س : كيف يتحقّق الإخلاص؟
ج : يتحقّق الإخلاص من خلال إزالة المانع الذي يحول دون تحقّقه . وهذا المانع هو هوى النفس . فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : كيف يستطيع الإخلاص من يغلبه الهوى؟ .
والهوى هو حبّ النفس واتّباع الأوامر الصادرة منها ، وهو ما يُعتبر شركاً ، لأنّ المُطاع فيه هو نفس الإنسان وليس الحقّ عزّ وجلّ . إنّ اتّباع الهوى يؤدّي بالإنسان إلى الضّلال عن سبيل الله عزّ وجلّ وصراطه المستقيم ، ذلك أنّ سبيله تعالى مرهونٌ بأمرين هما التوحيد والطاعة ، وقد قال عزّ من قائلٍ: ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ ص ٢٦ .
وللأسف فإنّنا في كثيرٍ من الموارد نجعل أهواءنا مكان الله تعالى ، وننصاع لميولنا النفسيّة بدل الانصياع لأحكام الشّرع .من هنا يقول الحقّ تعالى في كتابه العزيز : ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ النازعات ٤٠ - ٤١ ، فإن حبّ النفس يؤدّي إلى طاعتها واتّباع أوامرها ، واتّباع أوامرها يعني أنّ المُطاع ليس الله تعالى ، ممّا يكون سبباً في وقوع الإنسان في المعصية والمخالفة لأوامر الحق عزّ وجلّ ، وبالتالي البعد عن الله والحرمان من الهداية .
وهناك أمرٌ آخر يساعد أيضاً على تحقّق الإخلاص وهو اليقين لأنّ الإخلاص لله هو وليد الإيمان واليقين العميق بالمعارف الإلهيّة ، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "الإخلاص ثمرة اليقين . فلكي يصير الإنسان مخلصاً يجب أن يكون صاحب يقينٍ على مستوى التوحيد ، ومؤمناً بأنه لا مؤثّر في الوجود إلّا الله ، وأنّ كلّ شيء في هذا العالم يبدأ من الله ويعود إليه ليكون من : ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ﴾ البقرة ١٥٦ .
والخطوة الأولى نحو اليقين الصحيح تكمن بالعلم والمعرفة بأسس هذا الدين ومبادئه ومعارفه الإلهية ، ومن دون هذه المعرفة يبقى يقين الإنسان ضعيفاً ومتزلزلاً ، وبالتالي محروماً من فضيلة الإخلاص . عن أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال : أوّل الدين معرفته وكمال معرفته ، التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له .
س : ما هي آثار الإخلاص ؟
ج : أولاً: عدم تسلّط الشيطان على الإنسان المخلص ، بحيث لا يعود للشيطان قدرة على إغوائه لأنّ الله تعالى حاضرٌ دائماً في حياته ، فهو لا يرى غيره ، ولا يفكّر إلّا فيه ، ونيّته دائماً متوجّهة إليه ، فلا يكون للشيطان إليه سبيل : ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ ص ٨٢ - ٨٣ .
ويقول العلّامة الطباطبائي في تفسير الآية ﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ : وقد سمّاهم الله سبحانه عباد الله المخلصين فأثبت لهم عبودية نفسه. والعبد هو الذي لا يملك لنفسه شيئاً من إرادة ولا عمل فهؤلاء لا يريدون إلّا ما أراده الله ولا يعملون إلّا له . ثم أثبت لهم أنهم مخلصون بفتح اللام أي إنّ الله تعالى أخلصهم لنفسه فلا يشاركه فيهم أحد فلا تعلّق لهم بشيء غيره تعالى من زينة الحياة الدنيا ولا من نعم العقبى وليس في قلوبهم إلّا الله سبحانه . الميزان ج ١٧ ص ١٣٦ .
ثانياً : كلّ ما يُعطى الإنسان في يوم القيامة من ثوابٍ وأجرٍ فهو مقابل ما عمله في الحياة الدنيا إلّا طائفة المخلَصين من الناس ، فإنّ الكرامة الإلهيّة لهم تتعدّى حدود الأجر على العمل كما أخبر تعالى بذلك في كتابه الكريم حيث قال : ﴿وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ﴾ الصافات ٣٩و٤٠و٤١ . فعباد الله المخلَصين لن يكون جزاؤهم بحسب أعمالهم ، بل الله المنّان سوف يعطيهم بفضله وكرمه . فهم لا ينالون الجزاء مقابل العمل وإنّما ينالون من الكرامات الإلهيّة وفق إرادته تعالى ومشيئته وفيض كرمه وسعة عطائه الذي لا حدّ له .
ثالثاً : من يخلص لله يرزقه الله العلم والحكمة كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : من أخلص العبادة لله أربعين صباحاً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه . فالمداومة على الإخلاص تورث الإنسان العلم الإلهيّ الّذي ليس فوقه أيّ علم .
رابعاً : من يخلص لله تعالى في النيّة والعمل يرزقه الله تعالى البصيرة في دينه ، فلا تلتبس عليه الأمور ، ولا يقع في مضلّات الفتن ، ويصبح عارفاً بطريقه جيّداً وموقناً بما يفعله . فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : عند تحقّق الإخلاص تستنير البصائر .
خامساً : نجاح الأعمال ، فقد ورد في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : فِي إخلاصِ النيّاتِ نَجاحُ الأمورِ . وقال عليه السلام : لَو خَلُصَتِ النِّيَّاتُ لَزَكَتِ الأَعمالُ .
أنت تقرأ
فليتنافس المتنافسون ♥🌹🍃
De Todoهل تشعر بالغيرة من أحد؟؟ نعم .... من؟؟ من اولئك الذين عشقوا امام الزمان عليه السلام حقا وصدقا وذابوا في حبه وحصلوا على رضاه ووصاله بصدق تدينهم ورفيع وسموا اخلاقهم .... وهم في اتم الاستعداد لنصرته قولا وفعلا سرا وجهرا......💔 وفي ذلك فليتنافس المت...