(الفصل الرابع عشر)

194 9 1
                                    

ظل كل من علي عمر صامتين وكأنه الحديث غير موجه لهم لم ينطقا بحرف ولا كلمه
وخيم صمت رهيب علي كل الموجودين
حتي قطع ذالك الهدوء نداء على علي وعمر تقدما الاثنان مكان وقوف العميد ووكلاء الكليات حتي سأل العميد علي بعدما مرر نظره بينهم ورأى حجم الأذي بعلي عن عمر فقال مخاطبا علي :اتفضل يا دكتور اشرحلي ايه الي حصل حالا
في ذالك الوقت كانت ساندي تعد أنفاسها التي تأخذها لما سيحدث الآن ولم تستطيع منع دموعها من السقوط دون إرادتها علي ما وصل له حال عمر فهي تعرف العقوبه جيدا كم تمنت في نفسها أن يتنازل علي أو يبعد التهمة عن عمر حتي لا يدمر مستقبله ولكن لم تجد الجرأة لطلب ذالك بعدما رأت حالته عندما ذهبت للإطمأنان عليه كما أنها لا تنسي موقف ذالك الشاب صاحب العيون الغريبه فهو كاد يقتلها عندما رأها ومن المتوقع أنه زاد لهيب علي المشتعل ضد عمر ليأخذ بثأره منه رغم أنه لكمه تحت عينيه اليسري أدت لإنغلاقها تماما ولولا تدخل سيدرا لكان قتله فمن الواضح حبه الشديد لعلي وفعلا معه حق فهو انسان يستحق كل تقدير واحترام يكفي أنه صديق متفهم ومحتوي فهي نفسها أن كان شخص أخر غير عمر من فعل فعلته ضد علي لكانت هي أول واحدة تأخذ بثأره وتطالب بحقه الكامل منه ولكن هذا عمر بعد كل شيء هو ما ينبض له القلب تنهدت بضيق وظلت تنظر لحالة عمر الغريبه فهو هاديء ومطمأن وكأنه من سيعاقب الآن ليس هو
ظل العميد منتظر الإجابة من علي الصامت أمامه حتي أجاب اخيرا قائلا وهو ينظر لعمر يستحثه علي تأييد ما قاله :ابدا خناقة بسيطه حصلت والحمد الله انتهت علي خير نظر العميد لحاله علي بتقييم وقال :دي خناقة بسيطه ثم تطلع علي كدماته وقال بسخرية :واضح فعلا انها انتهت علي خير وتابع بجدية قائلا :انا مش هتناقش معاك يا دكتور أنا عاوز اعرف بالظبط ايه الي حصل في حرم الجامعة ثم نظر لاحد بجانبه وكان الطبيب المعالج لحاله علي آخذا منه التقرير الخاص به قائلا وهو يقرأه :خمس كدمات سيئه متفرقة في الوجه وكسر زراع وإصابات في الاضلع والرأس وكدمات متفرقة في الجزء العلوي من الجسم ونظر لعلي وقال :كل دا خناقة بسيطه وعدت علي خير انت مش شايف نفسك
كان علي يسمع لما يحدث وكأن الحديث ليس موجه له واجاب ببرود :حضرتك سألتني ايه الي حصل وانا جاوبت ممكن انا إلي مقدرتش ادافع عن نفسي وقت الخناق وحصلي الأضرار دي
نظر العميد لبنية جسده القوية بتقرير وقال :بكلامك دا انت بتنفي تهمه اعتداء زميلك عليك الي شهدت عليه الجامعة كلها وتابع بسخرية :أصلها كانت مسرحية في كافيه الحرم الجامعي بتستعرضوا قوتكم ونظر لعمر وقال : وحضرتك هتقولي ايه الي حصل ولا نبدأ إجراءات التحقيق عشان نعرف بنفسنا مدام حضرتكوا مش عاوزين تتكلموا وبتتستروا علي بعض و.. وكاد يكمل حينما قاطعه عمر قائلا بجديده ووجه خالي من التعابير :مفيش داعي حضرتك لاني هقولك الي حصل ببساطه ه.. قبضه قوية ضغطت علي يده في الخفاء كانت لعلي والتي منعته من إكمال ما كان سيقوله وكأنه يحذره من ذالك ووجه مازال كما هو لم تتغير تعبيراته نظر له عمر بدهشه شديده لا يعرف ماذا يقصد بما يفعله أيتنازل الآن عن حقه ويتستر عليه أم له مخططات أخري لقد سكت عقله عن العمل في حين حثه العميد علي الاستكمال في حديثه فما كان منه سوي ان ايد كلام علي ولسبب لا يعلمه وجد نفسه يقول :بالظبط زي مزميلي قال لحضرتك يا دكتور دا إلي حصل مجرد خناقه بسيطه والحمد الله انتهت علي خير صاح العميد بهم قائلا :خناقة بسيطه يا حضرات بمناظركم دي دا انتوا ولا الشوارع وقطاعين الطرق ومدام انتوا حبين تبينوا استعراضكم لقوتكم يبقي بره الحرم الجامعي إنما هنا اي مخالفه عقابها هيتنفذ ولو غصب عن الي ساب حقه وبيداري قال كلامه ناظرا لعلي ثم نادي علي مساعده قائلا :تقرير كامل عن الي حصل يكون علي مكتبي بكرا الصبح والاتنين دول يروحوا النهارده وميدخلوش الجامعة بكرا غير علي مكتبي والاستاذ عمر يدفع غرامه ماليه كتعويض عن الي حصل في الكافيه إنما بالنسبه للأستاذ علي ونظر بعينيه وأكمل :فهو مستبعد من منصب القائد سواء ظهر أنه جاني أو مجني عليه ودا لتستره واخفائه للي حصل والتحقيق يبدأ حالا في إلي حصل وودع الطلاب بعد قراره ذالك وغادر
بعد دقائق كانت الساحة خالية من أي أحد عدا عمر وعلي الذان مازالا واقفين متجمدين من الصدمه فعلي سيحرم من ترشيحه كقائد سيحرم من هذا المنصب بسبب شجار تافه حتي وان انطبقت عليه الشروط وهذا ما هو واثق منه ثقة عمياء فيه كل المقومات والشروط ولكنه الأن خارج دائرة الترشيح  فما أصعبه عقاب عليه أما عمر فلم تهمه الغرامة المالية بقدر ما احس بالذنب وتأنيب الضمير لما حدث لعلي لتستره عليه فلا يعرف أيشكره لما فعله لأجله وتعريض نفسه لهذا الاذي ام يواسيه لما حدث له ام يظل غاضب منه وحاقد عليه بسبب سيدرا والعجب وجد أن السبب الاخير تافه ولا يوجد له أساس داخله اما ساندي التي سالت دموعها أنهارا من عينيها علي خديها بسبب ما حدث فلا تعرف اهي فرحه لعمر وحفاظه علي وجوده وصفحته البيضاء مقابل غرامه ماليه ام حزن علي علي لحرمانه من هكذا منصب يحلم به أي أحد وسيدرا التي لم تفهم شئ حتي الآن لا تعرف ماذا حدث ولكن حزنت لما حدث لعلي كثيرا وألمها قلبها عليه بارغم أنها لا تعرفه منذ وقت طويل كما نمي في داخلها شعور نفور من عمر لا تعلم السبب تحديدا ولكن لا تريد كرهه وهي لم تفهم ماذا يحدث بعد تظل تقرص نفسها علها بحلم وستستيقظ منه قريبا أما آسر فنضراته لعلي لا تفسر ولم يستطيع علي مبادلته إياها ولكن من اعماق قلبه يكاد يتمزق لما حزن لصديقه فهو اكتر من يعلم شخصيته وحبه ليكون في القمه دائما وفي اي مكان وجد فيه واستبعاده من هكذا منصب يعني أن يصبح أحد غيره رأيس عليه وهو لا يكره شئ بقدر ذالك ولكنه هو من اختار ونظر بطرف عينيه لساندي التي مازالت دموعها تغرق وجنتيها حتي لم تعد تري امامها رمقها بغضب وكرهه ظنا منه أنها السبب فيما فعله صديقه وفي تصرفه ذالك الذي اودي به خارج هكذا منصب ولكنه لم يحتمل عندما ارجع نظره لعلي مره اخري ووجد وجهه أصبح احمر بشده ويتمالك نفسه بصعوبه وهذا ما كان يخشي منه عاقبه ما سيحدث له عندما يتدارك الوضع الذي اودي بنفسه إليه
فسريعا ذهب له قائلا لسيدرا التي مازالت علي حالتها الاشعوريه بما حولها :سيدرا اسبقيني علي العربيه يلا بسرعه فاقت علي صوته وذهبت سريعا للسيارة بعد لحظات تردد وبعدما نظرت لساندي نظره فهمتها جيدا ومعناها أنها تنتظر شرح وتوضيح لما حدث فهزت ساندي رأسها دلاله علي الموافقة بهدوء كلم آسر علي قائلا :انت تعبان دلوقتي ارتاح وفكر مفيش حاجه ملهاش حل متقلقش يلا بينا عشان ترتاح ظفر علي بقوة واستسلم ليد آسر ذاهبا معه التقت عيناه بعينا ساندي وهو يرحل ولكنه سرعان ما اشاح وجهه بعيدا عنها وكأنه لا يطيقها
لامت ساندي وعنفت نفسها كثيرا لما حدث فلم تكن تعلم أن بأنانيتها في محاولة حماية مستقبل عمر حرمت علي من ذالك منصب تمنت وقتها أن تختفي أن لم تعرفه أي شئ بعيدا عن رؤية تلك النظره في عيناه التي حطمتها فنعم هي باتت تهتم به كثيرا وتراعي مشاعره فبعدما فعل سواء كان بخاطرها ام لشئ آخر هو كبر في نظرها كثيرا حتي أصبح مثالي فلا تري اليوم مثل هذا الشخص كثيرا ولكنها عزمت أمرها علي الاعتذار منه وإرضائه بشتي الطرق لإرجاع علاقتها به مره اخري فلم يتكرر مثل هذا الصديق سوي مره في الحياة وبعد هذا القرار هدأت ومسحت دموعها واستدارت لترحل فأوقفها صوت حبيبها والذي مهما فعل سيظل حبيبها من دق القلب له قائلا :ساندي ظلت واقفه ولم تلتفت ولم ترد فأكمل قائلا :انتي ليكي علاقة بالي حصل النهاردة فأستدارت له بتسائل فرأي عيونها الحمراء من كثرة البكاء وانفها وشفاهها ووجنتيها وأكمل بتوتر قائلا ولا يعلم لما قلبه انقبض لرؤيتها هكذا :قصدي أن علي يغير كلامه وكمان يخليني اوافق عليه رغم أنه الي خسره ميتعوضش في سبيل ينقذ مستقبل واحد ضربه وبهدله يعني بصراحه مش عارف اقول ايه بس اخر حاجه كنت أتوقعها الي حصل وخصوصا اني إلي غلطان وحتي معتزرتلهوش فقلت يمكن انتي كلمتيه بحكم أنكوا اليومين الي فاتوا كنتوا مع بعض علطول وا.. قاطعته ساندي صائحه فكفي ما هذا الانسان بدل أن يلحق بعلي الذي ضحي من أجله وهو لا يساوي شئ عنده بمركز مرموق ومنصب عالي مقابل الحفاظ علي مستقبله يفكر في علاقتها بها اليومين السابقين كيف كانت ويلمح أن بينهم شئ بسببه تنازل علي عن حقه لأجل خاطرها ولأنها طلبت منه ذالك أو ترجته :انت ايه يا اخي مفيش فايده فيك دا بدل متجري تلحقه تتأسفله لا بجد انت بتفكر ازاي فهمني انت مش طبيعي والله مطبيعي انت اناني يا عمر وهتفضل طول عمرك كده لا وتفكيرك زباله كمان فاكر كل الناس زيك بس مش انا الي اترجي علي أو اطلب منه أن يتنازل عن حقه لواحد زيك ميستهلش كل الي فكر فيه وتلميحاته زباله زيه وبهمجيه عمل مشكله من اللاشئ اتسببت في كل دا وفي الاخر كام الف حلت الموضوع من نحيتك وهو طبعا مش هتحس بيه وهتحس ليه ما أنت إنسان اناني مبتفكرش غير في نفسك والباقي يتفلقوا تنهدت بقوه اخده نفس قوي ثم تابعت قائله بغضب لما حدث لعلي  وتأنيب ضمير عليه وندم علي حبها لإنسان مثله :تعرف اني دلوقتي ومن قلبي بتمني التحقيقات تبين حقيقتك والي عملته وأنك تستاهل الرفد من كل الجامعات مش من دي بس  وبتمني فعلا من قلبي القانون ياخد مجراه والي غلط يتعاقب وكأنها أزاحت جبل عن قلبها فحقا حزنها وندمها لما حدث لعلي بسببها يكاد يمزقها من الداخل وتغلب حتي علي شعور حبها لعمر وقالت ما قالت في محاوله لتهدأه تأنيب ضميرها لا اكثر ولم تقصده بالحرف فهي تعلم جيدا أنها اول المتضررين إذا كان تم عقابه كما قالت طوال كلامها كان عمر يسمع لها واحس بالصدمه فلم يتوقع أن تكون تلك ساندي التي تكلمه لما تهتم بهذا القدر لعلي ولما انفعلت عليه بهذا القدر يعلم جيدا فليس بأحمق أنها معجبه به وتكن له مشاعر أهناك شئ بينها وبين علي جعلها تنفجر به هكذا لا يعلم لما احس بالغضب ورغبته في صفعها وضرب علي مجددا فنعم هو لا يحبها ولكنه تعود عليها كونها هي التي دائما تركض خلفه وتطلب اهتمامه ومهما كانت معاملته أو ردوده معها لا تبالي ثم تنهد بتعب أحسه سيطر علي كل جسده وقال :انا مش وحش اوي كده يا آنسه ساندي بس يمكن انتي الي في حجات اتغيرت اليومين الي فاتوا خلاكي كده وانا مبلمحش بحاجه ابدا انا مش وصي عليكي ولا ولي امرك انتي تقدري تعملي كل الي نفسك فيه وانا مليش حتي حق اعترض وبالنسبه لموضوع القانون ياخد مجراه فحاضر أوامر ساندي هانم مجابه والي غلط هيتعاقب قالها بشرود وقبل أن تقول اي شئ كان يغادر سريعا وهنا انهارت ساندي علي الارض تبكي بحرقه تبكي وكأنها لم تكن تبكي قبل قليل تبكي وجع قلبها الآن لا تعلم لما الحزن والآلام مكتوب عليها فقبل قليل كانت تبكي تأنيب ضميرها ولتريحه بكت قلبها فمن يريحه الآن ألم تتعود بعد يا قلبي علي الألم وجدت زراع تساندها لتقف فنظرت للشخص وجدته علي نعم كان دائما وابدا علي فلم تشعر بنفسها سوي وهي ترتمي بأحضانه تبكي كل ما حدث منذ لحظه الشجار ليتها خرست قبل أن تصرخ به أن يترك زراعها فحينها لم يكن ليتدخل عمر ولما كان حدث ما حدث ظل علي يربت علي ظهرها مهدئا إياها قائلا بصوت حنون :انتي ملكيش ذنب في إلي حصل ليه محمله نفسك فوق طاقتك انتي طيبه اوي يا ساندي وعشان خاطري بلاش تعملي في نفسك كده وظل يهدئها بالكلمات المبلسمه حتي قالت من بين دموعها وشهقاتها وهي تبتعد عنه قليلا :جرحته اوي يا علي قلتله كلام ميتقلش عشان اريح ضميري نحيتك كنت شايفه نفسي انانيه بإلي عملته بس هو ملوش ذنب انا السبب في كل حاجه أنا السبب يراتي كنت موت أو اختفيت ومكنش حصل كده ودخلت في نوبه بكاء جديدة سحبها علي لأحد المقاعد قائلا بهدوء :طب أهدي عشان خاطري وهنتكلم ونعمل الي أنتي عوزاه بس بلاش دموعك دي عشان خاطري لو ليا خاطر عندك ومعتبراني صديقك وبلإجبار أوقفت دموعها من النزول لتنزل بعض القطرات رغما عنها مد علي يده بمنديل يزيلها لها واعطاها زجاجه مياه لتشرب منها القليل واخذت بعض الأنفاس لتهدء قليلا ثم نظرت له مره اخري وهي توشك علي البكاء مجددا قائلة بشهقات متقطعة: قلي حاضر أوامرك مجابه والقانون هياخد مجراه والي غلط هيتعاقب ومشي مشي وهو زعلان مني وفكرني بكرهه أو مبقتش احبه هدأها علي مجددا قبل بدأ نوبه جديده قائلا :متخافيش هتكلم معاه وهنخل كل حاجه ومش هيحصله حاجه خالص من الي في دماغك ومش هسمحله بكده والله مهيحصل ودا وعد مني وانا عمري مبخلف بوعدي نظرت له بإمتنان قائله :انت هتتكلم معاه عشاني بعد الي عمله فيك مستعد انت إلي تروحله وتتكلم معاه عشاني ابتسم علي ابتسامته الساحره تلك قائلا :انتي بس تؤمري وأنا انفذ علطول ضحكت له برقه ودموعها العالقه برموشها قائله :انت بجد احلي حاجه حصلتلي يا علي وهفضل اشكر ربنا طول عمري علي الهديه الي بعتهالك دي ضحك علي بقوة هذه المره عليها فكم قلبها نقي وجميل وسرعان ما تألم بسبب تلك الكدمات في وجهه أسرعت ساندي بلهفه تسأله واطمأن عليه قائله :انت كويس حصلك حاجه ابتسم في وجهها قائلا :أنا زي الفل يا ستي بس دا لو قمتي تتغدي معايا النهارده بصراحه مفتطرتش من الصبح وبعد الي حصلي دا حاسس اني جعت اكتر نظرت له بإستغراب فماذا يقول وعن اي غداء يتحدث وهو بهذه الحاله وبالطبع فهم ما يدور بعقلها عندما قال سريعا : في مطعم قريب من هنا مش بعيد وهادي علطول مش زحمه هنروح نتغدي وارجعك يكون معاد الباص جه ظلت تنظر له وكأنها لا تصدق فعلا ما يقوله وفي النهاية وافقت فنعم احست بنفسها جائعة الآن وبالفعل ذهبوا للغداء....

العشق صدفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن