الفصل الخامس عشر

4.1K 116 1
                                    


- أيوة هي كلمتني و طمنتني و مش عايزة ترجع دلوقتي .
- يعني متأكدة أنها كويسة ؟ أنا قلبي واكلني عليها أوي و كل يوم بشوف كوابيس وحاسة أنها تعبانة .
- مش عارفة أقولك إيه ؟ أنا على قد ما فرحت أن آدم خد باله من شعبان وتصرفاته على قد ما أنا قلقانة و احنا مش عارفين مكانها .. عموما خلينا ماشيين على خطة آدم وأنا هطمنك عليها أول بأول .. أنا كمان ممكن أروحلها ومحدش يشك فيا و هبقى أتصل بيكِ برضو أطمنك .
- يا ريت .. دا يبقى جميلك على راسي .
- متقوليش كده .. حوا بنتي زي آدم بالظبط ويمكن غلاوتها زادت أكتر .
- عشان أنتِ أصيلة ، بالمناسبة أخبار آدم إيه ؟
- معتش بشوفه إلا يا داخل ينام يا لبس و خارج .. بييجي يبات و يمشي الصبح و تقريبا معدش بيروح الشقة
- ربنا يهدي سرهم ويبعد عنهم ولاد الحرام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سمعت جرس الباب يرن ، فغسلت يدها وأخذت منشفة المطبخ لتجففها واتجهت للباب لتفتح :
-  حاضر يا عاصم جاية ، جاي بدري وكمان ناسي مفتاحك .
فتحت الباب و هي تتكلم :
- ادخل .. لسة الغ........
قطعت حديثها فجأة وهي ترى أسعد أمامها ، شلت المفاجأة كل جسدها ، لم تره منذ أشهر ولما طال أمد هجره وخصامه فقدت الأمل في سماحه و صفوه .. فقدت الأمل أن تراه ثانية ، قطع شرودها انحناؤه للأسفل يلتقط المنشفة التي وقعت من يدها بدون أن تشعر و مد يده يناولها إياها:
- هتفضلي مذنباني ع الباب كده كتير ؟
- أأأأأ أسعد !
همست باسمه كأنها تحلم فأمسك يدها وهو يتحرك للداخل ، ثم أغلق الباب وهي ما زالت تنظر إليه مشدوهة من وجوده غير المتوقع .. أحقا جاء إليها بعد كل هذا الخصام والهجر ؟! أحقا هي لا تحلم بعودته كما تعودت كل يوم أن تفعل ؟!
- أنت بجد يا أسعد و ألا بحلم ؟
- لا تحلمي إيه ؟! روحي شوفي الأكل على النار ليتحرق و تعالي نقعد مع بعض .
أفاقت على كلماته و ضحكته وتذكرت الطعام على النار :
- الغدا ..
قالت الكلمة وانصرفت مهرولة بقدر ما سمحت صحتها وسنها .. أغلقت النار واطمأنت أن الغداء لم يحترق ثم ذهبت حيث يجلس اسعد .. توقفت في الطريق مرتين وثلاث تهندم من ملبسها و ترتب شعرها وتظبط ملابسها على جسدها ، لقد كان أمدا بعيدا منذ آخر مرة رأته فيها و تشعر أنها الآن كأنها تراه بعد سنوات لا عدة أشهر .
جلست صامتة في مواجهته تجبر أنظارها المتلهفة لرؤيته أن تنخفض ، تشعر بالانكسار الآن أكثر مما شعرت من قبل حين تقاذفتها البيوت و عز عليها المأوى ، لم يبق في نفسها سوى رفضه لها و هوان سنوات العمر ، كيف لقلب أحبها أن يقسو عليها شهورا ؟ هذا إن كان أحبها بالأصل
- هتفضلي ساكتة كده كتير ؟
- ..............
- مش ناوية تقوليلي حاجة ؟ موحشتكيش ؟!
قال كلمته الأخيرة بصوت هادئ ولكنه كمروق سهم سفك آخر قطرة دماء استبقتها لكرامتها المهدرة ، انفجرت دموعها كطفلة فقدت حضن أبيها لتسقط في مرارة يُتم ساحق .. انفجرت كل العذابات الماضية التي حاولت إخفاءها وتقبلها .. كان تعتقده من السهل النسيان ولكن لم لم يزرها النسيان الآن و يريح عناءها ؟
انتقل من مقعده أمامها ليجلس جوارها :
- إيه يا عفاف بس ؟ ليه كل الدموع دي ؟ خلاص متعيطيش
قالت من بين دموعها المسفوكة قربانا على مذبح عفوه :
- لسة فاكر عفاف يا أسعد ؟! كل ده و أنت بايع و ناسي و كأن مكانش في حياتي معاك أي حاجة حلوة تفتكرهالي .
- خلاص يا عفاف .. أنا بس كان غضبي عاميني و كنت محوش جوايا و لما هديت و روقت جيتلك أهو .. و ده المهم .. أجيلك و أنا صافي من ناحيتك .
- خمس شهور عشان تصفى من ناحيتي .. مكنتش فاكرة أنه صعب عليك تسامحني للدرجة دي ، واضح أن عمري اللي قضيته معاك مكانش له عندك لازمة .
دخل عاصم من الباب ليفاجئه وجود والده و ينقذ الأخير من موقفه الذي لم يدر ماذا يكون الرد المناسب على ما قالته .
- بابا !! إيه المفاجأة الحلوة دي ؟! ياه يا بابا .. و حشتني لمتنا زي زمان .
- أهلا يا عاصم .. قولت أعملهالكم مفاجأة و نرجع كلنا سوا ، البيت ضلّم من يوم ما سيبتوني
ردت سريعا :
- قصدك طردتني .. ده إذا ما كنتش تقصد عاصم لوحده من غيري .
- دا كلام يا عفاف ! عاصم كان مسافر و مكانش منور البيت غيرك و لما جه انشغل في شغله و مستقبله و مسيره يروح بيته إن مكانش النهاردة هيبقى بكرة
- صحيح كلامك ده ؟ و ألا خايف بعد ما ابنك يتجوز متلاقيش حد فاضي يقعد معاك وقلت بالمرة ترجعني حتى تفضي لابنك الشقة يتجوز فيها
- أنت ليه يا عفاف مصممة الدنيا متروقش ؟
- لأنها مراقتش يا أسعد .. دي اتخنقت لحد ما الأمل فيها ضاع
- خلاص يا ماما .. بابا جايلك بنفسه .. هتكسفيه؟
- و أنا ؟! متكسفتش و أنا بترمي من بيت عشت سنين عمري كلها أراعيه عشان غلطة ؟! متكسفتش و أنا بترمي من بيت لبيت و أتعرض لكلام دول وقلة أدب دول ؟! أول مرة في حياتي أدخل أقسام ، أول مرة أتهان و أتضرب و أسمع شتيمتي بودني وأعمل مش سامعة عشان مش قادرة أرد ولا أدافع عن نفسي .
قام أسعد من جوارها ووقف أمامها وانحنى ممسكا رأسها :
- حقك عليا يا عفاف .. أنا مكنتش عارف أنك هتتبهدلي كده ، أنا كنت بس عايزك توعي الدرس
- أنت كمان غلطت يا أسعد .. أنت كنت طول الوقت عايزني أبقى بالظبط زي ما راسملي .. متقبلتش طبيعتي ، مش هنكر أني غلطت بس أنت طول الوقت كنت ساكت وفضلت تحوشلي كأنك عايز تنهيني مش تستمر معايا .
- فعلا عندك حق .. أنا كنت طول الوقت باخد قرارات من غير ما أديلك فرصة تقتنعي ، و يمكن ده خلاكي تتصرفي من ورايا ، طيب ممكن أطمع نفتح صفحة جديدة مع بعض .. أكتر من 30 سنة جواز يستحقوا تسامحيني
بكت ثانية بحرقة كما لو كانت دموعها التي ذرفتها من قبل لم تكف ما بقلبها ، ففرت من عين عاصم دمعة كبتها طيلة حديثها لتنفلت الآن مع بكائها ، ثم قام و جلس إلى جوارها محتضنا إياها :
- عشان خاطري يا ماما ، كفاية كده وجعتي قلبي .. بابا طول الوقت مكانش قادر يستحمل بعدك ، و أنتي مكنتيش متحملة تبعدي أكتر من كده .. خلينا نفتح صفحة جديدة و ننسى كل الحاجات اللي زعلتنا
- أنا مش هرجع يا عاصم .. مهما كانت غلطتي مكنتش أستحق أطلع من بيته اللي اتبنى بإيدي قبل إيده .. لو هو شايف أنه بيته لوحده و من حقه يطردني فمن حقي أحاسبه على كل دقيقة تعب تعبتها معاه ، مش بالساهل كده يرميني وقت ما يحب ويفتكرني وقت ما يحتاجني كأني كرسي وألا ترابيزة .
- عشان خاطري يا ماما .. كفاية كده خلينا نفرح
- على الأقل مش دلوقتي يا عاصم .. كرامتي جرحها مبردش
قام أسعد من جلسته جوارها ، وقف ناظرا للأسفل كأنما يتذكر ما يريد قوله :
- خلاص يا عفاف أنا هسيبك شوية لما تروقي ونبقى نتكلم لما تهدي .. مش هضغط عليكِ ، بس متطوليش عليا
استدار ليغادر فهب عاصم مباغتا إياه بوقوفه أمامه :
- قلنا أه هنسيبها براحتها شوية عما تهدى بس مقولناش تنزل من غير ما تتغدا معانا .. أنا نفسي من زمان نتجمع سوا ع الغدا .
- لو والدتك قالتلي اتغدا معاكم هقعد .
ردت بإحراج من عينيه المسلطة عليها وأعين عاصم المنتظرة :
- عمري ما أطرد حد جاني لعندي .. الغدا جاهز دقيقة واحدة هحضره .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- كل ما أفتكر أني قربت منها شوية ييجي الرخم ابن عمها يلزقلها و يدبسني في شغل يلففني فيه لما أدوخ و في الآخر أعرف أنه أصلا حاجة تخلص من عنده بتليفون بس هو لففني .. و بكل بجاحة يعرفني أنه قاصد يبعتني .
- و الموضوع ده وراه قرشين كويسين و ألا فاكس ؟
- إلا وراه .. دي بت صغيرة و دلوعة و متعرفش غير حضن ماما وبابا و فلوس بالهبل متلتلة ، محتاج بس أبعد العقر ابن عمها عن الشغل و عنها .. أستفرد بيها و ألين دماغها .
- لا أنا ماليش في القتل .
- قتل إيه بس ما تفتح مخك معايا ، يبعد قيمة شهر و ألا اتنين .. أقولك واحدة تشنكله في غرامها ونخلص منه خالص .
- يا عم أحمد صعب .. دا سافر بلاد الخواجات و مفيش خواجاية لحست عقله ، إحنا نشوفله حادثة تجبسه شهر اتنين عما تتصرف مع البت .
- و هو هيغلب !! دا بيخلص الشغل اللي بيطلع عيني فيه بتليفون من مكتبه ، و مش عايزها تبقى متعاطفة معاه وصعبان عليها .
- أعملك إيه طيب ؟ أخطفهولك ؟
- لا .. أنا عايزك تراقبهولي كويس لحد ما نلاقي دخلة تنفعنا نمسكه منها .. بس مراقبة متخرش المية .
- إن كان كده سهلة ، بس هحتاج رجالة معايا و الموضوع ده فيه تكاليف .
- عنيا بس خليك معايا ع الخط
- هكلم جوز أختي ونتكتك سوا موضوع المراقبة ويمكن يظبطلنا جوازة للأخ ده و يخلصنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- عايز إيه يا فتحي .. هيبقى زن أختك و أنت كمان ؟
- يا شعبان دي لقمة حلوة .. تعالى بس هنطلعلنا بأي حاجة
- أنت أصلا فقر و المصلحة اللي بتيجي من وراك بتبقى ناشفة و مفيهاش رجا
- يا سيدي على أدي .. هو أنا زيك متقعش غير ع العالي
- بدينا القر .. ارغي .. إيه الحكاية ؟
- واد مهندس شغال في مصنع بتاع واحد غني ومعندوش غير بت واحدة .. كان خلاص هيتجوزها و طلعلها ابن عم فركش الليلة و هيخطفها منه و يتجوزها .
- و المطلوب ؟
- نراقبه لحد ما نشوفله دخلة نبعده عن البت شوية لحد ما صاحبنا يميل دماغها
- طيب ما نكسرله ايد و ألا رجل يرقدله شهرين تلاتة
- قالي لا .. كده هيصعب ع البت ، عايزينله تكتكة على نضيف
- و ماله .. حتى بعد ما نخلص من موضوع ابن عمها نشبك مع صاحبك ونعوم في الفتة
- شفت .. أهي هتزهزه
- متقرش أنت بس
- المهم قولي عملت إيه ف البت المستخبية ؟
- ولا حاجة .. بدور على أي حد ليها علاقة بيه يمكن تكون مستخبية عنده .. فات أسبوع من الشهر و لسة مبانتش
- أقولك على فكرة ؟
- قول .. ساعات بتطلع منك أفكار حلوة مع أنك أخو مراتي .. يعني لا مؤاخذة حمار زيها
- هنغلط ليه بقى ؟ ! ما كفاية عليك الأدب اللي علمته عليك واحنا ساكتين
- مين دي اللي تعلم عليا ؟! أنا كنت أدفنها
- أمممم أمال اللي ف رقبتك ده إيه ؟ فسافيس ؟!!
- لا .. دي لامؤاخذة قطة حلوة بس شرسة شوية .. ساعات بسيبها تخربش عشان بيجيلي من وراها مصلحة حلوة
- مصلحة و ألا لف من ورا الولية .
- وأنت مالك بقى .. أهو كله بيتصرف على أختك وعيالها
- وعلى كيفك برضو و ألا نسيته
- إحنا هنقعد نردح لبعض ما تقول الفكرة يا تورينا عرض اكتافك
- طيب .. شوف زمايلها في الشغل لو مكانش يبقى زمايلها في الدراسة ، مش هتبعد عن حد في دول
- فكرة برضو يا واد يا فتحي .. أول ما ألاقيها هحليلك بوقك
- على الله تفتكر بس ومتلهفش الحلاوة لوحدك .. متنساش عايزين نبدأ المراقبة بكرة الصبح
- اديني العناوين و اللي تعرفه عنه و هكلمك أقولك الخطة و التكاليف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- وبعدين معاكي يا حوا .. كفاية كده ، ارجعي حتى عند مامتك
- لو اتضايقتي مني أ........
وضعت حياة يدها على فم حواء مستنكرة :
- إوعي فيوم أسمعك تقولي كده .. دا بيتك وأنتي أختي و محدش هنا شايفك غريبة ، أنا نفسي أشوفك مرتاحة .. هو أنتِ فاكراني مش حاسة بدموعك اللي كل يوم مغرقة مخدتك ؟ وألا فاكراني مش حاسة بالنار اللي بتكوي قلبك ؟ أنتِ عايزة آدم زي ما هو عايزك .
- عايزة أرجعله بكرامتي يا حياة .. أنا أول مرة دخلت بيته دخلت من غير كرامة ؛ كنت بيعة و شروة و عشت معاه وأنا اللي كنت بتصرف عشان اقربه ليا مكانش هو عايز غير رغباته ، صعبانة عليا نفسي يا حياة أوي ، محستش بحبه ولا حتى فكر يسمعني أو يعذرني أو حتى يغضب مني وأنا معاه .
- كفاية أنه عرف قيمتك .. طيب ما أنا رجعت لعاصم وبخلص تاري منه وأنا معاه
- عاصم سعى وجرى وراكي .. إنما آدم أتعود أن الستات بتدخل حياته وتخرج و التمن قرشين ، مش عايزة يوم ألاقيني أنا واللي فبطني معدش لينا قيمة زي اللي قبلي لما طلقهم ونساهم .
- طيب حتى سيبيله دليل يدور عليكِ .
- أنا كنت مستنية لما أفوق شوية من تعب الحمل ، فكرت أخليه يشوفني من على بعد كل فترة عشان أشوف رد فعله ، و فكرت برضو أبعت له رسالة كل شوية من تليفوني بس مش قادرة أستقر على فكرة .
قاطع كلامهما دخول والدة حياة :
- جرى إيه يا حلوين ؟ هتفضلوا حابسين نفسكم كده كتير ؟ قوموا اخرجوا واتهووا وشوفوا الدنيا
- بقنعها والله يا ماما تفك الكآبة اللي معيشانا فيها دي
- ياللا قوموا إلبسوا وأخرجوا وانبسطوا
- ربنا يخليكِ لينا يا طنط .. حنيتك مصبراني عن بعدي عن ماما
- ربنا ما يحرمك منها يا بنتي .. طمنيها عليكِ زمانها مش قادرة تتحمل
- بعتلها اللي يطمنها لحد ما أشوف هعمل إيه في موضوع جوازي
- ربنا يهدي سرك يا حبيبتي أنتِ و بنتي و الستات كلهم
- أنا هكلم عاصم أستأذنه أني خارجة
نظر إليها الاثنان بتعجب ، و قالت والدتها :
- من أمتى الأدب ده ؟! أنتي كويسة ؟! تكونيش سخنة ؟!
تظاهرت بالحزن بشكل طفولي :
- ليه يا ماما بتقولي كده ؟ أنا طول عمري مؤدبة .
- هتقوليلي !
انصرفت والدتها لتغرقا في الضحك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- لما كلمتيني عشان نخرج سوا مكنتش مصدق نفسي ، أنا هطير من الفرحة يا حياة ، أخيرا بقيت قريب منك ولما بتحسي أنك متضايقة تكلميني أخرجك .
- أممم أه .. طبعا أه أمال إيه .. استنى بس شوية .
- استنى إيه ؟ أوعي تكوني هتطلعي تاني تغيري لبسك اللي استنيت ساعة عما خلصتي
- لا .. خلاص كده تمام ، أنا استقريت خلاص على الطقم ده ، أنا بس مستنية .... خلاص أهي جت
لم يفهم ما تقصد ولكنه وجدها تنزل سريعا لتفتح باب السيارة لفتاة أخرى لتدلفا السيارة سويا ثم تلتفت له حياة :
- دي حوا صاحبتي .. هي اللي مخنوقة وأنا حبيت نفرفشها .. اطلع ياللا .
شلته الصدمة قليلا ، لم يغب هذا عنهما وكتمت حوا ضحكتها بخجل بينما حياة أدارت وجهها وتركت لابتسامتها حرية التجول على وجهها و رفعت حواجبها بشقاوة وتحدي ، رأى وجهها و ابتسامتها في المرآه كما اعتاد ، وقال في نفسه :
- فليكن ذلك .
ثم أدار السيارة وتحرك بهما و الغيظ يتآكله ، ألا يكفيها عنادها للآن ؟ ألا يثأر لها بُعده و حيرته ؟ لم أصبحت بكل تلك القسوة ؟ هل طول البعد جعل قلبها حجرا ؟ إذن بالله كيف يلين ؟
دخل بهما متنزه على النيل في مكان هادئ وساحر ، أجلسهما على منضدة على الماء مباشرة و اتخذ لنفسه أخرى .. لقد وعى الدرس جيدا .. أنه ليس المقصود بالجلسة بل صديقتها ، إذن فلتقاوم ما ينتوي فعله بها ، إن كانت بارعة أن تثير حنقه و لم يكفها ما فعلته به لتثأر حتى الآن ، فليقلب الوضع وليجعلها تندم وتتألم ، فهذا أكثر مما تحتمله رجولته ، يحبها حقا بل يعشقها ولكن كفى .. لن يقبل مرة أخرى أن تعامله بتعالي كأنه عبد اشترت صك عبوديته حينما أحبها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- أدي التقرير بتاع المراقبة كله .
- يعني خرجوا إمبارح سوا
- أيوة يا هندسة بس مقعدش معاهم على الترابيزة .
- غريبة دي ! و ده معناه إيه ؟
- مش عارف يا هندسة بصراحة .. أنا قلت أقولك وبرضو عقلك النوِر ممكن يقولنا على فكرة .
- طيب البنت دي راحت فين بعد الخروجة ؟
- راحت معاهم البيت
- لا .. أقصد بعد ما خلاص روحهم مشيت امتى ؟
- لا يا هندسة مامشيتش .. دي شكلها قاعدة عند السنيورة في البيت .
- لا .. أنا كده مش فاهم كويس ، زودلي في المراقبة تفاصيل وشوفلي البنت اللي كانت معاهم دي مين وبتروح فين وقاعدة هناك ليه ؟
- أمرك يا باشا .. مش هتروق علينا بحاجة تحت الحساب ؟
- مش لسة واخد العربون ؟
- يا باشا العربون ده ربط كلام .. عايزين رشة تصحصح الرجالة .
- خد .. على الله تشبع .
- ياخد عدوك يا باشا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- أيوة أنا لميا .. أنا بس حبيت أكلمك عشان إحنا مصلحتنا واحدة .
- واحدة إزاي ؟
- مش من مصلحتي عاصم يتمم جوازه على حياة ، تقدري تقولي تار قديم وجه وقته
- و أنا مصلحتي إيه ؟
- أنا و أنتِ عارفين كويس مصلحتك إيه في بوظان الجوازة .
- طيب في دماغك إيه عشان نقدر نبوظ الجوازة دي ؟
- أنا هقولك تعملي إيه ؟ بس أوعديني أن محدش يعرف إني كلمتك ولا كان بينا إتفاق ؟
- أوعدك .
- هقولك كل حاجة بس خدي بالك .. أول ما أرن عليكِ تتصلي على طول بعاصم ، لازم نخرب ما بينهم ونشككها فيه عشان المرة دي لما يسيبها ميرضاش يرجعلها تاني أبدا
- طيب ده هيخرب بينهم ويخليه يسيبها .. إيه اللي هيخليه يتجوزني ؟
- بسيطة .. هدبرلك ملعوب يخليكِ تلحقيه وهو لسة دايخ وأنتِ وشطارتك بقى .
#ماجدة_بغدادي
#ماجووو

حيـــــاة .. على يمين طلاقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن