Chapter 1 ||سفرٌ مفاجئ

3.4K 157 19
                                    

نشِف بحر كلماتي و جفّ قلمي، نفذت جلّ أفكاري فلم أعرف بماذا أهتدي، غاب إلهامي  و ظلّت الصفحة الأولى بيضاء، حتى  تميمة الحظ لم تسعفي  هذه المرة لأجد إفتتاحية مناسبة.

إفتتاحية تمهّد الطريق لفكرةٍ ظلّت تطنّ برأسي كالنحلة تطالب بالخروج و التحرر ، إفتتاحية لربما قد تكون سببا في فشل ما يسمى رواية و هي لي دون ذلك، إفتتاحية لم أعرف أصلا ماهية فحواها أهي ملخص لقصة لم تكتمل أركانها بعد! أم هي مقطع مشوّق يفضح مضمون الحكاية.

لذا سأدع عني هذا التكلف و أتجه لطريقة مغايرة، قد تطلب مني وقتاً طويلاً أن أسلكها... أن أترك قصتي اليتيمة هذه بدون إفتتاحية أو مقدمة... سأدعك أنت أيها القارئ تخمن حول ماذا تدور الأحداث.... أحداث أتمنى من كل قلبي أن تعايشها بجوارحك قبل عقلك و أن تتلوها عواطفك قبل لسانك.

و تبقى حر القرار سواءاً بالتمسك بها أم تركها.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
 



    باريس - فرنسا

"اللعنة أ كان يجب أن أسهر ليلة البارحة؟"

تساءلت قمحية البشرة بينما تمشط شعرها الأسود الذي يصل إلى بداية كتفيها مع غرَّتها القصيرة، بعد أن ارتدت  ملابس عشوائية، عبارة عن فستان أسود يصل إلى ركبتها مع سترة جينز و حذاء رياضي.

لتهرول بعدها إلى باب المنزل آملتً ان تصل في موعد المحاضرة.

أوقفت سيارة التاكسي أمام أكاديمية الفنون الجميلة، لتقابلها صديقتها متجهمة الوجه

"حقا أتالانتا لم يبقى سوى خمس دقائق أكيد لن تدخلنا تلك الشمطاء!"

"عزيزتي لما لم تفكري في الشمطاء حين أجبرتني ان أمضي ثلثي الليل استمع إلى هرائك عن ديفيد"
أجابت اتلانتا ميليسا بينما تركضان الى باب القاعة.

.................

بعد انتهاء المحاضرات الصباحية، توجهت أتلانتا نحو إحدى شوارع باريس التي تمتاز بكونها سوق مصغر للطبقة الوسطى. لتلِجَ إلى أحد المحلات الحاملة لإسم " Adriana's Land ".

فتجد ذلك الرجل الذي قارب نهاية أربعينياته جالسًا فوق كرسيه الهزاز و بيده كتابٌ ما جذب كل إنتباهه عن ما يحصل حوله، لتزين بسمة شقية محياها و تقول بشقاوة

" أهلا سيمون! كيف الأحوال لم أرك صباح اليوم"

"لو كنتِ استيقظت في وقتك المحدد ككل الفتيات لرأيتني حينها! "

أجاب ذو العينين الرماديتين  مغلقا كتابه معطيا تلك القابعة أمام الباب جلَّ إنتباه.

" حقاً أبي! انتِ تعلم أنني أسهر في عطلة نهاية الإسبوع، و إذا لم أنم باكراً لن أصحو باكراً معادلة سهلة "

أجابت متنهدةً بينما تتناول في يدها المرش لتسقي زهور النرجس، رغم انه لا داعٍ لذلك، فقط للتهرب من  التحقيق اليومي.

" بما أنكِ قلتي أبي!  و هي من المرات القليلة، سأتغاضى عن الموضوع هذه المرة.. "

" أيضا هناك موضوعٌ يجب أن نتحدث به"

" ويحك! لا تخبرني أنك تريد الزواج ثانيةً؟" أجابت أتالانتا بسخرية بينما تتخذ الكرسي المقابل له مَخدَعً لها.

"أتالانتا هذا ليس وقت المزاح، الأمر جدي "

أجاب سيمون بينما حلّت تعابير جادة محياه.

" يجب أن نعود إلى اليونان، لقد تلقيت خبراً من القيادة، هم يحتاجونني في قضية مستعصية "

" ماذا؟ اليونان!، ماذا عني أبي؟ كيف يمكن أن أترك كل شيءٍ ورائي هكذا؟ ماذا عن دراستي! إمتحاناتي النهائية بعد أسبوع لا أستطيع السفر !"

أجابت أتالانتا بفزع، فهي أخيرا ستتحقق حلمها و تنال لقب رسامة بعد أن تنجح هذه السنة، و لا يفصلها عن ذلك سوى أسبوع لذا لا مجال للمغامرة.

" أعلم بذلك تالا، و لهذا طلبت مهلة أسبوعين لتكون كل أمورنا جاهزة "

أجابها والدها مبتسما.  ليرن هاتفها بعدها قاطعا عليهم سكونهم

" حسناً هذه ميليسا، كنت وعدتها من قبل بالتوجه لمنزلها لنراجع ما فاتها من حصص"

أجابت حاملةً أغراضها في طريقها لباب الخروج.

تنهد  بتعب  سيمون و هو يراقب وحيدته التي تغادر المحل.
هو يعلم أنه صعبٌ عليها العودة لليونان خاصة بعد وفاة أدريانا  والدتها في حادث مأساوي، ترك بسببه عمله بالمخابرات اليونانية ليسافر برفقة إبنة البالغة العاشرة من العمر إلى فرنسا.

أين إستقر هو و إبنته بعيداً عن تلك الذكريات الموجعة، إضافة إلى إفتتاحه لمشتل الزهور تخليدا لذكرى زوجته و نصفه الآخر فلاطلما عرِف عنها حبها للمزروعات و خاصة الزهور. فهي كانت تآمن بأن باقة زهور تحمل قيمة معنوية أكثر من الأشياء المادية الأخرى.

و لكن على ما يبدو أن أتالانتا لاتزال تتذكر كل شيء، و هذا ماكان يخشاه.

عَذْرَاء بيُوتْيآ  ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن