٢٦

3.5K 119 65
                                    

السادس والعشرون
جلست بجانبها اختها الصغيرة تقول بينما تقوم بتثبيت عويناتها
_نجوى...
التفتت إليها نجوى قائلة بإهتمام وحنان :نعم يا حبيبتي..
انكست الصغيرة رأسها وهي تهمس بفم مذموم :_عيني وجعاني... وأحيانا مبشوفش اللوحة كويس..
زحف القلق على ملامح نجوى وانتبهت بكليتها مستفسرة :_ليه كده... ؟! ومن امتى.. ؟
قالت الصغيرة بإحباط :من كتير بس أنا مش عايزه اقولك واضايقك...
عانقت نجوى ذقن الصغيرة بأناملها قائلة بإبتسامة طمأنينة
:_تضايقيني ازاي بس... ؟! أنا قولتلك يا حبيبتي اي حاجه قوليلي...
هزت الصغيرة رأسها بإقتناع فأقتربت نجوى وطبعت قُبلة على مقدمة رأسها قائلة :_هنحجز عند الدكتور ونشوف وبإذن الله خير
عانقت الصغيرة نجوى بكل حب... ولم يكن من نجوى إلا أن بادلتها العناق بكل شغف وسعادة...
******************
وفي حلول المساء كانت زوجة والدها تطرق جرس الباب بكل غيظ... فتحت لها نجوى بملامح جادة صلبة سؤالها عن سبب القدوم يكاد يقفز على ملامحها...اندفعت الأخرى ثائرة
_ازيك يا نجوى...
عقدت نجوى ساعديها تقول بعدم ترحاب:_ازيك إنتِ
جلست الأخرى متحفزة تحمل صغيرها بضيق... حين جلست نجوى وأمسكت بالصغير في شوق هتفت الأخرى موبخة
:_أفتكرتيه دلوقت...؟!
عضت نجوى باطن شفتيها بضيق، فتابعت زوجة ابيها وهي تتفحصها بنظرة شيطانية
_فينك يا نجوى مختفية..؟!
نبرتها كانت متهكمة اغاظت نجوى لتُجيب نجوى بصبر:في الدنيا ومشاغلها
انشغلت مع الصغير متناسية زوجة ابيها مبتعدة عن النفور في عينيها... لكن زوجة ابيها هتفت بإصرار رغبة في مضايقتها
_مبقتيش تروحي المكتبة..؟
النظرة كانت متفحصة تكاد تخترق نجوى لولا جمودها وصلابتها... تأففت نجوى داخلها وقالت بضيق :_ايوه.. ؟!
سؤالها كان ملهوفًا بقدر حاجتها للمعلومة التي تُكسبها الكثير وتنسج عليها الخيوط
:_ليه... ؟
قالت نجوى وهي تداعب الصغير :عادي مرتحتش..
تعجبت زوجة أبيها بشىء من مكر لعين :_غريبة حتى أحمد شاب كويس ومحترم..... هو عملّك حاجه..؟!
زفرت نجوى بغيظ شديد ثم واجهتها بجمود:لا... وأنا مقولتش فأحمد حاجه... أنا لقيت الوقت مش مناسب خاصة إني لقيت شغل أفضل...
رفعت الأخرى حواجبها تقول بخبث :_والله.... مبرووك.. دا فين بقى...؟
نهضت نجوى متأففة تقول بينما تطلق عليها شرارات غاضبة :_تعالى يا حسن نضيّف ماما علشان متتأخرش...
قالتها واندفعت للمطبخ بينما همست الأخرى بتوعد
:_يا أنا يا أنتِ يا نجوى مش هسيبك تتمرمغي في العز ده كله وأنا اتجوز ابوكِ واتبهدل...
نظرات رامي لنجوى كانت تفضحه أمامها تشعل النيران بقلبها الأسود... ناثرة حقدًا لا ينتهي.. قررت أن أحدًا لن ينال الأخر منهما... مهما كلفها الأمر..
هتفت زوجة الأب حين لمحت نجوى :_عايزه فلوس يا نجوى...
قالت نجوى ببساطة :مفيش....
قالت الأخرى بحسم وتلذذ لعين بصدمة نجوى :يا تجيبيلي فلوس أربيه بيها يا تاخديه تربيه إنتِ..
شحبت ملامحها وجف حلقها التفتت تسألها بصدمة :ازاي أربيه..؟
مصمصت قائلة بمقت :_زي الناس... أنا تعبت ومعدش فيا دماغ له.. ومن حقي أشوف حياتي...
رددت نجوى بخفوت :_حياة إيه... ؟
قالت باسمة متفاخرة :_أنا لسه صغيرة وحلوة والف من يتمناني.. تابعت بحِيرة وهي ترمق الصغير بمقت :_بس مانعهم المحروس أخوكِ ماهو مفيش حد هيربي عيال الناس ويصرف عليهم..
انتفضت نجوى تهتف :_إيه ده هو إنتِ مش أم...؟
نهضت الأخر تقول ببرود :_بلا أم بلا أب قدامك اسبوع وتقرري يا اما تصرفي عليه يا أما تاخديه وتريحيني منه...
وقفت نجوى تنظر لبرودها ببلاهة غطتها الصدمة... ترمش في محاولة بائسة لإستيعاب كل ذلك الكم من الضغط... أما الأخرى سحبت صغيرها دون كلام واندفعت للخارج تبتسم بتشفي وإنتصار.
**********************
نفثت فحيحها الخبيث في أذنه قائلة
_سابت الشغل...
رماها بنظرة باردة وهو يسألها بتكاسل
_ليه خير..؟
هيأت كلماتها لتخرج متوجهة لمقصدها ثم قالت بعيون ناعسة تضمر الشر :_مش عارفه...؟ بس قالتلي متجبيش سيرة أحمد تاني...
انتبه بكامل حواسة في جدية تامة... جعلتها تبتسم انتصارًا وقد أصابت هدفها... أعلن عدم فهمه:_مش فاهم...
لوّحت متصنعة عدم الاهتمام تقول بنبرة متخابثة :_الله اعلم.. مع انهم كانوا سمن على عسل... ومبشفهمش غير مع بعض.. بس هي نجوى كده ملهاش عزيز وبتزهق بسرعة...
اشتعلت نظراته بالقسوة. نظر إليها بإهمال قائلًا
_اتكلمي بوضوح....
تاففت قائلة بضيق :_عادي يعني ما أنت عارف نجوى لما تطوّل الحاجه تزهدها... امتلأت عينيه بالحقد ونظر إليها مُشيرًا بنبرة خافتة مرعبة:_وقتك خلص...
سحبت حقيبتها وغادرت راضية بما ملأت به قلبه تُقسم لن ترتاح حتى تقضي على نجوى  تماما.
******************
قال الطبيب متأسفًا بينما يرمق الصغيرة بحسرة :_نظرها ضعيف خالص..
ابتلعت نجوى غصتها وسألته بحزن :_والحل يا دكتور...؟
قال طبيب بمهنية وهو يخط على الورقة بعض الأدوية :_لازم تلحقيها بعملية تصحيح نظر...
قالت مبهوتة :_ودي نتيجتها مضمونة..؟!
قال الطبيب بعملية :_بإذن الله...
نطقت مرتبكة وهي تحبس خزلانها وتوترها :_دي هتتكلف كتير...؟
قال الطبيب بجدية :_مش قوي ١٠ آلاف جنية
ابتلعت شهقتها ونهضت قائلة بينما تسحب أختها :_شكرًا يا دكتور...
انسحبت تلملم أحزانها تخطو بتثاقل وعقل غائب مشوش... ماذا ستفعل..؟ وكيف لها أن تدبر المبلغ..؟
*************
تمدد قائلا وهو يبتسم بخبث
_براحتك تنامي مكان ما تحبي...
صرخت بنبرة قوية وهي تطالع الشقة متحسرة بعد أن اغرقها بالمياه
_بعد الي عملته ده هنام فين..؟
قال ببراء بينما يشير بإصبعة ناحية صدره وهو يغمزها بشقاوة
_فحضني عادي...
أمسكت بالوسادة قذفتها في وجهه تقول بتعصب
_لا.. أموت ولا أنام جنبك...
قال ببساطة مُدّعيًا البراءة... وهو يمسد صدره
_بقول حضني مش جنبي يا روكا..
ضربت قدميها في الأرض تلعنه وتسبه.. وهي تقول بحدة وعناد
_مش هنام.......قالتها صارخة ثم قذفته بحجابها...
تلقفه بلهفة .. سلب منه نفسًا ثم همس بوله
_حلو... يفضل فحضني لغاية  ما تعقلي وتيجي..
اتجهت للحجرة المغلقة تحاول فتحها جاهدة نهض أدهم منتفضًا كمن لدغته عقرب ركض قائلًا وهو يبعدها عن الحجرة
_رقية عايزه إيه من هنا..؟!
ركلت الباب بقدميها حتى تألمت وابتعد تسأله
_هنام فيها... هي مقفوله ليه... ؟!
ارتبكت ملامحه الثابتة وتخلى عن جموده قائلًا بتوتر
:_عادي.... صمت ثم قال.. بتاعة إيمان... و.... و.. هي الي قفلاها.
ابتعدت ساخطة، جلست داخل الشُرفة تضم ساقيها لصدرها... جلس أدهم جانبها يقول بينما يشعل سيجاره
:_اتغيرتي كتير...
نظرت إليه تقول بعبث :_البركه فيك..
نظر إليها بقوة وسألها بصدق :_وجعتك صح..؟
انفجرت ضاحكة تضرب كفيها مندهشة.. تتجاهل نظراته المنصبة حولها بترقب... هدأت تقول بنبرة كارهة :_قويتني يا أدهم...
ابتسم ببرود قائلًا بهمس:_اهو عملت حاجه مفيدة... ؟
قالت ساخرة :_بلاش الجو ده يا أدهم مش لايق عليك...
قال وعينيه يتوسدها العبث :_بحاول.
احتضنت جسدها تقول بإرتعاشة حاولت إخفائها :_زمن المحاولة انتهى...
قال بإصرار حملته نظراته القوية :_ابتدأ....
احنت رأسها على ساقيها في تعب وإرهاق، هتف أدهم وهو يقترب منها :_قومي نامي جوا..
قالت بإصرار وفمها يجاهد لركل تثاؤب :_لا...
هتف بتجبر هو يقيد ذراعها بكفه:_قومي...
نفضت صارخة بصبر نافذ:_لا ولو اصريت هصرخ يا أدهم...
أهداها نظرات مستسلمة وابتعد عنها بينما اغمضت هي عينيها مستسلمة للنوم..
******************
ازداد سُعاله على غير العادة فازداد قلقها وتوترها نهضت من مكانها لتتفقده... وضعت كفها على جبينه تقول
:_خير يا بابا أخدت برد ولا إيه...؟
هتف الرجل بصوت واهن متقطع :_مش عارف يا بنتي....
سحبت كفها تقول بقلق :_جسمك سخن قوي...
انكمش الرجل على فِراشه بوهن يجاهد ارتعاش قوي في جسده... همس بضياع وأعين زائغة :_الحقيني يا دكتورة... الغطا
اندفعت لحجرتها تجذب كل ما تطاله يدها من غطاء.. دثرته وجلست بجانبه تقول :_لازم دكتور..
سألها بجزع وعيونه تتعلق بملامحها القلقة :_وإنتِ روحتي فين يا دكتورة...؟!
اجتاحها الارتباك ولم تدري بماذا  تنطق او تبرر... لمست جبينه وقالت :_أنا مش عارفه اركز من القلق....
اسبل الرجل جفنيه في تعب فانتفضت تهمس بخوف :_بابا...
انطلقت الهمهمات من فم الرجل وانغرس في نوبة هلوسة وضياع... نهضت من مكانها واندفعت لحجرة خالها تقول :_خالي خالي الحقني...
نظر إليها الرجل بجفاء وهو يهتف بهدوء :خير يا دكتورة... قالها وانفجر في نوبة ضحك.. جعلتها تصرخ لتستوقفه
_بس يا خالي.. بس..
صرخ بها في سخط :_عايزه إيه... هتطيري الحجرين من نفوخي..
أردفت بحزن وقلق :_بابا تعبان ومحتاج دكتور...
هتف بتغيب وفمه الجاف يقبض على أرجيلته :_هو هيودع..؟!
عادت تصرخ وهي تقترب منه في غضب :_خالي..!
توقف ملوحًا في عدم اهتمام :_غوري من وشي..توسلته :_عايزه فلوس اجبله دكتور..
زمجر قائلًا بقسوة :_منين يا دكتورة...؟!
صرخت به في غير تصديق :_يعني إيه منين... مش عليا يا خالي..! بعدين الشغل ووقفتيه هجيب منين أنا... ؟!
إنه يستغلها، يجبرها على السير في طريقه مُرغمة... القت عليه نظرة قوية متوعدة وخرجت ضاربة بكلامه التالي عرض الحائط
:_وبعدين مش إنتِ دكتورة يا دكتورة..
ركضت لحجرتها تبحث عن بقايا أموال تذهب بها لأقرب صيدلية ربما بعضًا من الأدوية تجعله يقاوم...
اهدت نظرة طويلة متألمة لأخويها النائمين في سكينة وغادرت تتخفى بقنسلوتها وقبل أن تغادر لم تنس أن تخط تلك الرسالة التي يقبع الإستنجاد  بين احرفها متوسلًا
(أنا نصفين مشطورين، يتنازعان لا يكتملان إلا بك متى الإكتمال إذًا)
**********************************
صرخت بغضب وهي ترى إنشغاله بغيابها
:_في إيه يا كرم مش حتة بنت دي الي هتعمل فيك كده.
هتف بضيق ولا مبالاة
:_مالكيش دخل يا سوزي...
قالت معترضة بغيظ :_لا دي أكيد سحرالك...

أنا بألوانك (سلسلة حين يشرق الحب) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن