. الفصل الخامس و العشرون .

553 78 21
                                    


قبل طلوع الفجر، استيقط المسافرون، جمعوا خيمهم و أعدوا أحصنتهم للإنطلاق.

كانت وردة تُحَمِّل فرسها بعضا من أمتعتها، عندما اقترب تاج من موقفها بخطوات مترددة. التفتت إليه، فتوقف عن السير، و ارتبكت نظراته، فأشاحت بوجهها و أعادت انتباهها إلى ما كانت تقوم به.

أكمل طريقه نحوها، لكنها لم تعره اهتماما.
وقف يراقبها لمدة، ثم أخيرا ابتلع ريقه، و نظف حلقه.
- أريد.. أريد أن أعتذر منك يا وردة.

التزمت الصمت لبضع ثوان، ثم قالت بنبرة هادئة، دون أن تنظر إليه،
- عن ماذا؟
- عن ما تفوهت به أمس.

ربطت آخر حقائبها بسرج حصانها، ثم استدارت إليه، و رمقته بنظرة باردة،
- و لماذا تريد أن تعتذر عن ما تفوهت به؟

اقرب منها خطوة وهو يتفحص عينيها أمل في أن تلين نظرتها، وهو يشرح موقفه،
- لأنني لم أقصد ما قلته أبدا.
- و لماذا تفوهت بكلام لم تقصده؟

سكت لمدة وهو يدرس عينيها اللتان لاتزالان مستاءتين، ثم اعترف قائلا،
- ضايقني.. كلامه.

ثم أغلق عينيه متنهدا،
- لقد أخطأتُ يا وردة، و أرجوا أن تسامحيني.

اقتربت منه دون أن تكسر اتصال نظراتهما،
- كما وعدتك أن لا أخفي عنك شيئا، و أحدثك عن ما يزعجني، عدني أيضا بأنك ستفعل نفس شيء.

هدأت تعابير وجهها و هي تتحدث،
- بدل أن تنفعل بسبب ما يضايقك، و تتفوه بكلام جارح، أصدقني القول. أصدقني القول وحسب.

هز رأسه موافقا،
- سأفعل. أعدك.

ارتسمت ابتسامة صغيرة على محياها، فبادلها بمثلها، ثم طأطأ برأسه قليلا، فلكمت ذراعة مداعبة، و جعلته يرفع بصره إليها.
اتسعت ابتسامتها ثم اقتربت منه و ربتت على ذراعه.
- أقبل اعتذارك يا تاج.

اكتفى بإيماءة صغيرة، وهو يبادلها النظرات لمدة، قبل أن يقاطعهما صياح أحد الجنود وهو ينادي على الأمير.
- مولاي، نحن مستعدون للإنطلاق.

رفع تاج يده و أومأ للجندي.
- نحن قادمان.

....

على الطريق، يتحدثان، و هما متأخرين عن الجنود بمسافة قصيرة، و بدر الملوك و رفيقه هازار في المقدمة.

- ما الذي يجعلكِ متأكدة.. من أن هازار ليس ابن الساحر؟
- لست متأكدة. فربما يكون ابن الساحر! و ربما يكون الخاتم بحوزته أيضا! لكنني متأكدة من أن نيته ليست سيئة أبدا.

الأميرة و الجنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن