. الفصل الرابع عشر .

587 88 35
                                    


وسط أرض قاحلة، لا أثر للحياة على أرضها و لا في سماءها، وقفت لمار تحدق بظهر تاج و تعابير القلق على وجهها.

مسح وجهه بكلتا يديه مرتين، ثم مرر أصابع يديه بين خصلات شعره و أعادها إلى الخلف، استمر في النزول بكفيه إلى مأخرة عنقه، ثم شبك أصابعه، و طأطأ رأسه في صمت لمدة ثوان طويلة، قبل ان يستدير أخيرا، متفاديا النظر إلى عيني لمار.
- لماذا لم تخبريني؟

ابتلعت ريقها، ثم تلعثمت وهي تسأل،
- لماذا.. لم أخبرك.. بماذا؟

أغلق عينيه، دون أن يخفي ملامح الإنفعال التي ارتسمت على محياه، ثم أخذ بضعة أنفاس قبل أن يفتح عينيه،
- لماذا لم تخبريني بما حدث لمدينة البلور؟

خيم الصمت عليهما فرفع بصره إليها و رمقها بنظرة ساخطة، فطأطأت برأسها لوهلة قبل أن تجيب،
- تعلم أنني لا أستطيع. إنها القوانين.

قال بنبرة متهكمة،
- قوانين! منذ متى و أنت تهتمين للقوانين؟! أ تمازحينني؟!

زفرت وهي مغلقة العينين، ثم أجابت في هدوء،
- أنا.. حقا.. حقا آسفة.

هز رأسه سلبا مرارا و ضحكة ساخرة تعلو محياه،
- و فوق ذلك تحاولين اقناعي بتطوير علاقتي بالأميرة، و السماح لنفسي بالوقوع في حبها!

ثم أتمم في انفعال تحول شيئا فشيئا إلى ثوران و صياح، و قطرات دموع ترقرقت من جفنيه.
- بينما كنت تعلمين جيدا، أن المدينة كلها قد فَنَتْ بسببي. و والدي قد تصنم و أصبح حجر ميت، و أخي تائه يجوب الأرض بحثا عني، و دون جدوى!

سكت عن الكلام و هو يلتقط أنفاسه بصعوبة و يرمق الواقفة أمامه بنظرات حادة ترمي بشرر الغضب و السخط، و دموعه لاتزال تسيل.

تقدمت خطوة نحوه، عيناها تفيضان قلقا، ثم مدت يدها في تردد إلى ذراعه، لكنه أسرع و تراجع للخلف  ليبعد جسده، ثم أشاح بوجهه في انزعاج.

قالت،
- اسمعني.. اسمع ما لدي أولا.

مسح خديه بكفيه، ثم أصابعه. أخذ نفسا، ثم أذن لها بالحديث، بصوت متعب أبح،
- تحدثي.

ابتلعت ريقها ثم قالت،
- تستطيع إنقاذ المدينة يا تاج.

رمقها بنظرة غاضبة مختلطة بقليل من تعابير الإستغراب،
- ما الذي تقصدينه؟
- المدينة و سكانها، ليسوا ميتين. إنهم مجمدون.. و نائمون فقط.

امتلأت عيناه بالدموع قبل أن يقول، و صوته الأبح يختفي مع نهاية كل كلمة،
- لماذا؟! لماذا تعاقب.. المدينة كلها.. بسببي؟!

الأميرة و الجنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن