عن بَطَلاتِ العالم الحقيقيّات!

89 7 0
                                    

📝 عن بَطَلاتِ العالم الحقيقيّات!

عن اللواتي لا يكتبُ عنهنّ أحد..

عن المستيقظاتِ فجرًا، المُصلّياتِ فرضًا، التّالِياتِ ذِكرًا، المُعِدّاتِ فُطورًا، المُجَهِّزاتِ تلميذًا، المُلبساتِ مريولًا، المُسرِّحاتِ شَعرًا، المُراجِعاتِ برنامجًا، الجَالِياتِ صحونًا، المُوضّباتِ فِراشًا، الحانياتِ ظهورًا، الكانساتِ أرضًا، الماسِحاتِ غبرًا، المُرتّباتِ بيتًا، الطّابخاتِ غداءً، المُنتظراتِ أولادًا، المُطعِماتِ حشدًا، المُنظّفات قُدورًا، المُذاكراتِ دروسًا، الحالّاتِ فروضًا، المصححاتِ إملاءً، المُسمّعاتِ استظهارًا، المُحفّظاتِ قرآنًا، المُعدّاتِ للنوم أولادًا! 

أنتنّ بطلاتُ العالم الحقيقيات وإن صادروا بطولتكنّ، فهذا العالم لا يُقدّر إلا من يُصدرُ ضجيجًا! تجمعُ نملةٌ مؤونة سنة فلا يدري عنها أحد، وتستلقي ضفدعة على شاطئ المستنقع تحت الشمس فتُصدرُ نقيقًا كأنها مديرة كوكب الأرض!
أنتنّ نمل البيوت الذي يعمل بصمت ولا يدري به أحد، وما تبقّى ضفادع تُصدرُ نقيقًا فيمجّدونها! 

عن الخبيراتِ الاقتصاديّاتِ اللواتي يتكيّفنَ رغم عجز الموازنة بينما تغرق أوطان كبيرة بالدّين!.. عن الممرضاتِ اللواتي يقسنَ حرارة ولدٍ مريض بميزان شفتين يطبعنه قبلةً على جبينه، فيُشخّصنَ المرض، ويعطين العلاج، فنشفى، ويموتُ عشرات الآلاف بالأخطاء الطبيّة!

عن المُدرّساتِ الخصوصيات مجانًا!.. عن السّمكرياتِ توفيرًا!.. عن المرهقاتِ الآوياتِ لفراشهنّ ليلًا يسمعنَ صوتَ عظامهنّ فلا يشتكين!.. عن اللواتي لا يطبخنَ لأنستغرام، ولا يشترينَ الثياب للفيسبوك!.. عن الصّابراتِ على وجع الظّهر لأنّ كشفيّة الطبيب أولى بها فاتورة الكهرباء في أوطان رغم النّفط لا تشبع!.. عن خشناتِ الأيدي لأنّ ثمن المُرطّبات والكريمات أولى به أقساط مدارس الأولاد في أوطان تخلّتْ وعلى المرء أن يتدبّر فيها نفسه!

عن بطلاتِ العالم الحقيقيات!

عن سِلال الغسيل الممتلئة لأنكنّ لا ترضينَ إلا أن يلبس أولادكنّ ثيابًا نظيفة! عن المجلى الممتلئ عن آخره بالصحون لأنكنّ تأبينَ إلا أن تُطعمنَ أولادكنّ طعامًا شهيًا!.. عن الألعاب المتناثرة هنا وهناك لأنكنّ ترفضنَ أن تسلبنَ أولادكنّ طفولتهم!.. عن الصوتِ المبحوح والأعصاب التالفة لأنكنّ لا ترضينَ إلا أن يكون أولادكنّ الأفضل!

عن بطلاتِ العالم الحقيقيات!

عن اللواتي لا يُسافرنَ للإجازات!.. عن اللواتي ينسينَ أعياد ميلادهنّ!.. عن اللواتي لا يُطالعنَ مجلات الأزياء!.. عن اللواتي لا يعرفنَ الطريق إلى صالونات التجميل وورش الحدادة النسائيّة!.. عن الملائكة، الملائكة حقًا، الملائكة فعلًا!

أعرفُ أن مقالًا لن يشفي وجعًا في الظهر، ولن يمحو بحةً في الصوت، ولن يزيل خشونةً في اليدين، وأعرفُ أن أكثركنّ ليس عندهنّ وقتٌ ليقرأن، وأنّ بعضكنّ لا يدرين عني ولا عن المدونات فقد شغلكنّ ما هو أهمّ منا! ولكني قررتُ أن أكتب عنكنّ، عرفانًا بفضلكنّ، وتذكيرًا بجهدكنّ وصبركنّ وجهادكنّ، أنتنّ بطلاتُ العالم الحقيقيات فلا تنهزمن، أنتنّ الجيش الوحيدُ الممنوع عليه أن يُهزم ليستمرّ العالم! 🍃

فليتنافس المتنافسون ♥🌹🍃حيث تعيش القصص. اكتشف الآن