خاطرة " ٥٦ "

131 22 27
                                    

كان يجلس مقابل لي على طاولة دائرية صغيرة بحيث يمكننا أن نستمع حتى لهمساتنا .. نظرتُ له بتعب وتنهدت ، لألمحَ على ثغرهِ ابتسامة خفيفة وهمس لي
- أحبكِ ..
نظرتُ له بإستغراب لم يَدُم طويلاً لأزفر انفاسي بإرهاق
- تقصد بأنكَ سَتتحملُني ..
عقد حاجبيه ليردف
- لم أفهم ..
همستُ له بذات النبرة
أنا كُلَي عيوب ...
لم يترُك لي المجال لأكمل كلامي لِيُمسك بكفي ويعانقها بكفيهِ الاثنين ويرمقني بتلك النظرة المليئة بالدفئ ..
- أنتِ جميلة ..
سحبتُ كفي من بين كفيهِ بسرعة لأُجيبه
- لستُ جميلة ، أنا عصبية وأعصابي دائماً تالفة ، مُتعجرفة ، كما أنني غبية وجبانة ، كثيرة العبوس ، كمان أنني معقدة لدرجة يصعب عليكَ أن تفهم ما بي أو ما أريد ، لأنه حتى أنا لم أعد أفهم نفسي ...

كان ينظر إلي وابتسامته تلك لا تختفي أبداً عن ثغره اللعين الجميل ...
تنهدت بتعبٍ للمرة التي لا عدد لها وأنا جالسة مقابلة له ، لم أستطع مواجهة فتنة عينيه لأشبكَ أصابعي ببعضهم وأسندهم على الطاولة الصغيرة أمامي ...
- أنا منطفئة وكئيبة ، وحزينة دائماً ، كمان أنني دائماً متعبة والصداع يفتك بي يومياً ، سأقول لكَ بأنني أكرهكَ لهذا السبب مع أن حُبي لكَ يكادُ أن يفتك بي .. لستُ اجتماعية عكسكَ أنت ، أكره الإختلاط وأغار كثيراً ، كما أنني أخنق الذين أحبهم بسبب تملكي ، وبالتأكيد سأفعل بكَ هذا ولن تستطيع أن تتنفس حتى ...

عبستُ بشدة هذه المرة وعيناي ما زالت تُعانق كفي
-كما أنني فتاة بكاءة ، ولا أخجل بأن أبكي في كل مكان ، في الشارع وأمام الناس ، حتى وأنا أتناول الطعام ، قد تشعر بأنني باردة مع أني لستُ كذلك ، كما أنني بطيئة ويجب أن تبذلَ جهداً قوياً لتتحمل هذه الصفة ، منطوية ومنعزلة ، وروحي ليست جميلة أيضاً ، روحي مليئة بالكسور والخذلان ...

شعرتُ به وهو يعود ليُسند ظهره على الكرسي وشبكَ يديه لصدره ليميلِ رأسه وينظر نحوي يحثني على إكمال كلامي أنا التي رفعت نظري نحوه قليلاً ...
-عيوبي كثيرة ، كما أنني صندوق مغلق أسود اللون كَـروحي ، أرجوك لا تفتحه ، أعلم بأنك ستحاول و أنا سأعطيك فرصة لذلك ، ألم أقل لكَ بأني غبية .. ولكن لأني بحاجة لشخص ما ينتشلني من ذلك الصندوق ، و ربما تكون أنتَ المختلف التي تنتظره روحي ، ولكن أن متأكدة بأنك سَتَمل بسرعة وهكذا سأكون فتحته بدون نتيجة تُذكر ، ولن يَطولني غير الألم ..

كان لا يزال يحافظ على هدوءه عندما رفعت وجهي لأُقابل عينيه الفاتنة ، فكَ حصار يديه وأقترب ليسندهم على الطاولة أمام كفي ليهمس لي أيضاً
- انتهيتي
- نعم ، وأنتَ عليكَ الذهاب صحيح !؟
-نعم هيا لنذهب
استقام و وقف أمامي
- ستذهب لوحدك
مد لي كفه ليبتسم لي
- لوحدنا ..
- لماذا ؟
- لأني أُحبكِ
- تقصد بأنك سوف تتحملني ..
- أنا لا أراكِ عبء ...

" حروف سَتُنسى " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن