𝗠𝝣𝗟𝗢𝗗𝗬 𝗢𝗙 𝗧𝗛𝝣 𝗥𝗔𝗜𝗡 | 𝗧𝗞

00:04.

[وَجَدتُ الحُبَّ لا يَشْفِيهِ إلاّ لِقَاءٌ يَقْتُلُ الغُلَلَ النِّهَالا ووَجَدتُك خَلِيلٌ أُحيا على قُبلاتهِ]

———

أغلقَ بابَ السطحَ خلفَهُ سائِرًا حيثُ الحافَةٍ، خُطواتِهِ مُثقلةً، كُل شئ يثقِل علىٰ كاهِلهِ حتىٰ حياتَهُ، تنهيدةٌ كانِ بإمكانِها أن توضِحَ مقدارَ الألمِ الذي يُعانِي منهُ صاحبَها، تنهيدةً مُتعبةً لن يفهمها سوىٰ شخصٍ مكسورٍ مثله.

جلسَ على طرفِ السطحِ مُدلدِلًا ساقيه للأسفل، طبعًا لم يحدُث وأن نسىٰ تشغيلَ إحدي أغانِيه المُفضلةِ، هي تُسعده بشكلٍ ما حتى وإن كان علىٰ وشكِ الموت.

أغمضَ عيناهُ مُفكرًا في نهايةَ حياتِه، لقد عاشَ معظم أيامِه مُنتظرًا لقد كانَ الإنتظارُ يستحِق، ولكن إن كانت نهايته ستكون مأساويةً لهذا الحد فما نفعُ الإنتظارِ إذن؟

فكرةُ أنهُ إنتظرَ سنواتٍ كثيرةٍ حتى يصلَ لما يُريدُه وفي النهايةِ ينتهِي هذا الإنتظارَ بوقوعِه من على حافةِ سطحِ مبنى المدرسةِ.

وقوعِه من على حافةِ سَطحِ مبنى المدرسةِ؟

شهقَ بفزعٍ ونهض من مكانِه فَورًا، الموت؟ من بحقِ اللعنةِ يرغبُ في الموتِ؟ أزالَ سماعاتِه وركضَ نحو الأسفل، تخيُلاته باتت تُرعبه هذه الأيامِ.

أم أنهُ يُرعب ذاته؟

_

في أحدِ الأُمسياتِ.

صوتَ البيانُو يصدُحُ في الأرجاءِ أحدَ المعزوفاتِ الحزينةِ قد إختارَ عزفهَا، كانت عشوائية ولكنها كانت تصفُ مشاعرهُ تمامًا، عشوائية.

زفَر بإنزعاجٍ رامِيًا بأوراقِه أرضًا، لقد سأِمَ الأمرَ، حتى ألحانِه التي كانت سندًا لهُ وقتَ وقوعِه قد رحلتْ، لم يعُد يستطيعُ العزفَ وهذا يُخيفه.

يُخيفهُ لدرجةِ البُكاء.

"نسيتَها مُجددًا؟" سأل العجوزُ واضعًا يدهُ على كتف الشابّ الذي طأطأ رأسهُ بحذر "لا أعرف، لا أستطيعُ إنهائها، لقد عملتُ عليها لعامينِ والآن أظُنها لن تبقي ولا حتى كورقةٍ في جيبِ بنطالي" نطقَ الفتى بهدوءٍ.

هدوءٍ شديدٍ مُخفيًا خلفَهُ صُراخَ روحِه بتعبٍ.

"ما الفائدةُ مِنها على كُلٍ هُو لن يستمعَ لها" هزَّ العجوزُ رأسهُ بقلةِ حيلةٍ وأمالَ بجسدِهِ العُلوي مُلملِمًا أوراقَ الآخرِ المرميةِ بإهمالٍ "أينَ عزيمتكَ ايهُا الشاب؟ ألم تكُن من جاءَ بحثًا عن عِشقكَ في أرضِ الحُب؟ هل تطايرَ حماسَكَ بهفوةٍ؟"