خاطرة " ٤٤ "

60 9 4
                                    

لأخبركم عن قصة أقوى فتاة صادفتها في حياتي ..
كان يومٌ مُمطر كالعادة ، يوم من أيام شهر ديسمبر البارد .. كعادتي خرجت من المنزل لأتمشى تحت المطر ، علَّ قلبي المليء بالنيران ينطفئ بالمطر ...

داهمني التعب فقررت الجلوس على إحدى الكراسي المدودة على أطراف الشوراع طلباً لبعض الراحة ، فإذا بفتاة تتراقص امامي تحت غزارة المطر ، تقفز بجنون على البرك التي كونها المطر ، تضحك بصوت عالٍ بعفوية طفولية قاتلة ... مما دعاني الأمر لأبتسم على ما تراه عيناي من جنون طفولي بحت ..

تلاقت عيناي مع عيناها الضاحكة للحظة فإذا بها تركض نحوي بقوة لتمسك كفي ... ما زالت مبتسمة لتقول لي : حَصلت على حريتي أخيراً ... عقدتُ حاجبي بإستنكار لتردف مكملة كلامها : اليوم تحررتُ من عبودية فُرضت عليّ تحت إجبار من القريب قبل البعيد ..
تبسمتُ لها لأخبرها بدون وعي وأن أعلم انها قد ترفض بقوة : أخبريني بالتفاصيل إذ أمكن ذلك ..؟

لكن ابتسامتها التي وصلت لأُذنيها أنذرت عكس ذلك لتكمل ، رفعت بنصرها الأيمن : في هذا الأصبع عُقد حبل مشنقتي ، لقد وافقت على الخطوبة من رَجل لا اعرف عنه سوى اسمه ، وافقت تحت اجبار أهلي عليه ، أكملتُ أسبوعي الأول معه بسلامٍ غير مريح ، من ثم بدأت اسابيع الكد والكدر تلاحقني معه ، تأكلني بشدة ، تنهش عقلي ، طلبت الفراق مرات عدة ولم يكُن الجواب سوى عذاب ارتسم على قلبي قبل جلدي ، عذابٌ أحرق هذا القلب الذي لم يكن سوى زهرة أراد الإرتواء من ماء رجل لم أعرفه ، بكيت لله ليالٍ طويلة أطلب منه الخلاص ، تمنيت الهرب مراتٍ عدّه ، الهرب من جسدي ، من روحي ، من نفسي ..

دعوتُ الله بيقين طفلٍ وضع سِنَّهُ المكسور تحت وسادته ليستيقظ ويرى قطعة نقدية تحتها ، نعم لقد جاء نهار اليوم الذي اكتشفت فيه كذبه وخداعه ، لن اقول لكِ ما هو حتى أهون عليكِ وعلى قلبي ذكراه هذه ... نعم اليوم هو يوم الإفراج عن روحٍ عاشت تحت عذاب النفس والجسد والإجبار ليالٍ طويلة ...

لم تَدعني أرد على كلامها ، لقد عادت لتقف وتركض تحت المطر كما ذكرتُ سابقاً بجنون طفولي بحت ..
لا أعلم لماذا قالت لي هذا الكلام ، لماذا اختارتني أنا تحديداً من بين كل الناس ، ربما عفويتها الطفولية رأت نار قلبي فأطفئته بفرحتها ... كانت تريد لأحد أن يشاركها فرحتها وكان قلبي هو الفائز ...

" حروف سَتُنسى " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن