-كنـــان
صياح رونزا المنفعلة اخترق الجدران لكنه لم يحرك شعرة برأس المعني بالنداء.
بشعرها المشعث و مأزرتها الوردية تحمل في يدها ملعقة المطبخ الخشبية وتضرب الأرض بقدمها متجهة إلى حيث يرقد المرحوم مقدمًا.
دلفت إلى الغرفة بعنف لتجده جالس أمام التلفاز يشاهد أحدى مباريات الدوري الإنجليزي بكل تركيز وتفاعل.
-هخلص الماتش واجي اساعدك حاضر
قال بسأم عندما شعر بها وبحرارة أنفاسها وغليان دمائها.
-انت عارف؟كتر اعادك مع داني خلاك بارد زيه..مش عاوزاك تساعدني وخليهم يقولوا مرات كنان مش بتعرف تطبخ
زفر كنان بسأم واغلق التلفاز مضطرًا فهو يعرف زوجته،ستظل تثرثر حتى ينهض ويساعدها في عمل طعام الأفطار،ورغم رغبته الشديدة في معرفة الفائز إلا أنه لن يقدر على مجابهة غضب زوجته المصون،فنهض مضطرًا.
-الله يسامحها جنات بتلبسني في عزومات وكلام فاضي انا مش فاضيله
أخذ يتمتم بملل وهو يسبق رونزا إلى المطبخ لتتهكم هي وتتجاوزه:
-اللي يسمعك يقول عليك وزير الكنافة الرمضانية
قلب عينيه بسأم مجددًا ولم يجب،لقد تغيرت زوجته عن تلك اللطيفة الرقيقة التي تزوجها،نعم الأوغاد خدعوه وقالوا أنها بإعدادت معينة لا يبدلها الزمن.
حتى عندما سأل كتيب التعليمات"غيمة"عن طريقة تعيد النظام السابق لصديقتها قالت له صادمة إياه بالحقيقة المُرة"هي رونزا كدا يا كنان بس انت اللي مكنتش شايف ده"
دلف إلى المطبخ جوارها كي يساعدها في الأطباق التي ستعدها وتأخذها لقصر آل الحويني اليوم.
فلقد اتفقوا جميعًا على أعداد الأطعمة في منازلهم وجمعها سويًا في حديقة القصر لتناول الأفطار الرمضاني سويًا.
رونزا حبيبته لا تستطيع فعل شيء بمهارة وهي متوترة لذلك أصرت على اقحامه معها في المطبخ حتى يساعدها.
المشكلة أن جلسات المطبخ بينهما تنتهي بتحرشه بها عادتًا لكن اليوم لن تنفع تلك العادة فبشق الأنفاس سيسطيع التحكم في أفكار المنحرفة حاليًا حفظًا لصيامه.
****
-قيس..أطلع علق الزينة مع ظافر والولاد برا
قالت ليلى لقيس الجالس على طاولة المطبخ يراقبها وهي تعد الطعام متسببًا في سخرية الفتيات وعشق منها.
-سيبيه يا ماما هو عاجبه المنظر هنا
سخرت ليلاس من جديد لترمقها ليلى بنظرة حادة تجعلها تضحك وتلحق قيس بمثلها فتتسع ابتسامته أكثر.
غسلت ليلى يديها وجففتهما ثم اتجهت إلى قيس تمسك كفه وتسحبه خلفها قائلة بحدة:
-عجبك كدا يعني عاملين يضحكوا عليا
-غيرانين منك
قال بلامبالاة لتضرب الأرض بقدمها وتزيد من سرعتها نحو الحديقة.
اوقفته أمامها وقالت رافعة أصبعها بوجهه:
-انت معاقب يا قيس متحاولش تستعطفني..أنت تعبان ومع ذلك أصريت تسافر ومسمعتش كلامي كلو عشان خاطر الشغل اللي مش عاوز تسيبه لإياس ومروان عشان نخلص وانت تستريح
-إياس لسة بيتعلم ومروان مش هيقدر على كل ده لوحده يا حببتي
قال بهدوء يحاول أمتصاص غضبها وقد نجح بالفعل خصوصًا بعد لفظ"حبيبتي"ذاك
لتقل حدتها حتى ما عادت ظاهرة وهي تقول برقة:
-بس أنا خايفة عليك يا حبيبي
-اغفري انتِ بس وانا هثبتلك أني يتخاف مني
تواقح بغمزة ذات مغزى فنكزت بخفة وقالت بدلال:
-روح ساعدهم يلا ونتكلم بعدين
رغب لو قبل وجنتها الوردية توًا لكن أطفاله وأحفاده يملأون المكان فلا مجال لذلك الآن.
تركها تذهب واتجه هو إلى ظافر الذي وقف أسفل السلم الخشبي يوجه ياسين إلى مكان تعليق الزينة.
-يمين شوية..لا لا..انزلي يا ياسين خلي عمك يظبطها
قال ظافر عندما لمح قيس ورغم أن الزينة زاويتها مضبوطة إلا أن ظافر اراد اغاظة صديقه
-يلا يا قيس أطلع
قال ظافر وهو يربت على ظهر صديقه ليسأله قيس ببرود:
-انت تقصدني أنا بعمه؟
-اللي اعرفه أنك أبو مراته..ده اللي اتقالي
-بيضحكوا عليك
-لا بجد!أمال...
قاطع فقرة التفاهة خاصتهم صوت صياح ياسين من فوق السلم وهو يهتف بصوتٍ عالي:
-جـــــول
اتجهت الأنظار إلى شاشة التلفاز المتواجدة في الحديقة ليشاهدوا نتيجة المبارة النهائية للدوري الإنجليزي فترمى الزينة وتحدق الأعين بالشاشة تاركين النساء المسكينات يعملن داخل المطبخ..ولنضم صوت كنان المسكين معهن.وعلى طاولة الافطار الكبيرة جدًا أجتمعت أسر كثرى.
أسرة جنات..كريم..كنان..روند..وبالطبع أصحاب القصر من أسرة ظافر..قيس..نيران..مروان..ياسين..إياس
الكل اتى والصغار بمفرقعاتهم وفوانيسهم اطفو البهجة والسرور على المكان فكان ذاك اليوم أجمل يوم رمضان..يوم تجمع العائلة في ذاك الشهر المبارك.بعد الأفطار وقفت روند مع كنان قليلًا فقد كان يطمئن على أحوالها وتطمئن على أحواله هي الأخرى،نعم مازالوا أصدقاء وسيظلون هكذا
فبعد مرور عامين على الأحداث المؤسفة قرر الجميع نسيان ما كان وبدأ صفحة جديدة ناصعة البياض،ربما يشوبها أحيانًا شائبة أو اثنان من الماضي،لكن طالما الود والحب موجودان ستجد السعادة وسط العائلة..فهذان هما عمودى الأساس
الحب والود
أنت تقرأ
بالقلب نيران وغيوم(الجزء الثالث والأخير من سلسلة أقدار متشابكة)
Romansaقبل أن تشعر بمن يجذبها من معصمها نحو إحدى الغرف ويدخل بها ليلصق ظهرها بالباب ويهمس من بين أنفاسه الساخنة: -ايه اللي انتِ لبساه ده -ياسين! كانت اجابتها همسة باكية باسمه جعلت قلب الأخر ينتفض بلا ارادة منه وتسلل القلق إلى ذاته ليرفع رأسها نحوه فيجد تجم...