. الفصل التاسع و الثلاثون .

499 72 31
                                    


كانت وردة جالسة في حديقة القصر وحدها، تتأمل غروب الشمس في شرود، عندما تقدم قمر الزمان نحو مجلسها. قعد بجانبها في صمت، ثم أخذ يراقب الشمس و هي تغادر السماء ببطئ شديد.

سأل بعد مدة من الصمت،
- كيف كان يومك؟

تبسمت له، ثم طأطأت برأسها قليلا،
- كان.. لا بأس به.

تفحص تعابير وجهها التي تفضح خيبة أملها،
- لا داعي للقلق يا وردة. سيعود.

تنهدت في استسلام،
- لقد مر أسبوعان كاملان على مغادرته. أخشى أن يكون قد أصابه مكروه.
- لا تفكري هكذا. سيعود سالما قريبا.
- لا أدري.
- لقد وصلتنا أخبار عن مدينة البلور يا وردة. لقد عادت للحياة. و هذا خبر مطمئن.
- لكن ما من أخبار عن تاج يا قمر. و ما من رسالة منه بعد.
- لا بد و أن هناك أمرا يشغله.
- و ما الذي قد يشغله؟ ماذا لو.. وقع في مشاكل أخرى؟
- لا تفكري بتلك الطريقة يا وردة! ثقي بأن تاج بخير.

طأطأت برأسها قليلا،
- أتمنى من كل قلبي أن يكون بخير.

ثم خيم الصمت عليهما عندما غابت الشمس، و لم يبقى ظاهرا من نورها سوى القليل. تقدمت إحدى الجواري نحو مجلس الأميرين، طلبت إذنهما بالكلام، فأذنا لها. قالت موجهة كلامها لوردة،
- هناك شخص يطلب مقابلتك يا مولاتي.
- شخص؟
- قال إن إسمه مرزوان، و أنه قائد جنود جزائر و بحور السبعة قصور.

و قبل أن تكمل الجارية كلامها، قامت الأميرة عن مقعدها، متسعة العينين، منقطعت الأنفاس، متلعثمة،
- أين.. أين هو؟
- إنه في انتظارك في بهو القصر يا مولاتي.
- خذني إليه.
- أمرك، مولاتي.

غادرت الجارية لتتقدم الطريق.
وقبل أن تتبعها وردة، طلبت من قمر الزمان مرافقتها، فلحق الإثنان بالجارية.

....

كان مرزوان في حضرة السلطان شمس النهار، يتبادلان أطراف الحديث وهما يجلسان وسط بهو القصر الشاسع.

كان البهو مضاءا جيدا، مصابيح و فوانيس معلقة في كل ركن من أركان المكان، إلى جانب الأثاث المتقنة الصنع، من مزهريات و تماثيل مختلفة الأشكال و الألوان.

دخلت وردة إلى البهو متلهفة، و ما أن وقعت عينيها على مرزوان حتى أسرعت إليه، منادية بإسمه. هبّ قائد الجنود واقفا، فارتمت في حضنه و بين ذراعيه، فضمّها إلى صدره بكل دفئ، و هو يغلق عينيه في إطمئنان.
همس لها،
- آهٍ يا وردة.

سمحت لدموعها بأن تسيل،
- آسفة. آسفة يا مرزوان.

مسح على رأسها ثم تراجع عن حضنها.
- أخبريني بالذي حدث يا وردة.

الأميرة و الجنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن