الفصل الثاني

5.6K 162 4
                                    

الفصل الثاني
جلست تبكي بجوار والدها المسجى أمامها في ضعف وقد غلبه النوم إثر تناوله دوائه ،وهي تمسك يده تقبلها بين الحين و الآخر ، ووالدتها وراءها تحاول أن تكفكف دمعها الذي لا يتوانى عن الهبوط .. مرت أيام أصعب بكثير ولكن اليوم أصعب على قلوبهم جميعا .. اليوم اختلط كل شيء بشكل خرافي ينذر بدوامات تأخذهم لأبعد مما كانوا يظنون .. لم يعد في الحياة شيء سليم يتمسكون به ، كلما دقت عقارب الساعة واقترب ذلك الموعد المرتقب كلما خفقت قلوبهم الثلاثة خوفا ، ترى ماذا سيحدث ؟ أسئلة متتالية ترهق العقول و مشاعر متضاربة اتحدت على كره ما يحدث .. يكاد قلبها ينصدع من فكرة وصول تلك المشاعر لوالدها فلم يتعافى بعد .. مرتعبة حد الاختناق من انتكاسة صحته بعد ذلك الطريق الطويل في المشفى و كل ما تكبدوه في سبيل علاجه .. خائفة لا تستطيع ترك يده حتى لا تتسرب روحه وتفقده فهي لا تستطيع أن تحيا بلا حنانه و كذلك أخيها الصغير .. أما أمها فتلك قصة أخرى ، لطالما شعرت لو أن مكروها أصاب أحدهما سيصيب قلب الآخر وربما يغادر على أثره الحياة
- يا بنتي كفاية كده .. أنا هروح البلد أستسمح عمك يدفع لنا فلوس الشيك و بإذن الله متتجوزيهوش
- لا يا ماما .. مش هسمحلك تذلي نفسك .. إحنا عارفين كويس إن عمي مش هيدفع حاجة ، كان فين وبابا مرمي في المستشفى واحنا لوحدنا دا حتى مجاش يطمن عليه وشخط فينا لما اتصلنا عليه في التليفون .
- مش مهم يا حوا .. مش مهم أي حاجة يا بنتي المهم إنك متتجوزيش غصب عنك .
- متفرقش يا ماما دلوقتي .. أنا دعيت ربنا وسيبتها لتدبيره ، احنا مش فإيدينا حاجة المهم بس بابا يقوم بالسلامة .. احنا من غيره هنبقى ملطشة أكتر من كده .
غادرت حجرة والدها لترتدي ملابسها في انتظار القادم و غرقت في ذكرى بداية تلك القصة التي لم تكن لتخطر ببالها
فلاش باك
- التليفون بيرن يا حوا شوفي مين
- حاضر ياماما
ذهبت بسرعة لترد على الهاتف لتتغير ملامحها للصدمة ثم تصرخ :
- لأ .. بابا كويس أنت بتكذب .. بابا جراله إيه ؟
زاد صراخها وبكاءها لتأتي أمها من الداخل بسرعة و قد اصفر وجهها خوفا و ارتعشت يداها وهي تلتقط سماعة الهاتف ، و ترد بصوت مهزوز:
- أيوة .. فيه إيه ؟
- ................
- في مستشفى إيه ؟
- ..............
- طيب احنا جايين حالا .
- التفتت لابنتها وهي تمسح دموعها المنطلقة :
- مش وقت عياط يا حوا أبوكي لوحده في المستشفى و محتاجنا جنبه قومي البسي
ذهبتا سويا ولا تدريان أيهما تسند الأخرى وتشد أزرها .. وقفتا أمام باب العناية المكثفة تبكيان و الطبيب يحادثهما :
- ضغطه علي فجأة و إتسبب في جلطة في المخ ، زمايله جابوه بسرعة عشان كده الأمل كبير أنه يقوم بالسلامة ، بس لازم يفضل تحت الملاحظة جوا العناية قبل ما نحدد معاد العملية .. ادعوله .
كلمات الطبيب أوجعتهم ولكن داعبهم الأمل و تمنوا من الله شفائه .. كانتا تظنان أن هذا أصعب ما قد تمران به ، ولكن فوجئتا بذلك الثعبان الناعم اللتان ظنتا أنه جاء بالخير:
- أنا شعبان .. زميل الحاج في الشركة و أنا اللي جبته هنا ، متحملوش هم بإذن الله هيقوم بالسلامة ، الشركة هتدفع تكاليف المستشفى ، ده حقه طبعا .. امضولي بس بالاستلام
لتوقعا باسميهما على الأوراق غافلتين في خضم حزنهما تلك النظرات الشيطانية و خلفها عقل موحل يفكر فيما لا يخطر على بالهما .
- مش في ايديكم ترفضوا .. أنتو مضيتوا على شيكات بتمن علاج الحاج و فلوس العملية و المستشفى .. انتوا فاكرينها سبيل ؟! كله بتمنه و ألا كنتو فاكرينها سبيل ؟! إنتو تحمدوا ربنا إننا لحقناه و دفعنالكم الفلوس و إلا كان مات .
- يا بني أنت قلتلنا إن الشركة هتتكفل بمصاريف علاجه .. وبعدين هو تعب في الشغل و من حقه الشغل اللي يصرف على علاجه .
- أنا راعيت حالتكم و انتو بتعيطو وصبرت عليكم لحد أما الراجل فاق و بقى كويس .. وبعدين أنتو زعلانين ليه دا آدم باشا ألف بنت تتمناه ، إن عجبتيه هيطول معاكي تعيشي في العز و الهنا و تمسكي شغل في الشركة بمرتب متحلموش بيه و لما يزهق هيديها مؤخر أد كده و يسيبلها الدهب و الهدايا و في ايدك متخليهوش يزهق بسرعة منك .. وكله بالحلال .
- بس يابني ...
قاطعها وعيناه المخيفتان تكادان تحرقانها :
- مفيش بس .. آدم بيه هييجي يكتب الكتاب وياخد عروسته يا تزغرطو وتلبسوها فستان وتنزل راسها مرفوعة قدام الناس يا هتنزل متجرجرة من شعرها ، الراجل راجع من السفر و عايز يرتاح في بيته ومش عايزين وش كتير .. آه و متنسيش تبقى تعملي للمحروسة حاجة لمنع الحمل ، الباشا عايز يومين خفيف خفيف كده و متفكرش تتذاكى و إلا هنتصرف احنا بمعرفتها وحياتها تبقى في خطر
عودة للحاضر
نظرت لفراشها المفرود عليه ثوب زفافها الأبيض ، الذي بعثه العريس المرتقب كهديه .. توجهت إليه بإحباط واستسلام و أمسكته بيدها و بدأت ترتديه وهي تدعو الله بقلبها أن يدبر أمورا لا تعلم كيف تدبيرها ، وبينما هي تكمل ارتداء ملابسها يقاطعها صوت دق الباب الخارجي فتتوتر يداها رغما عنها .. فقد جاء موعد ألمها .. و قد أيقنت ألا خيار أمامها سوى الرضوخ .. المهم ألا يصيب أبيها سوءا وتظل أمها بجواره و أخيها الصغير .
- نصيحة مني يا حاج شوقي أكتب كتاب بنتك وخليه بالحلال عشان ده راجل مفتري و مش هيهمه ، المأذون جاي دلوقتي و أنت صحتك على أدها بلاش مقاوحة اسمع كلامي .. دا آدم باشا راجل طايل .. و متنساش أنا سايبكم براحتكم و مش هاخد عمولتي ولا هضايقكم غير لما يتم الطلاق وتستلم مؤخرها ليا فيه التلت .. قلت ايييه؟
قال كلماته و عينيه تهددان الرجل المريض الذي لم تزل رأسه ملفوفة بضمادات بيضاء بعد جراحته الخطيرة ، هز الرجل رأسه بوهن وعيناه تدمعان بينما دخلت ابنته بثوبها الأبيض الرائع واقتربت منه تقبل يديه :
- متقلقش عليا يا بابا ربنا معايا ، المهم متزعلش وخد بالك من نفسك و هبقى اتصل بيك واطمنك عليا
هز الرجل رأسه بحزن و دموعه تتسابق ، فمدت كفها و مسحت دموعه و هي تغالب دموعها :
- لأ .. احنا اتفقنا على ايه ؟! زمان خالاتي جايين و الناس يباركولنا مش عايزة حد يشوفك زعلان
رن هاتف الثعبان شعبان فتنحى جانبا ليرد عليه ، فانتهزت الفرصة و اقتربت من والدها :
- متقلقش عليا يا بابا .. أنا مش هستسلم و هدفعهم تمن اللي بيعملوه فينا غالي أوي .. إدعيلي أنت بس .. محتاجة دعواتك
- ثم قبلت رأسه و انصرفت للداخل .
عند شعبان .. تنحى بهاتفه جانبا وساقته قدماه للنافذة
- أيوة يا باشا .. هي العمارة اللي على اليمين ، أنا هنزل استناك عند الباب ، موصيكش بأه المرة دي غير كل مرة ، و تزودلي حلاوتي دا أبوها طلب كوم فلوس و أنا اديتهمله عشان يرضا بالجوازة.
- أوعى يكون الناس مش موافقين يا شعبان .
- عيب يا باشا .
- والله أنا خايف منك ، الجوازة الأخرانية البت كانت ناقص تتف ف وشي ، وكل شوية تقولي هتطلقني امتى ؟
- لا يا باشا المرة دي حاجة نواعمي و بنت بنوت مش زي البت نوال بتتجوز عشان تداري على اللي حصل بينها هي وخطيبها قبل مايسيبها .. دي متربية تربية عز وجامعة أجنبية لولاش بس عيا أبوها فلسهم مكانتش تعرض تتجوز وهي بتدور على شغل .. أصل الشغل يا باشا فلوسه مش هتكفي
- ماشي يا شعبان الشيك بتاعك معايا و أنا وصلت قدام العمارة .. المأذون جه ؟
- على وصول يا باشا .. أهو وصل وراك .. ثواني وأنزل أستقبل سعاتك
جلس الجميع إلى جوار فراش والدها ليعقدوا القران و عينا آدم تتجولان في ذلك البيت المتواضع و الجميل في ذات الوقت ويبدو منه برغم تواضعه ماديا جمال الذوق في ترتيبه و قد فوجئ بحالة والدها الصحية و قد أحس بالذنب أنه ربما يكون استغل ظروف مرض أبيها و احتياجهم ليتزوجها فمال على رفيق السوء:
- ولا يا شعبان .
- أؤمرني يا باشا .
- أنت متأكد أن الناس دول معندهمش مانع في الجوازة الطياري دي ؟
- يا باشا دول ناس ملهمش في الحرام و فنفس الوقت محتاجين فلوس و البنت مش خسرانة حاجة دي جوازة عليوي و لما تاخد القرشين هتقدر تبتدي حياتها ومهما اشتغلت مش هتقدر توفر مصاريف علاج ابوها .
حضرت العروس تلفها زغاريد النساء التي أمرتهم والدتها بالتوقف مشيرة لمرض والدها الذي مازال طريح الفراش دخلت بتردد وبطء لترتفع عينا آدم ليراها صامتة لا شيء مرتسم على وجهها لا حزن ولا سعادة فقط هدوء .. لم تكن أجمل من تزوجهن ولكن بكيفية ما شعر أنها أفضل من رأى من أولئك النسوة حتى الآن .. لا يدري لم يراها زهرة وحيدة لا شبيه لها ؟ ولا يدري أيضا لم يشعر أنها اقتربت ونفذت من كل تلك الحدود التي صاغها كأسوار حول قلبه ؟ لماذا يراها مختلفة وكأنها خلقت له ؟
انتبه أن عيناه معلقتان على وجهها فخفض بصره خجلا من موقفه الذي انتبه له كل من بالغرفة وسرت الابتسامات بين الجميع إلا وجهها الصامت ، و عُقد القران ودُهش حين علم أن اسمها حواء .. تلك المفارقة العجيبة التي أتت لآدم بحوائه ، مفارقة أثارت تساؤلا بداخله : هل هذه حوائي التي سيمتد بي العمر معها لنعمر كل الخراب الذي عشته وكذلك الخراب بداخلي ؟!
- ألوووو .. ألو يا حوحو أنتي لسة نايمة
- حوحو في دماغك يا شيخة كرهتيني ف اسمي .
- ليه بس دا أحلى حاجة فيكي اسمك لولا اننا نفس حرف الحاء مكناش عرفنا بعض في الكلية .
- وحياة والدك يا حياة أنا لا فايقالك ولا طايقة نفسي .
- ليه بس يا حوحو ، هتتدبر يا بت باذن الله ، ومش هتتجوزي عتريس يا فؤادة .
- لا يافالحة ما خلاص اتجوزته و امبارح كان الزفاف .
- ايه ده ؟!! امبارح !! اتجوزتي من غير ما أحضر فرحك .. أخص عليكي يا كلبة .
- فرح إيه يا هبلة .. قولي جنازة .. قولي محزنة قال فرح قال.
- يعني أنتي دلوقتي في ليفل الوحش ؟ اقصد يعني شقته ؟
- آه يا ختي في الليفل .
- عامل معاكي إيه ؟! ضربك ؟ وألا قفل عليكي الباب بالمفتاح ؟ وبتكلميني من الموبايل ازاي ؟ هو مخدهوش ؟
- لا حول ولا قوة إلا بالله .. الروايات الهبلة اللي بتقريها ضربت مخك خلاص ، ضربني إيه وحبسني ايه يا تحفة انتي .. المهم سيبينا من الحكاية دي خليني أنسى شوية و طمنيني حبيب القلب جه وألا لسة ؟
- جه يا ختي أول امبارح ومتلقح في بيتهم مهانش عليه يقول أمال فين حياة ، وإيه الجديد يعني ما بقاله 8 سنين ناسي إني موجودة في الدنيا ، بس تصدقي أنا بقيت أعذره .. أنتي مش طايقة خلقة جوزك عشان غصبوكي تتجوزيه و هو برضو أكيد مش طايقني عشان غصبوه .. مع إن كان نفسي يديني فرصة.
قالت جملتها الأخيرة بانكسار ومرارة .. لم يكن أحدٌ من أهلها يدري أنها تُكّن كل هذا الحب للغائب ، لم يكن الغائب ليفكر يوما فيما تشعر به تلك الطفلة التي ارتبطت باسمه ، لم يتح لها فرصة لتثبت له وجودها أو تحظى بعدالة يوما فيما يخص مشاعرها .. كانت ليلة نامت بها قريرة العين يحتضنها كطفلته لآخر مرة وتتشبث هي بذراعه وكأنها كانت تشعر أنه حين ينفلت ذراعه من بين يديها فلن تجده ثانية ، لم يفكر يوما أنها عاشت كل يوم له ، واستمرت تسقي حبه بقلبها حتى نما محتلا كيانها كله ، رعت اسمه وسارت في الحياة كزوجته وصانت له قلبها فلم يشاركه فيه أحد يوما .. أتى منذ يومين وذهب له والدها ووالدتها يرحبوا بعودته سالما واختفت هي بالحجرة خوفا من أن تذهب معهم .. وانتظرت خلف  الباب تنتظر عودتهم كلاجئ على الحدود ينتظر أخبار من خاضوا الحرب لأجل عودتهم لأوطانهم ، عادا صامتين تتآكل خيبة الأمل ملامحهما و اختفيا حتى لا تتلاقى أعينهم مع عينيها التي ظلت لثمان أعوامٍ متسائلتين .. لا داعٍ للمزيد من الجرح فقد توقعت هذا وإن كان الأمل قد داعب نبض قلبها ولكنها كانت موقنة ألا جديد قد يفرحها يوشك على الحدوث .
- ألو .. أيوة يا آدم
- أيوة مين ؟
- لحقت تنساني ، العروسة نستك أصحابك وألا إيه ؟
- عاصم .. يا راجل ، معلش عشان بس نمرتك جديدة ، عامل إيه ؟
- الحمد لله تمام .. اتصلت اطمن عليك ، عملت اللي فدماغك برضو ؟!
- أنا مش فاهم أنت متضايق ليه ؟! دي أحلى حاجة لا مسئوليات ولا وجع دماغ .
- والدتك من حقها تفرح بيك وتخطبلك .. أنت كل يومين تتجوز جوازة جديدة وهي تروحلها الأخبار زي أي حد ميعرفكش .
- سيبك مني .. لما ربنا يؤمر هستقر ، المهم أنت عملت إيه مع بنت عمك ؟
- مشفتهاش ، اللي وجع قلبي إن عمي جه يقولي مبروك وحمدالله على السلامة و كان نفسه أقوله فين حياة و مشي زعلان .
- طيب يا شيخ كنت حتى قلتهاله مجاملة .
- مش عايزه يتعشم يا آدم ويرجع يتعب ، ياريت كنت أقدر أجامله بس ده موضوع مينفعش يمشي مجاملات .
- المهم هشوفك أمتى ؟
- مش عارف .. اليومين دول الضيوف كتير جدا و مخرجتش من البيت من ساعة ما جيت و كل شوية أستقبل ناس ، أول ما ألاقي وقت هتصل بيك نخرج زي أيام الكلية .
- هههههههه آه والله وحشتني أيام الشقاوة ، خلاص هستنى تليفونك ، سلام .
جلس الأخوان متجاوران ينظران في الفضاء أمامهما بصمت بينما تتحاور عيونهما بأسى ، عودة الغائب لم تأتِ بالأفراح كما كانا يعتقدان ، في يومين نال الزمن من إبراهيم ما لم ينله في أعوامه المقبلة على السبعين ، و ما لم تنله منه كل خطوب الحياة .. يقف حائرا أمام نظرات ابنته التي تحاول كتمان خيبات الأمل و خذلان الحياة التي لا تزال في مقتبلها
قطع أسعد الصمت وهو يلتفت ناحية أخيه الأكبر :
- أنا هقوله أننا حددنا معاد الفرح بعد شهر و لازم نتمم الجوازة .
- لا يا أسعد .. أنا طاوعتك قبل كده وكنت خايف نظلمهم ، دلوقتي أنا أتأكدت إننا ظلمناهم باللي حصل قبل كده .. ياريتنا ما كنا عملنا كده على الأقل كان رجع بدري بدل ما فضل هربان 8 سنين .
- يعني هنسكت لحد ما يسيبها ويكسر خاطرها ؟!
- كل واحد بياخد نصيبه ، وبعدين أنت بتقدر ليه البلا قبل وقوعه ، هو كان فتح بوقه وألا قال حاجة ! اصبر لما يتكلم
ذهب كل منهما لبيته وتحمل قلوبهما الكثير .. الكثير لدرجة لم يكن يتخيلها أحدهما ، أسعد وجد عاصم يجلس في انتظاره فشعر بدنو ما يخشاه وارتجف قلبه على أخيه ، و كيف لا ؟! يعرف جيدا أن أخيه قد يتحمل كل الضربات عدا تلك التي قد تؤذي ابنته ، و لكن كيف السبيل لتجنب المصير المحتوم ؟
- إنت قاعد مستنيني يا عاصم ؟
- أيوة يا بابا بعد إذنك ، الموضوع اللي عايز حضرتك فيه ميتأجلش أكتر من كده .
- خير يا عاصم .
- يا بابا حضرتك لما اتفقت مع عمي تجوزوني حياة كان عشان أرجع ومسيبكمش ، و أديني رجعت و مالهاش لزوم الجوازة دي و أظن حضرتك كنت عارف رأيي من الأول .
- و المطلوب دلوقتي ؟
- تكلم عمي وننهي المسألة دي ، و يا ريت من غير زعل وكل شيء قسمة ونصيب .
- أنا خايف على زعل عمك ، ما ينفعش تاخد فرصة تانية وتعيد تفكير .. طيب أنت شفت حياة لما كبرت دي بقت حلوة أوي و اتخرجت من الجامعة ......
قاطعه باشارة خفيفة :
- بدون مقاطعة لكلام حضرتك ، مين قال أن حياة وحشة ، هي بس أختي و مش هنبقى سعدا ، أنا برضو خايف على زعل عمي بس صدقني يا بابا أنا لو استمريت في الموضوع ده مش هيزعل بس .. دا احتمال نخسر بعض ، أرجوك يا بابا ساعدني وسهلها عليا.
- قبل أن يرد دق جرس الباب ليفتح عاصم و يدخل صديقين له يرحب بهما ويصطحبهما لغرفة الضيوف ، و يدخل أسعد لغرفته يفكر فيما قد يقوله لأخيه ويدعو الله أن تمر على خير ، و فجأة تدخل حياة مع والدتها تحمل كل منهما صندوقين من الفواكه
- أهلا يا أم حياة ، أهلا يا حياة يا حبيبتي تعبتو نفسكم ليه بس
- ولا تعب ولا حاجة يا أم عاصم ، دي حاجة بسيطة و الضيوف داخلين خارجين وزمانك معندكيش وقت تروحي السوق
- تسلم ايديكي يا أم حياة طول عمرك صاحبة واجب .. دخليهم المطبخ يا حياة
- تدخل حياة المطبخ وهي ملتزمة الصمت لتسمع أم عاصم
- فيه عندك كوبايتين عصير يا حياة حطيهم على الترابيزة اللي قدام الصالون عشان عاصم عنده ضيوف أغراب جوا
- امتثلت حياة بدون حرف وحملت صينية العصائر و ذهبت لتضعها أمام باب الغرفة فإذا بعاصم يخرج من الباب فجأة ، شلت المفاجأة جسدها وتفكيرها وتوقفت عيناها المتلهفتين على عينيه ، لم تكن تدري أن السنوات غيرت كليهما كل هذا التغيير .. تغيير أشعرها أنها أصبحت عجوزا في الثمانين ، بينما هو ذهل من تلك الفتاة التي لا يعرفها ..
- أنتي مين ؟
- ......
- اسمك إيه طيب ؟
#ماجدة_بغدادي
#ماجووو

حيـــــاة .. على يمين طلاقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن