٤٣

3.5K 141 17
                                    

الثالث والأربعون

تحاملت على نفسها غير متفاجئة بما يحدث لها، غير مهتمة بما تفقده الآن أو خسارته فقبله خسرت الكثير والكثير... تحاملت على نفسها حتى نهضت، التقطت نفسًا قويًا معبق برائحة الهم... ثم قفت تضم ساقيها بقوة حتى لا تتسرب تلك الدماء للأرض وتصبغها... تحاملت على نفسها حتى وصلت لحجرتها، ليتها تستطيع المغادرة لمنزل عمها لكن خروجها الآن ضربًا من الجنون.. اندفعت لفِراشها بقوة... تمددت عليه دون رد فعل تجاه ما يحدث.. تدثرت جيدًا تاركة ذلك الحلم الصغير ينساب منها، مُبدلًا ملاءة السرير البيضاء لأخرى حمراء تعكس حجم كارثتها وفداحة خسارتها... ليتها ما قامت.. ليت أُذنها صُمت... نظرة خاطفة لهديته المُغلفة وكلمة( مامي) المطبوعة عليها... جعلتها تجهش في بكاء مرير.. أردات ذلك الطفل بقوة، أرادت دفء من نوع خاص لقلبها وحبًا لا ينضب أبدًا... ضحكة مُحبة وتعلق يُذيبها... لكنها خسرت كل ذلك كعادتها.. اللعنة المحيطة بها حرمتها تلك المشاعر..

بقيت على حالها دون مقاومة أو طلب استغاثة... حتى الصباح..

وفي حجرة آخرى كانت حفصة تستعد للخروج، قائلة لرحيم الذي يتفادى النظر إليها :_رايحه عند بابا وماما...

سألها بقلق _هما رجعوا..؟

اجابته بتأكيد وهي تضع بعضًا من ملابسها داخل حقيبة صغيرة _ايوة... تابعت بإقرار _يمكن أبات معاهم..

هز رأسه بموافقة جافة قلقة، لتسأله مرة أخرى بعد أن لاحظت شروده _هتروح معايا... ؟

اجابتها ببساطة وهو يقف مُتجهًا ناحيتها _ايوة هوصلك وارجع.. أبوي طلب مني اجبله شوية حجات...

أومأت متفهمة، فاتجها ناحية باب الحجرة للخروج وصدورهما تحوي الكثير.

اوصلها حيث منزل والديها وعاد مُسرعًا يريد الإطمئنان على نيرمين خاصة بعدما أخبرته الطبيبة أن حملها غير مستقر وتحتاج لرعاية وأهتمام.

دخل الحجرة فوجدها على حالها كما تركها، اقترب منها يهمس

_نيرمين...

لم تُجبه بشىء، تركته يكتشف بنفسه ما يحدث... رفع الغطاء ليجلس بجانبها هامسًا _صباح الخي

باقي كلماته عُلّقت مع نظراته التي اعتنقت بركة الدماء المحيطة بها في هلع شديد...

هتف مفزوعًا وهو يقترب منها ويهزها

_نيرمين...

فتحت عينيها الذابلة تُهدية نظرة أبلغ من أي كلام قد يخرج منها الآن... سألها بخوف وهو يرفع عنها الغطاء ليتمكن من رؤيتها جيدًا 

_حصل إيه..؟ 

اغمضت عينيها بقوة ممتنعة عن الحديث، ليحملها هو دون سؤال آخر ويهبط بها للأسفل وهو يصرخ على والدته بجزع 

أنا بألوانك (سلسلة حين يشرق الحب) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن