00:07.

1.6K 117 53
                                    

[كمن هرب من الجميع و عرقله ظلُّه]

---

أنا وأنتَ، كِلانا كُنا على حافةِ الإنهيارِ يومًا، لقد كُنا أمواتًا في ذاتِ البُقعةِ أنقذتنا أسبابًا مُختلفةً كَرسالةِ مُفاجأةً مِن شخصٍ قد إشتاقَ لهُ القلب، دمعةً من عينا قريبٍ قد صدُق في مشاعره.

كلمةُ الحُبُ من شخصٍ مُنتظرٍ، وعد قطعتَهُ بأنكَ ستعيش حتى النهايةِ من أجل سعادةِ من عاش لأجلك، الخوفُ من الظلامِ الذي يستبِقُ سلب الأنفاسِ، مهما إختلفت الأسبابُ ومهما كانت مُنعطفاتُ مُفترق الطريق فإن نهايتهُ واحدةً.

أننا بقينا على قيد العيشِ حتى الآن.

كُنا أبنآء دُنيا نسعي لإيجادِ إرثِ آبائنا مِن قوتِها فبِتنُا نسعى خلفَ الضبابِ، ما بالُنا غافلينَ عن إتباعِ طُرقنا الخاصةِ؟، أن نركُض خلف مُستقبلنا بدلًا مِن الإلتفاتِ لماضينا، ولكِن ..

يبقى الماضي حاضرًا بداخلنا مهما طالت السنوات بعده، تبقي الندوبُ عميقةً في قُلوبنا مهما جفت أطرافها، يبقى الماضي أسيرًا في سجونِ الحاضر.

-

في أحدِ شوارعِ باريس المرموقةِ، حيثُ ذاك الحَيّ المُضيئِ الذي لم ينم بعد، خرجَ الفتَىٰ من الشركةِ وخطى بهدوءٍ ناحيةَ منزله.

"كان يجبُ أن أتصل بالسائق كي يُقلني" تمتم بندمٍ فور أن إلتمس جلده قطرات الأمطار تتساقط، هو سريعًا قد رفع حقيبتهُ أعلي رأسه وركضَ عسى أن يصل لمحطةِ الحافلاتِ قبل أن تشتد الأمطار.

بينما في جهةٍ أُخري بداخِل الأُوركسترا القديمةِ، كان جالسًا أمام البيانو خاصتِه يعزفُ إحدى موسيقاهُ المُفضلةِ مثل كُل شتآءٍ.

فور أن يغلبهُ الحُزن، وعندما تتساقط دموعَ السمآء هو سيجدُ نفسهُ بأحضانِ البيانو يعزفُ موسيقى الجَآنِب الآخر.

أغمضَ عينيهِ، أنامله تتحرك بسلاسةِ على مفاتيحِ البيانو، قلبه ينبضُ مع ألحانِه نبضةً تتبعها الأُخرى، قلبه مهما زادَ حُزنه فسيبقى سعيدًا بفعل ما يُحب.

صورةَ جونغكوك الصغير محفورةً على جُفنيهِ، إبتسامةً لطيفةً تُزين ثغره وتلكَ الشامةِ أسفل شفتيهِ التي لطالما أحبّ أن يُقبلها تايهيونغ.

سِرّه الوحيد كان جونغكوك، عزفَ البيانو لأجله، صبر لأجله، ضحَّى لأجله، ورُبما يعيشُ من أجله كذلك، ولهذا هو أحبّ الظلام.

لأنّهُ فور أن يُغمض عينيه لن يرى سوى صغيره برفقةِ أصواتِ البيانو الخافتةِ.

يضربُ بأقدامه برَك المياه الأرضيةِ، بدلتِه الثمينة قد إبتلتْ ولحُسن حظه هُو قد إستطاع حماية بعضًا من خُصلاته، مع أن المطر قد غزاهُ كُليًا الأ أنهُ لايزالُ على قراره بأن حقيبته تحميه.

الأمطارُ قد زادت ولازال أمامه خمس دقائق كي يصل للمحطةِ، إنعطفَ يسارًا حيثُ أحدِ الأزقةِ الجافةِ، في وقتِ كهذا من المُستحيل أن يكون هُناكَ مكان لم تصله الأمطار ولكن، رُبما فعل.

فتحَ الأصغر عيناهُ عندما تسللت لأُذنيه ألحانُ آلةٍ دخيلَة، إبتسم برضى عندما رأىٰ العجوز جواره مُمسكًا بكمانٍ مُتوسطٍ بيُمناه والقوس في يُسراه.

تعابير وجهه الجديةِ وألحانِه الساميةِ التي تُنتجها تحرُكاتِ القوسِ مُدغدغًا الأوتارِ الأربعةِ.

تسللت لأُذنيه معزوفاتٍ عذبةٍ، من الواضحِ أنها أُغنيةً أمريكيةً هي ليست لحنًا أو مقطوعةً موسيقيةً مشهورةً، أمال برأسه مُخفضًا حقيبته.

هُناكَ لقد توقفَ أسفل المبنى، رفع مقلتيه ليقرأ اللوحةَ التعريفية 'فيلهارموني باريس' أنزل رأسهُ مُقتربًا من البابِ الكبيرِ حيثُ تصدُر الألحانِ.

لقد مضت فترةً كبيرة مُنذ أن إستمع لشيئ كهذا أسر قلبه، معزوفةً دنيئةً إستطاع عازفٌ تجميلهَا، إبتسم بخفةٍ هو قد إستطاع إستشعار رجفةِ جسده.

يُطالبه بالرقص.

لمعت عينيه، عزفَ القعيد كان يتناغمُ تمامًا مع عزفَ فتى البيانو، ذكرهُ بجونغكوك وكيف كانت ألحان القيثارةُ خاصته تتناسب جدًا معه.

سقطت دمعةً فإنزلقت من وجنتيهِ حتى باتت تأخُذ مكانًا على مسامير البيانو، لقد أمسى حزينًا، وبكُل صرخاتِ مفاتيح البيانو، بكُل رجفةٍ لأصابعه هو يُقسم بأنهُ إشتاق لجونغكوك.

وهُناكَ خارجًا حيثُ الأكبر لم ينتظِر لثانيةِ أُخرى، هُو قد أسقط حقيبتهُ ورمي بحذاءه من ثُم أعطي العنان لجسدهُ كي ينسجم مع أطرافِ أصابِعه.

تمايُلاته لم تكُن تحكي سنواتِ تدريباته في صالةِ الباليه فقط، لقد إستحضر رقصاتِ الجاز أوسطها بمثاليةٍ، شخصًا مثلهُ يرقُص لنفسه وللموسيقى لم يهتم إن كانت الرقصاتُ تتبعُ الخطواتِ والأنواع.

الرقصاتُ لا تَتّبِع سوى الإيقاع.

لقد وعد نفسهُ أنهُ لن يُحرك جسدهُ على عزفٍ يدويّ لبشرٍ سوى رفيقِ روحِه ولكنهُ الآن بكُل بساطةٍ سمحَ لجسدهِ بالخيانةِ والإنقيادِ نحو ألحانِ المجهول، الذي يُشَّيعُ الحماس بأطرافه.

هُناكَ في ضواحِي باريس وسطُ أُمسيةٍ مُمطرةٍ، لقد إنسجمَ بعزفَ مشاعرهِ الحزينةِ كمعزوفةٍ يتبعُها لحنّ الكمانِ غافِلًا عن ذاكَ الذي يتمايلُ برقّةٍ على إيقاعاتِه.















يبحثانِ عن بعضهما في الألحانِ ولا يفصلُ بينهُما سوى جدارٍ.

𝗠𝝣𝗟𝗢𝗗𝗬 𝗢𝗙 𝗧𝗛𝝣 𝗥𝗔𝗜𝗡 | 𝗧𝗞حيث تعيش القصص. اكتشف الآن