مرحبا أيتها العاهرة المحترمة ، هل يمكنني أن أسألك عن صديقي سعيد ؟ لقد تركته هنا ، و عدت ولم أجده !!
في القاهره/ الساعة الثانيه و عشرون حقيقة :
كنت في حانة ، دريمرز أن لا يشك أحد في نزاهتي ، فقد كنت إشرب فقط ، لم أرتكب أي حماقة شنيعة سوى أنني كنت إشرب !!
بينما أنا أجلس كقاضي ، ربتت على كتفي فتاة جميلة بعض الشيء ، و قالت هيه يا انت ، يا سكير ، هيه انت يا كومة الذقن ، “كنت لم أحلق شعر وجهي منذ شهرين” ، كان وجهي أشبه بغابة ، ألتفت نحوها ، وقلت ما الأمر ، هل توفي سعيد ؟! .. قالت “من سعيد ؟” ، قلت لا أعلم ، لكنني كنت أفكر في سعيد صديقي ، و شعرت انه سيموت في أي لحظة كأي سمكة سيصطادها القدر ، عموماً ماذا تريدين ،!؟
قالت :
– الحساب ، أريد الحساب !
– أي حساب يا سيدة يا محترمة !؟
– حساب صاحبك الذي أخذ أشيائي و مضى !!
– أشيائك ؟ هل سرق منك شيئاً ، هل سرق سعيد شيئاً منكِ ؟!
– قالت بلهجتها “هو انتَ هتجبلي جلطه؟ صاحبك نام معايا و ما دفعش الحساب” !!
– إذن هل أنتي عاهرة ؟!
– لا مش عاهره أنا بائعة خضار ؟ هو انت مجنون ؟!
– لا أدري ، لكن كم حسابك ؟ كم كان سعرك ؟
– 100 جنيها يا محترم .
– أها ، خذي !!
– كويس .
– إذن لا تعرفين أين ذهب سعيد ؟!
– لا أنا لا اعرف، قعد يصرخ و يخرف و يقول “لقد ذهب الجحيم إلى الناس” ، هو الجحيم يروح للناس ؟ والا الناس هي التي تروح للجحيم ؟
– حقاً أنا لا أعلم ، علاقتي بالجحيم ليست جيدة و متوترة جداً ، لذلك لم يفكر هو بالمجيء ، و لم أفكر أنا بذلك !!
– هههههههه انت مجنون ؟!
– مجنون ؟ لا ، أنا فقط أبحث عن سعيد ، و في جيبي سبع سجائر و حبيبة ، و ثلاث قبلات ، و قصيدة عرجاء ! –
ضحكت « ضحكة العاهرات المعروفه “ههههاي”
نظرت إليها كطفل مصدوم ، كان الأمر أشبه بصفعة ، استوعبت أنني كنت أتحدث مع عاهرة ، كنت أود أن أسألها عن الأسباب التي أدت إلى سيرها في هذا الطريق الموحل ، هل هي أزمة اقتصادية كما يحدث في كل العالم العربي ، أم هي أزمة نفسية كما يحدث أيضاً في كل العالم العربي ، أم هي أزمة اجتماعية أو سياسية كما يحدث أيضاً في كل العالم العربي ، عموماً تذكرت سعيد !!
أين ذهب سعيد ؟!!
خرجت من الحانة ، كنت أمشي و ادغدغ الطريق بخطواتي ، أمشي و اكرر خطواتي ، حماقة تلو الحماقة ، هكذا كنت أعيش حياتي ، ادغدغ أقداري بخطواتي ، و إردف الحماقة تلو الحماقة ، مشيت كثيراً ، حتى وجدت سعيداً يجلس على الرصيف كشحاذ تماماً !!
اقتربت منه :
وقلت :
– أين كنت ؟!! ماذا جرى لك ؟ هل اتصل بك أحد ، ماذا عن الجحيم !؟ هل وصل !!
– لا أدري ، لكن عندما كنت في السرير مع تلك العاهرة الجميله و الحقيرة جداً ، وبينما هي في حضني ، شعرت أنني سأموت ، و أن هناك شيئاً سيحدث لي ، حاولت أن اختبئ تحت السرير ، ثم فجأة هربت ، هربت للحانة ، و يبدو أنني كنت قد أكثرت في الشرب !!
– هل مارست الجنس معها ؟!
– من هي ؟!
– العاهرة !
– لما تقول عنها عاهرة ؟!
– لأنها تأخذ مقابلاً على ممارسة الجنس . –
– و هل هناك فرق بين من تأخذ المال و تلك التي لا تأخذ المال ؟!
– نعم ، فرق شاسع ، كبير جداً ، كجبهتك تماماً ، فالعاهرة تمارس الجنس ليس للمتعة أو من أجل الحب كما يحدث في أفلام السينما الكاذبة والغير واقعية ، هي فقط تمارس الجنس لكي تعيش ، لكي تآكل ، لكي لا تموت جوعاً ، الناس يضحون بكل شيء من أجل الحياة ، بالشرف بالمبادئ بالأخلاق ، بكل شيء من أجل أن يعيشوا و يكملوا السير في هذه المهزلة الحياتية ، هم يهربون من الموت إلى الموت ، كما يقول مصطفى محمود : نحن نحمل جثثنا و نهرب نحو الموت ، هي تفعل ذلك و انت تفعل ذلك ، و أنا أيضاً ، هكذا هم البشر ، لا يريدون أن يستوعبوا انهم خلقوا لكي يموتوا لا لكي يعيشوا .
– هكذا إذن ؟!
– نعم ، فمثلاً أنا و انت نكتب بلا مقابل ، لا نتقاضى مرتباً على الكتابة ، نكتب من أجل شيء يتوهج في صدورنا ، من أجل أن نخرج فضلات مشاعرنا المستهلكة ، بينما كتاب الصحف و الجرائد ، يكتبون من أجل المال ،من أجل لا شيء ، سوى المال ، لذلك هم كالعاهرات تماماً ، بيد انهم يتقاضون أكثر مما تتقاضاه العاهره ، انظر إلى هذه المهزلة الحياتية ، العاهرة تضحي بشيء عظيم من أجل المال من أجل عدة جنيهات ، بينما الكاتب الصحفي يضحي بشرف الكتابة و بأشياء بسيطة لكي يجني أموالاً طائلة و شهرة و كل شيء . إنها مهزلة يا رجل !
– إذن كم تتقاضى العاهرة ؟!
– ربما 100 جنيها !!
– كيف عرفت هذا ؟ هل جربت أن تكون عاهرة يوماً ما !!
– لا ، لكنني دفعت ثمن متعتك ، ثمن حيواناتك المنوية التي أهدرتها في حجر عاهرة ، ثمن أبناؤك الذين انهيت مستقبلهم من أجل شهوة ، أبناؤك المنفيين ههههههه .
– أبنائي ؟! ماذا بك ، بما تشعر ؟
– لا أدري ، لكنني أشعر انك حقير جداً يا رجل ، لقد أهدرت حياة أبنائك المساكين ، انت حقير و غير إنساني البتة ، قتلت أبنائك في المناديل و الحمامات و بين أفخاذ العاهرات !!
نظر إلي سعيد و كأنه إكتشف أنني عدت إلى حالة الهذيان المعتادة ، أخذ مني مفاتيح الشقة ، و ذهب كخطيئة ، ككومة من الخطايا اللا إنسانية ، جلست أنا على الرصيف ، و ظللت انظر للسيارات ، سيارة فارهة ، سياره مهترئة ، صبي فقير ، و رجل ثري ، هذا العالم مليء بالتناقضات ، هذا العالم سيئ ، أنا أعاني مشكلة مع هذا العالم ، أشعر أنني أحمله على كتفي بمشاكله و بهراءه و تناقضاته ، أنقذني يارب ، أنت تعلم أنني لست مسؤولاً عن هذا ، تعلم انه لا علاقة لي بكل هذه الترهات ، هذا العالم سيئ يارب ، لأنه ليس الجنة ، انت خلقت هذا العالم يارب سيئاً لكي نهرب منه إلى الجنة ، انت تحفزنا يارب ، أنقذنا يا رب أرجوك !!
عدت للشقة ..
فوجدت سعيد و بجانبه فتاة تشبه زجاجة الخمر ، بملابس قصيرة ، كانت فاتنة جداً ، عموماً كان لديهم زجاجتي خمر و مكسرات ، و سجائر لف ، كنت أود أن اشرب ، لكنني تذكرت أن شيئاً غريباً يحدث هنا ، جحيم و سعيد ، و عاهرة ، و 100 جنيها ؟؟!
يبدو أن شيئاً يحدث ،!
ألقيت التحية كأشياء مهترئة !
– السلام عليكم !!
سألني سعيد : – هل عدت ؟!
– لا ، ما زلت في الخارج !!!
“ضحكت الفتاة التي كانت بجانبه بكل براءة وعهر”
نظرت إليها و كنت أود أن أعرف هل هي عاهره ، أم صديقة سعيد !!
قلت لها :
– لو سمحتي ، هل يمكنني أن أسألك سؤالاً واحداً صغيراً جداً و مؤدباً جداً ؟!
– قالت وهي تضحك : تفضل يا عزيزي !
– هل تتقاضين المال من أجل الكتابة ؟ أو ممارسة الجنس ؟!
– أنا لا أكتب .
– طيب هل تمارسين الجنس ؟!
– ربما مع سعيد فقط .
– هل يعطيك سعيد 100 جنيها ؟!
– مقابل ماذا ؟
– مقابل الكتابة ، أقصد الجنس !
– هههههه لا .
– جيد ، إذن انت لست عاهرة ؟!
– هذا جيد ، أنا لا أريد أن أرى عاهرة في شقتي !
ليس لأنني أكره العاهرات ، لا أبداً ، لكن لأنني ربما سأسألهن الكثير من الأسئلة واضيع أوقاتهن الثمينة في البحث عن لقمة العيش عبر بيع سلعة الشرف المزعومة !!
عموماً أنا سأذهب للغرفة ، وسأشرب لوحدي ، و انت يا سعيد إذا أردت شيئاً اطرق الباب ، و سأسألك عن كلمة السر !!
– وماهي كلمة السر !؟
– لا أدري ، لكني سأسألك و يجب عليك أن تجيب !
إلى اللقاء .
“طرق سعيد باب الغرفة
فصرخت : وقلت ها يآ آخر الأمويين !!
ماذا تريد !!
– إفتح الباب !!
– أولاً قل كلمة السر !!
– أنا صديقك و أحبك جداً ، هذا ما استطيع قوله !
وقفت كهمهمة ، و فتحت الباب !
جلس سعيد بجانبي ، شعرت أن بداخله الكثير من أحاديث السكارى الملاعين !!
همس :
– بروو
– هاه ؟!!
– لما لا تتقاضى المال مقابل الكتابة ، أو حتى تستغل هذه الكتابة في أشياء مادية ، حفلات صاخبة ، نساء و خمر ، أموال ، رقص ، واصدقاء بورجوازيين ينقلونك من حياة الكدح هذه إلى حياة الرخاء و الترف !!
– لكنني لست عاهرة ، أتظن أنني عاهرة ؟ أنا لست عاهرة يا رجل ، لست عاهرة لكي اتقاضى المال مقابل الكتابة !!
– انت وحيد و مثير للإشمئزاز يا رجل ، لما لا تخرج ، اخرج للعالم ، عد إليه !
– لكنني لا أريد ، لا أريد أن أخرج لهذا العالم ، أريد أن أخرج عنه ، علاقتي به متوتره ، و أشعر أنه لا يحبني أبداً ، أنا أصلاً لا أريد منه أن يحبني ، أريد منه فقط أن يحترمني ، يحترمني فقط ،!
– من هو ؟!
– العالم .
– ههههه ، طيب هناك الكثير من الفتيات اللاتي يمتلكن الكثير من السعادات الصغيره ، يمكنك أن تصبح روميو يا رجل !!
– لا أريد أن أصبح روميو ، ثم من قال لك أنني لست سعيداً هنا ؟ أنا سعيد جداً ، أملك سجائر كثيره ، و تلفاز ، وعدة كتب فلسفية ، و هاتف ذكي ، وحياة غبية ، وثمان و عشرون حرفاً أكتب بها ، أنا ثري جداً يا رجل !!
– انت أحمق !
– أعلم ذلك ، لا يبدو انه إكتشاف جديد
– أحمق جداً !
– لكنني لا اتقاضى المال مقابل حماقتي ، أنا لا إضايق أحداً أبداً ، أنا امتلك حيزي في هذا الكون فقط ، و أعيش فيه ، ولا أريد شيئاً من هذا العالم المليء بالاغبياء و العاهرات اللاتي يتقاضين المال مقابل الجنس .
– ماذا يحدث لك يا صديقي ، انت تتغير بشكل فضيع ؟
– لا أدري ، ربما هي عوامل التعرية ، لقد درستها في الجغرافيا !!
– ما علاقة الجغرافيا بما نتحدث عنه ؟!!
– لا أدري ، لا يبدو ان هناك شيئاً يتعلق بشيء في هذه الحياة ، كل الأشياء متنافرة، ان هذه الحياة عباره عن فوضى ، عبارة عن خزانة فتاة جامعيه ، لا أدري ما علاقة الفتاة الجامعية بالحياة ، لكن يبدو أن ثمة شبه طفيف ، على الأقل ، حياة مليئة بالتناقضات ، انظر للشارع ، لتكتشف أن هذه الدنيا ليست جنة .
نظرت لسقف الغرفة وصرخت :
“أيها العالم ، تعال انت ، لن آتي أنا” !
بدأ سعيد يتكلم :
– أحد أصدقائي يرسل ما تكتبه انت و ينسبه لنفسه ، لقد جنى الكثير من وراء ما تكتبه ، عشيقات ، وعقد عمل ، و أصدقاء ، و باقة ورد !!
– باقة ورد ؟!
– نعم باقة ورد ، لما لم تكترث سوى لباقة الورد ؟ ماذا عن النساء والإصدقاء وعقد العمل ؟!
– لا أعلم ، لكنني احتاج لباقة ورد حالاً ، أريد باقة ورد يا سعيد ، أرجوك ، الورد أصدق ، الورد إبن الجنة !!
جلسنا كأرامل ، كضحايا حرب ، كمخلفات الحرب الأمريكية على فيتنام ، نظرت إلى سعيد و حاولت أن أقص شريط الصمت هذا !
– سعيد .
– ها ؟
– هل انت ابن كلب ؟!
– لا .
– جيد
“أشعلت سيجارة و نظرت لوجه سعيد” :
– سعيد
– هاااا ؟
– هل انت سعيد حقاً ؟ أم هو مجرد ستار وضعه والدك عليك ، لكي يوهم العالم بانه أنجب صبياً سعيداً !!
– أنا سعيد ، بعض الشيء .
– إذن لما يدعونك “سعيد” فقط ؟ .. لما لا يدعونك “سعيد بعض الشيء” ؟؟
– لا يا بروو ، أنا أقصد أنني أشعر بأني سعيد بعض الشيء ، لكن إسمي هو سعيد .
– سعيد فقط ؟!
– نعم .
– أمرك محير يا رجل ، اسمك سعيد ، و تشعر انك سعيد بعض الشيء ، و الآن تقول انك سعيد فقط ، أشياء غريبة وشنيعة تحدث في هذا العالم يا رفيق !!
– يبدو ذلك !
– حقاً كيف حالك يا رفيق ؟!
– أنا بخير !!
– هههههههههههههههههه ، اسمك سعيد وتشعر انك سعيد بعض الشيء ، و تقول انك سعيد فقط ، ودعوتك رفيق ، و أجبتني ، هل اسمك رفيق أم سعيد ؟!
– اسمي سعيد ، لكن علاقتي بك علاقة “رفقه” ، فلذلك يمكنك أن تدعوني “يا رفيق” !!
– هل تعلم ، أن كلمة رفيق باللغة العربية ، ترادفها كلمة تشي “che” باللغة الإسبانية !!
هذا يعني انك سعيد ، و سعيد بعض الشيء ، و سعيد فقط ، و رفيق ، و تشي أيضاً !! هههههههه انت مهزله يا رجل !!
نمت فجأة ، و إستيقظت الصباح ، خرجت لأجلس في الشارع ، على الرصيف الذي يشبه مسرح الحياة المليء بالتناقضات ، لكن الجميل في الأمر انه يمكنك أن تشاهد مسرحية الحياة بدون أن تدفع ثمن التذكرة !!
أنت تقرأ
جَسدٌ يُجيدُ الحِواراتِ الصَامتَة.
Short Story#القصه-القصيره #واقع مبنيه علي احداث واقعيه ------*-----------*----------*---------*-------*aya يحكى بأنّ فتاة شعرت بالغضب لعدم تحقق ما تتمنى وفي يوم ميلادها في تمام الساعة الحادية عشر وإحدى عشر دقيقة تمنت الموت وماتت! في الحقيقة أنا أيضاً تمنيت أ...