٣٧

4.2K 135 27
                                    

السابع والثلاثون
قالت بينما نظراتها الحزينه تدور في كل اتجاه، بحنين يداهم قلبها منذ الآن :_يلا يا كريم...
شىء ما يسحبها ويثقل جسدها يبعثرها فلا تقوى على لملمة شتاتها والمغادرة سريعًا... تعلقت عيونها الباكية بعيون بدر التي تُخبىء الكثير رغم الابتسامة المترددة التي تجوب شفتيه..
همست بصوت معذب :_كل ركن في البيت هيوحشني..
صدى صوتها وعذابها كان يدوي بقلبه همس بخفوت :_وإنتِ كمان هتوحشيه... جعلها غير مسموعة كلماته... وكأنه آتى وقت القرار وعليه التحلي بالصمت والصبر... دون أن يدفعها ككل مرة أو يبوح بمشاعره.. أخذ منها الحقيبة قائلًا دون أن يواجه نظراتها :_عنك يا أستاذة...
صعدت السيارة بسرعة تختبىء عن عينيه تمسح بعض من دمعات سقطت حزنًا على ذلك الفراق..دخل السيارة بجانبها فسارعت قائلة بجدية وصوت لم يدحر بحة البكاء به :_مكنش في داعي نتعبك يا بدر زياد كان هييجي يوصلنا..
بنصف ابتسامة باهتة همس :_زي ما جبتك هوصلك يا أستاذة..
هزت رأسها في رضا وعقلها لا يقوى على استجماع اي كلمة الآن أو حتى حديث مبعثر.. اكتفت بالصمت وانزوت بعيدًا متحسرة.. كيف لها أن تعيش وقد اعتادت وجودها معهم متونسة بهم تنغمس في صخبهم فتضيع وحدتها في زحامهم، مشاكلهم، وشقاوتهم... مشاكسات بدر و هزاره الذي ملىء فراغها، عبثه الذي احتل قلبها.. تأوهت بصوت مسموح جعل بدر يسألها بقلق :_في حاجه يا أستاذة..؟
أطلقت نفسًا محبوس بصدرها والتفت تقول بإرتباك :_لا مفيش.
هتف بدر من بين زحام أفكاره المتشابكة :_مش عارف أشكرك ازاي يااستاذة.. وجودك فرق مع فطيمة جدًا.
كادت أن تبتسم سخرية لحديثه من يشكر من..؟ وجودهم هم من شكّل فارقًا في حياتها أفرغ محتويات عقلها من الأفكار واضعًا به أخرى ستقلب حياتها رأسًا على عقب. همست بفتور
:_لا شكر على واجب يا بدر.
همس بدر مُلطفًا الجو الخانق :_هتنزلي الشغل.
همست والهم يجثم على صدرها :_مش عارفه....
وصلا أخيرًا ليلتقط كل منهما أنفاسه بصعوبة.. هبطت جهاد وولدها ليسارع الحارس بمساعدتها... بينما اكتفى بدر بمتابعتهما داخل السيارة خاصة بعدما رأى زياد يستقبلهما..
نظرة وداع طويلة خصها بها بدر وبعدها انطلق بسيارته متلهفًا للهروب من تلك المشاعر الخانقة.. ولا يعلم أن ذلك الاختناق سيدوم حتى يراها مرة أخرى.
_________________
بعد مرور يومين
جلس وحيدًا شارد الذهن يفكر مُتخيلًا النهاية..؟ هو يعلم علم اليقين عواقب ما أباح به لصديق قديم يدرك قيمة قلمه ووقوفه  الدائم مع الحق.. جمع كل ما يملك من معلومات وما حصل عليه وارسلها إليه حتى يفتح النار مُطلقًا رصاصة العدالة..
ابتسم ساخرًا وهو يتصور نهايته الحتمية على يد هؤلاء الطغاة العابثين، نعم هو يستحق هكذا نهاية بعد كل ما فعله ولهث خلفه من آثام... أرسل لزياد يخبره بما فعل متحملًا كافة العواقب مستحلًا إهدار دمه تطهيرًا له من ذنوبه... رغم رفض زياد إلا إنه لم يستجب له ونفذ ما قاله وها هو الآن يقرأ الجرائد متلذذًا بما يحدث القى الجرائد من يده وتمدد مسترخيًا بكسل بعد أن تناول حبة من المنوم والذي إعتاد تناوله في الفترة الأخيرة ليُريح عقله من ضجيج الأفكار وانتظاره القاتل لمصيره..
وفي الناحية الأخرى كانت رقية تحتضن أحزانها وألمها تبكي بحرقة على فقدانها الطريق، تتوسل الله أن يُخرجها من ذلك التخبط والتيه. أن يرشدها حيث يجب أن تسير وما عليها فعله، هي معصوبة بإنتقام، محاطة بندم وجزع... تقاتل كل المشاعر لديها، لتخرج من ذلك القبو المظلم ...جاءتها الأجابة سريعًا أسرع مما تخيلت.. رسالة قصيرة فتحت الطريق أمامها
(البداية :_أوضة أدهم المقفولة... النهاية هتكمليها جوا أجندة على مكتبه... واللغز مفتاحة فقلب أدهم)
قرأتها عدة مرات لتفهم ما تعنية تلك الرسالة وما مضمونها المخفي.. لكن أفكارها كانت مشوشة متطايرة هنا وهناك.. استسهالًا للأمر حاولت الاتصال بذلك الرقم المجهول، ابتسمت ساخرة على سذاجتها وغبائها.. فمن يرسل هكذا رسالة لن يسمح لها بمعرفته أو الوصول إليه.. رفعت الهاتف تحاول مرات ومرات.. وقبل أن تيأس ويغلبها استسلامها.. ارتدت ملابسها ذاهبة إلى شقته حتى تكون في وسط اللغز المُحير، تتحرك ببساطة كأُحجية.
___________________
نزلا في شقة خاصة بهم... هتف والد رحيم وهو يجلس مستريحًا :_حلوة الشُقة يا بتي..؟
قالت بفتور وعدم اهتمام :_حلوة يا عمي قوي... درات فيها  بأعين مهتمة متفحصة ثم قالت بدهشة :_بس هي نضيفة جدًا...
هتف عمها بنبرة مرتبكة :_بلّغت الغفير يشوف حد ينضفها بدل ما تتعبي..
ابتسمت له بإمتنان ثم حملت الحقائب متسائلة:_احطها فين..؟
أجاب عمها بدقة :_الي على آخر الممر دي اوضتك.. وأنا الي على الأول هنا.. أومأت بطاعة وبدأت في ترتيب الغرف... بعد دقائق نادها عمها قائلًا :_مش هتحضريلنا فطور ولا ايه.؟
جاءته مستفسرة :_هجهز ايه..؟
قال عمها وهو يُشير إلي المطبخ :_ادخلي المطبخ وهتلاقي كافة شيء...
ابتسمت قائلة بمشاكسة :_إنت عامل حساب كل حاجه كده يا عمي...؟
ضحك عمها ضحكة ملبدة ثم هتف بنبرة ذات معنى :_وأنا افديك الساعة لما ست البنات تنور الشُقة..
ابتسمت قائلة بسعادة :_ربنا يخليك ليا يا عمي... قالتها واندفعت للمطبخ تجهز الفطور كما أمرها... بعد دقائق وصل لأذنها بعض الهمهمات الغامضة فرجحت أن تكون اتصالًا هاتفياً لعمها... تابعت عملها بنشاط
بينما تسلل الأخر إلى المطبخ لعلمه بوجودها داخله الآن، وقف خلفها يتابع عملها الدؤب ونشاطها الواضح في تجهيز الفطور..يتأملها بكل حب وشغف... حمحم قليلًا يُعلمها بوجوده حتى لا تفزع كعادتها... التفتت في سرعة مدركة وجوده تترقب كلماته بخجل..تهمس مندهشة من حضوره :_رحيم..؟
هتف وهو يتكأ على إطار الباب :_ايوة.....
ارتبكت كثيرًا هربت من لسانها الكلمات إلا سؤال خافت مندهش :_إنت جيت ازاي..؟ وإيه جابك هنا..؟
قال بإبتسامته الرائعة التي تطربها :_قدرك يا بنت عمي...
مطت شفتيها ببلاهة وتابعت ما تفعل هروبًا منه لكنه اقترب يهمس خلف أذنها بخفوت  :_الفطور جاهز..؟
هزت رأسها قائلة بجدية :_خلاص قربت وهطلعه...
رفع حاجبه قائلًا بعد أن رمق محتويات الطاولة بإهتمام :_بس أنا نفسي فعصيدة..
هرولت نظرات إستنكارها تسبق ردها و كلماتها، النقطة بصبر وعاد يقول :_ايه متعرفيش تعمليها..؟
هزت راسها بنفي :أن لا
جادلته تخفي خيبتها في صنعها :_بس دي أعرف ان
الي بيولدوا بس الي بيأكلوها.
اخفضت رأسها خجلًا من كلماتها.. فأقترب منها مبتسماً يهمس بصبر :_مين الي قالك كده..؟
عضت شفتيها خجًلا من تلك المواجهة والنقاش.. لتقول بعدها بهمس رقيق:_خاله لظيمة...
رفع حاجبه مرة أخرى يسألها :_بما إن محدش وِلد مكنتوش بتعملوها وأنا غايب... ؟
رفعت رأسها تقول بهدوء :_عمامي كانوا بيطلبوها ساعات..
همس ببساطة وعيونه بدأت تلتقط بعض خصلات شعرها الزاحف في تأني للخارج من تحت حجابها:_خلاص انا عايزها...
أضاف وهو يراقب تبدل ملامحها للحيرة
:_نفسي فيها جدًا ..
اعترضت بهدوء وهي تراقب ملامحه الساكنة
:_خالة لظيمة بتعملها..أما ترجع خليها تعملهالك
ألح بعناد وهو يراقب  حيرتها بإستمتاع :_بقولك حاولي تفتكري بتعملها ازاي وجربي انا بحبها.
طفق تمردها وانطلق سؤالها يشق السكون ويزعزع ثباته
_ليه... المفروض حفصة الي تتعلمها..مش أنا
لامت نفسها على تسرعها في الحديث وهي تتابع تغيّر ملامحه وتصلبه.. حاولت الحديث وتبرير إندفاعها
:_اقصد....
أقترب اكثر حتى لم يعد يفصل بينهما الكثير، ارتعش جسدها قدسية وخجل... لم يرحم خجلها وارتعاشة جسدها بل انحنى يهمس بإبتسامة عريضة
:_وإنتِ كمان تتعلميها... علشان إنتِ برضو مراتي.. ولا نسيتي.. وجوزك بيقولك بحبها وعايزك تعمليها.
اعتراها خجل قوي مع حيرة ودهشة، .ثبتت مكانها ساكنة على وضعها تطالع خروجه بعدم فهم وبلاهة
اختفى من أمامها بسرعة كما جاء فتنفست الصعداء وجلست مُفكرةً في كلامه لكنه لم يمهلها وقتًا طويلًا عاد مجدًدا يقول بإبتسامة _:متنسيش تعملي ويكة على الغدا... تابع غامزًا أصلي بحبها من يدك جوي جوي..
كادت أن تبتسم على لكنته الصعيدي الممتزجة بصوته الرخيم الهادىء لكنها تماسكت مبتلعة تلك الأبتسامة واستدارت تلتقط أنفاسها بسرعة رهيبة نابعة من سرعة دقات قلبها..
جلسوا على مائدة الفطور بمشاعر مشحونة.. هو منغمس في النظر إليها ومراقبتها بعدما أختار الجلوس أمامها ليربكها… أما هي فكانت تتسائل عن سر مجيئه ولما لم يخبرها عمها بذلك، وما تلك الألغاز والكلمات التي يُحيطها بها.. كل تلك الأفكار حرمتها التمتع بفطور لذيذ بعد تعب السفر، حتى إنها لم تشعر بمغادرة عمها أو جلوس رحيم بجانبها… أفاقت على سؤاله الخافت:_مفطرتيش ليه..؟
همس بإرتباك واضح :_لا مفيش.. فطرت.
هتف وهو يراقب شرودها بإهتمام :_إنتِ متضايقة من وجودي.؟
هتفت بسرعة تُنفي ذلك :_لا… لالا…
سألها بإبتسامة جذابة :_أمال في إيه..؟
امتنعت عن الكلام ونهضت هاربة تقول بضيق وعبوس
:_لا مفيش متشغلش بالك…
غادرت للمطبخ بينما تنهد هو بصبر فطريقه معها طويل بعدما حشر فضل في عقلها ما حشره… لكنه سيصبر حتى ينالها.. حتى تعود له من جديد
___________________________
في المساء دفعها عمها دفعًا لكي توقظه من نومه بعد محاولاته الكاذبة في إيقاظه... كانت خجلة مرتبكة تشعر بمؤامرة عليها، يدفعها تجاهه بعمد تحسه.. رغم خوفها وتراجعها وصدها لتلك المحاولات قلبها يطلبه بشدة يأنس قربه وينعم بلقياه.. تعاند إحساسها وتقترب مدفعوفة بعشق ورغبة في الوصال طال انتظارها.. انقطع حبل أفكارها حين وصلت لباب الحجرة اندهشت كثيرًا وتسألت عن سر وجوده في حجرتها والتي خصصها لها والده ... نبذت تلك الحيرة وأقتربت تطرق الباب بكف مضمومة مرتعشة ومترددة.. طرقة وأخرى أدركت عدم استجابته لكم ارتاحت لذلك.. ارتاح قلبها وسكن خافقها انتفاضًا،.. حين استدارت عائدة جائها صوت  عمها
:_قولي لرحيم يلا يا بتي..
أجابت  بيأس وهي تبتعد عن الحجرة سالكة طريق النجاة من قربه
:_مش بيرد يا عمي..
أصر عمها بلهفة صحبها توسل
:_ادخلي يا بتي وصحيه... الوقت اتأخر الدور هيروح علينا.
خرج أعتراضها ضعيفًا باهتًا لم يصل لعمها
:_بس.. هو نايم..
لكن الأخير لم يسمعها ومضى في طريقه، ارتعش خافقها رهبة من تلك المجازفة غير المحسوب عواقبها، اقتربت أكثر من الباب بخطوات متثاقلة وأعين تدور في كل اتجاه
استجمعت شجاعتها المفقودة وعبقت صدرها المهزوز بفعل ارتعاشتها بالهواء ثم دخلت... نظرت حولها في تيه من شدة ظلام الحجرة... خطت ناحية الفراش لمعرفتها بإتجاهه متتبعة  صوت أنفاسه المنتظم.ضغطت ذر الإضاءة الباهت بجانب الفراش فتململ رحيم بإنزاعاج جعلها تنكمش خوفًا... اقتربت منه تهمس بضعف
:_رحيم... رحيم.... رحيم.. 
نصف عين فتحها ليراها أمامه مرتعبة منكمشة خائفة من الإقتراب ابتسم داخله بخبث صحبه بعض التلذذ والإستمتاع.. همست وهي تقترب من حافة الفراش أكثر
:_رحيم...
همس بضعف :_نعم...
قالها
ثم امتدت يداه وسحبتها بغتتة، اختل توازنها من تلك المفاجئة وسقطت أمامه تواجهه مباشرة... احتضن يداها بقوة أمام اندهاشها.. رفع كفها المرتعشة وطبع قبلة حارة مليئة بالأشواق الدافئة وهو يهمس بينما مازالت عيناه مقفولتان :_مساء الورد....
انتفضت من جلستها ووقفت تصرخ بضياع وآسف
:_أنا مش حفصة...
انغرس ذلك القرب المهلك كالسكين في قلبها، لم تعد تحتمل ذلك التلاعب الذي أنهكها فوقفت معلنة إعتراض وإستنكار فاض به قلبها المكلوم..
لم يكن رحيم بأقل منها جزعًا وانتفاضًا من تلك الثورة المحسوسة والمخبئة داخل قلبها.. نهض جالسًا يهمس بآسف وهو يحتوى نظراتها الحزينة
:_أنا عارف إنك مش حفصة..
ضاعت أكثر في سراديب كلماته المبهمة، تطلعت إليه مندهشة متحيرة.. لكنه بدد ذلك بإبتسامته الشقية وهمسه الدافىء :مساء الفل...
همست ببلاهة وهي تشيح خجلة :_هاااا
اعتدل واقفًا على ركبتيه مقتربًا من حافة الفراش يقول بحب بينما يقبض على خصرها مُقربًا لها:_بقول  مساء الخير ياست البنات..
نظرت إليه في ضياع وتخبط  من هجماته القوية على مشاعرها.. لكنها سرعان ما همست بإرتباك
:_عمي مستنيك...
همس بغيظ لا يخلو من عتاب حاني :_بقول مساء الخير.. ردي الأول
نداء عمها جعلها ترتبك أكثر وتنتفض هاتفة بخوف :_عمي.. عمي
سحبها قائلًا بغيظ:_يعني إيه عمك...؟
همست بخوف وهي تتملص منه... هيشوفني..
هتف بضيق وغضب وهو يسحبها تجاهه :_ما يشوفك... هو أنا مش مع جوزك.
انهارت هامسة بقلق وعجز اختلط بتوسلها :_متصعبهاش عليا ارجوك.. مش عايزه مشاكل.
تفهم خوفها وضعفها من الإقتراب.. سحبها بقوة  فاصطدمت به ليقعا سويًا على الفراش.. يشرف عليها وقد جاءته الفرصة ليحتضنها راغبًا في قربها...
أما هي فذهبت في عالم آخر، خشيت أن تفتح عينيها فتصطدم به... ظلت ترتعش، أنفاسها تتسابق... حين أدرك ما تعانيه همس بحنان يطمأنها :_اهدي...
همست ببداية بكاء :_طيب أوعى.... عايزه أقوم..
ابتسامة مغيظه أطلقها ليهمس بعدها وهو ينحني متنفسًا عبقها :_لا...
ابتلعت باقي كلماتها متأثرة بذلك القرب المهلك المدمر لها، همس وهو يمرر شفتيه على جيدها النابض برقة :_أنا ماصدقت.
همست بإختناق وقد ارتخى جسدها تمامًا :_رحيم...
اطلق همسًا مغيبًا وهويتجول بشفتيه على وجهها الناعم فتزداد ارتعاشتها :_عيون وقلب رحيم.
وصل لمبتغاه حيث شفتاهاالمغريتان وأشد متطلباته، ركن على جانبيهما استعدادًا وقدسية للحظة امتلاكهما... أصدر آهة محمومة ملبدة بشوق وشغف لذلك الأمتلاك... وقبل أن يحط بشفتيه على شفتيها.. كان هاتفه يعلن الإنزعاج كصاحبته...
انتفضا عائدين لواقهما.. ابتعد والرغبة مازلت تسكن مقلتيه فلا يستطيع إبعاد نظراته عنها... أما هي فنهضت خجلة تتورى حزنًا وتخبطًا
تلملم شغفها وحبها الذي تبعثر مع استكانتها واستسلامها... تنهض فلا تحملها قدمها.. تتعثر فيعينها وهو يهمس :_حاسبي هتقعي...
احتضنت جسدها بكلتا ذراعيها هامسة وراسها ينخفض في حياء،..
:_حاضر
انسحبت تجر ساقيها جرًا من هول ذلك الإحساس الذي جرفها بعيدًا وسلب هدوئها وثباتها...
__________________________
اعلن بدر اخيرًا عن موافقته على كتب كتاب ياسين وفطيمة مما أثار حنقها وجعلها تصرخ بجنون :_ايه الي بتعمله ده يا بدر.
نظر بدر للسقف قائلًا ببرود :_عايز أخلص منكم.. مش عارف اشتغل... بينطلي فكل حتة هيجبلي حول..
كتمت فطيمة ضحكتها على جنون ياسين... وما يفعله...تماسكت وهتفت :_بس انا مش عايزه اتجوزه..
هتف بدر موبخًا :_وحياة أمك... بهدلتينا الأيام الي فاتت علشان المحروس مسافر واهو لغى سفره علشان خاطرك وهيتزفت يقعد وموافق على كل حاجه..
عقد فطيمة ذراعيها قائلة بعزم :_بس انا مش عايزه اتجوز..
نهض بدر من مكانه قائلًا بحسم :_لا بقولك إيه مش فاضي للعب العيال ده..يوم الخميس كتب كتابك إنتِ وياسين... وده قرار نهائي...
قالها وغادرًا تاركًا لها تتخبط في أفكارها.. تارة تلعن ياسين وتتوعده وتاره تلعن بدر وتسرعه..لكنها لم تيأس وغادرت خلفه تحاول
هاتفة بإنزعاج وهي تجلس بجانبه :_ينفع كده يا بدر.. كتب كتاب علطول..
هتف بدر وهو يمد ساقيه على الطاولة الصغيرة بأريحية :_علشان تتصافوا براحتكم...
قالت فطيمة آسفة :_وافرض متصافيناش يا بدر...
هتف بدر ببساطة :_عادي تتطلقوا....
شهقت فطيمة مستنكرة :_عايزني ابقا مطلقة يا بدر...
قطع وصلة حديثهم جرس الباب... أشار لها بدر قائلًا بنصف ضحكة :_أراهنك إنه المجنون التاني....
عقدت فطيمة حاجبيها مشككة فأجابها بدر بثقة :_ورحمة ابويا هو... افتحي وشوفي.. نهضت فطيمة من مكانها للتأكد من تخمين بدر وما إن فتحت حتى رآت عامل البيتزا يقف أمامها ممسكًا بأوردر.. هتفت فطيمة بلمحة انتصار :_دا الدليفري يا بدر..
مصمص بدر وهو يهز رأسه نافيًا :_قال عامل دليفري قال.... دا هو بعينه...
كررت فطيمة سؤالها :_إنت طالب بيتزا يا بدر.. ؟
هتف بدر وهو يعتدل في جلسته :_ايوه خليه يدخل...
وقبل أن تدفع فطيمة متناولة منه البيتزا رفع ياسين الكاب عن ملامحه..وهو يبتسم قائلًا :_مساء الأنوار... على الحلو الغدار...
رفعت فطيمة حاجبيها قائلة ببغض وإستهزاء:_هو إنت..؟
دخل ياسين قائلًا بشقاوته المعهودة :_أيوة أنا يا روح الأنا....
هتف بدر موبخًا :_اتلم يا ولااا .. وتعالى..
اتجه ياسين ناحية بدر قائلًا :_أبو نسب...
نظر بدر لفطيمة قائلًا :_مش قولتلك يا ماما.... ثم أشار إليه قائلًا... اهو قارفني بقاله أسبوعين.. مرة دليفري.. ومرة عامل تليفونات ومرة سباك.... اتجوزيه بقا وخلصيني....
هتف ياسين بمرح :_وافقي بقا......
نهض بدر من مكانه قائلًا :_هسيبك معاها تتكلموا وترسوا على بر... وقبل أن يغادر هتف محذرًا ياسين :_إنت اقعد محترم علشان البيت كله كاميرات... حركة كده أو كده هنفخك..
لوى ياسين فمه قائلًا بإستنكار :_إنت خايف على فطيمة مني...
كتم بدر ضحكته وكرر كلماته بتهديد :_أنا بحذرك...
هتف ياسين وهو يلوّح بذراعيه :_ماشي يا عم اتوكل.
انطلق بدر مُتجهـًا لحجرته، بينما ظلت فطيمة واقفة منتظرة... هتف ياسين وهو يجذبها من ذراعها:_اقعدي بقا...
هنا صدع صوت بدر موبخًا :_سيب ايدها يا حيوان...
تلقائياً رفع ياسين ذراعيه كمتهم... وهو يتطلع حوله ليعرف مصدر الصوت :_حاضر يا باشا....
همس ياسين وهو يبتلع ريقه :_عيلة مجانين...
هتفت فطيمة :_بتقول حاجه....
أحفض ياسين ذراعيه وغمزها قائلًا بشقاوة :_دا أحنا هنقول حاجات...
جاءه صوت بدر مرة أخرى شاتمًا:_احترم نفسك يا حيوان...
كرمش ياسين وجهه علامة على الضيق وهو يقول بنفور :_ما خلصنا بقا.. حيوان حيوان...
سألها ياسين بإهتمام وهو يتطلع حوله :_في مكان هنا مفهوش كاميرات وتسجيل.
هتفت فطيمة ببساطة :_اه طبعًا...
ابتسم ياسين بسعادة مستفسرًا :_فين بقا...
أجابت فطيمة بهزة رأس ونصف ضحكة شريرة :_الحمّام..
أصدر ياسين نفخًا مستاءًا ثم قال بجدية :_طيب نتكلم بقا...
هتفت فطيمة وهي تشيح برأسها غير راغبة في الحديث:_عايز ايه....
قال ياسين بترقب :_توافقي على ميعاد كتب الكتاب...
قالت بتحدي وإصرار :_لا...
هتف ياسين بأهتمام وهو يرقب انفعالاتها :_ليه..؟ مش كنتِ زعلانه علشان السفر.. خلاص مش هسافر..
لوت فمها قائلة بلا مبالاة :_براحتك والله دي حاجه ترجعلك.
استعطفها ياسين بضيق :_بطلي بواخه بقا يا شيخة تعبتيني.. بيتزا وجبت ورد واشتريت بلكونات ونطيت... نهض يصرخ بوجهها بغيظ :_عايزه إيه...؟ تابع وهو ينفض كفيه :_معدش معايا فلوس.. عايز اتجوز بالباقي.
هتف ياسين بتحدي وهو ينهض عازمًا على المغادرة :_ورحمة أبوكِ وامك لاتجوزك يا فطيمة..
هتفت مستنكرة تحاول مراوغته:_تقبل تتجوز واحده غصب عنها..
هز يا سين رأسه بإبتسامة مستفزة :_ايوة قابل وراضي...
هتفت فطيمة بعناد مماثل :_ماشي يا ياسين انا هكرّهك في الجواز وسنينه...
تصنع ياسين الابتسامة قائلًا بسخرية :_عسل يا اخواتي... أنا اكرّه بلد بحالها يا ماما..
نظر لبعضيهما في تحدي قائلين في نفس واحد :_ماشي هنشوف..
_________________

أنا بألوانك (سلسلة حين يشرق الحب) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن