لايؤذي الحقد أحدا سوى الحاقد ، يأكل من حسناته كما تأكل النار الورق ، و يضعف روحه و يجعله لا يرى سوى السواد ولا يحيا الاتزان ولا يشعر بقيمة الحياة و جمالها ، يتدخل الحقد فيفسد كل جميل و يحيل العلاقات جحيما و يغير النفوس لأدنى المنازل فيصبح الضيق و الكرب عنوانها و الألم يسكنها بلا مزاحم .. كيف لا؟! وقد منع سواد الحقد نور الاطمئنان و حجب الإيمان و اليقين .
جلست بجوار والدتها تحتسيان الشاي و صغيرها نائم مطمئن على ذراعها :
- ماما .. هو أنتو مش ناويين تعزموا عمي بمناسبة رجوعك ؟
- متحفريش يا لميا و سيبي الدنيا تمشي .. أنا ما صدقت أبوكي هدا من ناحيتي .
- ليه يا ماما هو أنا قلت إيه يعني ؟!
- هو أنا مش عارفاكي ؟!! هاتي من الآخر .. عايزة إيه ؟
- و أنا هعوز إيه يعني يا ماما !! الحق عليا كنت عايزة أساعدك قبل محمد ما يرجع من السفر
- يعني نيتك سليمة و ألا وراكي مصيبة هنلبسها ؟
- تاني يا ماما ؟ مصيبة إيه بس ؟! كل ما في الموضوع يفهموا أننا مهما حصل هنفضل مع بعض .
- طيب يا لميا بس لسانك اللي بقى متبري منك ده لميه و خلي الدنيا تعدي .. و أنا هقول لأبوكي يعزمهم بعد بكرة .
- لأ خليها الأربع .. أصلي حماتي زنقتني أنضفلها الشقة بكرة قبل محمد ما ييجي و مش عايزة تلوي بوزها و توقع بيني و بينه .. أخلص الشقة و أجيب الطلبات معاكي تاني يوم و نجهزهم يوم التلات و يبقى يدوب على التسوية يوم الأربع .
- طيب طالما مشغولة عشان جوزك جاي ما تخليكي أنتِ و أنا هجيب الحاجة و أنا راجعة م الشغل و خلصي شقة حماتك و تعالي اتغدي .
- و مستعجلة ليه .. براحتنا عشان منتعبش بعد العزومة .. الأربع مناسب و هبقى معاكي من الصبح
- قامت عفاف من مجلسها متجههة للمطبخ بأكواب الشاي التي فرغت و هي تتعجب من إصرار ابنتها :
- طيب .. ولو أني مش عارفة أنتِ مصممة ليه .. بس ماشي ، يوم الأربع .. خلينا نشوف يا ست لميا آخرتها .
- أجابت وعينيها تلمعان :
- آخرتها آخر حلاوة و حقي مش هيضيع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- يا غبي .. بتضرب ليه؟؟ كنت هتطير عيني ، و خيانة إيه يا أهبل ؟
- جلس بجواره على الأرض حانيا ظهره ممسكا براسه .
- أنا أهبل فعلا .. إزاي معرفتش أنك عارف هي فين و سايبني لايص و هموت عليها .
- أنا ؟ أنا أعرف فين مراتك ؟ لا .. دا أنت أهبل بجد
- يعني بزمتك متعرفش ؟
- أعرف إيه يالا ؟ أنا مش فاهم حاجة
- شعبان جالي يقولي أن حوا هربت و جاتلك و على علاقة بيك و أنك قعدتها عند قرايبك .. عمك وحياة يعني .
- و أنت صدقته؟
- أنت عبيط يالا ؟ أصدق شعبان تاني ؟! لا أنا عارف حوا كويس و عارفك .. ممكن تسيبني أدوخ حوالين نفسي بس عمرك ما تبص لمراتي و عمك و حياة مش من الناس اللي ممكن حاجة زي دي تحصل في بيتهم و تعدي .
- متأكد أنت .
- طبعا .. بغض النظر أنك صاحبي و ممكن تبقى واطي زيي .. بس هي ملاك ، متعرفش أنت يعني إيه تكون عايش مع ملاك في بيت واحد.
- لا معرفش .. نفسي حياة ترضى عني و أجرب .
- أنا كنت بصحى كل يوم الصبح على صوتها و هي بتقرأ قرآن .. مكنتش عارف أنها بتقرأ إلا لما لقيت تسجيلها بصوتها على التليفون القديم وهي بتسمع لنفسها .. كانت بتحفظ وهي بتحضر الفطار وتقعد تقرأ و تسمع و هي رايحة جاية في الشقة ،المهم قوم بقى زي الشاطر وديني عند عمك عشان أقابلها .
- مش عارف أقولك إيه ؟ أنا فعلا معنديش خبر أن حوا كانت عند حياة ، ولا أعرف أصلا أنهم يعرفوا بعض .. و فيه كمان حاجة مش عارف لو عرفتها هتعمل إيه ؟
- حاجة إيه ؟ متلعبش بأعصابي وقول على طول
- أول امبارح بليل رجالة بلطجية هجموا على بيت عمي و حياة استنجدت بيا ، لما رحت لقيتهم بيدوروا في البيت و لما رحنا القسم اعتذروا أنه سوء تفاهم و أنهم غلطوا في العنوان و عمي قال معرفهمش و أنا مسألتوش .. بس واضح كده أن دول رجالة شعبان بس معرفش فين حوا .. أنا شفتها مرة مع حياة بس معرفتش أنها هي إلا لما قلتلي دلوقتي أنها تعرف حياة و كانت عندها .
- يعني إيه ؟ شعبان هجم على البيت لما ملقهاش !! طيب راحت فين تاني ؟!! برضو أنا بقالي كام يوم بتصل بحماتي ورحت البيت وملقتش حد .. قلت يمكن حمايا تعب وراحو المستشفى .
- مش عارف .. أنا اتفاجئت .. طيب حياة و حوا يعرفو بعض منين ؟
- حياة .. حوا
قالها آدم و هو شارد يفكر ، ثم قال فجأة :
- هي مراتك خريجة الجامعة الأمريكية ؟
- أيوة .. باااااس !! يبقو كانوا زمايل و بقوا صحاب ، إديني فرصة أعرف من عمي و حياة الموضوع و أشوف راحت فين ؟
- طيب روح دلوقتي .. أنا مش قادر أستنى .. هروح اقعد شوية في النادي و أنت خلص وتعالى قولي .
- ههههههههه نادي !! أما و الله دي حكاية .. نادي مطلقات آدم ههههههههه
- امشي من وشي مش طايقك .
- حاضر .. عيني باظت منك لله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- راقبته ؟
- أيوة .. راح لعاصم مكتبه قعد شوية و بعدين خرج ووراه عاصم وأنا ماشي وراه أهو واخد طريق البيت
- معرفتش إيه اللي حصل بينهم ؟
- لأ .. البت السكرتيرة بتاعت عاصم وزعها لما عرف أن آدم رايحله ، بس شكلهم اتخانقوا .
- متأكد ؟ واضح عليه أنهم اتخانقوا ؟
- أيوة يا شعبان .. عاصم نازل عينه وارمة و شكله مبهدل .
- طيب و آدم ؟
- هو أصلا كان جاي مبهدل و لابس نضارة شمس مشفتش وشه كويس .. بس واضحة .
- آدم راح فين دلوقتي ؟
- بعت وراه اتنين وزاغ منهم .. مش عارف هو حاسس أنه متراقب و ألا جت صدفة .
- طيب فتح عينك كويس .. رابط عند كشك الراجل الرغاي اللي عند البيت هناك يمكن تشوف حاجة .
- حاضر .. بقولك إيه يا شعبان .. ما تاخدني في الشغل بتاعك الكبير ، أنا أولى م الغريب .
- و عرفت منين إن فيه شغل كبير ؟
- يعني أنت هتختفي كه على سهوة و تربط الخيوط ف بعض بس عشان قرشين جايين من ورا طلاق حتة بت ؟!
- و الله و طلعت بتفهم يا فتحي .. اصبر بس نخلص من الموضوع ده و آخدك معايا بس اللعب ده مفيهوش أسئلة .. تنفذ و أنت مغمض .
- أوامرك يا كبير .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- و بعدين يا شوقي ؟
- قالتها هدى والدة آدم في جلستهما في النادي الرياضي حيث هما عضوان فيه منذ زمن بعيد .
- لا يا هدى مش هستنى أكتر من كده .. أنا اتكلمت معاه و اتفاهمت معاه و معنديش استعداد أضيع الباقي من عمرنا تستنى رضاه .. خلينا نتجوز لأننا كده كده هنتجوز .
- يا شوقي أنا مش ممانعة نتجوز بس مش عايزة ابني يقاطعني ، كمان نفسيته اليومين دول مش مظبوطة عشان عنده مشاكل مع مراته .. خلينا نصبر شوية تكون أموره اتصلحت و حتى ينشغل برجوع مراته .. مش هاين عليا أسيبه لوحده في الظروف دي .
- يا هدى هو العمر لسة فيه أد اللي راح عشان نستنى ؟
- متقلقش يا شوقي .. مش هنستنى كتير ، خلينا نستغل الوقت و نرتب البيت عندك عما الأمور تتصلح ، أنا هجيب مهندس ديكور ابن واحدة صاحبتي و نظبط الشقة شوية عشان أول ما نوصل لحل كويس مع آدم نتجوز و أقعد معاك .
- تهللت أساريره و أمتلأ وجهه سعادة :
- الشقة و صاحب الشقة تحت أمرك .. متعرفيش أنه كان حلم بالنسبالي يا هدى أننا نبقى مع بعض ، لما عبد العزيز خطبك أنا كنت هموت .. حسيت أن قلبي اتخنق جوا صدري و مقدرتش أتكلم ، مكنتش أتخيل أنك بتبادليه مشاعره ، سكت و كتمت حبك جوايا و فضلت واقف جنب صاحبي و بساعده .. بساعده و أنا بموت في كل خطوة و أنا شايفك بتضيعي من إيدي ، بس كنت راضي عشان بس أشوفك سعيدة ، عمري ما عرفت أنساكِ لحظة ، و اتجوزت عشان أنساكِ و برضو معرفتش و منى عاشت و ماتت من غير ما تقدر توصل لقلبي و كانت متأكدة أن فيه واحدة واخدة كل مشاعري .. كانت حاسة بس كنت بكدبها ، عمرك ما كنتِ بالنسبالي مجرد زميلة في الجامعة .. أنا حبيتك من أول يوم شفتك فيه و لحد النهاردة بحبك كل يوم أكتر من الأول ، حبيت كل حاجة فيكِ .. كنت بعشق نظرتك الجميلة ورقتك و لسة لحد النهاردة بدوب زي مراهق لما بشوف ابتسامتك ، كل حاجة في حياتي ليها علاقة بيكي .. أول يوم اتقابلنا فيه محفور في دماغي و تاريخ ميلادك هو يوم سعدي عشان جيتيلي الدنيا ونفسي نفضل مع بعض على طول .
احمر وجهها خجلا .. لم تكن تتوقع أن تسمع منه كلاما كهذا ولا تعود لذكرياتها القديمة و حبها هي وعبد العزيز الذي تزوجها فور تخرجهما ، لقد كانت ترى عبد العزيز مناسبا لها فمن الخرف أن تبنى زيجة مستقرة وليس بها تكافؤ بين الطرفين ، شوقي في هذا الوقت كان لا يمتلك شيئا من المال ليقدمه لزوجة أو يتحمل مسئولية بيت وهو بالفعل يتحمل مسئولية أخوته و أمه بعد أن هرب أبوه تاركا كل المسئولية بلا ندم .. الرجوع للماضي كان مستحيلا ، و كبوة عبد العزيز قبل وفاته سامحته عليها و لكنها لم تنس أبدا ، و لن تنسى أن لها حقوقا لابد أن تستردها .
- كتير عليا الكلام ده يا شوقي .. أنا معتش صغيرة عشان أسمع غزل ، براحة عليا خلينا ناخد وقتنا لحد ما أتعود عليك .
نظر لها بوله لا يناسب شيبته أبدا فقد أصبح فجأة فتى يتلبس جسد ذلك الشيخ الأشيب ، أخرج من جيبه المفتاح و مد يده نحوها :
- ده يا ستي مفتاح الشقة .. اعملي فيها اللي أنتِ عايزاه ، هديها وابنيها تاني و الميزانية مفتوحة خدي راحتك ، بس سيبي أوضة المكتب زي ما هي مقفولة عشان هي جديدة أصلا ومش مستاهلة تغيير .
مدت يدها لتتناول منه المفتاح فأمسك كفها وقبله مما أدهشها تصرفه جدا ، اعتذرت عن إطالة الجلوس بكلمات قليلة وانصرفت .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- السلام عليكم يا عمي .
- أهلا يا عاصم يابني .. اتفضل
سلم عاصم على عمه و قبل رأسه و دخل لتستقبله حياة ، تذكر كل ما كان يدور خلف ظهره فنظر إليها بمكر :
- إزيك يا حياة .
أحست بتغيره .. فأجابت و هي متحفزة :
- كويسة .. خير فيه حاجة ؟
جلس على الأريكة و كذلك جلس عمه
- اقعدي .. و ألا مستعجلة ؟!
- مستعجلة على إيه ؟
- على صاحبتك مثلا .. مش غريبة دي يا حياة أني أبقى آخر من يعلم أي حاجة عنك ؟
قال جملته الأخيرة بشيء من الحدة ينذر بوقوع المشاكل ، فوقفت حياة مرة أخرى بعدما جلست حين دعاها للجلوس ، فركت يديها لتجيب ولكن صوت والدها سبقها :
- يا بني الموضوع ده كان هنا و تحت نظري .
- متآخذنيش يا عمي .. حضرتك على عيني و راسي و تقعد في بيتك اللي يعجبك ، أنا بتكلم على حياة بصفتها مراتي .. ليه تخبي عني حاجة زي دي و أعرفها بمشاكل .
- مشاكل إيه يا بني كفانا الله الشر ؟
- طليقها جالي اتهجم عليا و اتهمني أني على علاقة بيها و مخبيها .
- آدم ؟!!
- شفتي ؟!! أديكي عارفاه أهو ، مبتقوليليش ليه تفاصيل حياتك و ألا خلاص أنتِ معدتيش عايزة تبقي ليكي علاقة بيا ؟
- أولا مش من حقك أقولك تفاصيل مشاكل صاحباتي .. ثانيا أنت هتستعبط !! آدم ده صاحبك ما تشوفه شك فيك و ألا فيها ليه مش يمكن هو اللي مجنون .
وقف أمامها ناظرا لها بجانب عينيه فتوجست منه ، فأمسك ذراعها فتراجعت خطوة صغيرة للوراء و نظرت له بخوف ، وهو يقول لها :
- و عرفتي منين بقى أن آدم صاحبي ؟ و لما أنتِ عارفة إنه صاحبي متكلمتيش ليه ؟ أنا أقولك يا ست الحسن .. عشان أقع معاه و الدنيا تخرب على دماغي .
قال جملته الأخيرة بصوت عالٍ حاد أجفلها فحاولت الرد فجاء صوتها مهزوزا ضعيفا :
- يا .. يا عاصم أنا .. أنا خمنت بس لما هي شافته في كتب كتابنا ، إنما أنا هعرفه منين ؟
- أنتِ شكلك أصلا مش صريحة و بتلفي و تدوري عليا ، تعرفي أنا اتخميت فيكِ و كنت فاكرك بريئة .. بس شكلك أصلا بتتصرفي في كل حاجة من غير علمي ولاغياني ، و أكيد العصابة اللي جم دول كانوا بسببها ، ما هي شكلها زيك موراهاش غير المشاكل .
أمسك عمه ذراعه الممسك بذراع حياة المتوترة :
- أقعد يا بني بس هي مش قصدها .. هي بس فكرت أن الموضوع ميهمكش .
- طيب يا عمي عشان أخلى ذمتي قدام الراجل هتصل بيه يجي ياخد مراته .
- روحت يا حبيبي أهلها جم خدوها ز
- خدوها امتى دي ؟
- قبل البلطجية اللي دخلوا البيت عندنا .
- يعني البلطجية دول كانوا جايين عشانها ؟
- معرفش بس بيقولوا أنهم بيدوروا على بنتهم اللي هربت مع حبيبها عشان موافقوش عليه و جم العنوان غلط ، يمكن صدفة يابني .
- صدفة برضو ياعمي .. ما تقوليلنا يا هانم إيه علاقة البلطجية دول بصاحبتك ؟
- مالهاش علاقة بيهم .. أنت ليه مصر أني بعمل مشاكل و أنها زيي .
- و ما أصرش ليه ؟! ما أنتِ على طول عاملالي قلق .. يوم أحمد و يوم صاحبتك ويوم جوزها ده و ألا طليقها .
- صدقني يا عاصم أنا بس وقفت جنب صاحبتي في ظروف صعبة .. جوزها طلقها و نفسيتها كانت تعبانة ، لكن طالما وصلنا لكده يبقى لو سمحت كل واحد يروح لحاله
- و إيه كمان يا محترمة ؟ و ألا هي حجة عشان يا أخرس على شطحاتك يا ترجعي لسي أحمد الحبيب .
تدخل عمه في الكلام :
- مالكش حق يا عاصم .. أنا بنتي مش بالأخلاق دي .
- شكلنا اتخدعنا فيها يا عمي .. يا ريت تشوفها مخبية إيه تاني ، و ألا يمكن متفقة مع صاحبتها تروح تستخبى مننا عندها هي كمان .
انفعلت حياة من حديثه :
- لا .. لحد هنا و مش هسمحلك ، أنا ساكتة من ساعتها احتراما لبابا بس خلاص .. أنت بتغلط ومحدش مالي عينك .. أستخبى إيه و مخبية إيه ؟!! صاحبك اللي أنت زعلان عشانه كان مطلقها و مالوش حاجة عندها و أنت مالكش حاجة عندي .
- لأ ليا يا حياة و هوريكِ أنا ليا إيه .. بس ساعتها متبقيش تندمي و مترجعيش تقولي أني السبب
قال جملته الأخيرة و انصرف غاضبا وما أن خرج من الباب حتى ابتسم .. لقد قرر أن يذيقها بعضا مما أذاقته و يتركها هذه المرة تحاول مصالحته لعله يصل لموعد أكيد لزفافهما الذي طال انتظاره .
خرج من البيت للحارة و رسم على وجهه النزق ليراه من كان يتبعه ، لم يكن غبيا أن يظل مراقبا طيلة هذه المدة ولا يعي ذلك ، و خاصة أن فتحي يمتلك من الغباء ما يكشفه ، و دخل عند كشك عم حمدي و أفضى له ببضع كلمات وتركه ليدخل فتحي يسمع أخبار تلك المشاجرة التي ربما تنهي مشروع الزواج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- أيوة أنا أحمد .. مين حضرتك ؟
- أنا سمعت عنك و أعتقد أن مصلحتنا واحدة .
- سمعت عني منين ؟ و مصلحة إيه اللي واحدة ؟
- مصلحتك أنك أنت تزيح عاصم من ورشة التجميع و تتجوز حياة ، و مصلحتي أني أقدر أسيطر على الورشة من خلالك .
- و إيه اللي هيعود عليك ؟
- ليا مصالح و صاحب الورشة مش هيتعاون .. إنما أنت طموح و بتحب المصلحة و هتتعاون وتكسب كتير و فنفس الوقت الورشة مش باسمك و قانونا هيبقى وضعك سليم .
- التمعت عيناه ، فقد ارتفع سقف طموحاته أكثر
- معاك .. بس مش أعرف أنا بتكلم مع مين ؟
- هتعرف كل شيء بأوانه .. دلوقتي أقدر أقولك أن الطريق لحياة بقى أسهل و حاول تتدخل دلوقتي عشان تقدر تميل دماغها و تاخد خطوة أخيرة و تسيب عاصم .
- واضح أنك عارف كل التفاصيل .
- طبعا .. أسيبك دلوقتي تشوف هتتحرك إزاي .
بعد هذه المحادثة الهاتفية قام أحمد بنشاط و اشترى باقة ورد و اتجه إلى بيت حياة ، استقبله والدها و أبت هي و لكنه كان ذكيا فلم يلح على مرآها بل اكتفى أن يقنع الرجل أنه ذهب إليه ليطمئن عليه عندما لم يره لبضع أيام ، ووعده ألا يتركه أو يتخلى عنه فهو في معزة والده تماما .
كانت زيارة أحمد كإنذار أحسته حياة ، شعرت أن مجيئه في هذا التوقيت كان مدروسا ، كيف علم بذلك الشجار الذي دار بينهما ؟! إنها تصدق قلبها حتما فقد كان صادقا في كل شيء للآن .. إذن فلتوهمه أنها ستترك عاصم وترى ماذا يريد حقا و كيف يعرف أخبارها ؟!
فتحت هاتفها و حادثته :
- السلام عليكم .
- حياة !!! و عليكم السلام ، أنا كنت فقدت الأمل أنك تكلميني تاني .. إزيك .
- الحمد لله .. حبيت أشكرك على زيارتك لبابا و الورد الجميل ، حقيقي زيارتك فرقت جامد في نفسيته بعد ما كان متضايق .
- ليه بس إيه اللي مضايقه ؟ احنا كلنا تحت أمره و أنا بالذات أعمله كل اللي عايزه .
- و ده العشم برضو يا باشمهندس ، احنا احتمال كبير نتفق يوم الأربع الجاي على نهاية موضوع الجواز أنا و عاصم ، و عمي صمم يعزمنا على الغدا عنده .. بس أنا خلاص معتش عايزة استمر .
ابتسم وتهلل صوته الذي آتاها فرحا :
- ما يستاهلكيش .. أنتِ تستاهلي اللي يخليكي ملكة و يتعب عشان يسعدك .
- ربنا يعمل اللي فيه الخير .
- قولي ربنا يخلصك منه وترجعي للي مقدر قيمتك .
- باشمهندس !! مينفعش الكلام ده .. مهما كان أنا لسة على ذمته .
- مش كتير إن شاء الله .
- طيب سلام
- هستناكي
بتلك المحادثة تأكدت أنه كان يفعل ما بوسعه ليفرقهما و ربما كان هو من أخبر آدم أن عاصم على علاقة بحوا ليحدث الفتن بينهما فيأتي لحياة ثائرا و ربما أخطأ ثانية و رمى يمين الطلاق الثاني .. ياله من داهية !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرجت من باب المصعد لتجده منتظرها أمام الباب فابتسمت له و قدمت الرجلين الذين أتيا معها :
- صباح الخير يا شوقي .. أقدملك الباشمهندس أشرف اللي كلمتك عنه و أستاذ عماد المساعد
- صباح النور .. أهلا بيكم اتفضلوا
- أشار لهما بالدخول :
- اتفضلوا الشقة تحت أمركم .. محدش موجود شوفوها و هنستناكم هنا في الصالون
- دخل الرجلان يتابعان عملهما بينما جلس شوقي وهدى في الصالون بمفردهما :
- يا حبيبتي أنا اديتك مفتاح الشقة و قلتلك اللي تحبيه أنا موافق عليه .. ليه مصممة أني ابقى موجود و أقابلهم ؟
- بصراحة .. أنا اديتهم المعاد و مقدرتش أعتذر لهم و حاسة أني دايخة شوية و محبتش أبقى لوحدي من غيرك .
- دايخة ؟! طيب تعالي نشوف دكتور .
- لا أنا بس منمتش بليل كويس عشان قلقت على آدم مجاش البيت امبارح و مقدرتش افطر الصبح .
- ليه بتعملي في نفسك كده ؟ طيب كنتِ قوليلي و أنا أشوفه و أطمنك عليه .
- لا بلاش يا شوقي .. آدم حساس ، أنا بس عايزة أرتاح شوية عما يلفوا شوية في الشقة و ياخدوا المقاسات و ياخدوا منك المعلومات بتاعت الشقة و بعد كده تروحني أرتاح في البيت .
- طيب تعالي أدخلي المكتب هما كده كده مش هيعملوا فيه حاجة عما أشوفهم عايزين إيه و بعدين نفطر سوا و أروحك .
- قامت لتهتز وقفتها فيسرع شوقي ممسكا يدها و يسندها حتى غرفة المكتب التي كانت مغلقة جيدا بالمفتاح و أدخلها لترتاح على أريكة بجوار المكتب فأسندت ظهرها و أغمضت عينيها فخرج و أغلق الباب . اطمأنت لخروجه و قامت بحذر اتجهت لخزينته التي للعجب تعرف أرقامها !! ولم العجب وهي بأرقام تاريخ أول يوم لها بالجامعة ، و فتحتها و أخرجت مظروفا به عددا من الأوراق و أخذت تلتقط عدة صور بهاتفها للأوراق ثم رتبتهم مرة أخرى و أعادتهم و أغلقت الخزينة و كأن شيئا لم يكن .. و لم تنس أن تعيد مفتاح الخزينة بخفة لسلسلة المفاتيح التي بها مفتاح باب غرفة المكتب ، و قبل أن تعود ثانية لمكانها فتحت درجا في المكتب و أمسكت مسدسه و أفرغت منه الرصاصات في داخل حقيبتها و استبدلت الرصاص بداخل علبة أخرى برصاص آخر كان معها و أغلقت الحقيبة و عادت لمكانها متظاهرة بالنوم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- اتفضلوا الغدا يا جماعة .. اتفضلي يا سهير البيت بيتك .
- البيت عمران بأصحابه يا أم الدكتور .
- أسعد :
- ياللا يا حاج ابراهيم ياللا يا حياة متتكسفيش .
- جلس عاصم فجاة بجوار حياة مشاكسا لها :
- تتكسف إيه يا بابا ، دي ممكن تاكلنا
- نظرت له حياة بضيق لينظر لها بتحدي و استفزاز ثم التفت للطعام و بدأ الأكل تاركا إياها تفور غيظا من أسلوبه .
- جلست لميا في مواجهتهما تراقبهما .. أحست بتلك المعركة بينهما و أيقنت أنها اختارت وقتا صحيحا لتتدخل .. فتكون النهاية سريعة
- دق جرس الباب
- خليك يا بابا .. أنا هفتح
- قام عاصم من مكانه وتعمد وهو يتحرك أن يوكز حياة بخفة في كتفها ثم وصل للباب ليفتحه و تجمدت عيناه على تلك الواقفة :
- إيه يا عاصم مش هتقولي اتفضلي ؟
- أشار لها بالدخول و هو لا يزال تحت تأثير الذهول
- مين يا بني ؟
- دي أنا يا عمو .. كريمان .. كنت زميلة عاصم في لندن
#ماجدة_بغدادي
#ماجووو

أنت تقرأ
حيـــــاة .. على يمين طلاق
Literatura Femininaصديقتان تمران بظروف سيئة مع أزواجهن ترى كيف ستستعيدان حياتيهما وأزواجهما ؟ هل تصمد خططهما البريئة أمام الطامعين ؟