[سأجِدُ ممَرّ النجاةِ مهمَا كانت الصعُوبَة لذا لا تأبه لِي وصدّق كذبتِي المُرةِ]
———
بعضَ الليالي تمُر ببطئ شديدٍ، لا نعرِفُ متَى تبدأ ليلتنَا ولكننا نعرفُ متى تنتهِي لأنهُ أحيانَا قد تكونُ النهايةِ ما هِي إلا موتتنا الأخيرة.
في مُنتصفِ باريِس، إنتهت السماءُ من البُكاء بعدما شاركهَا بعض البشرِ أحزانِهم، عُبقَ رائحةِ الأمطار لم يُغادر أراضِي فرنسَا لقد بقي يُدهشُ المارّين بعبيره.
الشوارِعُ المُبتّلةِ، الأزقةُ الغارقةِ في بِركِ المياهِ، ومثلَ كُل صباحٍ عند السادسةِ صباحًا، بينما تسيرُ في الشوارِع الرطبَةِ ناظِرًا لوجوهِ البشرِ، ستجدُ القصص، بعضَ الذكرياتِ التي تستحِقُ أن تُروي.
فتىٰ في ريعَانِ شبابِه يسيرُ مُبتسمًا للعدمِ، فتاةٌ صغيرةٌ تبكِي مُمسكةً بحقيبتها المدرسية بين يديهَا، مجموعةِ اصدقاءٍ ينظرونُ في شاشةِ هاتفِ أحدهم وضحكاتهم تتعالى في المكانِ، سيدةً عجوز شاردةً في أحد الأرصفةٍ.
هَل تسائلتَ ما هي أحوالهم؟ لما هُو سعيد؟ لما هي تبكِي؟ ما سبب ضحكاتِهم ومالذي يشغَلُ عقلها؟
غالبًا ما نكونُ جميعًا رُكابًا في عربةٍ واحدةٍ ولكُلٍ منا قصةً مخفيةٍ عجٍزنا عن قَصّها لأحدهِم.
إلتقطَت الشقراءُ كُوبَ قهوتِها وغدت راكِضةً نحو محطةِ القطارِ، هُناكَ حيثُ القُلوبِ مُحمّلةٍ بالأسرارِ.
الأشخاصُ بمختلفِ أحوالهم يملؤون الأرصفةِ بإنتظارِ قطاراتِهم كي يستكملونَ مسار حياتِهم، هذا لعملِه تِلكَ لجامعتها، ذاكَ لخدمتِه العسكريةِ وهي لعائلتها.
أما هُو؟
أمسكَ بتذكرتِه وخطى بهدوءٍ نحو الرصيف السادس، خبأها بجيبِ زيِه الجامِعي وبدأ يفرُكُ يداهُ ببعضِها مُطالِبًا ببعضِ الدفئ.
ألحانًا خاطفةً قد سلبت تفكيرهُ للحظةً، إلتفتَ برأسِهِ بحثًا عَن مصدرهَا، من سيعزفُ القيتار صباحَ السادسةِ في محطةِ القطار؟ ألحانهُ كانت هادئةً كثيرًا وجذابة للغاية، لقد كانت لطيفةً.
جذبَ إنتباهَهُ تجمُع بعض الطلبةِ عندَ الرصيف المُقابل، لقد كانوا مُبتهجين بشكلٍ ما، هُو قد خَمّن بأنّ هُناكَ هو مصدر الصوتَ.
إستندَ على العامود الخلفِي، عيناهُ لم تتزحزح عن هُناك لقد أصابهُ الفُضول، كيف هو صاحِب تلكَ الألحان العزبةِ، على الرغمِ من أنهُ كان مُرهقًا للغايةِ ألا أنهُ قد شعر بالراحةِ لثوانٍ.
رفعَ يُمناهُ أمامَ وجهَهُ، اناملهُ مُتورِمةً مليئةً بالجروحِ أثر إنعكافِه على البيانو دومًا، إبتسمَ مُتذكِرًا أحداثَ ليلةِ ما من الطُفولةِ.
بليلةٍ ما لم يكُن سواهُ هو و رفيقَهُ الروحِي وفي ليلةٍ ما جونغكوك وحدهُ من كان يُضمدُ جروحَ أنامِله مع قُبلةً دافئةً، وفتَى البيانو كان يعزفُ بكُل إجتهادٍ للحصول على قُبلةٍ تشفي أطرافَ أصابِعه.
جونغكوك ليس هُنا الآن لذا الأسمر علىٰ درايةٍ تامةٍ أنهُ سيبقى يعزِفُ حتىٰ تُدمي أصابِعهُ يومًا ما.
من جِهةٍ أُخرىٰ، الحالِك كان جالسًا على حقيبته المدرسيةِ بينما بعضًا من أصدقائهِ قد إلتفوا حولهُ، القليلٌ من الوقتِ أمامهُم حتى يصلُ القطار لذا
قد أشغلَ وقتهُ بالعزفِ على البيانو، إحدي الأغانِي التي سيعزفها كُل صباحٍ عند السادسةِ لأجلِ ذكرى رفيقه الروحِي التي تمُر بهدوءٍ داخل عقله.
موسيقى تايهيونغ المُفضلة حتى الرابعةِ عشر، لقد حفظها عن ظهرِ قلبٍ، فقط لأجله، لأجل أن تصل أُمنياته لصديقه، حتىٰ ولو عن طريقِ معزوفةً موسيقية.
"لقد إقتربَ قطارنا" نهضَ الحالك جامعًا أشياءهُ، أغلق حقيبة القيتار الخاصة به ورفعها على ظهره، رفعَ عينيهِ لتلتقي بخاصة الآخر الذي كان يُناظره من البدايةِ فعلًا.
الأقصَر لم يُحرك ساكِنًا، لقد كان هادِئًا يُبادل الآخر النظرات بصمتٍ، كان الوضع غريبًا نوعًا ما، من هو؟ ولما يُناظره بعمقٍ هكذا؟
لم يدُم الأمر طويلًا حتى اتىٰ القطارُ قاطعًا تواصلهما البصري الذي دام لدقائق، تنهيدةٌ عميقةٌ فرت من الحالك الذي سُرعان ما صعد القطار تاركًا الآخر علىٰ الجهة الأُخرى من الرصيف.
جلسَ على مقعدهِ واضعًا يدهُ أيسر صدره، ينبضٌ بعنفٌ لسببٍ يجهلهُ.
ينبِضٌ بجنونٍ يُولّدُ شراراتَ الألمِ.
أنت تقرأ
𝗠𝝣𝗟𝗢𝗗𝗬 𝗢𝗙 𝗧𝗛𝝣 𝗥𝗔𝗜𝗡 | 𝗧𝗞
عشوائي⟮مُـكـتَـمِـلَـة⟯ "في مُنتصَفِ بارِيس حيثَ مبنَى الأوركِسترا القديِم، كانَ هُناكَ يعزِفُ لَحن معزُوفتِه غافِلًا عن ذَاكَ الذِي يتمايلُ على ألحَنَها الخالِدة" ⸻ جيُون جونغكوك ✖ كِيم تايهيونغ. [تحتَوي عَلى علاقةِ حُبٍ بينَ رجُلين] ⸻ تَواريخُ حَياتِهَا...