط الرياح: " إنتي كويسة؟ "
وقفت، إيديها ورا ضهرها، بتتحرَّك ببطء، مدت إيدها أدامها، كانت ماسكة عضمة، عضمة طويلة كُلها دم، كانت بتبص عليَّا ومش بترمش
قالت بصوت مُرعب: " مُمكن تلعب معايا، مش فاضل غيرك "
جريت ناحية الطيارة بخوف، كانت بتقرَّب مني، سامع صوتها بتقرَّب بسُرعة مخيفة من ورايا، كانت على وشك تمسكني لمَّا فتحت باب الطيارة بسُرعة ودخلت الطيارة
صوتها كان مُرعب وهي بتقول: " تعالي نلعب ... تعالي نلعب "
دورت الطيارة وبدأت أتحرَّك بيها، الطيارة بدأت تُقلِع والبنت كانت واقفة بتراقبني بصمت
على ضوء القمر كُنت لسَّه شايفها وأنا ببعد
واقفة على الممر بتراقبني
بصمت ....

البنت اللي بفستان أبيض دي رمز كبير من رموز الشر في قصص الرعب على مدار التاريخ
الغريب إن التحقيقات أثبتت بعد ما هو بلَّغ طبعًا إن كُل اللي في المطار إختفوا بدون أثر، هو بس شوية الدم اللي في المكتب على السجادة وآثار أقدام البنت وسط الثلوج وكانت بدأت تختفي وسط العاصفة لكنهم شافوها
تفتكروا إيه البنت دي ... قولولي رأيكم في الكومنتات

.
.
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم

رعب(محمد عصمت)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن