مظاهر الواقع

65 7 3
                                    

السلام عليكم، كيف الحال؟ محتاج ارتاح ! فإني قد سئمت التيه و المسير في كل الطرقات.. سئمت العيش في أوهامي سئمت التحدث مع نفسي في المرآة.. سئمت الخيال.. الذي يشبه الإستمناء.
في الصباح الباكر، الباكر جداً.. المختلف عن اي صباح.. ذاك الصباح الذي تخرج فيه الشمس متأنقة و كأنها سكرتيرة!! ياه كم أتمنى ان أقابل سكرتيرة ما.. ترتدي معطفاً و ربطة عنق.. يا سلام.. و تنورة.. لن انسى التنورة، إنها شيء مهم و مفصلي.. هب أنني دخلت يوماً إلى أي مكان توجد به سكرتيرة ما.. و أخذت أتزحلق بكلماتي عليها.. بوجهي البشع جداً و المخيف
– مرحباً سيدتي
– أهلاً.. كيف يمكنني ان أخدمك؟
– لا شيء.. هل يمكنني أن أدخن هنا؟
– أنا آسفة ياسيدي.. فالتدخين ممنوع هنا.
– طيب هنا..
– لا أبداً..
– طيب هل يمكنني ان أشنق نفسي بواسطة شعرك؟!
أنا متأسف لوقاحتي.. لكن الحياة ليست جيدة بالنسبة لي.. و أريد ان اموت بطريقة مختلفة.. هل يمكنني فعلاً ان استخدم شعرك كمشنقة؟
– فتقول لي. .بأن لا أحداً يريد الموت حقاً.. الحياة جميلة جداً.. إذا أردنا منها ان تكون جميلة.. إننا كالآلهة.. أقول للحياة كوني جميلة.. فتكون، و أقول لها كوني بشعة وكئيبة، فيتجعد شعري ويضيع طلاء اظافري.
– بلى، بلى، أنني أحب ان اموت.. انا السيء الحزين.. إخوتي كلهم يطفحون في الوسامة.. شعورهم ناعمة.. و شعري خشن.. أذكر بأن امي قالت لي يوماً بأن شعري خشن بسبب عين اصابتني عندما كنت في السابعة من عمري، ثم إن الموت هواية المُعدمين.. أولئك الذين تطحنهم احزانهم.. الذين بالت الحياة عليهم و بصقت.. أولئك الذين تسوء الحياة في طرقاتهم عندما يتشائمون.. و تسوء أكثر عندما يحاولون خداعها و يتفائلون.. اني أكثر شخص يبحث عن الموت، يقرأ عن الموت، يرى الموت، يذهب للمقابر ليغني للموتى.. و يدردش معهم.. و يطلق النكات عليهم.. لا احد يضحك.. لا احد يتفاعل.. في المقبرة.. وخارج المقبرة.. عند اشارة المرور..
الجميع موتى..
* تظهر علامة تعجب على رأسها ثم تقول :
– ههههه.. إنك تمزح انا متأكدة.. أعتذر منك.. لدي الكثير من الأعمال لأنجزها.
تستدير ويبدو قوامها دسماً لكتابة مقال عن تأثيرات انخفاض أسعار البترول على البلد..
ألحقها بهمجيتي المعتادة لأقول :
– هيه..يا آنسة..
هل يمكنني ان اسألك سؤالاً؟
– على الرحب، تفضل.
* اشير لتنورتها الرمادية و اقول..
– كيف لقطعة القماش هذه.. أن تغطي كل هذه الجغرافيا؟!
* تصفعني. و تطلب الأمن.. ليخرجوني من المبنى..
أخرج، مركولاً على مؤخرتي..
لا يهم
شكلي لا يوحي بأنني قد اطلعت يوماً على كتب كانط.. ولم ادرس فلسفة هيغل.. ولم أتأثر يوماً بنيتشه.. إن المظاهر بنت كلب.. لا توضح شيئاً من الواقع.. احاول ان اصرخ في الكون.. مع انني اعلم بأنه اصم لعين
إن إمرأةً واحدة.. شقلبتني.. ركلت هرائي كله.. لتحولني لفتى وديع.. يحب الورد و قصائد نزار.
. بقبلة ، تضحك هي فقط ، و يغور العالم في داهية ،هذه الفتاة تتركني ليوم.. فأصاب بأعراض إنسحابية.. كتلك التي اصابت صديقي أحمد، عندما حاول ان يقلع عن “ الحشيش”.. اصبح متوتراً.. وضائعاً.. واسراب الافكار تعبر رأسه دفعه واحدة فيلتقط الجمل منها مبعثرة.. تخرج من فمه غير مفهومة وغير مترابطة.. المشاعر تتضارب في وجدانه.. يغضب وهو يضحك.. يضحك عندما يكون البكاء ضرورياً..
إنني حقاً أحبها.. لقد أختبرت هذا تجريبياً.. أقصد شعور الحب.. أن تشعر بأن هذه الفتاة جلست على قلبك كغول ضخم.. لقد قلت كلمة “أحبك” للكثير من الفتيات، لكن أهدافي من هذه الكلمة لم تكن نبيلة أبدا.. و من باب أنني كنت احب الفشخرة أمام اصدقائي “أنظروا لقد اوقعت بهذه الفتاة” هذا ما كنت اقوله.. لا انكر بأنني كنت اشتاق لهن نوعاً ما.. لكن هذه الفتاة حقنتني بشعور جديد.. لم اكن اعرفه.. إني قد أصبحت مهووساً بها.. كما لو أنها “برشلونه ” أستيقظ لأتحدث معها وعنها .. اكتب و هي في رأسي و كأنها تقول لي أكتب كذا ولا تكتب كذا.. لا تدع للخيال مجالاً.. إنها مستبدة ولعينة.. تسيطر على مؤسسات رأسي بشكل دكتاتوري.. ما اجملها.. اللعنة عليها وعلى قلبي.. كم أشعر بالأسف على حيواناتي المنوية الضائعة.. هباءً
إنني ألعق وجهها على شاشة الهاتف.. و استنشق صوتها الذي يسيل عبر سماعة الهاتف ايضاً، “ما هذا الحب الذي لا ينبع إلا في الهاتف؟ إخرس يا سيدي القارئ، نحن في مصر! و لا اريد ان أخبرك بتفاصيل أخرى” .. أموت 62565245 مرة عندما تحزن.. و أصير وهجاً يشع من وجه أمُ سعيدة .. عندما تضحك هي..
هي عندما تضحك يصير العالم شيئاً كالموسيقى.. هي عندما تضحك يموت الطغاة.. مات القذافي عندما ضحكت هي بسبب شتائمي لنفسي.. مات ابليس الذي يسكنني عندما ضحكت هي من عطستي الغريبة.. إنني اعطس بشكل غريب ومثير.، هي شيء قادم من السماء.. قال الله خذها أيها البائس فهي لقلبك.. هي موسيقاك و روحك.. و وطنك الضائع في رمال صحراء الاهرامات!!
كيف لهذه الارض ان تنجب كل هذا الغدير؟ كيف لهذه الارض ان تلد لي كل هذه الجنة؟ ياه.. انت كريم يارب..
أحياناً اود ان اتصل بوالدتها واقول بأنني عازم على الهجرة.. و أني حتماً لن إهاجر إلا بإبنتها.. لكن لا يمكنني ان اثق بإمرأة تعلم بأنني ادغدغ عواطف إبنتها .
عندما اهرب.. و أتمنى ان اهرب و اهاجر خاطفاً معي حبيبتي، و سروايلي القديمة، ولن أنسى صورة أمي ، أمي التي لطالما أحزنتها، و لطالما أثبتّ لها بأنني فتى لا يعوّل عليه، لن أنسى صورة امي .. و بعضاً من نصائح أبي وصفعاته على وجهي.. لن انسى ان أتبول على الرصيف المقابل للمنزل، الرصيف الذي لطالما بكيت فيه،و استلقيت عليه مخموراً شريداً، سأتبول عليه لأقتل آخر ذرة إنتماء لهذا الوطن الكبير، الذي لم اشعر فيه بالوطنية أبداً إلا أثناء مشاهدتي مباريات المنتخب الوطني
دعنا من كل هذا
طيب.. لو أنني سأموت.. هكذا.. او هكذا.. هنا او هناك..
لمَ لا أتسلل لمنزلها الآن.. و أغتصب خوفي.. و أنام في خزانتها ، إنه لن يدري أحد.. و إن مُت.. فلن يبكي أحد.. سيضحكون و سيهزأون بي.. ثم سيتحدثون عن إمكانية دخولي الجنة.. و حتمية ان أتعفن في جهنم… لا أحد سيهتم..
ولماذا لا أطرق باب منزلها الآن.. و أطلب يدها؟
أجلس.. بملابسي هذه.. لن أغيرها ابداً.. و بالذات وجهي.. لن أجحده..
و اقول لوالدها.. أيها السيد المحترم.. إنني و بقدرة قادر.. أُغرمت بإبنتك الآنسة .. التي لطالما صفعتني لأنني احاول تقبيلها.. فهل يمكنني ان استخدمها لبناء منزل؟ و اسرة؟ ؟ أريد ان استنسخ نفسي بواسطتها..هههه.. سيتدمر العالم حتماً.. تخيل حجم المأساة بوجود عدة نسخ مني.. هذه هي أعظم كارثة قد تصيب العالم
* واشعر بأن والدها سيشمئز مني.. و سيصفعني.. و يخرجني بعدما يركلني على مؤخرتي.. لا يهم..
إنها معركة ، و إني اشعر بالنعاس الآن.. و سأنام و انا اصرخ. . تبا للمظاهر التي لا تعبر عن الواقع أبدا ..

جَسدٌ  يُجيدُ  الحِواراتِ  الصَامتَة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن