خاطرة " ٦٣ " أمان الأيادي الحنونة ..

31 4 1
                                    


قيلَ على لسان أحد الضحايا : إنَّ أكثرَ ما آلمني ليست قسوة الجلاد ، بل صمتُ المتفرجين ...

صوت طقطقةِ حِذاء جلادي يُرنم على عتبات أرضية غرفتي ، وجلادُّه في قبضتهِ القاسية يُوقف سريان الدمِ في أوردتي .. كالأفعى و ربما أشد .. فتاةٌ بِعمري لم تخرج خارج حدود غرفتها كيف لها أن تعرف من أشد !! لسعتها !؟ أم لسعةُ أفعى والدي !!؟

لم أمُت ، ولم أُدفن ، مع أنهم قتلوا واقعي ودفنوا حقيقتي ... ألبسوني الكفن وحكموا على حياتي بالإعدام ... تحت سُلطة عاداتهم وتقاليدهم ... تحت رحمة تلكَ الأعراف خُتم عليَّ بالسجن المؤبد ...

تُهمتي البريئة ، مشاعري التي غفت على نافذة أميري ... هل ما زال يتفقدها !! هل ما زال أثرُها هُناك !!! أم أن عائلتي غسلت عارها حتى عن نافذته !! ... سمعت صوت حُطام ولا أعلم سببه فَـصوت حِطامي أشدُّ قوة من أي صوت آخر ... لأنه نتيجة أيادي حنونة .. أيادي آمنة ... أيادي تُحب الكُره وتكره الحب ... حنانها مرسوم باللون الأزرق على جسدي .. وأمانها تركَ أثره في أماكن كثيرة .. عميقة ... مؤلمة .. بل موجعة وقاهرة ... 

اسمع صوت بكاءِ أمي .. هي لا تبكِ عليّ بل على ماذا سوف تقول جارتها اللئيمة .. على انقطاع جدتي من زيارتها .. ماذا عن أنين ألمي من لمساتِ والدي الحنونة !! ألم يعطكِ صوتي فكرة عن شدةٍ حنانه علي !! لا أرديكِ أن تبكي علي ، ابكِ على شدة حنان زوجكِ على ابنتكِ ... كنتِ تُحبين شعري ، لكن حبكِ له جعلكِ صامته أما تلكَ الأيادي الحنونة وهي تقوم في قصهِ مرددة " لِتموت أُنوثتكِ يا عاري .. "

قُبلاتكِ على أصابعي النحيفة الجميلة كما كُنتِ تقولين ، أصبحت ظاهرة وجميلة ، منها الأحمر ومنها الأزرق ، وهناك من اختارت ان تعيش أطول وتصبغ نفسها باللون البنفسجي .. تعالي إليّ أريدكِ أن تُلقي نظرة على جمالها .... 

يا الهي هل ترى الألم المتربع في قلبي !؟ هو أشد ألمٍ من ذلك الظاهر على جسدي ... مُتعبة يا الهي وخائفة من البكاء ، خائفة لأنه سيحرق تلكَ القُبلات الملونة على وجهي .. عندها سوف أبكي من الألم بسببها  .. وليس من ألم من صنعها و زينَ وجهي بها ...

طالَ صلّبي .. أُريد أن أُدفن ...  

" حروف سَتُنسى " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن