وسط أرض قاحلة، لا أثر للحياة على أرضها و لا في سماءها، وقفت لمار تحدق بظهر تاج و تعابير القلق على وجهها.مسح وجهه بكلتا يديه مرتين، ثم مرر أصابع يديه بين خصلات شعره و أعادها إلى الخلف، استمر في النزول بكفيه إلى مأخرة عنقه، ثم شبك أصابعه، و طأطأ رأسه في صمت لمدة ثوان طويلة، قبل ان يستدير أخيرا، متفاديا النظر إلى عيني لمار.
- لماذا لم تخبريني؟ابتلعت ريقها، ثم تلعثمت وهي تسأل،
- لماذا.. لم أخبرك.. بماذا؟أغلق عينيه، دون أن يخفي ملامح الإنفعال التي ارتسمت على محياه، ثم أخذ بضعة أنفاس قبل أن يفتح عينيه،
- لماذا لم تخبريني بما حدث لمدينة البلور؟خيم الصمت عليهما فرفع بصره إليها و رمقها بنظرة ساخطة، فطأطأت برأسها لوهلة قبل أن تجيب،
- تعلم أنني لا أستطيع. إنها القوانين.قال بنبرة متهكمة،
- قوانين! منذ متى و أنت تهتمين للقوانين؟! أ تمازحينني؟!زفرت وهي مغلقة العينين، ثم أجابت في هدوء،
- أنا.. حقا.. حقا آسفة.هز رأسه سلبا مرارا و ضحكة ساخرة تعلو محياه،
- و فوق ذلك تحاولين اقناعي بتطوير علاقتي بالأميرة، و السماح لنفسي بالوقوع في حبها!ثم أتمم في انفعال تحول شيئا فشيئا إلى ثوران و صياح، و قطرات دموع ترقرقت من جفنيه.
- بينما كنت تعلمين جيدا، أن المدينة كلها قد فَنَتْ بسببي. و والدي قد تصنم و أصبح حجر ميت، و أخي تائه يجوب الأرض بحثا عني، و دون جدوى!سكت عن الكلام و هو يلتقط أنفاسه بصعوبة و يرمق الواقفة أمامه بنظرات حادة ترمي بشرر الغضب و السخط، و دموعه لاتزال تسيل.
تقدمت خطوة نحوه، عيناها تفيضان قلقا، ثم مدت يدها في تردد إلى ذراعه، لكنه أسرع و تراجع للخلف ليبعد جسده، ثم أشاح بوجهه في انزعاج.
قالت،
- اسمعني.. اسمع ما لدي أولا.مسح خديه بكفيه، ثم أصابعه. أخذ نفسا، ثم أذن لها بالحديث، بصوت متعب أبح،
- تحدثي.ابتلعت ريقها ثم قالت،
- تستطيع إنقاذ المدينة يا تاج.رمقها بنظرة غاضبة مختلطة بقليل من تعابير الإستغراب،
- ما الذي تقصدينه؟
- المدينة و سكانها، ليسوا ميتين. إنهم مجمدون.. و نائمون فقط.امتلأت عيناه بالدموع قبل أن يقول، و صوته الأبح يختفي مع نهاية كل كلمة،
- لماذا؟! لماذا تعاقب.. المدينة كلها.. بسببي؟!
أنت تقرأ
الأميرة و الجني
Romansaرواية الأميرة و الجني (مكتملة) نبذة عن الرواية: تنطلق الأميرة "وردة الجنة" في رحلة إلى قصر الملك شهرمان، رغبة في مقابلة الأمير "قمر الزمان"، شاب وسيم بديع الجمال، استيقظت في منتصف إحدى الليالي لتجده نائما بجانبها، على سريرها. شاب حرَّك قلبها بحسنه و...