Chapter 26 || الإنتقال

246 29 25
                                    

« هل لايزال دجى حدقتيك يروي قصة، كانت خيبة الأمل عنوانها و إندثار الأحلام حبكتها؟»

____________________________________

جلست في مقعدها بجانب النافذة على متن الطائرة المتوجهة للمسكن الجديد بعيدًا عن أثينا .

أغيوس ثوماس، إسم جديد يُضاف إلى لائحة المجهول لديها.

و هي تسند رأسها ضد زجاج النافذة الدائري، أسدلت جفنيها تنعم بهُنَيْهات الراحة المعدودة قُبَيْل إستيقاظ النفر النائم.

كانت تتقاسم المقعد المزدوج مع تشايونغ النائمة على كتفها، فيما توزّع الباقي كلٌ على حدة يبتغي الإختلاء بنفسه، بإعتبار أن الرحلة كانت منظّمة من طرف المخابرات بطائرة خاصة، حيث حلّقوا ليلة وصول ذلك المكتوب و الساعة تتجاوز الخامسة صباحا بأحد عشر  دقيقة.

إنقلبت لحظات راحتها المزعومة إلى سَباتٍ لم تفق منه إلا على إثر هزات متتالية لشقّها الأيمن.

أفرجت عن عسليتيها لتدور بلا هوادة في المحيط قبل أن ترفعهما ناظرةً لمن تسّلم مهمة إيقاظها، و لم تكن سِوى صديقتها الكورية التي بدورها لا زالت مخلّفات النوم تملؤ محياها، و نبرته تمازجت بنبرة صوتها حين أذعنت قائلةً

" إربطِ حزام الأمان، نحن على أعقاب الهبوط"

" حسناً"

همست  بخفوت تحيط خصرها برطفَيّ الحزام ليتشبكهما بإحكام بعدها محاولةً الإستفاقة كلياً من آثار نومها السابق.

فُتِح باب الطائرة ليتناوب الجميع على النزول منها كلٌ يبطئ خطاه النعسة محاولا تجاوز الإصطدام بمن يسبقه، على غِرارِ ذلك الأشقر الذي يبدو و كأنه كان يسير بنومه لا بصحوته.

كان عقربيّ الساعة قد إلتحما مشيرَيْنِ إلى حلول الساعة الثامنة  صباحا و هم على متن سيارةٍ رباعية الدفع تجوب بهم بين الأزقّة و الشوارع تحت قيادة عريض المنكبين .

كانت وجهتهم تقبع بمقاطعةٍ وسط اليونان، بان من خلال نافذة السيارة أنها منطقة هادئة، فلا هي بضوضاء و إكتظاظ أثينا و لا هي تلك البقعة الريفية الجدباء الخالية من السكان.

كان يحد الطريق المعبّد  من الجانبين   سياجَيْنِ حديدين، يفصلان حركة المرور الخفيفة عن الخضرة و الأشجار المتفاوتة  في طولها و عمرها.

فكانوا كلّما مَضَوْ قُدُمًا ، لاح بالأفق منظر الهضاب المسكوّة بالحشائش و الطفيليات، فبعضها يرعى به الغنم، و بعضها إِتُخِذت مرسى العائلات في نزهاتهم و بعضها شُيّد فوقهم ما يشبه الأكواخ لكن بطريقة حديثة، بالإضافة إلى بعض البحيرات القليلة التي توسطت الأشجار فلم يبن منها سوى حوافها.

رويداً رويداً بدءت المجمعات السكنية و بعض المرافق العمومية تظهر بالتتالي إلى أن باتت السيارة تُقاد بقلب المدينة.

عَذْرَاء بيُوتْيآ  ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن