الفصل السابع والعشرون و الأخير

5.3K 182 13
                                    

ياريت اللي داخلين يقرؤوا فوت لو سمحتم
حين تتجسد كل مخاوفك في شبح يهدد استقرارك فإما أنك قد تحاربه وتدخل عالم الظلام وتخرج منتصرا وقد لا تخرج مطلقا ، و أما أن تتجاهل وجوده لتطاردك روحه الشبحية و تطلق نحوك موجات رعب تجتاح داخلك وتشعرك بمس جني قاهر ، كانت لمياء هي ذلك الشبح الذي خشاه عاصم أشد خشية ، و حبه لها فهي شقيقته الوحيدة يجعله يطأ بقدمه فخا يعلم بوجوده أو يشك بضراوته ، لن يستطيع تجاهل صيحة الاستغاثة التي صدرت من داخل نبضاتها حتى لو فعلت كل ما من شأنه إغضابه أو إيذائه ، و يا ليت أحباؤنا يعلمون أن إيذائهم لنا يفوق قدرتنا على التحمل و تفوق كل ما قد نواجه يوما .
- أنا ثواني و هبقى عندك
- أغلق المحادثة و اتصل بحياة :
- حياة .. أنا آسف ، جالي تليفون مضطر أمشي ، روحي أنت مع ماما و بابا و أنا هحصلكم .
- فيه حاجة و ألا إيه ؟
- لا يا حبيبيتي متقلقيش .. مش هتأخر
أسرع في خطواته يكاد يطير تسبقه أعصاب ملتهبة خوفا على شقيقته التي فعلت منذ عودته الكثير لتتعس حظه ، و لكنه أبى أن يواجهها حتى لا يخسر أخوتها و ترك ما يحدث لعلها يوما تعود إليه
أمسك كفها حين وصل إليها ووجدها ترتعد و دموعها تتقافز من عينيها :
- مالك يا لميا ؟ إيه اللي حصل ؟ تعالي معايا في العربية نروح مكان و نتكلم .
- عاصم .. أنا عارفة أن محدش غيرك هيحس بيا
- تعالي بس
برغم عدم تبقي سوى قليل من الساعات على زفافه إلا أنه أجلسها في مكان هادئ و جلس ليسمعها مربتا على كتفها و أمامهما كوبان من عصير الليمون
- بس .. وبابا مش راضي آخد الولاد ، و أنا مش قادرة أعيش من غير ولادي ، يكفي أوي إن بيتي بيتخرب و أنا معترضتش و جوزي واحدة تانية خدته مني .. كمان ولادي يتاخدوا مني !!
- طيب مفهمتيش ليه من بابا السبب اللي خلاه مش راضي تاخدي الولاد ؟ أنا متأكد أنهم غاليين على بابا و عمره ما هيفكر أنه يستتقلهم حتى لو جوزك مبعتش مصاريفهم .
- أصل .. أأأصل .. بصراحة يا عاصم أنا عملت غلطات كتير و بابا مش مسامحني ، و مش هقدر أقولك عملت إيه عشان أنت كمان هتزعل مني و يمكن متكلمنيش تاني .
- عملتي إيه تاني غير موضوع كريمان ؟
شهقت و هي ترتشف من العصير لتهدئ أعصابها و ترطب جفاف حلقها الذي ذكرها بنواياها السابقة فكانت النتيجة أنها كادت تغرق بما ترتشف و انهال عليها السعال كسياط تجلدها :
- أنت عرفت ؟
- تفتكري معرفتش يومها ، ولا سمعتك و أنت بتكلمي ماما ، أنا بس مش حابب نخسر بعض و إحنا مالناش غير بعض ، حياة حست أنك عايزة تبعديها و كلامك ليها خلاها تشك فيكي بس أنا طمنتها و قلتلها أحنا ممكن نبان وحشين ساعات بس قلوبنا نضيفة و اتربت على الخير
- سامحني يا عاصم .. مش عارفة أنا عملت كده إزاي .
- مسامحك من غير ما تتكلمي ، دلوقتي تروحي تلبسي وتتشيكي عشان الفرح و متحسسيش حد بحاجة و أنا هكلم محمد و أخليه يجيب العيال الفرح على الأقل لو معرفتش أتفاهم معاه و لما أشوف بابا هنقعد مع بعض و نتكلم
- ربنا يخليك ليا يا عاصم ، كنت عارفة أنك مش هتتخلى عني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلست في غرفته تتزين لزفافها ، عيناها تجول بين الحين والآخر بين جنبات الغرفة ، عالمه حيث مكث لسنوات هنا ينام ويستذكر و ينجح قبل أن يسافر ، و وطنه حيث مكث بعد أن عاد ، تلك الغرفة التي شهدت أوقات حديثه الهاتفي معها يثقل الليالي بالمشاعر حيث حاول أن تسامحه و تعود إليه و بالطبع تعالت هنا دقات قلبه وهو يفكر بها ، و ربما ثار هنا ضائقا ببعدهما متمنيا أن يعودا لوثاق حبهما الذي يأمل ألا ينقطع أبدا .
دخلت كريمان تتظاهر بالعرج و يطل الغل من حدقتيها الكارهتين يجعلهما ترتعشان في نواظرها ، دخلت تسبقها موجة باردة تبعث القشعريرة في القلوب ، التفتت إليها حياة و رسمت ابتسامة كاذبة تكاد تلفظها شفتاها ؛ فلم تكونا معتادتان على التظاهر بالمحبة
- أهلا يا كريمان .. تحبي تتزوقي معانا ،لميا زمانها جاية هي كمان دلوقتي ، بس معلش بقى مش هتقدري تيجي الفرح عشان رجلك .. يا حراااام .
- كفاية أنت تتزوقي يا عروسة .. أنا هفضل هنا عشان بحضر شنطتي و هسافر على طيارة بكرة
- صحيح ؟! هتوحشينا .. مش قادرة أقولك عاصم هيوصلك ، أنت عارفة أن النهاردة فرحنا و مش هينفع بس هيوصي حد ثقة يوصلك للمطار
أدارت كاريمان وجهها لتخرج بعصبية فتكاد تصطدم بلمياء عند دخولها ، رمقتها بنظرة نارية قابلتها لمياء باستهانة ، و كادت تجاوزها  :
- لمياء !! إزيك يا حبيبتي ؟
- أهلا يا كريمان
- ممكن تيجي شوية تساعديني ؟ مش هعطلك
- طيب .. مش هتأخر يا حياة جيالك على طول
انصرفتا حيث دخلتا غرفة لمياء التي تقيم بها كريمان و أبدت لمياء تأففا من وجودها معها
- مالك معتيش طايقاني ؟ احنا اتفقنا سوا وجاية دلوقتي تتهربي مني ؟
- بصراحة كدة و من غير لف و دوران معتش عايزة أعرفك .. كنت زي الشيطان بتخسريني أهلي و أنا فاكراكِ بتساعديني و أنت بتغرقيني في الغل أكتر
- مضربتكيش على إيدك
- ضربتيني على دماغي لما بقيتي تتصلي وتكلميني في الأيام اللي كنت باجي لبابا و ماما سايبة البيت .. زنك عليا و اقناعك أن حياة وعاصم سبب كل اللي بعانيه ، غيرتك وحقدك على مريم واقناعك ليا أني هبقى على الحجر و هاخد اهتمام أهلي لو قدرتي توصلي لعاصم و تتجوزيه .
- أفهم من كده أنك خلاص معتيش معايا
- أنا عمري ما هبقى ضد أهلي .. أنت استغليتي أني كنت ضعيفة و لوحدي بس خلاص معدش ، شوفي حياتك بعيد عننا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلست متوترة و هي ترى شعبان يخرج من باب مكتب المحامي حيث أقنعها أن تتزوج آدم هناك ، لا تعرف كيف ستتخلص من تلك الورطة ، كلها دقائق و يصل آدم ولا تعلم شيئا عن تدبيره في مواجهة هذا الموقف ، و ما هي سوى دقائق حتى دخل آدم من الباب و معه شخص آخر لا تعرفه ، وقفت كطفلة أخيرا وجدت أباها ، أحست بالأمان يتوغل نبضاتها ما أن رأته و أبعدت توترها جانبا ووقفت لتتجه إليها أبصار القادمين نحوها
- إتأخرت كده ليه ؟ مين اللي معاك ؟
- ده حازم
مد حازم يده بالسلام لتبادله المصافحة بوجل
- أهلا يا سلوى ، متقلقيش كله هيبقى تمام
هزت رأسها بالموافقة ، لا تدري لم شعرت بالثقة
-  شعبان لسة ماشي دلوقتي بعد ما دخل للمحامي ، و أنت إتأخرت
- متأخرتش ولا حاجة .. كنت مستني تحت عما شعبان يمشي عشان ميحسش بحاجة
- هنعمل إيه ؟
- متقلقيش أنتِ بس متمضيش 
- يعني أنا لو مضيت زي ما بيقولي كده هبقى مراتك ؟ و ألا أنت هتتصرف إزاي في الورقة اللي في نص الورق ؟
- كل اللي عليكي أنك تقولي هو يمضي الأول ، و بعدين توقعي شنطتك على الأرض و تلبخي الدنيا و تشدي انتباه المحامي و احنا علينا الباقي ، و بعدين ارفضي تمضي عقد الجواز وقوليلي أنك عايزة فلوس ونتخانق .
- طيب أنا كده فهمت
دخلوا عند المحامي و قاموا بكل ما رسموا القيام به ليوقع حازم باسم غريب على الورقة التي بها اعتراف مكتوب بمسئولية آدم عن المخدرات بداخل مخزنه واستيرادها لحسابه ، لم يشعر المحامي بخطب فقد أعاد النظر للورق فاطمئن أن آدم وقع جميع الأوراق بينهم تلك الورقة المقصودة و التي فوتها آدم عمدا متظاهرا أنه لم يقرأ
خرج الثلاثة ، لترفع سلوى هاتفها :
- خلاص يا شعبان .. مضى ، هتجيبلي الفلوس أمتى ؟ على فكرة أنا فركشت الجوازة و كفاية عليا الفلوس .
- و ماله يا ست البنات ، الفلوس هتبقى عندك بكرة
- هستناك
حدث آدم نوال هاتفيا :
- إيه الأخبار يا نوال ؟
- إحنا وراه ، دخل بيت قديم كده و فيه راجل كبير قابله هناك كلمه و مشي
- طيب تمام عينكم على البيت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضعها المجرمان في بيت قديم على أطراف المدينة بعد أن فتشوا حقيبتها جيدا فلم يجدوا بها شيئا و أغلقوا هاتفها و لكن غفلت أعينهم الآثمة عن ذلك الهاتف الصغير الذي احتفظت به في طيات ملابسها ببراعة ، و تركاها ظنا منهما أنها نائمة و لكنها قد استعملت هاتفها ووصفت المكان للشرطة و استكملت تظاهرها بالإغماء قبل أن يعود شعبان مرة أخرى و ينصرف شوقي ، جلس شعبان غافلا عنها معتقدا أنها نائمة ولكنها لم تغفل عنه و بعثت استغاثة للشرطة مفادها أنها تم خطفها على يدي هذان الشقيان ليضاف إلى جرائمهما جريمة أخرى و هي الخطف .
برغم خوفها من احتمال أن يقتلها أحدهما إلا أنها راضية بما توصلت إليه ، راضية أن ابنها سينعم بعد ذلك بالراحة والسعادة حتى لو كان الثمن المدفوع حياتها ، ما أغلى حبنا لأبنائنا ! و ما أغلى فدائنا لهم ! دعت الله من قلبها أن يكون ولدها بخير و أن تعود إليه زوجته و يفرح بطفله القادم ، لن تندم أبدا على تضحياتها من أجل ولدها .. لا تراها تضحيات و لكنها رسالة يدعمها الحب و تمهد لها الأمومة و ينيرها العقل ، ليت كل الأمهات تترك ذات الأثر المضيء في نفوس أبنائها ، و تشعل مصابيح الصبر حتى يصل الأحباب لبر الأمان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأن شرارة كهربية سلكت طريقها بينهما لتولد انجذاب عجيب ، وحيدة يجتاح برد الوحدة جوانب روحها لتنعش رجفتها لمحات دافئة تبعثها عيناه الخجلتان ، لم تتلق نظراته ولكن قلبها تلقى إشعاع روحه التي شعرت بكيفية ما أنها تشبه روحها ، سارت معه بعد أن دعاهما ليذهبا معه في مهمة لن تقل أهمية عن تلك التي كانا يؤديانها ، لا تعلم لم أحست بتلك الثقة وهي لم تره سوى منذ حوالي نصف الساعة .
- أنا مش فاهم أنت واخدنا ورايحين فين ؟
- ما أنا قولتلك خليك معايا عشان فيه حاجات مهمة أوي متنفعش تتأجل .
- طيب إديني فرصة أتكلم في التليفون الأول .. مراتي مستنية مني تليفون و أمي مشفتهاش من الصبح .
- اتكلم واحنا رايحين .
صمت حازم قليلا وهو يقود السيارة بينما آدم بجواره يحاول أن يتحدث في هاتفه و الضيق يقذف ملامح وجهه ، ثم وجه الأول حديثه لسلوى التي تجلس بالخلف :
- أنتِ ساكتة ليه ؟ خايفة؟!
- لأ .. هخاف ليه دلوقتي ؟! أنا كنت خايفة واحنا عند المحامي عشان ممكن كانت تبقى الورقتين دول جواز
- يعني مش خايفة و أنتِ رايحة مكان مش عارفاه و أنا مش عارفاني ؟
- حاولت أخاف و معرفتش
حدق لها في مرآة السيارة بابتسامة صغيرة متسائلة :
- يعني إيه مش فاهم ؟
- معرفتش أخاف منك .. آدم واثق فيك و أنت جيت معاه تساعده ومش عارفة أحس أني خايفة برغم أني مش عارفة رايحين فين .
- يا رب أفضل كده
- كده اللي هو إزاي ؟
- هقولك لما تيجي مناسبة
إلتفت لهما آدم :
- و إيه كمان يا عم حازم ؟! قرطاس جوافة أنا ؟!
ضحك حازم بإحراج :
- لا طبعا ، اصبر عليا بس و أنت هتعرف كل حاجة ، المهم اطمنت على أهلك ؟
- تليفوناتهم مقفولة .. أنا قلقان أوي .
- اصبر بس نخلص مشوارنا و هتطمن بإذن الله .
وصلا بيتا قديما عاليا في مكان بعيد خارج المدينة ، اقتادهما حازم عبر بابه العتيق الذي يوحي بالفخامة و العلو و تبعاه يصعدان الدرجات التي أثر الزمن على صلابتها لتتقوس قليلا من المنتصف كأنما هرمت من مرور الزمان عليها فأحناها
- بيت مين ده يا حازم ؟
- بيتي أنا و أختى يا آدم باشا .. اصبر لما تطلع و أنت تلاقي كل الإجابات اللي أنت بتدور عليها .
- طرق الباب ليفتح فور دقاته فيدخل ويلتفت إليهما داعيا إياهما للدخول :
- اتفضلوا .. هنا فيه إجابات كتير
ما أن مد آدم قدمه داخل البيت حتى تسمرت قدماه في الأرض و عيناه كأنهما زجاجتان لا تطرف جفناهما .. صدره يعلو و يهبط في ثورة لم تكن بحسبانه ، حواءه هنا أمام عينيه في بيت حازم .. ألهذا كان يساعده ؟! لم يستطع أن يسيطر على الفرحة التي ضربت قلبه بعنف ليرتجف جسده كله و تنطلق قدماه و ذراعاه ليحتضنها ناسيا غافلا عن كل من حولهما .. اندفع نحوها اندفاع الفراشات للنور تنهل منه و تتحد به
بعد ذلك اللقاء العاصف المفاجئ الذي لم يسيطر آدم فيه على دمعات متمردات تقافزن على و جنتيه فرحا بعودة الأحباب ، جلس الجميع و سيطر الخجل على آدم الذي أفاق على نظرات الجميع له ، اعتذر و سكنت حركته و حمد الله على سلامة والد حواء
- و الله يا عمي مكنتش أعرف أنك كنت موظف عندنا في الشركة ، كمان شعبان صرف مستحقاتك وخدها و ده أنا أثبته بالورق الرسمي مستني بس تقدم بلاغ .
- الحمد لله يابني ، المهم أنك أنت و حوا بخير
- طيب يا عمي .. أنا أول مرة مطلبتش إيد حوا بنفسي ، بس المرة دي مش هينفع مطلبهاش من حضرتك .. أنا أتشرف يا عمي بنسبك و أتمنى مترفضنيش .
- أنت ابني يا آدم و أنا أتشرف بنسبك و حوا رأيها هي اللي هنمشيه
- نظر لحوا برجاء الغريق حين ينظر لطوق نجاته فنظرت له ثم أخفضت نظرها :
- مش يمكن هو اللي ميرضاش يا بابا ؟
- ليه بتقولي كده يا حوا ؟ دا أنا بتمنى اليوم اللي نرجع فيه لبعض .
- أصل فيه جديد يا آدم ، و معرفش إذا كان الجديد ده يرضيك و ألا هترفضه
- ضربته الحيرة لتطرف عينيه ، ولكنه صمت منتظرا أن تكمل ما عجز عقله عن تصوره :
- أنا .. أنااا حامل
وقف فجأة ليباغتهم جميعا ، ثم انحنى ليجذبها بحنان لتقف أمامه :
- كنت عارف .. كنت عارف و الله ، يا بشرى هذا غلام ، ألف مبروك يا حبيبتي
قبل رأسها و الدهشة تغزو نظراتهم المندهشة ، بينما مال حازم على سلوى :
- إيه رأيك بدل ما تعيشي لوحدك و تحسي اليتم تيجي تعيشي معانا و يا بشرى هذا غلام أحنا كمان؟
- نظرت له باتساع عينيها غير مصدقة و قد ألجمت الصدمة لسانها
- أنا عارف من زمان كل تصرفاتك و مساعداتك لآدم و شفتك أكتر من مرة لما كنت بتمثلي أنك بتتعرفي على آدم .
صمتت واحمر وجهها و اتجهت أنظارها للأرض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- خلاص يا شعبان هنروح بدري ، محدش هيتخيل أن فيه مخزن يتفتح دلوقتي ، حصلني على المخزن قبل ما هدى تفوق و متنساش تقفل الأبواب كويس عشان لو صحيت و غحنا لسة مخلصناش
- تمام يا باشا .. بس ورق الضد هاخده امتى ؟
- مش وقته يا شعبان .. خلينا نخلص الأول
- تمام يا باشا ، هسبقك أنا و الرجالة
- لا .. روحوا أنتوا ، أنا هجهز شنطتي و أجهز للسفر ليا أنا و هدى
و يذهب الجميع للمخازن واحدا تلو الآخر تتعقبهم الشرطة و تسجل لهم تحركاتهم حتى يصلوا لمخزن آدم و هناك تنقض الشرطة على المخزن لتقبض على الجميع و يهرب شعبان للمرة الثانية ، يذهب مسرعا إلى البيت القديم الذي يحتجزان فيه هدى ليضمن لنفسه هروبا مع شوقي ، فلن يدعه يفلت و يواجه وحده السجن ، اقتحم البيت و دخل ليجد هدى في وجهه متيقظة و قد هبطت على رأسه بزهرية نحاسية جعلته يترنح ويسقط ارضا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمسك كفها و نظر لعينيها و هو يبتسم :
- حبيبتي أنا مش عايز أخضك بس فيه حاجة كنت مخبيها عليكي
- إيه يا عاصم ؟
- النهاردة فرحنا
ضحكت بشقاوة :
- ما أنا عارفة .. كريمان اقتنعت أن النهاردة فرحنا وبتلم شنطتها عشان تسافر بكرة ، ياللا في داهية .. دي كانت كابسة على نفسي
- لأ .. يا حياة .. أنا أقصد أنه فرحنا بجد
- يعني كنت بتكذب عليا عشان تتجوزني غصب عني ؟
قالتها بنبرة حادة ، فرد عليها سريعا بنفس التحدي بنبرة أهدأ مقربا جبهته من جبهتها :
- غصب عنك إيه ؟ احنا متجوزين أصلا من تسع سنين ، هنرجع بيتنا بس المرة دي بزفة مش سكيتي يا عروسة .. قال غصب قال .. أنتي شكلك بتقري روايات هايفة كتير ، آه و الله شكلك كنتِ بتقري رواية حياة على يمين طلاق ، لاااااا بقولك إيه أنا جو الروايات ده ميمشيش معايا خالص
- إييييييييه .. حيلك حيلك ، أنت ما صدقت و ألا إيه ؟ كله إلا رواياتي أنت عايز ماجدة بغدادي معدتش تكتب تاني
- يا ستي مقصدش .. خليها تكتب بس توصيكي عليا شوية
- أيوة كده اتعدل .. أنا كنت عارفة على فكرة أنك بتجهز لفرحنا و كنت بختار كل اللى أنا عايزاه و أنت بتنفذه و أنا قال إيه مش واخدة بالي
- يا لئيمة
ضحك الاثنان و اتجها لزفافهما ينشدان مستقبلا أهنأ و رغبة في حياة كلها احترام وود و تفاهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دخل شوقي مسرعا ما أن وجد باب البيت مفتوحا ليحاصر شعبان الذي تخيل أنه سيحاول أن يساومه على هدى ليهرب معهما و لكنه وجد نفسه مطوقا بعدة نسوة لا يعرفهن .. نزعن من يده حقيبته ووجهن إليه مسدسا واقتادنه للداخل حيث وجد شعبان ملقى على الأريكة ممسكاً رأسه التي تنزف والكدمات تملأ وجهه و تقف هدى من وراء الأريكة مكتفة ذراعيها تنظر له بإصرار :
- أهلا برئيس العصابة .
ألجمته صدمته ووصول الشرطة أعفاه من الحديث ، و لكنه لم يتحمل صدمته ليسقط بين أيديهم ليتجهوا به للاسعاف بدلا من سيارة الشرطة
- خلاص يا طنط هدى ، كده بقى كل واحد ياخد حقه
- أنا مش عارفة أشكركم إزاي
- متشكريناش .. الحقيقة كلنا لينا تار عند شعبان وكنا مراقبينه عشان لو هرب تاني نجيبه وجينا لقيناكي قمتي بالواجب و بنجتيه البنج الشعبي و قمنا بالباقي
- تاركم ؟!! تاركم إيه عند شعبان
- ضحكن جميعا :
- إسألي آدم أصل الحكاية هتطول ، و ياللا عشان نحضر فرح صاحب آدم اللي أهله ساعدونا
- التفتت نوال :
- على فكرة آدم و حوا هناك في الفرح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الحجز شعبان يجد فتحي بالداخل
- أنت هنا يا زفت أمال أنا مين هيجيبلي محامي ؟
- خلي الباشا بتاعك يجيبلنا ماحنا كنا بننفذ أوامره
- الباشا إيه ؟!! ما خلاص راح في الكازوزة و اتقبض عليه معايا و أنا مش هشيلها لوحدي ، و بعدين جيت في إيه يا زفت ؟
- البوليس قبض عليا بتهمة قتل دلال
جحظت عينا شعبان
- إيييييه ؟ إزاي يا هباب أنت ؟
- خدوا بصماتي من السرنجة اللي وقعت وانا بجري من الممرضة
- يا نهارك اسود .. أنت مش قلتلي مالكش ملف
قالها وهو ينغزه بعنف في خاصرته
- إيه يا شعبان بس ؟ كانت ليا سابقة تحرش و أنا صغير ونسيتها
- تحرش يا واطي !!
قام من مجلسه و هو يضرب كفا بكف
- أدينا هنلبس إعدام كمان بسببك .. بس لا
ثم استدار ليواجه فتحي
- أنا هقطعلك لسانك عشان متقرش عليا
و تضارب الاثنان بعنف و لم يستطع السجناء معهم تخليصهم من بعضهم وقد اختلطت دمائهم و تشوهت ملامح وجوههم من كثرة الضرب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الحفل يزهو كل حبيب بحبيبته و يحمدون الله على الرجوع
- ماما ! كنت فين من الصبح بتصل عليكي ؟
نظرت وراءها ليرى جمع نادي مطلقاته ، فضحك :
- أنت وصلتيلهم .. الحكاية كبيرة بقى
- طبعا .. مجيناش غير لما سلمنا شعبان وشوقي للبوليس ، مبروك يا حبيبي خد بالك من مراتك واللي جاي في السكة
نظر بدهشة لزوجته ووالدته
- شكلنا في حاجات كتير هنحكيها لبعض
في جانب آخر من الحفل وقفت لمياء تنظر لباب القاعة و قد بدأت عيناها تدمعان ؛ فلم يأت أولادها ولا زوجها بعد جلست و طأطأت راسها لتجد ذراعا تلتف حول كتفها ، نظرت لتجده والدها :
- متزعليش يا لميا الغايب حجته معاه
انصرف والدها لتجد كفا يمسك يدها فاستدارت لتجده محمد ، يرفع كفها ليلثمه:
- إيه القمر ده ؟!
نظرت له بصمت ولم ترد ليلثم كفها ثانية:
- ولادك عذبوني على ما عرفت ألبسهم
ظلت على صمتها
- والله ولا هتجوز ولا عايز غيرك ولا شفت أحسن منك .. أنا بس مكنتش عايز الشر ياخدك في سكته
- وحشتني يا محمد ووحشوني الولاد
- وأنت كمان يا حبيبتي .. الولاد مع مامتك هناك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نزلت من سيارة أجرة استقلتها من المطار بجوار بيت عاصم ، استبقت السيارة للعودة مرة أخرى .. تساءلت عن مكان البيت ولكنها تذكرت من وصف عاصم أن بيت عمه كان في حارة جانبية ، دخلت الحارة لتلمح كريمان تدخل بيتا في الحارة ففطنت أنها تخطط أن تحرق البيت كما هي عادتها حين تفشل في الحصول على شيء ، أسرعت وراءها واستوقفتها على الدرج لتحاول كريمان مقاومتها
- سيبيني .. عايزة مني إيه ؟!! كفاية كل ما يبقى نفسي في حاجة تاخديها
- فوقي أنت بتئذي الناس .. أنت بتئذي واحدة مالهاش ذنب
- لأ .. لازم أندمه أنه سابني و راحلك
- هو رجع لبنت عمه يعني لا كان معايا ولا معاكي
- لأ .. لازم أولع الدنيا .. لازم يندموا ، أنا عايزة محدش يسيبني و أبقى لوحدي
- إهدي يا كريمان أنت مش لوحدك .. أنا مخدتش منك الدكتوراه .. أنت دكتورة و حلوة وناس كتير عايزاكي
- جلست على الدرج تبكي و تهذي:
- ليه انا ؟ ليه كل حاجة حلوة تبعد عني ؟ ليه مش قادرة أوصل للي نفسي فيه ؟ أنا عشت فقيرة محرومة و ليه لسة حاسة أني فقيرة برغم أني معايا فلوس ؟ أنا معايا فلوس بس مش معايا أهلي اللي رموني لبعض وأنا صغيرة وسابوني في أوروبا أشتغل و أعيش لوحدي وكل واحد شاف حياته .. أنا تعبت
- قومي يا كريمان نمشي من هنا و ترتاحي
- أنا مش وحشة يا مريم
- أنت مش وحشة بس مينفعش تسيبي نفسك للشر يتحكم فيها و تحرقي أي حاجة متقدريش توصليلها ، تعالي نرجع أوروبا وترجعي لعلاجك تاني بس المرة دي هتكمليه و هبقى معاكي ، عندي شغل ليكي في بلجيكا و إبدأي من جديد في مكان محدش يعرف عنك حاجة فيه
سارت معها محطمة دامعة لم ينهكها سوى حقدها ولن ينجيها من بحر ظلامها سوى رضاها بما قسمه الله لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- الحمد لله يا حبيبتي أننا رجعنا لعض  ، كانت تجربة صعبة ربنا اختبرني فيها ببعدك عني
- ربنا مبيعملش حاجة وحشة يا عاصم ، لولا تجربة الطلاق اللي مرينا بيها مكناش هنحس بقيمة بعض ولا نعرف غلطاتنا ونصلحها ، مش دايما اللي نفتكره شر يبقى شر لكن بيبقى درس و حياة جديدة محتاجينها تتبني صح
تـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمت
#ماجدة_بغدادي
#ماجووو

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 22, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حيـــــاة .. على يمين طلاقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن