فكرة أن تكون مرحلة في حياة شخص ما وانتهت فكرة تؤذي النفس للغاية ، وخاصة إذا كان هذا الشخص يعني لك الكثير ، تؤرقك دائما أفكارا عما كان يشعر به وما يشعر به الآن نحوك ، تشغلك فكرة هل تعمد الكذب عليّ أم أن إحساسه كان صادقا ثم تغير ،هل كانت كلماته مجاملة فرضتها طبيعة الوقت أم أنها كانت في ذلك الحين إحساس حقيقي ؟! حنقت حواء بشده على وضعها مع آدم و ازدادت حنقا بعدما تأكدت من حملها ، و زادت بداخلها نقمتها عليه عندما اشتاقت لوالدتها ووالدها و أيضا اشتاقت إليه .. تعرف أنه الآن ربما يُجن ليعرف مكانها ، ويتعذب لفراقها .. على كلٍ فليدفع أحدهم ثمن ما تمتع به .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعود أن يوقظه صوتها من النوم ، رائحة إفطارها التي تدغدغ أحاسيسه ، طعامه الذي أصبح يدمنه ليس بسبب احترافية طبخه ولكن لصحبتها وكلامهم .. جافاه النوم وانتابه الأرق وأصبح يدور في شقته كفرس حبيس في دائرة يطلق العنان لأرجله فيدور آلاف المرات ولا يهدأ ويظل في دائرته بلا تقدم ، يعلم جيدا أنها تدبر أمورها .. مر ثلاثة أسابيع على بعدها .. فراقها .. أو بالأحرى طلاقه لها ، تلك الكبوة التي أغرقته في شجونه كما لو كان لم يتزوج ويطلق قبلها مرات و مرات يعجز عن عدها ، أصبح موقنا تماما أنه به عيب خطير .. عيب نفسي يحطم استقراره ويعوق راحته ، غرق فكره في زيجاته الماضية ، وتلك الزيجات الغريبة منها التي كان يستشعر كره نسائه له ، لقد أنفق على تلك الزيجات أكثر مما أنفق والده على زيجته التي لامه عليها وحمله بسببها ذنب خراب أعمال العائلة .. حان الوقت أن يواجه نفسه ويقومها .. حان الوقت أن يجعل كل الحقائق تمحي خيالاته التي تركها تستولي على فكره ويرتكب من أجلها الحماقات ، قام من فراشه ليجوب شقته الخالية من أنفاسها المعطرة يدخل المطبخ يتلمس الأواني حيث وقفت هنا لأوقات تطهي وتعد الحلوى .. حيث لم تتوانى يوما عن إعداد الإفطار الذي لم يكن يتناوله مرة معها ولكن رائحته كانت تشبع أحاسيسه وتملأ روحه المتألمة دفئا و أنسا ، تلمس الشرفة حيث كانت تجلس بيدها كتاب ، تلمس الأريكة حيث جاورته كثيرا ليشاهدوا الأفلام معا ، تلمس الجدران حيث قد يصدف أنها لمستها ذات اللمسة يوما .. تذكر صوتها العذب فذهب إلى الغرفة حيث كانت تنام وحدها قبل أن تنضم إليه في غرفته، جلس على الفراش ثم تحسسه عله يشعر بدفء قديم هارب منها ليبقى معه ، أمال ظهره على الفراش ونظر للسقف و زفر بحده و ضيق :
- رحتي فين ؟ إرجعي بقى معتش قادر على بُعدك .
مد يده إلى جواره كحركة لا إرادية ليصطدم يده بشيء ما فيسقط ، انتفض من السرير ليراه فوجده مصحفا صغيرا به علامة توقف فتح المصحف ليجدها متوقفة في قراءتها في سورة يوسف لتقع عينيه بلا سابق إنذار على قوله تعالى " قال يا بشرى هذا غلام " أحس بانتفاضة في جسده .. أحسها رسالة إليه .. أحقا قد تكون حبيبته حُبلى بطفله ؟! كيف وقد استقر أنه ربما لا ينجب ؟ لا يهم الآن .. ما يهم هو أن يراها ويطمئن عليها و يطمئنها إن استطاع .. أرسل يده تفتش وتعبث في الأدراج علها تعود إليه بخبر عن تلك الصديقة التي ربما تكون ليست أمه .. فتح خزانة ملابسها .. تشمم ما كانت ترتديه قبل أن تختفي حضن ما على المشجب بيديه .. قبل مناماتها الطفولية السعيدة و هو يتأمل رسوماتها الكرتونية في شجن .. يتذكر كلماتهما سويا :
عودة للماضي
- كان ينتظر احراجها إلا أنها فاجأته بأن قامت ووقفت أمامه وجعلت تدور كطفلة
- إيه رأيك ؟ حلو مش كده ؟
حاول أن يرد بشكل يغيظها حتى يثير أعصابها :
- إيه اللي حلاه ؟! ده لبس عيلة عندها خمس سنين .
- دا مفيش أحلى ولا أطعم من لبس الأطفال .. بأمارة عينيك اللي هتطلع عليه .
تركته و دخلت غرفتها ليدور حول نفسه بحيرة في ذات الموضع الذي تركته :
- و دي الواحد يعمل معاها إيه دي ؟ أنا هتنقط
رجوعا للحاضر
بينما يده تعبث بمحتويات غرفتها اصطدمت أصابعه بجهاز هاتف محمول قديم نوعا .. فتحه ربما يجد به ما يريحه .. لم يجد شيئا ذا قيمة سوى بضع تسجيلات فتحها ليستمع إلى صوتها فيها لتنفجر عيناه باكية و كأنه استعاد لحظات يتمه مرة أخرى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- أنا اتفقت مع المأذون هييجي بكرة يا عمي .. بعد إذنك أنا كنت عايز أستأذنك في حاجة .
- خير يا ابني ؟
- أنا عارف إني خذلتك قبل كده .. أنا مقر أنك ممكن متبقاش مآمن على حياة معايا وعندك حق .. بس عارف قد إيه بتحبني و ممكن تديني فرصة أعيد ثقتك بيا .
- يا ابني أنا اللي غلطت .. كان لازم أعرف إن الإجبار مش هيوصلنا غير هنا ، أنا مش زعلان منك و مش شايفك خذلتني .. مجرد رجوعك و اعتمادي عليك و شغلي ومالي اللي بيتضاعف على إيديك و التوكيل اللي انت سعيت عند الخواجات وأنت مسافر عشان آخده في وقت مكانش معايا حتى نص فلوسه كل ده مش خذلان .. و أيوة عرفت أنه أنت .. الخواجات كانوا هيعرفوني منين يعني ؟!
- ربنا يخليك ليا ياعمي .. بجد إديتني أمل إن ربنا هيسهل لي موضوعي .. أنا كنت عايز بعد كتب الكتاب تديني فرصة أخرج أنا وحياة لوحدنا ، يمكن نقدر نقرب و أخليها تسامحني
- عايز تقرب و ألا عايز تجرب ؟
- لأ .. أقرب .
- خلاص يا ابني مقدرش أعترض .. المهم أنك تنجح و تشيل من جواها كل اللي فات وتساعدها تبدأ معاك من جديد
- إدعيلي ياعمي
- ربنا معاك يا ابني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- فاتوا الأسبوعين يا أم السنيورة .. فين فلوسي بقى ؟
انتفض جسدها رعبا ما إن وجدته أمامها وبدأ جبينها يقطر عرقا باردا و قالت وهي تتابعه ببصرها متجها للداخل وهي تغلق الباب حتى لا يستمع لهم الجيران :
- و الله يا ابني ما جت ولا شفتها و لا أعرف ليها طريق والبيت كله مفيهوش حتى ربع المبلغ اللي أنت طالبه
صرخ في وجهها بحقارة :
- ميخصنيش ياختي .. تلاقيها تدفنيها حتى ماليش فيه .. أنا عايز فلوسي وألا هطلع قرفي في الراجل اللي نايم جوه ده
- يابني حرام عليك الراجل مريض و تعبان .. كفاية عليه اللي هو فيه
- لا .. لا .. أنا جو الصعبانيات ده ميخلش عليا ، قدامك يومين .. يومين مش تلاتة يا آجي آخد فلوسي يا تمضي على شيكات وأنزل بيهم من هنا ع النيابة و يا الدفع يا الحبس يا أم السنيورة .. سلام ياختي
غادر صافقا الباب ورائه بعنف جعلها ترتجف أكثر ثم تهاوات على مقعدها وانهارت بالبكاء .. انهارت على بعد ابنتها الغائبة وما حدث لها وعلى مرض زوجها الذي أنهكه و أعجزها .. لقد كانت قوية به مستندة عليه متمتعة بحمايته ، و الآن بعدما سقطت عنه عباءة الصحة تطاول عليها الكلاب .. تزوجت ابنتها قهرا و طلقت غدرا و ساومها الأشقياء .. لكن لا .. لن تضعف ولن تجلس حتى يأتيها ذاك القذر بالشرطة فتسجن تاركة زوجها ليموت وحده وابنتها المصدومة تعد لتجد الخراب ينتظرها .. لن تصمت أو تضعف ، تناولت حقيبتها و خرجت عازمة أمرها ولا شيء سيردعها الآن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- عندي ليك يا باشا جوازة إنما سُقع المرة دي .. هتعوضك عن الجوازتين الأخرانيين و تمنجهك آخر منجهة .
كان يستمع له بإهمال ورد بدون أن ينظر إليه :
- شعبان .. سيبني في حالي ، أنت فاكرني قاعد على بنك .. معتش عايز زفت جواز ولا غيره ، أنا طهقت .. معتش تجيبلي سيرة الجواز تاني .
- ليه بس يا باشا .. دانا عايز راحتك
- خلاص يا شعبان قولتلك .. أنا مش هتجوز تاني ، يا حوا ترجع يا مش عايز أي حد
- ترجع !! ترجع فين يا باشا ؟! هي اللي لا مؤاخذة بتطفش دي يبقالها أمان ترجع ؟!
انتفض غاضبا من جلسته :
- إخرس يا شعبان .. إياك أسمعك تجيب سيرتها تاني .. شكلك اتجننت .غور من وشي
- خلاص يا باشا متزعلش .. أنا مقولتش حاجة و أنا في الخدمة برضو .
لم يرد عليه آدم ليخرج شعبان من مكتبه ويقف بالخارج و هو يغلي من فشل مخططاته ، فتح هاتفه و أجرى محادثة :
- أيوة يا ست الكل .. مرضاش
- .................
- هعمل إيه يعني .. البت الأخيرة دي شكلها خيشت في نفوخه و معدش عايز غيرها
- ...............
- يعني كنت هعرف منين بس ؟! أنا قلت زيها زي أي واحدة المهم نسلك المصلحة ونكت بالقرشين
- ..............
- لا احنا هنصبر عليه شوية لحد ما يهدى ، و إن كان على الفلوس أنا زانق الولية أمها تجيبهم قبل ما البت تبان ويرجعلها ومنطولش لا أبيض و لا أسود .. اصبري عليا بس دا أنا أعجبك
- ................
- الله .. ليه بقى الغلط ده ؟! أنتِ يا ما كلتي الشهد من ورا تخطيطي و ألا نسيتي الحاج ونغنغته ، و ألا شبعنا وشعبان بقى وحش دلوقتي ؟!
- ................
- ههههههه أيوة كلي بعقلي حلاوة .. هشوفك أمتى و حشتني قعدتنا سوا ، و ألا الجوازة الجديدة اللي ظبطتهالك هتيجي على دماغي ؟
- ................
- خلاص لما السكة تخلا اديني تليفون وأجيلك هوا يا جميل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترتدي فستانها الذي انتقته بعناية و حاولت ألا تظهر اهتماما بهذ اليوم .. اختارت اللون الأزرق الذي يحبه عاصم و يبهره وهو يراها ترتديه ، بالتأكيد يجهل أنها تحتفظ بذلك الكم من المعلومات عنه .. إنها تتنفسه ، كيف كانت ستجبر قلبها على نسيانه .. وهي منغمسة لأقصاها في كل تفاصيل ذكرياتها معه وعنه ، ليته كان يقدر هذا منذ البداية ويراه فحينها لم يكن ليمرا بما مرا به ، ولكن عليها أن تستمر
- أنا زعلان عشان حياة يا حاجة .
- ليه كفانا الله الشر ؟
- مش فرحانة .. فرحتها مكسورة و مش عارف أفرحها ، كنت فاكرها هتفرح برجوع عاصم .
- هههههههههههه خضيتني يا حاج إبراهيم .. لا يا خويا اطمن فرحانة بس عاملة تقيلة عشان عاصم ميحسش أنها عايزاه
- بتتكلمي بجد يا أم حياة ؟
- طبعا .. دي بنتي وإن مكنتش أحس بيها ما أبقاش أمها
- ربنا يطمنك يا حاجة .. ريحتي قلبي ، بس قوليلي .. هي بتعمل كده ليه ؟
- يعني مش عارف ؟! بتربيه
- من ناحية إتربى أنا حاسس بيه هو إتربى ع الآخر
- من وجهة نظرك .. إنما هي اتجرحت و عشان تقدر تكمل معاه لازم تحس إنها خدت حقها يا إما عمرها ما هتصفاله
- ربنا يهدي سرهم يا حاجة
- التفت الاثنان على صوت دقة خفيفة برغم أن الباب مفتوح ليجدا أحمد
- هتف الاثنان بذهول :
- أحمد ؟!!!
- ممكن أدخل يا حاج وألا مش مسموح لي ؟
- لا طبعا يابني .. اتفضل
- أنا مش هاخد من وقتك كتير
- براحتك يابني .. خير ؟
- أنا عارف إنك زعلان مني .. غصب عني يا حاج والله .. من حبي لحياة كنت عامل زي المجنون أول ما عرفت أنها كانت مكتوب كتابها على عاصم و مقولتوليش وإن عاصم بيحاول يردها
- يا بني أنا مقولتش عشان دي حاجة عملناها أنا و أخويا مكانتش رسمي و من غير موافقة الاتنين .. حياة كانت لسة طفلة و عاصم وافق عشان أبوه يرضى عن سفره ولما رجع لقيناه موضوع مالوش لازمة فكل واحد راح لحاله .
- سامحني يا عمي .. أنا معذور برضو
- طيب يا بني و للو أن الكلام اللي قولته كان صعب و جرحنا و فضح البنت , بس المسامح كريم .
- ربنا يكرم أصلك يا عمي .. طيب حيث كده خلاص مالوش داعي بقى موضوع كتب الكتاب الرسمي و أرجع أنا وحياة لبعض ونحدد الخطوبة .. أنا خلاص عرفت كل حاجة ومالهاش لازمة نتعطل الوقت ده كله
- لا يابني .. محدش عارف النصيب فين ، ممكن في لحظة زي ما سيبتها تسيبوا بعض تاني ، لو عايزها بجد استناها .. و عشان تبقى عارف هي مجروحة منك أوي ومش عارف إذا كانت هترضى ترجعلك أو لأ .. اصبر بقى لما الموضوع ده ينتهي
- يعني أتفرج عليها و هي بيتكتب كتابها على واحد تاني ؟ دا ظلم يا حاج
- يا بني ده عشان اتقاء الشبهة و بعدين يا ريت تتجنب عاصم عشان أنا مش عايزكم تتخانقوا ، كل ده بيأثر على أعصاب البنت .. اثبتلها إنك شاري يمكن تسامحك
- طيب يا حاج ممكن اكلمها قبل ما تكتبوا الكتاب ومقدرش أقربلها لحد ما تطلق منه ؟
- طيب يابني هناديلها .
- غاب الحاج إبراهيم في الداخل وبعد بعض الوقت أتت حياة في ثوبها الأزرق الرائع كأميرة من أميرات الأساطير تطفو في سحرها الخاص ، وقف مشدوها من جمالها
- حياة
- أهلا يا باشمهندس .. خير؟
- أنا عارف أنك زعلانة مني .. أنا آسف .. سامحيني يا حياة مقدرتش أتمالك نفسي من كتر غيرتي .
- غيرتك !! غيرتك تخليك تفضحني و تحكي للناس عني بالزور؟!! غيرتك تخليك تقول عليا مش لاقية حد يلمني ؟!! تشتمني و تشتم أهلي يا أحمد ؟!!
- أنا آسف .. سا محيني يا حياة .. قدري إني بحبك
- وأنت ليه مقدرتش ؟!
- عشان محسيتش منك أبدا إنك بتحبيني زي ما حبيتك .. إنتي طول الوقت كنتي جافة معايا و بتتعاملي مع عاصم أحسن من تعاملك معايا
- عشان أنت لسة غريب عني ملحقتش آخد فرصة أعرفك ..لكن عاصم ابن عمي و متربيين سوا
- متنرفزينيش وتقارنيني بيه
- دي الحقيقة
- طيب خلاص .. أنا مش هزعلك تاني .. سامحيني ووقفي كتب الكتاب ده
- معلش يا أحمد .. معدش قراري ، ده عشان المستقبل و عشان مسمعش فيوم كلمة من حد زي اللي سمعتها منك قبل كده ، ولو أفرق معاك هتصبر و تستنى ولو ما أفرقش ربنا يرزقك باللي تستاهلك
- يعني خلاص يا حياة .. مفيش فايدة
- 6 شهور مش كتير
- هستناكي بس حاولي متطوليش
- ربنا يسهل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تبكي بعيون حزينة مكسورة ويجلس بجوارها يقبل يديها :
- كفاية عياط بقى يا أمي .
- معيطش إزاي و أنا ممنوعة أحضر كتب كتاب ابني و أفرح بيه زي أي أم ؟
- أرجوكِ يا أمي متصعبيهاش عليا .. أعمل إيه ؟! بابا مصمم أنك متحضريش
- و ده مش ظلم يا عاصم ؟!
- وانهارت ثانية في بكائها الحار ، تألمت مرتين .. مرة لحرمانها من الفرحة بولدها و مرة لذلك الخذلان الذي لم يذكر لها موقفا واحدا جيدا يشفع لها لدى قلبه القاسي .. لم تكن في أقسى كوابيسها تتخيل أن يكرهها أسعد لهذا الحد
- أرجوكِ يا أمي .. حتى لميا بابا حلف عليها متحضرش لما اعترضت ، متزودوهاش عليا .. لو مكنتش تعبان من اللي حصل قبل كده مع حياة مكنتش رحت
- لا يا حبيبي روح .. ربنا يسعدك و أنا هتصل على لميا تجيلي ونقعد نفرح نفسنا هنا و العيال ولما ترجع بالسلامة تفرح في وسطنا
- مال على كفها وقبله :
- ربنا يخليكي ليا يا أمي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- قبلتُ زواجها
قالها لتعلو زغاريد النساء .. قالها هذه المرة بقلبه لا لسانه فقط ، فرحته لاستعادتها ولو جزئيا .. عقد عزمه ألا يترك لها فرصة لتهرب من قلبه ثانية قبل يديه ، شتان ما بين الموقفين .. إرادة الإنسان هي ما تجعله يشعر بالسعادة لا بالإكراه .. يريد الآن أيضا أن يهرب ولكن ليس منها بل يهرب بها من هذا العالم الذي قد يحرمه إياها ، انتحى بها جانبا بعد أن انتهى المأذون من عمله
- حياة بعد إذنك ممكن أطلب منك طلب ؟
- خير ؟
- ممكن ننزل نروح لأمي عشان بابا حكم عليها متحضرش لأنه زعلان منها ؟
- نظرت له بتيه .. كيف لم تلاحظ عدم وجود والدته أو أخته .. ألهذا الحد أعمتها سعادتها عن ملاحظة أي شيء غيره
- ولميا كمان مجتش عشان بابا زعلان منها ؟!
- لميا لما اعترضت على قرار بابا قالها روحي اقعدي جنب أمك متجيش و إلا همشي و هلغي كتب الكتاب فاتفقوا إنهم يقعدوا مع بعض يحتفلوا بكتب الكتاب طالما مش عارفين ييجوا .. ممكن تفرحيهم و تيجي معايا
- عاصم .. هو أنت فاكره بجد ؟! إحنا بنمثل يا عاصم عشان بس منبقاش اتجوزنا عرفي والناس تفكر فيا زي ما أحمد فكر
- انتابه الحنق من ذكرها لغريمه النذل .. لكنه سيطر على نفسه ، لا يريد أن يفعل المزيد مما يبعدها
- يا حياة ماما مالهاش دخل باتفاقاتنا .. هي أم في الأول و الآخر ونفسها تفرح ، قولتي إيه ؟
- خلاص يا عاصم .. عشان خاطر طنط ، بس ليه فيه زعل كبير كده بين عمي و طنط عفاف ؟
- يعني هي مواضيع قديمة اتراكمت بينهم وكان بابا لما بيزعل منها مكانوش بيتكلمو لحد ما زعل آخر مرة مقدرش يرجع زي الأول
- محاولتش تصالحهم وتخليهم يتكلموا ويصفوا النفوس ؟
- حاولت بس بابا عنيد جدا و ماما كرامتها واجعاها
- طيب استأذن بابا الأول
- استأذنته ووافق .. روحي استأذنيه برضو وأنا مستنيكي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راعه ذلك الدق المتواصل على الباب ، وانتزعه انتزاعا من دموعه التي أغرقت وجهه على مدار ساعة كاملة منذ سمع صوتها بالتسجيلات الخاصة بها .. جرى لعله يجد خبرا يبرد نار قلبه فتح الباب ليفاجئه وجود أم حواء و لكن نظرتها لا تبشر بخير
- طنط !! اتفضلي
- دخلت بخطوتين صغيرتين والتفتت له وهو لا يزال لم يكمل إغلاق الباب بعد و تكلمت بحدة
- اتجوزت بنتي بلوي الدراع و قلنا نصيب و رضينا ، ساومتنا على فلوس علاج جوزي اللي عاش عمره موظف في شركتك و متكلمناش .. طلقت بنتي وكسرت قلبها و خليتها خدت في وشها واختفت من قهرتها و محدش قالك طلقتها ليه .. إنما تبعت الكلب بتاعك يهددني أنا وجوزي وبنتي لسة مظهرتش و قلوبنا محروقة عليها عشان تنصب علينا وتاخد نسبة من مؤخر أنت لسة اصلا مدفعتهوش أنا بقى مش هسكت .. أنت عايز مننا إيه ؟ كفاية بقى حرام عليك
- أنهت كلماتها بينما هو كل حرف يزيده ذهولا .. أهكذا كان هو ؟! أكان لعبة بين يدي شعبان طيلة هذا الوقت ؟ انتابته كل شياطين العالم ونبت في قلبه شوك اسود يوشك أن يندفع ليقتلع رقبة شعبان .. لم يرد عليها ولكنه رفع هاتفه :
- شعبان .. قابلني في المكتب بعد ساعة
#ماجدة_بغدادي
#ماجووو

أنت تقرأ
حيـــــاة .. على يمين طلاق
Literatura Femininaصديقتان تمران بظروف سيئة مع أزواجهن ترى كيف ستستعيدان حياتيهما وأزواجهما ؟ هل تصمد خططهما البريئة أمام الطامعين ؟