. الفصل السابع و الثلاثون .

494 75 32
                                    


رفع ولي العهد قبضته التي يحمل بها الخاتم، ثم قال ضاحكا،
- لا أحد يستطيع أن يخدع الشيطان. لا أحد.

أخذ تاج يهز رأسه رفضا. ابتلع ريق ثم همس مرارا،
- مستحيل. مستحيل.

استقام الجنود حول سيدهم و أمسكوا بأيدي بعضهم البعض فصنعوا دائرة مغلقة. أغلق بدر جفنيه و أخذ يهمس بكلمات غريبة، قبل أن ينضمّ إليه رجاله، فاعتلا صوت همساتهم المرعبة، ليتدخل صوت يشبه صوت الرعد فجأة، و انطلق رياح من وسط المكان، فجعلت ملابسهم ترفرف بهدوء في البداية، ثم بعنف كبير.

وقفت بدور عن الأريكة و هي تبكي و تنقل نظراتها بين بدر و جنوده وسط الغرفة و هازار بجانبها، و تهز يده متلعثمة،
- م.. ما الذي.. يحدث؟ ماذا.. ما هذا؟

أجلسها على الأريكة بلطف ثم ضمها إلى صدره مردد على مسامعها،
- لا بأس. سينتهي كل شيء بعد قليل. لا بأس.

التفت المنجم خلفه ليلقي نظرة على الأميرين، فوجدهما يضمان بعضهما البعض بقوة و كأنهما يودعان بعض.

تراجعت وردة عن حضن تاج، تأملت ملامحه الخائفة، ثم مسحت ما ترقرق من الدموع على خديه و هي تنتحب.

حاوط وجهها بكفيه، تحسس حاجبيها، مسح على خديها ثم شفتيها و عيناه تسيلان دموعا.

أمسكت بيده الموضوعة على خدها، قربت كفه إلى ثغرها ثم طبعت قبلة طويلة قبل أن تنهار باكية.
- أعشقك يا تاج. أحبك و أكره فراقنا هكذا.

اقترب منها،
- أحبكي أيضا يا وردة. أعشقك.

ثم دنى منها، و قبّلها بشغف، بادلته بمثله، قبل أن يعود كلاهما إلى حضن الآخر.

اعتلى صوت كصوت إنفجار عظيم.
ثم بعده خيم صمت غريب.

تراجع الأميران عن حضن بعضهما، تبادلا نظرات استغراب قبل أن يلتفتا إلى حيث يتم تنفيذ التعويذة.

اتسعت عيونهما وهما يحدقان بأجساد من حجر، تقف حول بدر الملوك، و الذي بدأت ساقاه تتحجران شيئا فشيئا.

مسح تاج آثار الدموع عن وجهه ثم تقدم نحو أخيه برفقة وردة، ليتبعهما هازار، و بدور. و كلما اقتربوا، بدى لهما ما يشبه دخانا أسودا يتصاعد من قدمي بدر الملوك، و كلما لمس جزءا من جسده صنّمه و حوله إلى حجر.

أفلت ولي العهد الخاتم فسقط أرضا، ثم رفع عينيه المفزوعتان إلى المنجم، ثم صاح في وجهه في ثوران،
- ما هذا الذي يحدث لي؟

ارتسمت ابتسامة هادئة على وجه هازار، ثم قال،
- خدعت الشيطان. خدعته.

الأميرة و الجنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن