الفصل الحادي والعشرون

3.3K 103 3
                                    


كصعقة كهرباء اجتاحت جسد عفاف حين رأت واحدة أخرى غير تلك المسماة مريم تدخل إلى بيتها في وجود حياة ، نظرت لعيني لمياء ابنتها فهي تشعر حقا أن شيئا ما يشوب هذا الحضور المباغت .. هل توصلت مريم لابنتها واتفقتا كما حدث سابقا واتفقت هي معها ؟ أم أن هذه المنافسة الجديدة تختلف عن مريم وليست مبعوثتها ؟ تلك النظرة الخبيثة التي تخبئها لمياء وهي تنظر بطبقها كأنها لم تر من دخل تثير رييتها وتنذرها أن المشكلة القادمة ربما تأتي بطلاقها وضياع أسعد للأبد .
- أهلا يا بنتي .. اعذرينا عاصم مكلمناش عنك .. اتفضلي الغدا الأول .
- شكرا يا طنط .. هو الموضوع كان مفاجأة، نزلت مصر في شغل بس اتفاجئت أنه اتغير المعاد ومعرفتش اوصل للمكان وطبعا مفيش حد أقدر أأتمنه غير عاصم
رد أسعد :
- مفيش داعي للإعتذار .. اتفضلي هناكل الاول
أخيرا نطق عاصم بعد طول صمت وبعد أن أحس بغليان حياة وتلك اللمعة التي تقاومها :
- نورتي يا كريمان أعرفك على أهلي .. ده بابا و عمي الحاج ابراهيم وطنط سهير مرات عمي وحماتي ولميا اختي وولادها
ثم تحرك ناحية حياة وأحاط خصرها بذراعه في حركة باغتت الجميع وهو يستطرد :
- ودي حياة مراتي
ابتلعت ريقها وهي تحاول السيطرة على اضطرابها .. فقد أكدت لها لميا أن الوضع متأزم ومن المنتظر أن يحدث وجودها نوعا من التحدي بينهما فتفسد العلاقة اكثر .. وربما وقع الطلاق وانتهت المعضلة
هزت رأسها مرحبة بالجميع بابتسامة مرسومة لا تمحي ما يدور بداخلها ، ولكن عاصم لم يكتف :
- طيب لما كلمتيني الاسبوع اللي فات مقولتليش ليه انك جاية كنا استقبلناكِ انا وحياة ، عموما هحاول نفضي وقت انا وحياة ونساعدك اصل خلاص زفافنا الاسبوع الجاي ولسة ماجبناش الفستان والبدلة
بنهاية كلماته سقطت الشوكة من يد لميا وتوترت فصرخت بوجه طفلها :
- اتعدل بقى خليني اعرف ااكلك .. كل شوية توقع حاجة
لم يخف على والدتها توترها :
- سيبيهولي ااكله وقومي انت هاتي شوكة تانية .. متتوتريش على الولاد مالهمش ذنب .. دول عيال يعني
قامت من مجلسها وهي تشعر كأن كل شيء فُضح .. ذهبت للمطبخ وتأخرت بالداخل كأنها تختبئ قبل أن تعود وينتهي هذا الغداء الذي تشعر أنه استمر دهرا .. أحضرت لميا المشروبات وهي عازمة أن تنفرد بحياة وتسممها .. لن تدع الفرصة تفوت .. انتهزت سيطرة الضيفة على أخيها وابيها في حوار عن ذلك العمل الذي أتى بها والمكان الذي لا تعرفه وجلست بجوار حياة وهي تعطيها الكوب :
- مش عارفة ايه الستات البجحة دي ؟! مش كفاية كل يوم والتاني كلام في التليفون لوش الفجر وهي عارفة انه هيتجوز قريب
تناولت حياة الكوب وهي تنظر للميا بتوتر :
- هي بتتصل بيه على طول ؟
- كل يوم .. دا علملها تليفون ليها لوحدها مبيحبش حد يلمسه ولا ييجي ناحيته وحاطه في الدرج اللي جنب السرير عشان بتتصل عليه ويكلمها قبل ما ينام .. انا بقولك كده عشان تفتحي عنيكي .. دلوقتي بيكلمها ومهتم بيها بكرة يا عالم يعمل ايه
انت عفاف فجأة :
- لميا تعالي عايزاكي ثواني
قامت واتجهت لغرفة مع والدتها التي كانت تخفض صوتها برغم عصبيتها :
-خدي بعضك وروحي بيتك يا لميا .. كفاية كده اللي عملتيه واظن ضيفتك اللي جبتيها تبوظ الجوازة قائمة بواجبها
- بتطرديني يا ماما !
- أنا بحافظ على شوية الامل اللي فاضلين ليا أن ابوكي ميسيبنيش واخوكي يعيش مبسوط .
- وانا يا ماما .. انا فين ؟ هو يتبسط ومش من حقي اعيش مبسوطة انا كمان ؟
- واحنا ظلمناكي ف ايه ؟ اتجوزتي برغبتك ومحدش فرض عليكي حاجة .. ايه اللي منعك تتبسطي .
- انتو يا ماما .. انت وبابا اللي مفيش ف دماغكم غير عاصم .. الفلوس لعاصم عشان يسافر .. الارض لعاصم .. الشراكة مع عمي لعاصم .. الشقة لعاصم .. وحياة الدلوعة .. كل حاجة عشان خاطر حياة ومحدش يقدر يزعل الست حياة انما انا ازعل عادي اتفلق مش مشكلة
- ياااه يا لميا ! جواكي كتير بس اسود يا بنتي .. احنا عمرنا ما فرقنا بينك وبين اخوكي .. بتبصي للفلوس كانت من عمك مساعدة ليه لأنه عارف ان عاصم الوحيد اللي هيسنده ف شيبته وهيتجوز بنته والأرض يا ست لميا هقولك جت ازاي
كنت أنا وابوكي بنعمل الجمعية ورا الجمعية بنص مرتباتنا وندفع نصها قسط الارض اللي كانت ايامها ملهاش اي قيمة برغم أن تمنها كان كتير علينا ونص الفلوس التانية كنا بنجهزك بيهم .. ماشية جهازك ومشاكل حماتك وكل شوية يا ماما انتو عايزين تقصرو رقبتي قدام حماتي ! فاكرة والا افكرك .. روحي يا لميا قبل ما اطلع اولع الدنيا واكشف كل حاجة برا .. روحي واقعدي فكري في اللي معاك وخدتيه وانسي اللي ف ايد غيرك
كان الباب مفتوحا فتحة كخيط منسدل تم غلقها بهدوء قبل أن تنتبها أو تغادر لميا متعللة بقرب وصول زوجها من السفر .

حيـــــاة .. على يمين طلاقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن