٣٤

5.5K 150 42
                                    

الفصل الرابع والثلاثون
همست نجوى بوهن وهي تتطلع حولها في تيه "آه ه ه أنا فين"
اقترب منها رامي قائلًا بحنان وهو يقبض على كفها في مؤازرة"ارتاحي.. إنتِ هنا في المستشفى"
حاولت النهوض قائلة في ذهول"إيه..؟ ليه.. ؟
أراحها رامي للخلف هاتفًا بحنان" نجوى ارتاحي.. إنت عاملة عملية "
همست بضعف وقد امتثلت لنصيحته" عملية إيه..؟
أجابها رامي وهو يرفع كفه ليلملم خصلاتها المتناثرة في عشوائية "الزايده"
استكنان جسدها ورضخت لتعبها هامسة" هقعد هنا كتير..؟ "
التقت نظراتيهما لوهلة خطفت أنفاسهما، ابتسم رامي يقول مُطمئنًا" لا مش كتير أووي"
همست بضعف "يعني أد إيه..؟ "
هز رامي رأسه قائلًا" يا ستي وإنت خايفه ليه.. لغاية ما تبقي تمام هتطلعي"
بخوف وقلق همست "ندى وماما "
طمأنها رامي "متقلقيش.. بلغتهم إننا بنقضي شهر العسل... ندى في مربية ليها مخصوص مهتمة بيها ووالدتك في ممرضات وخدم بيساعدوها "
استنكرت بهمس خافت" شهر عسل....؟!"
شقت قهقهات رامي الصمت حولهما، انتبهت بكامل قواها الضعيفة له. رنت الضحكة بأذنها كأروع ما يكون.. ضحكة اشتاقتها كثيرًا..
هدأت ضحكات رامي وأقترب منها يهمس" ياستي أفضل ما أقولهم تعبانه ويقلقوا "
هزت رأسها موافقة على كلامه بعبوس.. انتبهت لكفها المستريحه بين كفيه فتوردت خجلًا.. حاولت سحبها لكنه احكم من القبض عليها حين شعر بمحاولتها للتملص والإنسحاب.. أشاحت برأسها للجهة الأخرى حتى لا تلتقي بنظراته المشاغبة...
نهض رامي تاركًا كفها يقوول بتعب" محتاج أنام وإلا هتلاقيني جنبك في الأوضة التانية"
نظرت حولها بتفقد ثم همست "هتنام فين.؟ "
أشار للكنبة الجانبية قائلًا بإبتسامة "دي هتأدي الغرض"
لمح الذهول والشك يتراقصان بنظراتها الضعيفة، فهتف وهو يتمدد عليها "متعود على الطوارىء متقلقيش... أنا ياما اتمرمطت ونمت على أقل من كده "
عدم التصديق زحف إليه من نظراتها، حِيرة وسؤال تراقص على شفتيها فسارع رامي يقول "بس كل حاجه عملتها كانت بمجهودي وتعبي... مأخدتش حاجه من حد"
عادت نظراتها للسكينة والإطمئنان فأردف رامي بحزن لم تدري سببه" هنام "
أعطاها رامي ظهره بينما كان صدره يضج بمشاعر شتى، يتأرجح بين الحزن والكآبة.. أمسك هاتفه وعبث فيه قليلًا لتأتيه فجأة رسالة زوجته "أشتقت إليك رامي متى ستعود.. ابنك يسأل عنك كثيرًا"
أغلق رامي الرسالة ومعها أغلق الهاتف ووضعه جانبًا يفكر بجدية حتى غاص في نوم عميق.
_________________________
نهضت نجوى من مكانها تكتم تأوهها المتألم حتى لا توقظه، تستند على الحائط لتصل إلى الحمّام..اهدته نظرة طويلة ملأتها الشفقة والحنان وبعدها واصلت التقدم...
جاءها صوته من خلفها ملتاعًا"نجوى إنتِ كويسه. ؟"
التفتت لتجده خلفها مشعث الشعر متهدل الأكتاف يرحمها بخوف... همست وهي تعاود الإستدارة هاربة من نظراته"اه كويسه بس عايزه اروح الحمّام"
لم يخبرها ما سيفعله أو يأخذ رأيها اندفع يحملها بهدوء رغم صخب إعتراضها"لا بتعمل إيه"
صم أذنيه عن أعتراضها وتمسك بهتاف عقله.. حملها واتجه بها ناحية الحمّام وهو يهمس بتلك الأبتسامة الجذابة التي تعشقها"أنا موجود"
أخفضت نظراتها خجلًا.. أوصلها رامي الحمّام وانزلها قائلًا بخبث وجرأة لم تعتادها منه "تحبي أدخل معاكي وأساعدك..؟
حملقت فيه مستنكرة حديثه فأمتنع بضحكة مكتومة" خلاص.. خلاص"
دخلت واغلقت خلفها بينما إتكا هو على حافة الباب منتظرًا خروجها.. خرجت نجوى تترنج فسارع رامي بإسنادها قائلًا" إيه..؟ "
اجابته بوهن" آه.. دوخت "
حاول رامي حملِها لكنها اندفعت تجلس هامسة بأنفاس متسارعة "هقعد هنا شوية"
جلست مستندة بظهرها للحائط تحاول جاهدة إلتقاط أنفاسها... جلس رامي بجانبها يراقبها بعينين قلقتين... حين هدأت واعتنقهما الصمت هتف رامي بصدق وهو ينظر أمامه" على فكرة مش أنا الي حرقت الوكالة ولا كسرت المكتبة"
التفتت إليه في صدمة... التحمت نظراتهما.. فتشت فيهما عن كذب فلم تجد إلا صدقًا... عادت بنظراتها تهمس بلا مبالاة"عادي مبقتش تفرق"
عاد يهتف وهو يقبض على كفها يبثها الدفء النابع من قلبه"وأحمد"
ترقبت حديثة بفضول فتابع مؤكدًا بثقة أكتسبها من صدقه" أحمد عضو فخلية مش تمام يا نجوى"
سارعت تُلقي بشكها"وإنت بقى بلّغت..؟"
همس بنصف ضحكة ساخرة "تفتكري اعملها.؟"
قالت بضعف وإستنكار اختلط بضياعها وألمها"معرفش.. مبقتش أفتكر أو مفتكرش"
رفع كفها لفمه تحت أنظارها الضائعة المتفاجئة.. طبع قُبلة دافئة تشع حبًا بباطنه وهو يهمس بينما نظراته لا تحيد عن وجهها "مش أنا بجد.. يا نجوى "
وقعت تحت تأثير نظراته الجذابة.. تخدر جسدها كُليًا ولم تعد قادرة على ردعه أو مواجهته بقوة..
سحبت كفها خجلة من استسلامها له، تسأله بتشتت"أمال مين..؟"
هتف رامي بجدية "مرات أبوكي"
ارتعش جسد نجوى بالمفاجئة غير المستبعدة، همست بصوت مبحوح يُقبل على البكاء" طيب ليه..؟"
انهمرت دموعها بغزارة... أدار رامي جسده يقابل جلستها نظر اليها بقوة مواسيًا بحرارة "متعيطيش.. هجبلك حق"
همست بصوت متقطع باكي"منها لله "
مسح رامي دموعها بأنامله هامسًا بحرارة "لا.. وحياة دموعك الغالية دي لهدفعها التمن"
توقفت نجوى عن البكاء تتبع بنظراتها أنامله الدافئة وهي تتبع أثار دموعها وتمسحها، ارتجف خافقها بقوة، شعور بالأمان اعتنق روحها الضالة فأستسلمت له... اقترب رامي بخطر، برغبة صرخت بعينيه.. ضجيج قلبه كان يصلها بوضوح... أكثر فأكثر حتى لامس خدها الندي بشفتيه... طبع قُبلة طويلة كاد أن يحفرها... دون أن تشعر  وفي غمرة تلك المشاعر حملها بين ذراعيه ونهض بها.. وضعها على الفراش.. دثرها وخرج يلهث، يروّض مشاعره الثائر تجاهها، يربت على تلك اللهفة التي تطلبها بقوة هامسًا"قريبًا جدًا سيحصل عليها طائعة راغبة"
*******************
أنهى عمله الذي استغرق طوال الليل تسلل في حذرٍ إلى حجرتهم، سحب الغِطاء واندس جانبها... نهضت نجوى من نومها تهمس "إنت إيه جابك هنا.. إحنا متفقناش على كده"
ابتسم قائلًا وهو يتخذ وضع النوم "أنا متفقتش... بعدين إنتِ لسه تعبانه لازم أنام جنبك"
هتفت بقوة رافضة الأمر"لا"
أجابها بثبات "نامي يا نجوى"
حاولت النهوض من نومتها للخروج لكنه همس بينما يغطي عينيه بذراعه "الباب مقفول... تعالي بقا نامي علشان بجد أنا تعبان بقالي تلت أيام منمتش"
استسلمت بضعف وعادت مراجعة، تمددت على الفِراش مرتبكة، أحس رامي بتململها الكثير... فهمس بيأس" متخافيش مش هاكلك.. "
سكن جسدها موضعه أثر كلماته، لم تكتفي بالأمان الذي أرسله لها عبر كلماته الساخرة بل وضعت بينهما وسادة طويلة متحاشية بها لمساته...
ابتسامة ساخرة مال بها فم رامي، أعطاها ظهره وذهب في نوم عميق، أما نجوى فظلت ساهرة تتأمله بخجل.. متى أصبح رامي وسيمًا لهذا الحد لا يقاوم... جذاب بإبتسامة لطيفة وعيون تشع ثقة.... عيناه رائعتان لطالما أخفاهما خلف عوينات بغيضة.. تنهدت بعمق وهي تدير نظراتها عنه... داعية الله أن يختار لها الخير.
***********************
نهضت من نومها بكسل... نومها المتقطع أصاب جسدها بالتكسير والألم.. تحاملت على نفسها متجهة للنافذة المُطله على حديقة الفيلا.. انتبهت بكامل وعيها حين رأته أمامها..
وصلها صوته الصارخ الملىء بالمشاغبة"ندى.. ندى... ندى"
انتبهت ندى واستدارت له لكنه ضربها ببالون المياه.. فانفجرت واغرقتها.. صرخت ندى "ماشي يا رامي"
اخذت ندى إحدى البلونات وركضت بها خلف رامي لتغرقه كما أغرقها... تتوعده بالمزيد والمزيد... تصنعت ندى التعب بعدما يأست من إصابته.. فركض رامي يتفحصها بقلق.. لكنها فأجآته وضربت وجهه المُطل عليها ببالون المياه... تعالت ضحكات ندى المستمتعة بينما شهق رامي فزعًا من المباغته... واندفع يحاول الإمساك بها لضربها.. لكنها ركضت ببالون المياه هاربة.
ابتسمت نجوى بجذل مستمتعة بمشقاوتهما التي أثارت في نفسها الغيرة.. لكم تحتاج ليوم تعيش فيه بحريتها.. تركض.. تلعب تضحك.. نافضة أحزانها بعيدًا..
حمل رامي الصغيرة على كتفه كجوال البطاطا ودار بها في متعة.. جلسا منهكين يضحكان في سعادة تعلو تنهيداتهما المتعبة، تمدد رامي فوق الحشائش يضع كفيه خلف رأسه... فعلت الصغيرة مثله فهتف رامي ممتعضًا
"كل حاجه تعمليها زيي"
هتفت بتأكيد وقوة "ايوه"
شرد رامي قليلًا فهو منذ زمن لم يضحك هكذا أو ينطلق حرًا خاليًا من أعباء الحياة... طبيعته المرحة المشاكسة حُبست في قفص مظلم اسمه البروتوكول.. مقيد بسلاسل الإتيكيت... منصبه لم يسمح له بذلك خاصة في تلك البلد الغريبة وأمام زوجته.. حتى لا تراه أقل منها أو تنظر له بتعالي أو دونية.
التقت نظراته بنظرات نجوى المتعلقة في النافذة تطالع حيويتيهما بغبطة.. ابتعدت عن النافذة خجلة مرتبكة تواري إعجابها وشغفها برؤيته بإختفاء خجول.
***********************************
بحث ياسين عنها "فطيمه.. فطيمة"
جاءته متسائلة بإهتمام"خير يا ياسين في إيه...؟"
اجلسها بجانبه فوق السور أمام مشروعهما الصغير قائلًا"تعرفي شركة (___)...
أجابت بإهتمام وهي تنظر بفضول للأوراق التي بين أنامله" اه طبعًا حد ميعرفهاش"
ابتسم هامسًا بسعادة" أنا اشتغلت فيها"
صرخت فطيمة سعيدة"بجد مبرووك يا ياسين "
هتف ياسين وهو يطالع الأوراق بفرحة جنونية" الله يبارك فيكي أنا بجد مش مصدق "
ثرثر ياسين كثيرًا مفصحًا كان سعادته وأحلامه التي يسعى لتحقيقها لكن فطيمة كانت غائبة تعتنق عينيها تذكرة السفر البارزة... انتبهت اخيرًا أنها ستفقده، سيرحل بعيدًا ويتركها.. سيبتعد وقد تطول المدة وقد لا يعود...
تلاشت ابتسامتها حتى حل محلها عبوس قاتم وحزن موجع... نهضت تهمس بفتور قاطعة عليه فقرة الأحلام "ربنا يوفقك يا ياسين"
قالتها وانسحبت تحت نظراته المندهشة...انهمكت في عملها بشدة حتى خارت قواها.. ابتعدت عنه تأخذ مسافة الحذر تتجنبه طوال اليوم.. حتى انتهى عملها ورحلت في أقصى سرعة... غادر ياسين لمنزل أخيه صامتًا دعته هَنا لتناول العشا فجلس صامتًا يطرق برأسه مُفكرًا على غير عادته.. ذلك جعل هنا تهتف بإهتمام"ياسين.. مالك مبتاكلش ليه.. ؟ الأكل مش عاجبك اعملك غيره"
هز ياسي رأسه نافيًا"لا تسلم إيدك أنا مشغول شويه"
سأله سيف بإهتمام"خير محتاج حاجه"
هتف ياسين موضحًا"لا خالص أنا حجزت وهمشي بعد الإفتتاح وخلاص"
عادت هنا تسأله"مالك طيب مش عوايدك..؟"
هتف ياسين حائرًا"فطيمة انهردا أول ما قولتلها فرحت بس بعدها مكلمتنيش خالص.. حسيتها اتضايقت"
نظرت هنا لسيف بمغزى بعدها هتفت ساخرة"على فكرة يا ياسين ومتزعلش مني أنت حمار وأناني"
استنكر ياسين بغضب" ليه بقى"
أمسك سيف أول الحديث قائلًا "أيوه أناني روحت حجزت وقررت بدون ما ترجعلها وتفكروا سوا.. هي دلوقت فحكم خطيبتك...
هتف ياسين معترضًا"بس أنا مخطبتهاش"
وبخه سيف" لا إنت عايزها وبتكابر والبنت محترمة ومش هتلاقي زيها وحقيقي بدر عنده حق وعمل الصح "
تابعت هنا بإبتسامة" بعدين إنت حمار لإنك كل ده مفهمتش إنها بتحبك...
هتف ياسين متفاجىء" إيه "
أكد سيف بتفهم" ايوه يا غبي وإلا مكانتش زعلت "
صمت ياسين مُفكرًا ثم هتف" بس أنا مش هضيّع الفرصة دي علشان خاطرها"
هتف سيف وهو يراقب ملامح ياسين بإهتمام"هو أنت بتحبها وعايزها يا ياسين...؟ "
هتف ياسين مُكابرًا "معرفش.. أنا الموضوع مكانش فبالي... صراحة مش هضيع مستقبلي عشانها"
نظرا كلًا من هنا وسيف لبعضهما بيأس واكتفيا مجادلة وإقناع.. انهمكا في تناول الطعام تاركين لياسين حرية التفكير
****************
اقتحمت فطيمة جلستهم صارخة بقهر ودموع لا تنتهي
_مش عايزه اتجوز ياسين.. ولا أكمل في المشروع ولا اشوفه من الأساس.
وازاها بدر صراخًا بحدة من إندفاعها وهجومها"في إيه داخله زي الثور؟"
ابتلعت فطيمة شهقاتها وصرخت بحزن"مالكش دعوة بيا يا بدر ومتجبرنيش على حاجه"
أقتربت منها جهاد تحاول تهدأتها لكنها عادت تصرخ وهي تدبدب بأقدامها"محدش له دعوه بيا خالص... والمشروع كمان مش عيزاه ومش هروح"
قالت جملتها وتركتهما في ذهولهما يتخبطان... هتفت جهاد" هو حصل إيه..؟"
أخرج بدر هاتفه يحاول الإتصال بياسين هاتفًا لجهاد القلقة" هكلم ياسين وأشوف حصل إيه.؟"
زفر بدر بقنوط حين وصله أمر إغلاق ياسين لهاتفه، سألته جهاد بلهفة" خير "
أجابها بضيق" مغلق... "
عقدت جهاد ذراعيها تقول بضعف"أكيد أتخانقوا مع بعض"
جلس بدر مكانه يقول" الأكيد حصل حاجه بس مش خناق"
ظلا يدوران في حيرتهما وتخبطهما منتظرين بلهفة استجابة ياسين
****************************
بعد مرور يومان اعترض ياسين طريق فطيمة قائلًا" فطيمة عايز اتكلم معاكي"
اجابته بحدة وهي تحاول تفاديه" معلش مش فاضيه ورايا شغل لما يخلص نشوف"
نظر ياسين لإرهاقها بفضول قائلًا "إنتِ مش طبيعية"
تنهدت هاتفة بنفاذ صبر "ياسين الشغل مش فاضية للكلام"
ابتعدت ياسين عن طريقها مُفسحًا لها المجال للعبور ومتابعة عملها... زفر ياسي بغضب وهو يتابع تحركها الآلي ..
وفي نهاية اليوم جلست فطيمة بعيدًا لترتاح.. وصلها صوت علياء"مبرووك يا ياسين هتسافر امتى"
بينما هتف أحمد معاتبًا" بقى كده هتسيبنا وتمشي.. بس معلهش ربنا يوفقك يا بختك ياعم أوروبا وبنات أوروبا"
لكزته علياء معاتبة"أحمد..!
غيّر أحمد من كلامه" هو في أحلى من التقيل المصري"
هتفت علياء بفخر" ايوه كده اتعدل"
شعرت فطيمة بغصة مريرة في حلقها ودموع توخز عينيها، أشاحت حين التقت نظراتها بنظرات ياسين، أهداها ياسين نظرة معاتبة طويلة.. دفعتها هي بتجاهُلها وذهابها بمفردها دون إنتظار أحد.
************
هتف بدر قائلا بإبتسامة كاذبة"مفيش نصيب يا ياسين"
أدعىَّ ياسين عدم الفهم"مش فاهم"
نهض بدر من مكانه قائلًا بحزم"بص يا بن الحلال الي عملته معاك ده مش معناه إن إختي رخيصة ولا قليلة، بالعكس أنا حبيت أختار لها راجل أبقا مطمن عليها معاه، راجل يعتمد عليه ابن ناس هيتحملها ويشيل عنها... بس طالما مفيش وفاق وإنت مسافر لمستقبلك خلاص"
ظهرت الصدمة على ملامح ياسين،" ليه كل ده؟ "
أجاب بدر بهدوء" بص يا ياسين إنت شكلك مكنتش واخد الموضوع بجدية... بس طالما كده مكنتش علقت بنات الناس بيك.. أنا إختي غالية جدًا ومش هعطيها غير للي يستاهلها ويعرف قيمتها.... سافر ربنا يوفقك"
عاد بدر لمكانه قائلا بدبلوماسية "مع السلامة يارب نسمع عنك خير "
اعتنق ياسين الصمت، بإندفاع وغضب وخرج.. أما بدر فابتسم بإنتصار باعثًا برسالة لسيف كتب فيها
" تم"
*********************
هتف زياد وهو يستريح بجانب أدهم الممدد بأريحية على الشاذلونج
_إيه الي خلاك تنهار بالطريقة دي قدامها...؟
أجاب أدهم بإسترخاء تام وهو مغمض العينين "مش عارف.؟ لما الولد مات حسيت بضعف، حسيت إني ولا حاجه وكل الاسوار الي ببنيها من سنين حوليا بتتهد.. حسيت لأول مره إني تايه... وكأني كنت ماشي فطريق طويل وفجأة وقفت واكتشفت إني تايه....
عاد زياد يسأله بإهتمام" كسّرت الأوضه ليه..؟
انتفض أدهم يقول بهجوم "حسيت إني غلط وهو غلط... إن مش عارف الصح فين..؟ حطمت كل حاجه بنّت حوالين قلبي كل الأسوار دي...
همس زياد بتركيز "وارتحت..؟"
ارخى أدهم جسده قائلًا بحزن"لا توهت أكتر وكأني فقدت الطريق الوحيد الي  ممكن يرجعني"
هتف زياد بعملية" وهي"
همس أدهم مغمض العينين" هي النور الي مبينطفيش جوايا"
هتف زياد بإهتمام"عمرك قولتلها كده"
بحزن اعتنق كلماته"لا.. بالعكس"
سأله زياد"ليه.. ؟"
ضم أدهم شفتيه قائلًا بأسى "خايف عليها مني.. من الشر الي بقا يكبر جوايا.. كنت خايف عليها تنطفي... خايف عليها من تهوري وجنوني ومنهم ليعملوا فيها زي ما عملوا فيه "
صارحه زياد "إنت الي اخترت طريقهم ولازم تتحمل عواقبه"
هتف أدهم بغضب" الطريق ده هو الي انقذني، هو الي خلاني كبرت ورقبتهم تحت أيدي...مبقتش زيه "
ضغط زياد عليه بقوة" للأسف أنت مختلفتش عنه ورقبتك الي تحت إيدهم وإلا مكنتش خفت عليها منهم "
صرخ أدهم بقوة معترضًا كأن شيطان تلبسه" لا مش ضعيف زيه... روحهم فأيدي "
هتف زياد بتأكيد "وروحك كمان فأيديهم "
أنهى زياد الجلسة.. ونهض متجهًا لمكتبه وكلماته تطرق رأس أدهم بقوة....
فرك أدهم جبينه قائلًا بتوسل" محتاج مهدأ يا دكتور"
نظر إليه زياد قائلًا وهو يخط على ورقته "إنت مش محتاج حاجه يا أدهم أنت محتاج تفكر لوحدك وتبص حواليك... تدخل الأوضه وتدوّر على أدهم القديم.. ولما تلاقيه أسأله مين الي بيعيش الخير ولا الشر ".. إنت محتاج تتصالح مع نفسك ومعاه
**********************************
هتف حسام بسعادة وهو يقتحم حجرة رقية "مش عارف أبارك رجوعك ولا مقالاتك الي كسرت الدنيا..؟ "
ابتسامة فاترة رسمتها رقية على فمها وجلست تقول بدبلوماسية" ازيك يا حسام "
أراح حسام ذراعيه المعقودان على طولة المكتب هامسًا بسعادة "المكان من غيرك مكانش ليه طعم"
هربت رقية من نظراته قائلة بجدية "متشكرة يا حسام "
بينما هي تُقلب في الأوراق وجدت استقالته من بينهن... هتفت مستنكرة "دي استقالة أدهم"
انتبه لها حسام يسأل" استقالة إيه..؟"
أعطته الأوراق فقرأها.. رفع نظراته المندهشة يسأل"ليه حصل إيه.. ؟"
همست رقية بتردد" معرفش" كانت كاذبة، هي تعلم جيدًا ماذا حدث.. أعلن أدهم إنهزامه.. واثبته ببعض كلمات خطها على ورق  هدم بها ما بناه وحافظ عليه...
أخفض حسام الهاتف قائلًا بيأس"تلفونه مغلق"
ضمت رقية شفتيه ببؤس، ها هو يعلن انسحابه من دائرتها بأكملها.. بصمت وإستسلام لم تعتاده  منه.
*****************************
جائها هتافه المتقطع الملئ بعثرات فمه
_يسر بت يا يسر...
ارتعش داخلها زعرًا حين سمعت الصوت وتبينت المُنادي.. تقهقرت للخلف تنظر لتتأكد.. أصطدمت عيناها بعرج ساقه فانقبضت ملامحها.، تقدمت تعتذر لأمل" أمل اطلعي إنتِ وأنا جايه"
أومأت أمل دون أن تسأل وتركتها، تراجعت يسر حتى وصلت إليه وما إن أبصرته حتى قبضت على رسغه وجرته خلفها... هتف خالها "ما تصبري عليا"
توارت به في شارع منزوي.. دفعته ناهرة بغضب "إنت إيه الي جابك هنا يا خال.؟ وعرفت مكاني إزاي..؟
نصف ضحكة ساخرة أهداها لها ليقول بخبث" متفكريش إني مش عارف يا بت.. لا دا أنا الخال... بأمارة الدكتور زياد زيزو "
ارتبكت يسر لوهلة لكن سرعان ما استردت قوتها وهتفت" مش عليا يا خال... لخص وقولي عايز إيه.. ؟"
هتف خالها بكلمة واحدة ناهيًا الأمر "اخواتك"
ارتعش جسدها ولانت ملامحها.. هتفت تسأله"هما كويسين..؟ "
رمى الخال كلماته الماكرة" جعانيين.. وعيانيين.. ومبيبطلوش زن لما قرفوني" ختم كلماته بتأفف بغيض أثار اشمئزازها... أخرجت من جيبها بعض النقود الورقية واعطتها له قائلة بحدة "هاتلهم أكل"
نظر خالها للنقود، عدّها قائلًا "بس دول أكل اسبوع"
تأففت يسر قائلة" هجبلك تاني.. بس متجيش تاني هنا أنا هبقى اجبهم بنفسي"
أومأ الخال راضيًا، دس الأموال بجيبه قائلًا بنفس الأبتسامة الماكرة التي تكرهها"تمام يا دكتورة.. هستناكي.. وابقي سلميلي على الدكتور وخفي عليه دا مش كدك"
غادر خالها تحت نظراتها الساخطة الغاضبة... حمحمت يسر مجلية صوتها، حين اختفى خالها تبدلت ملامحها الشرسة لأخرى طيبة مسالمة، تهدل كتفيها في إنكسار.. أما نظراتها فتحكي قصة أخرى من الضعف.
انتهى الفصل

أنا بألوانك (سلسلة حين يشرق الحب) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن