كلما استيقظت فجر يوم الأربعاء من أجل أن أتهيأ للذهاب إلى المدرسة إلا وأشعر بالغبن، وأَلْعَن هذه الإدارة التي تجبرني آن أستيقظ باكرا لأغادر فراشي الدافئ في هذا الفصل البارد جدا، أخرج أبحث عن سيارتي في الظلام وقد أضطر في الكثير من المرات أن أزيل كميات معتبرة من الثلج سقطت ليلا وغطت هيكل السيارة، فأقطع مسافة ثلاثين كيلومترا التي تفصلني عن المدرسة في أكثر من ساعة من الزمن نظرا لشدة الاكتظاظ في الطريق وعدم المجازفة بالسرعة فالثلج يجعل عجلات السيارة سريعة الانزلاق.أصل إلى المدرسة قُبيل الثامنة، في الساعة التاسعة والربع أكون قد أنهيت الحصة الوحيدة في جدول يوم الأربعاء وعليّ أن أعود من جديد إلى البيت!
كل ذاك التعب والقلق والجهد من أجل حصة وحيدة ! ألم أكن محقا عندما ألعن الادارة كل فجر يوم أربعاء وأنا أقوم فزعا على صوت المنبه؟
عوض أن أخرج من البوابة الكبيرة للمدرسة وجدتني أدخل إلى مكتب المدير لأشرح له مشكلتي أو بالأحرى ورطتي، فمن الممكن جدا أن أضم حصة الأربعاء إلى حصة يوم آخر في الأسبوع، وجدت المدير قلقا ومتوترا على غير عادته فما إن رآني حتى اعتلت ابتسامة كبيرة شفتيه وقال:
⁃ كنت سأرسل حالا في طلبك، لقد هاتفتني أستاذة البيولوجيا، قالت بأنها ستصل متأخرة للمدرسة لعطب لحق سيارتها في الطريق ، كان مبرمجا أن تأخذ تلاميذ القسم الثالث إلى المستشفى الجامعي في رحلة علمية واستكشافية، ما رأيك أن تعوضها؟
حتى قبل أن أتفوه بكلمة وجدته يقول مستعجلا وهو يهم بمغادرة الإدارة:
⁃ حسنا سأخبر سائق الحافلة والتلاميذ، هناك ستجد السيدة مادلين في انتظاركم.
مكثت وحيدا في الإدارة ولم يكن في رأسي إلا سؤالا واحدا أردده بحسرة وغبن ” ترى من جعلني أدخل أصلا لكي أحدث المدير
كانت السيدة مادلين في انتظارنا عند بوابة المستشفى، امرأة في أواسط الثلاثينات من عمرها، شعرها الأشقر القصير لم يكن يصل إلى كتفيها، بالكاد صنعت منه ظفيرة صغيرة، أما رموش عينيها الصغيرتين البراقتين والخضراوين كانتا تتحركان بسرعة، في الحقيقة كل شيء فيها كان يتحرك بسرعة ونشاط، يداها، حاجباها، ملامح وجهها بل كل جسدها النحيل ، فقط شيء واحد فيها كان راكدا لا يتحرك، جاثما كقطعة خشب، قدماها، لقد كانت تجلس على كرسي كهربائي متحرك.
صارت السيدة مادلين تتحدث بحماس إلى التلاميذ الذين كانوا ينصتون إليها وقد انسجموا كثيرا مع كلامها. فقط في تلك اللحظة علمت أن الغرض من زيارتنا للمستشفى هو موضوع “التبرع بالأعضاء”
كنت طوال الوقت أعتقد أن السيدة مادلين طبيبة مختصة في عمليات زرع الأعضاء فلقد كانت تتمتع بثقافة طبية واسعة ومعرفة كبيرة، حدثتتنا عن الأعضاء التي يمكن زرعها: الكلى، الكبد، البنكرياس، الأمعاء، الرئتين، النخاع العظمي، القلب، خلايا البنكرياس، الجلد، القرنية والعظام.
أنت تقرأ
جَسدٌ يُجيدُ الحِواراتِ الصَامتَة.
Short Story#القصه-القصيره #واقع مبنيه علي احداث واقعيه ------*-----------*----------*---------*-------*aya يحكى بأنّ فتاة شعرت بالغضب لعدم تحقق ما تتمنى وفي يوم ميلادها في تمام الساعة الحادية عشر وإحدى عشر دقيقة تمنت الموت وماتت! في الحقيقة أنا أيضاً تمنيت أ...