كالنار تحرق مُوقِدَها أحرقته نيران قلبه ، نعم يعلم أنها عاقبة أفعاله ، لم يفكر يوما بشعورها و هو يتركها لسنوات ويتهرب من الرجوع .. كان يعتقد أن العمل سويا سيتيح له تقريب المسافات ، ولكن هذه الصدمة تبعدها ولا تزال تبعدها حتى شعر أن بحارا تموج فيما بينهما ويبعدهما شطآن وتلوح له الأمواج من بعيد شامتة ألا لقاء و قد أستدعيت الفراق فما لك أن تذوق سواه !!
ارتطم بما سمع وعاد لغرفته مغلقا عليه بابها تاركا نفسه لنهب الندم ، مرت ثلاثة أيام لم ير نورا خارج أسوار غرفته وافتقده عمه وسأل عليه وما كانت إجابة السؤال سوى أنه لا يكلم أحدا ويحيا باكتئاب عجيب غير معروف الأسباب ، ولكن عمه كان عالما بالأسباب ، و أصبح اكتئاب أحدهم أخبارا جيدة لآخرين !! لكنه لم يصرح لأحد بما علم .. تاركا الحياة تأخذ طريقها لحياة مرة أخرى لعل ما حدث يرده و إن لم يرجع إليها فليأت من يستحق قلبها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تجلس شاردة بغرفتها .. مازال يشغل بالها ومازالت تفتقد غيابه .. تبا لهذا القلب العاق .. كيف له أن يخرج عن سيطرتها ويرضى لها ذلك الهوان المسمى بحبه ؟! تعجبت من قلبها كيف أحبه ومتى؟!! رن هاتفها لتنتفض من المفاجأة ، نظرت للهاتف فوجدته رقما غريبا :
- ألو
- حياة ؟!
- أيوة ، مين حضرتك ؟
- أنا أحمد .. أنا خدت رقمك من الحاج إبراهيم عشان نتكلم .
- خير.. حضرتك عايز تكلمني في إيه ؟
- إحنا بينا حاجات كتير نتكلم فيها .
- كتير إزاي يعني ؟
- الشغل مثلا .. أو الخطوبة على الأرجح يعني .. إحنا محتاجين نتكلم ونتعرف على بعض أكتر
- طيب حضرتك أنا لسة بفكر ومقولتش رأيي .
- طيب مش الأفضل إننا نتعرف أحسن عشان لما تقولي رأيك يبقى عن اقتناع
تنهدت بخفة بلا صوت فقد أحست أنه يحاصرها فلم تجد سبيلا للرفض :
- طيب حضرتك تحب تتكلم في إيه ؟
- أتكلم لوحدي ؟ عموما مفيش مشكلة .. هعرفك عليا بشكل أوضح برغم إن ملفي عندكم بحكم الشغل بس أنا مهندس زي مانتي عارفة متخرج بقالي 6 سنين اشتغلت سنتين في الخارج حالتي المادية ميسورة عندي شقة في بيت أهلي مستنياكي تنوريها ، عندي 3 أخوات بنتين وولد ،سماح متجوزة ومعاها ولد ،و نورا لسة بتدرس في الجامعة ،و أيمن في الجامعة آخر سنة ، ترتيبي التاني بعد سماح .. تحبي تعرفي عني إيه تاني ؟
- سيبت الشغل برا و رجعت ليه ؟
- عشان حسيت أني لو اتجوزت مش هقدر أرجع بلدي تاني ، محبتش أفضل عمري كله برا ويبقى كل همي أجيب فلوس ، و كمهندس أقدر أشتغل في بلدي بشكل يرضيني وأفتح بيت و مبعدش برضو .
- بتشرب سجاير ؟
- هههههههه لأ
- بتضحك ليه ؟
- عشان نادرا لما بنت تهتم بالمسألة دي .. الأهم عند البنات دلوقتي وجود شقة وعربية وشغل يكفي طلباتهم .
- أنا سألت عشان مبحبش ريحة السجاير .
- طيب كلميني عن نفسك
- أنا وحيدة بابا وماما خلفوني بعد 16 سنة ، خريجة إدارة أعمال من الجامعة الأمريكية و درست دبلومة في إدارة المعاملات مع البنوك في الجامعة الأمريكية برضو
- بس كده ؟!
- لو حضرتك عايز تعرف حاجة تانية أسألني
- ليكي أصحاب ؟
- هي صديقة واحدة واتجوزت قريب ومش بنشوف بعض إلا بسيط بس بنتكلم كتير
- بتكلميها في إيه ؟
- عادي يعني .. بنفضفض لبعض بنحكي لبعض ممكن نتفق نخرج نشتري لبسنا مع بعض .
- لأ يعني عايز أعرف الفضفضة دي بتبقى إزاي ؟ يعني مواضيع إيه تحديدا اللي بتتكلمو دايما فيها ؟
- مش حاجة معينة بس اللي بيحصل معانا بنحكيه لبعض .
- كل حاجة ؟
- لا طبعا فيه حاجات مينفعش تتحكي للصحاب ، بس ليه حضرتك مركز أوي على علاقتي بصاحبتي ؟ مالكش صحاب ؟
- لا مش موضوع مركز بس دايما البنت بتتأثر بصاحبتها و بعدين أنا علاقتي بصحابي سطحية لو فيه مصلحة أو شغل ،أو لو اتقابلنا في مناسبة مش أكتر .
- تبقو مش أصحاب .. زمايل .. معارف .. مش أكتر من كده
- المهم سيبك من صحابي ، مكانش ليكي علاقات حب قبل كده ؟
- هو حضرتك مسألتش السؤال ده لبابا ؟
- لأ أنا أسأله لبابا ليه ؟ أنا أسألك أنتي .. بابا هيعرف منين ؟
- طيب أنا مفيش حاجة تخصني بابا ميعرفهاش , و..... طيب هنتكلم تاني بس ماما بتنده عليا
أثارت مهاتفته تلك تفكيرها لأبعد حد .. هل استجوابه بشأن صديقتها مجرد موضوع للحديث أم رغبة في السيطرة ؟ وعلاقاتها السابقة !! ماذا عن علاقتها بعاصم ؟ ماذا ستسميها ؟ هل تخبره أنه كان زوجها عرفيا وتم طلاقهما بلا مستندات ؟ أم تخبره أنه كان خطيب سابق ولم يستمرا؟ بينما الحقيقة أنه لم يكن مجرد خاطب .. وصلت بتفكيرها للحنق من والدها الذي وضعها بهذا الموقف .. كانت في راحة من هذا التوتر لو أنه رفضه متعللا بأي شيء بدلا من مقابلته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- فكرتي يا حياة و ألا لسة بتستخيري ؟
- مش عارفة يا ماما .. أنا قلقانة أوي من الموضوع ده .. تفتكري أقوله أنا كنت متجوزة عاصم عرفي و طلقني ؟ وألا أقوله إننا اتخطبنا وسيبنا بعض ؟ و ألا أخبي عليه و مجبش سيرة أصلا؟
- يا لهوي .. أوعي يا بنتي تقولي حتة كنتِ متجوزة عرفي دي .. الناس دماغها بتحدف شمال و محدش هيصدق إنك كنتِ عيلة و الجواز تم عشان أبوكي و أبوه
- أومال أعمل إيه يا ماما ؟ أكذب و أقوله عمرى ما ارتبطت لا رسمي و لا غير رسمي !!
- لا يا بنتي .. الكذب حرام
- طيب دليني .. امبارح اتصل بيا وقعد يكلمني ويسألني ومبقتش عارفة أتكلم .
- أنا هقول لأبوكي وهو يتصرف .. هو يقوله اللي هو عايزه وهو حر بقى .
- أنا بقول يا ماما بدل وجع القلب اللي احنا مش مستعدين ليه ده نرفض .. أعتذروله بأي حاجة .. أقولك قولوله عايزة تاخد الماجستير الأول .
- يعني يا بنتي هتميلي بختك بجد وتفضلي قاعدة جنبي .. يعني مش فيه ناس بتاخد الماكسير دهون وهما متجوزين .
- أيوة يا ماما الماكسير ده بياخدوه وهما متجوزين بس الماجستير بيمضوهم على اقرار بعدم الزواج.
- بت انتي .. شكلك بتنصبي عليا
- ههههههههه أحبك وأنت فاقسني يا ساوساو
- خوديني بالشوية بتوعك دول ، المهم صلي استخارة طيب و مترفضيش كده والسلام و إن كان على الحكاية دي أبوكي يشوف هو هيقوله إيه .
- طيب يا ماما .. بس وحياة عيالك لو رفضته متقعدوش تضغطو وتقولولي فكري تاني وبتاع .
- حاضر ياختي .. قال و حياة عيالي قال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- إنتي يا زفتة يا اللي اسمك عفاف .
- زفتة !! أظن عيب كده أوي .. أنا أخت جوزك الكبيرة و أنا اللي مربياه .
- كانت تربية منيلة ياختي .. انتي هتعلميني أقول إيه و مقولش إيه ؟
- أعلمك طالما مش عارفة تتكلمي بذوق
- أنا أتكلم زي ما يعجبني .. أنا في بيتي و أنتي هنا تخدميني وأنتي ساكتة
- احترمي نفسك .. أخدمك ده بمناسبة إيه ؟! أنا بحط مرتبي كله في البيت مش باكل ببلاش و ده بيت أهلي .
- أنتي الظاهر العلقة اللي فاتت مأثرتش فيكي
- لو مديتي إيدك عليا تاني مش هيحصلك طيب وهخلي عاصم ابني يقدم فيكي بلاغ
- هيهئ اسمالله يا عاصم بيه .. خفت يا عاصم بيه ، ابنك خلاص نساكي ورماكي ومعدش جاي تاني .. انتي تقعدي هنا زي أقل كرسي و اللي أقولك عليه تعمليه
- دخل عبد الرحيم :
- صوتكو واصل لآخر الشارع ليه ؟ هو إحنا مش هنخلص من الموال بتاع كل يوم ده ؟
- تعالى شوف أختك و عمايلها .. أنت جايبهالي بيتي ترازيني
- وبعدين بقى يا ابتسام .. مقولنا أختي ومقدرش ارميها في الشارع .. روحي .. روحي هاتيلي كوباية مية من ايدك الحلوة دي عشان ريقي ناشف .
- طيب يا خويا سايباك مع الست السفيرة براحتكم
- انصرفت ابتسام و دخلت غرفتها بينما عبد الرحيم جلس إلى جوار عفاف التي تبكي بحرقة
- وبعدين معاكي يا عفاف .. ما قولتلك مشي حالك أنا مش عايز يبقالها حجة تمشيكي بيها ، و مش كل مرة هعرف ألحق من تحت إيدها .
- يعني شايف قلة أدبها ولسانها الطويل .. مش كفاية بقوم من النوم أعمل الفطار و ألبس العيال للمدرسة وأرجع من الشغل أطبخ و أغسل و أنضف و أذاكر للولاد و كمان تشتمني كل شوية والتانية غير ما مدت إيدها عليا امبارح .
- يعني عايزاني أسيبها تمشيكي ؟!
- ماشي بس هات مرتبي اللي أديتهولك وأنا أمشي
- مرتب مين ما انصرف يا عفاف .. أنتي عارفة أن مرتبي صغير مبيكفيش البيت و أنتي ياما كنتي بتساعديني عشان أكمل باقي الشهر و العيال مصاريفها بتكتر .
- آه .. ما هو طمر
- يا عفاف أنا مش قصدي .. بس هي عصبية من ضيق الحال و بعدين لو مشيتها هعمل إيه ف العيال .. اصبري عليها شوية و كلها كام يوم و ييجي أسعد ياخدك و ترجعي بيتك .
- أسعد ؟! ده زي ما يكون كان بيستنى حاجة تخليه يرميني .. إلا ما فكر فيا ولا سال عني حتى .
- معلش مسيرها تتحل .. روقي كده وأنا هشدلك عليها و متزعليش .
- لوت فمها جانبا فهي تعرفه حق المعرفة .. أخلاقه لا تختلف كثيرا عن زوجته إلا أنه يحاول الحصول على أكبر قدر من المال .
- دخل عبد الرحيم غرفته و جلس بجوار زوجته التي تتصنع الحزن
- زعلانة ليه دلوقتي ؟ أنتي مش شتمتيها وخدتي حقك وزيادة
- عشان عارفاك زي قلتك و مش هتاخد منها حق ولا باطل
- أنا يا وليه ؟! ليه ؟ مش جبتلك منها مرتبها أول ما قبضت ؟ و خدت منها الفلوس اللي كانت معاها اديتهالك ؟
- أنا كنت فاكرة هتقولها تديني الأسورة اللي في إيدها هي يعني عايشة في أتة محلولة !
- عليا النعمة أنتي اللي عايشة في أتة محلولة .. كل ده ومش مالي عينك؟
- حوش يا خويا حوش الدهب اللي مالي إيديا !!! يعني دي تلبس وإيديها تتملي دهب وأنا آكل في روحي
- لأ متاكليش في روحك بس خفي لتاخد بعضها وتروح و القرشين اللي باخدهم منها منطولهمش تاني .. خليكي ذكية .. هي لو قعدت عندنا شوية مسيرها هتمشي وبالشكل ده يوم ما تمشي هتتف في وشنا و مش هنطول منها أبيض و لا أسود تاني .. إللي عايزاه منها خديه بس خليكي ذكية .
- طيب ماشي . بس حسك عينك تفهمها أنك زعلتني عشانها .. آه أنا كرامتي متستحملش
- هههههههه طيب يامو كرامة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- أرجوك يا بابا .. طيب خليني أنا أجيبها و خاصمها هنا
- يا عاصم كفاية بقى كلام في الموضوع ده .. أمك أنا صبرت عليها كتير و معدش عندي استعداد أستحمل أكتر من كده .. كانت بتكلم مرات عمك من طراطيف مناخيرها عشان ست بسيطة و مش متعلمة وبقيت أعدي و أفوت و أتكلم بالهداوة .. دايما شايفة نفسها أحسن واحدة تتصرف و بتحاول تسيطر عليا وبقيت أقول معلش من حبها وأنا عارف أنها طمعانة ، إنما توصل إنها تقرطسني وتتصرف بشكل كان ممكن يخسرني أخويا الوحيد أهو ده اللي عمري ما أسامحها عليه
- طيب يا بابا يعني هنرميها عند خالي ؟
- أنا مرميتش حد ، هي في بيت أهلها و آخر مرة أتخانقنا فيها قبل ما ترجع من السفر أنا نبهتها أن لو اتكررت مش عايزها تعيش معايا تحت سقف واحد .
- يا بابا العيشة في بيت خالي وحشة ومراته ست معندهاش أخلاق
- ميخصنيش .. أهم أهلها
- بعد إذنك أنا هروح لماما أطمن عليها .. ياريت متزعلش بس أنا مقدرش أسيبها
- لأ طبعا مقدرش أقولك تسيب والدتك .
- استدار قليلا بخطوات متلكئة ثم عاد ثانية و مد يده ناحية ولده و قد أخرجها من جيبه بلفة من النقود :
- خد خلي الفلوس دي معاك .. يعني لو احتجت حاجة أو عايز تدي والدتك فلوس .
- ربنا يخليك لينا يا بابا .. أنا كنت عارف أن ماما مش هتهون عليك
- ياللا أمشي من قدامي قبل ما أرجع في كلامي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- أهلا وسهلا يا أستاذ عاصم .
- دكتور عاصم ... ثم مين حضرتك عشان ترحب بيا ؟
- أنا المهندس أحمد .. اللي اتقدمت للآنسة حياة بنت عمك .
- و هي قبلت خطوبتك ؟
- لسة مخدتش رد الحقيقة .
- خلاص طالما لسة ما اتوافقش عليك ما أسمعكش تجيب سيرتها .
- أنا بس كنت حابب أننا نتعرف على بعض .. إحنا شباب زي بعض و أكيد هنبقى متفاهمين
- لا حضرتك مش زي بعض .. وميهمنيش نتفاهم أو لأ و خصوصا هنا عشان ده مكان شغل
انصرف عاصم من أمامه بينما أحمد انتابته حالة ذهول من معاملة عاصم له .. فقد تعامل الاثنان من قبل ولم يلحظ أحمد جفاف تعامله ولم يكن متعاليا ، تلك المقابلة غير اللطيفة أثرت على أحمد للدرجة التي جعلته يتخذ قرارا ما يتضح على وجهه تصميما لتنفيذه ، وبينما الموقف لم ينته بعد يأتي دخول حياة بتأثيره على الجميع .. فمن الواضح أنها أصغر الموجودين سنا و أجمل الفتيات في المكان .. على الأقل في نظر عاصم الذي تبعها لا إراديا بعينيه ثم قدميه وكأنه مغيب عن الوعي ، يقابلها أحمد مرحبا تحت أنظاره فيكاد ينشق ضيقا حيث تلاحظ حياة وجهه وتقرر استغلال الفرصة جيدا .. قد يكون الانتقام مضرا لكنه مريحا للقلب في مرحلة ما .
- أهلا آنسة حياة .. استنيناكي امبارح مجيتيش .
- أنا آسفة جدا حاولت آجي بس انشغلت بشوية مواضيع وخلصت متأخر .
- المهم أنها تتم بخير ، حمدالله على سلامتك .
- الله يسلمك .. الحمد لله خلصت على خير ، المهم أنا عايزة حضرتك تشرحلي كل الشغل جوا الورشة من أول المواد و دخولها الورشة لحد ما تخرج عربية كاملة
- بس كده من عنيا
- تسلم عنيك .. كنت عارفة أن محدش هيقدر يشرحلي خطوات شغل الورشة غيرك
انصرف الاثنان من أمامه وتعمد الاثنان بوضوح تجاهله .. أشعل نيرانه التي كانت مختبئة تحت رماد الصبر كلماتها و مجاملاتها وترقيق صوتها ، انصرف حانقا يسب ويلعن نفسه قبل أن يسبها ويلعن حبه لها الذي لم يعد خافيا عليه .. أسرع بالسيارة كأنه يهرب من فكرة قربها من ذاك الشخص أو ربما تتزوجه تاركة إياه يندب حظه ويلعن تسرعه ، بينما وصل الاثنان للأسفل في ورشة التجميع التي لم تبدأ العمل بشكل حثيث بعد ، و بدأ يشرح لها ما تعرفه هي سابقا لذا فهي غير منتبهة ولا مهتمة بما يقول فقد قام بدوره كما يجب ولم تعد بحاجة إليه ، و لكنها تحاول ألا تجرح مشاعره حتى انتبهت على صوته :
- واضح أنك مش عايزة تفهمي !
- خير؟! حضرتك صوتك علي ليه ؟ حضرتك تقدر تقولي اللي أنت عايزه من غير تزعيق .. مش في مدرسة إحنا .
- إيه التغيير في المعاملة ده .
- مفيش تغيير في المعاملة .. بس مبسمحش لحد أنه يتجاوز حدوده معايا .
- أنا مش قصدي .. أنا بس اتضايقت لما لقيتك مش مركزة
- مين قال أني مش مركزة ؟! أنا مش شرط أفضل أرد عليك و أقولك أممم أيوة صح عشان أبقى مركزة .. أنا بس أحيانا مبتعجبنيش طريقة الكلام ومحبش أحرج اللي بيكلمني .
- أنا آسف لو كنتِ اتضايقتي بس فعلا مش مقصودة .. طيب ممكن أسألك سؤال ؟
- اتفضل .
- هو فيه حاجة بينك و بين الدكتور عاصم ؟
- أيوة .. ابن عمي
- أيوة يعني علاقتكم مع بعض شكلها إزاي ؟
- شكلها ولاد عم .. هيكون إزاي مثلا ؟!
- يعني مسبقش وطلبك للجواز ؟
- هو زمان كان بابا وعمي نفسهم أننا نتجوز بس زي مانت شايف كده .
- طيب هو بيعمل إيه هنا في الورشة ؟
- إيه اللي بيعمل إيه ؟! ده المدير حضرتك
- بمناسبة إيه يبقى المدير ؟
- بمناسبة أنه ابن عمي مثلا و كبيرنا بعد بابا وأنه دكتور اقتصاد مثلا ويقدر يدير الورشة دي والتوكيل ويحوله لمصنع كبير مثلا !!
- أنا مش بقصد تريقة بس وجوده مالوش معنى .. واحد زيه يروح يشتغل في الجامعات الخاصة أهي تناسبه و أنتي و الحاج ابراهيم مش محتاجينه .. و أنا موجود وتحت أمرك أساعدك في أي حاجة .
- أمممممم نرفده يعني .. طيب يا باشمهندس مع أنه ميخصكش بس الدكتور عاصم شريك في رأس المال ، و هو المسئول عن الإدارة و حضرتك مسئول عن فنيات التشغيل مع بابا ، و ياريت حضرتك متدخلش في الأمور الإدارية أو تعترض على الدكتور لأنه مش من مصلحتك
سمع كلماتها صامتا مطرقا بينما تركته واقفا وغادرت ، و تنامى لديها إحساسها بعدم الارتياح لوجوده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أطرق ينصت لصوتها الدافئ .. يقتله الفضول بشأن ما تقول أو تنشد كل يوم ، تلتقط أذناه كلمتين وتفلت منه البقية يلصق وجهه أكثر بالباب فلا يسمع شيئا .. انتظر حتى ابتعد الصوت وفتح الباب ببطء فتحة صغيرة جدا تكفل له أن يستمع و ما كاد يسيطر على الباب حتى فتح بقوة مرة واحدة ليدفعه للخلف فيسقط على الأرض بينما ضحكاتها تجوب أرجاء المكان و خجله من تنصته كسا وجهه إحمرارا لم يعهده من قبل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصل إلى بيت خاله ليطمئن على والدته التي لم يرها لأيام بسبب اكتئابه .. و ما كاد يصل حتى ضربت آذانه صرخات مستغيثه فنهبت قدماه الدرجات ليفجعه منظر أمه و الدم يملأ وجهها والتي تعتدي عليها زوجة خاله ويحاول الجيران إنقاذها من يدي الأخيرة
#ماجدة_بغدادي
#ماجووو

أنت تقرأ
حيـــــاة .. على يمين طلاق
ChickLitصديقتان تمران بظروف سيئة مع أزواجهن ترى كيف ستستعيدان حياتيهما وأزواجهما ؟ هل تصمد خططهما البريئة أمام الطامعين ؟