00:01.

5.1K 258 20
                                    

[أنا حزينٌ وحُزنِي لكَ شاكِيًا، قلبِي قد إنقلبَ نحو قلبَكَ باكِيًا]

———

- ٦:٢٤ ص.

أحيانًا، قد يكونُ الواقِعُ قاسيًا للدرجَةِ التي تجعلنَا راغبينَ بطمرِ أنفُسنَا داخِل قبورٍ مُتبلّدة، واقِعُ الحياةِ قاسٍ وأحيانًا أُخرى لا نكُون الضحيةَ الوحيدةَ بل وأحلامَنا كذلكَ تُطمَس في دواخِلنا في بئرٍ عميقٍ لا ندري أين بدايتَه.

هو كان أحد الضحايا مع أحلامه البالية.

في بُقعةٍ ما في الكونِ وجدَ حُلمَهُ بينَ أسوارٍ وسلالمٍ موسيقية، بنَى طموحاتِه علىٰ أعمدةٍ لم يكن علىٰ يقينٍ بإنهيارهَا، ولكنها هُدمت في النهاية.

وقفَ برأسِ مُطأطأ ناظِرًا للأرضِ، والدَاه واقِفانِ أمامَهُ بخيبَة أملٍ ونظراتٍ حارقةٍ حاقدة، رفعَ عيناهُ قليلًا ولم يلبَث إلا أن شعرَ بكَفِ والدِه ينتشِلُ جُزءًا مِن وجنتِه، شد بقبضتِه علىٰ طرفِ قميصِ جامِعته، شعر بِغُصةٍ في حلقِه، عيناهُ قد دمعتا.

كُسر قلبَه بعدمَا كان مُحَطمًا سابِقًا لذاتِ السبب.

"الا ترىٰ أنكَ إبنٌ عاق؟ كم مرة عصيتَ أوامري؟" نبسَ والده بنبرةٍ عصيبةٍ إهتزت لها أركانُ الفتى "لقد ذهبتَ لهُناك مرةً أُخرى وقُمتَ بتفويتِ إحدي مُحاضراتِك صحيح؟"

"لقد ترشحتُ للآدائاتِ العُليا في المُسابقةِ يجبُ أن اكمِل الـ " لَم يلبَث وأن أكمَل كلمَاته حتَّىٰ حطَّت صفعةً أُخرىٰ  على خدّه، عبرَاته قد تمردت تابعةً إياها نهرًا من دموعِه، هُو تعِب وهذهِ آثارُ إنهياراته.

"سأقُولها مرةً اُخرىٰ ولَن أُكررهَا، ستُكمل دراسةَ إدارةَ الأعمالِ أمَّا دروسَ الباليه فستتوقف عنها نِهائيًا، إذهب لغُرفتكَ"

رفع عيناهُ الباكيَتين متوسلًا ببحبِ عينيه أمِّه عسىٰ يلِين قلبهَا وتُقنع زوجهَا بالعفوِ عن روحِ الفتىٰ المخدوشةِ، ولكن على من يكذُب؟

لقد كانَ ملاكًا ووالديه من جرداهُ مِن أجنحتِه.

-

أغلقَ بابَ غُرفته خلفهُ، إستند بظهره علىٰ الحائط ناظرًا للفراغِ بصمتٍ، ذاكَ الصمت الذي باتَ يقتُله مُنذ أن أستولى علىٰ حياتِه، أخبروهُ أن الصمتَ هُوَ سيدُ الأحاديثِ ولكن لقد إكتشفَ شَيئًا مؤخرًا أنهَا كَذبة.

الصمتُ هُو سائدُ الأحاديث المُعتمة، وبما أن العُتمة دومًا ما تكتسِح الضوء، كان صمتُه قاتِلًا بطريقةً سيئةً جعلَ كُل شيء فِي شتَات دائم ..

صمتُه قد قتل أحلامَهُ بعدما قتل ذاتهُ.

إقتربَ بخطواتٍ مُترددةِ حتىٰ هَمَّ واقِفًا أمامَ نافِذَةِ غُرفَتِه، يداهُ ترتجِفُ كحالِ جسدِه وشهقاتِه صامتَةً كَصرخاتِه، فتحَها وصعدَ جالسًا بمكانِه المُفضل.

دلدلَ ساقيهِ ناظرًا للبشرِ بجفونٍ مُبتَّلة، لما يجبُ أن تكونَ أحلامه ضحيةً لأجلِ أن تنجو طموحاتِ شخصٍ آخر؟ لما يجبُ أن يموتَ ملاكِه لأجلِ أن تعيش شياطينِهم؟ لما يجبُ أن يتنازل دومًا؟

حتى قلبَهُ، قد تنازلَ عنهُ سابِقًا ورماهُ في الهاويةِ.

أخرجَ سماعاته ووضعها في أُذنيهِ، موسيقاهُ دومًا ما تكونُ موجودةً لأجلِه، هُناكَ حيثُ كان دومًا علىٰ عتبةِ الموتِ قد شعرَ بَأجراسِ البيانو تنتشلهُ.

الموسيقىٰ هِي ملاذُه ومَهربهُ المثالِي بالنسبةِ لشخصٍ يهرُب كثيرًا، لذلِكَ هُو شعر بالأمانِ دومًا عند أيًا مِما يقرُبَ للموسيقَىٰ، والسبب خلفَ ذلكَ؟

غالبًا ما ينتقِي الأشخاصُ موسيقاهُم التي تُجَسّدُ دواخِلهُم، قد تكونُ أُسلوبهُم الوقورُ في التحُدثِ عمَّا يشغلهُم، أحدهُم قد يشعُر بِالراحةِ في موسيقاهُ الهادئةِ والآخر في صخابتِها والتي تُمثلُ عالمِه الداخلي الذي قد يكونُ مُعاكِسًا لذوقه تمامًا.

ولأننا نعيشُ في عالمٍ قد نكونُ أحيانًا مجبورينَ علىٰ إتِّباعِ أواصِله لنصلَ لِطريقِ النهايةِ حتىٰ إن لم نكٌ راضينَ عنهُ، نصنعُ عالمًا خاصًا بِنا هُناكَ في إحدي السلالمِ الموسيقيةِ لِأَغنيتنا المُفضلةِ.

نختارُ عالمًا مُضيئًا يعكِسُ السلامَ الذي لطالما تمنيناهُ ولم نحظى به، الموسيقى هي السبيلُ الوحيدُ الذي يحكِي عنكَ ما لم تستطِع الحُروفِ قولَه.









موسيقاهُ كانت هادئةً تعكِسُ صخَبَ عالمه المُزعج.

𝗠𝝣𝗟𝗢𝗗𝗬 𝗢𝗙 𝗧𝗛𝝣 𝗥𝗔𝗜𝗡 | 𝗧𝗞حيث تعيش القصص. اكتشف الآن