💡 اضاءات في العقيدة، والشريعة، والاخلاق، والاجتماع
..........................
اعجاب الإنسان بنفسه مع بيان نتائج ذلك.
إنَّ مشاكل الإنسان كثيرة... وواحدة من هذه المشاكل الخطيرة هي مشكلة الإعجاب بالنفس، في القرآن الكريم وصل الإنسان الكامل إلى درجة قاب قوسين او ادنى كما ذكر القرآن ذلك "ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّىٰ فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىٰ"، ولم يزده ذلك إلا تواضعاً وتذللاً لله تعالى، وفي الوقت نفسه وصل إنسان آخر إلى دركة "إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ".
تقسم نتائج الإعجاب بالنفس إلى أربعة اقسام:
1️⃣ القسم الأول/ علاقة المعجب بنفسه مع الله تعالى: في حال كون الإنسان من المُعجبين بنفسه سوف يحطم علاقته مع خالقه جل وعلا بل ويتجاوز الحدود إلى دركة ما قال فرعون "فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى"، ومن ثم قوله: "... يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي... "، فهو انتقل من مقام الربوبية إلى مقام الألوهية، بل انه حصـر الألوهية بنفسه كما في الآية الكريمة.
أو كما قال ابليس: "قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ" ، او كما قال النمرود "...قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ..."، أو كما قال قارون: "إنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي".
التفتوا ايها الأحبة ان الإعجاب بالنفس عندما يبدأ يكون صغيراً وسرعان ما يكبر فيؤدي بالإنسان إلى العزوف حتى عن ربه والتشبث بنفسه اذا لم تتم معالجة ذلك على الفور.
2️⃣ القسم الثاني/ علاقة المعجب بنفسه مع الناس: يقول القرآن الكريم عن فرعون الذي اُعجِبَ بنفسه إلى حد الإفراط "فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ"، فهو قد احتقر الناس واستخف بهم ولم يحترم رأيهم لأنه يشعر بأنه صاحب الفضل عليهم، وهذا هو ديدن الطغاة على مر العصور، وقد بين القرآن الكريم الخارطة الروحية للظلمة والمتكبرين والمستعلين فالطـاغي يقول: "وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى" اما الانبيـاء يقولون: "قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا".
3️⃣القسم الثالث/ علاقة المعجب بنفسه مع نفسه: إنه يجعل من نفسه المحور الأساسي لتصحيح هذا الفعل وتخطأة ذلك، وقد عبر القرآن عنه بقوله تعالى: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِن لَّا يَعْلَمُونَ".
4️⃣القسم الرابع/ علاقة المعجب بنفسه مع الدنيا: تكون الدنيا رأس المال بالنسبة للمعجب بنفسه، بل انها كل ما يملك في نظره وهو بذلك قدّم الدنيا العاجلة كما عبر عنها القرآن بقوله تعالى: "كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ "، على الآخرة الباقية، وهذا هو الخسـران فيهما والعياذ بالله "خَسِـرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْـرانُ الْمُبِينُ"
📖 كتاب اضاءات لسماحة الشيخ الحسناوي - محطة (١٥) - ص ٥٩
