كانت في أبهى حلتها كعادتها، متكئة على إحدى الأرائك البيضاء المزركشة بأرقى الألوان،في قلب مكتبة القصر الشاسعة، تقرأ كتابا.حولها جدران مزينة بأحسن النقوش و أجمل الرسوم، و على كل جدار نافذة ضخمة تسمح لأشعة الشمس بالدخول و إضاءة المكان بأسره. و عند كل نافذة رفّ واسع عالي مليئ بالمجلدات و الكتب. و أمامها، على المائدة ما لذ و طاب من مشروبات و حلويات.
بين يديها كتاب كثير الأوراق، وصلت إلى منتصفه. و على جسدها قفطان حريري مطرز بالذهب يظهر مدى رشاقة قدها. شعرها الأسود الحريري الطويل مسدول ترخيه على كتفها، و في أذنيها زوج حلق أبيضي اللون يناسبان عينيها السوداوتين الجميلتين، و حول عنقها قلادة مرصعة بالجواهر أغلبها أحمر اللون، تماما مثل شفتيها الممتلأتان الفاتنتان.
و مع كل سطر تقرأه و صفحة تقلبها، تتغير تعابير وجهها. تارة مستغربة، و تارة متفاجئة، تارة قلقة، و تارة مبتسمة مبسوطة، و عيناها المتشوقتان لمعرفة المزيد لا تكفان عن الحراك و لو للحظة واحدة.
قاطع الطارق المستأذن رحلتها بين أسطر الكتاب، فرفعت نظراتها إلى الباب، ثم أذنت له بالدخول.
فُتِح الباب و دخلت إحدى الجواري معلنةً،
- مولاتي "وردة الجنة"، السلطان "ورد شاه" هنا لمقابلتك.أغلقت وردة الكتاب، ثم تركته على الأريكة بعد وقوفها قائلة،
- فليتفضل السلطان بالدخول.أومأت الجارية ثم أفسحت الطريق، ليدخل السلطان وهو في أبهى حلته، متبوعا بالجواري و العبيد. ابتسم لوردة الجنة فبادلته بأوسع منها، ثم أشار لمرافقيه بأن يغادروا و يتركوهما وحدهما، فانحنى العبيد و غادروا المكتبة مطيعين أمر سلطانهم.
أعاد ورد شاه نظره إلى الواقفة أمامه، ثم تبسم لها وهو يتقدم نحوها على مهل.
- ابنتي وردة.رحبت به بذراعين مفتوحتين، ثم أشارت له بالجلوس على الأريكة وهي منبسطة الأسارير.
- أبي العزيز.سأل وهو يتفحص المكان بعينيه،
- لماذا أنت وحدك هنا؟ أين الجواري؟
- طلبت منهن المغادرة. ما كان من داع لبقائهن و وقوفهن حول الآرائك طيلة اليوم!أومأ متفهما، ثم وقف عند مجلس ابنته و التقط الكتاب الذي كانت تقرأه قبل أن يجلس، و يطلب منها القعود بجانبه.
تفحص الغلاف ليرفع حاجبيه في ما يشبه الدهشة قبل أن يقول،
- أسفار السندباد البحري!ثم رفع نظره إليها ضاحكا،
- لا تزالين تحلمين بالسفر كالسندباد؟افتر ثغرها عن ضحكة واسعة قبل أن تجيب،
- لاأزال أحلم بالسفر يا أبي، و أتمنى أن تأذن لي بذلك يوما ما. لما لا نسافر معا يا أبي؟ إذا كنت تخاف علي كما تقول. نجوب العالم معا، و نرى غرائب و عجائب الدنيا، تماما كما فعل السندباد.
أنت تقرأ
الأميرة و الجني
Romanceرواية الأميرة و الجني (مكتملة) نبذة عن الرواية: تنطلق الأميرة "وردة الجنة" في رحلة إلى قصر الملك شهرمان، رغبة في مقابلة الأمير "قمر الزمان"، شاب وسيم بديع الجمال، استيقظت في منتصف إحدى الليالي لتجده نائما بجانبها، على سريرها. شاب حرَّك قلبها بحسنه و...